کتابخانه روایات شیعه
رأي لمن لا يطاع! 1443
[من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في ذمّ أهل العراق]
و من كلام له في ذمّ أهل العراق:
أمّا بعد [- يا أهل العراق-] 1444 ، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل، حملت فلمّا أتمّت أملصت 1445 ، و مات قيّمها، و طال تأيّمها 1446 ، و ورثها أبعدها. أما و اللّه ما أتيتكم اختيارا، و لكن جئت إليكم سوقا. و لقد بلغني أنّكم تقولون: [عليّ] 1447 يكذب، قاتلكم اللّه تعالى! فعلى من أكذب؟ أعلى اللّه؟ فأنا أوّل من آمن به! أم على نبيّه؟ فأنا أوّل من صدّقه! كلّا- و اللّه- و لكنّها لهجة غبتم عنها، و لم تكونوا من أهلها 1448 .
و غير ذلك من مقاماته المشهورة، و مكاناته المرموزة، فبعدا لها من أمّة شرت الضلالة بالهدى، و العذاب بالمغفرة، فما أصبرها على النار، و أولاها بغضب الجبّار؟! ثمّ لم يجترئ أعلامها بغصب حقّه و تكذيب صدقه، حتى أعلنوا بسبّه على منابرهم، و تشادقوا بثلبه في منائرهم، و أبى اللّه إلّا أن يتمّ نوره، و يجري في خلقه اموره.
و أخفى الأعداء فضله حنقا، و كتم مدحه الأولياء فرقا، و ظهر من بينهما ما طبق الآفاق، و ملأ الأوراق، و استمرّت به الأزمان، و سادت به الركبان، و ثبت على الحقّ من ثبّته اللّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة 1449 ،
و استقام على الصدق من طاب خيمه 1450 و صفا معينه، و كانت ينابيع اصوله ظاهرة، لا تحرّكه الرياح العواصف، كما قال صلوات اللّه عليه: لو ضربت خيشوم 1451 المؤمن بسيفي على أن يبغضني لما بغضني، و لو صببت الدنيا بحذافيرها على المنافق على أن يحبّني لما أحبّني، و ذلك عهد عهده إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 1452 : لا يحبّك إلّا مؤمن، و لا يبغضك إلّا منافق 1453 .
[معجزة أمير المؤمنين عليه السلام في قطع يد السارق الأسود و إرجاعها مكانها]
روى الحاتمي بإسناده إلى ابن عبّاس، قال: دخل أسود على أمير المؤمنين عليه السلام و أقرّ أنّه سرق، فسأله عليه السلام ثلاث مرّات، فقال: يا أمير المؤمنين، طهّرني فإنّي سرقت، فأمر عليه السلام بقطع يده، فأخذ يمينه بشماله و مضى، فاستقبله بن الكوّاء فقال: من قطع يدك؟
فقال: ليث الحجاز، و كبش العراق، و مصادم الأبطال، المنتقم من الجهّال، كريم الأصل، شريف الفضل، محلّ الحرمين، وارث المشعرين، أبو السبطين، أوّل السابقين، و آخر الوصيّين من آل يس، المؤيّد بجبرائيل، المنصور بميكائيل، حبل اللّه المتين، المحفوظ بجنود السماء أجمعين، ذلك و اللّه أمير المؤمنين على رغم الراغمين- في كلام له-.
فقال ابن الكوّاء: قلع يدك و تثني عليه!
قال: لو قطّعني إربا إربا لمل ازددت له إلّا حبّا، فدخل ابن الكوّاء على
أمير المؤمنين و أخبره بقصّة الأسود.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا ابن الكوّاء، إنّ محبّينا لو قطّعناهم إربا إربا لما ازدادوا لنا إلّا حبّا، و إنّ في أعدائنا من لو ألعقناهم السمن و العسل ما ازدادوا لنا إلّا بغضا.
و قال أمير المؤمنين للحسن عليه السلام: عليك بعمّك الأسود.
فأحضر الحسن عليه السلام الأسود بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام، فأخذ يده فنصبها في موضعها، و غطّاها بردائه، و تكلّم بكلمات أخفاها، فاستقرّت يده كما كانت، فصار يقاتل بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن استشهد بالنهروان، و يقال: كان اسم الأسود أفلح 1454 .
و أمّا من كان من أعدائه بسبّه موسوم، و ببغضه موسوم، و أصله دنيّ، و خيمه خني، قد اكتنفه فجور الآباء و عهر الامّهات، و أحاطت به رذلة الأقرباء و الامور المظلمات، فأعلن بسبّه و بغضه، و لم يحسن اللّه يوم حشره و عرضه، و زيّن له الشيطان سوء عمله، و قبيح زلله، فاتّخذ بغضه وسيلة إلى أئمّة الضلال، و تقرّبا إلى الآثمة الضّلال، فأحلّ اللّه بهم أليم عقابه و وخيم عذابه، في دار الفناء
قبل يوم الجزاء، و لعنهم كما لعن أصحاب السبت إذا اعتدوا سبتهم، و أنزل بهم نكاله لما صرفوا عن آيات اللّه بزورهم و بهتهم، و جعلهم عبرة في بلاده، و تذكرة لعباده، و غيّر سبحانه صورهم، و قطع بدعائه دابرهم، فقد خرجوا عن حدّ الإحصاء، و فاتوا العدّ و الاستقصاء، و بلغت أخبارهم من التواتر حدّا شافيا، و قدرا كافيا.
[في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، و ما حدث لمن لعن أو شتم عليّا عليه السلام]
كما روي عن الأعمش، [عن رواته،] 1455 عن حكيم بن جبير؛ و عن عاقبة الهجري، عن عمّته؛ و عن أبي يحيى، قال: شهدت عليّا عليه السلام على منبر الكوفة يقول: أنا عبد اللّه، و أخو رسول اللّه، ورثت نبيّ الرحمة، و نكحت سيّدة نساء الامّة 1456 ، و أنا سيّد الوصيّين، و آخر أوصياء النبيّين، لا يدّعي ذلك غيري إلّا أصابه اللّه بسوء.
فقال رجل من عبس: من الّذي لا يحسن أن يقول: أنا عبد اللّه، و أخو رسول اللّه؟ فلم يبرح مكانه حتى تخبّطه الشيطان، فجرّ برجله إلى باب المسجد 1457 .
العيّاشي 1458 : بإسناده إلى الصادق عليه السلام في خبر قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّي سألت اللّه سبحانه أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألته أن
يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يجعلك وصيّي ففعل.
فقال رجل: و اللّه لصاع من تمر في شنّ 1459 بال خير ممّا سأل محمد ربّه، هلّا سأل ملكا يعضده على عدوّه، أو كنزا يستغني به على فاقته؟ فأنزل سبحانه (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) 1460 الآية. و في رواية: انّه أصاب قائله علّة 1461 .
أبو بصير، عن الصادق عليه السلام، قال: لمّا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا علي، لو لا أنّي أخاف أن يقال فيك كما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمرّ بملإ من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك 1462 ، قال الحارث بن عمرو الفهري لقوم من أصحابه: ما وجد محمد لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم يوشك أن يجعله نبيّا من بعده و اللّه إنّ آلهتنا الّتي كنّا نعبد خير منه، فأنزل اللّه تعالى: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) - إلى قوله:- (وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) 1463 .
و في رواية أنّه نزل أيضا (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) 1464 ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا حارث، اتّق اللّه و ارجع عمّا قلت من العداوة لعليّ.
فقال: إذا كنت رسول اللّه، و عليّ وصيّك من بعدك، و فاطمة بنتك سيّدة
نساء العالمين، و الحسن و الحسين ابناك سيّدا شباب أهل الجنّة، و حمزة عمّك سيّد الشهداء، و جعفر الطيّار ابن عمّك يطير مع الملائكة في الجنّة، و السقاية للعبّاس عمّك، فما تركت لسائر قريش و هم ولد أبيك؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ويلك يا حارث، ما فعلت ذلك ببني عبد المطّلب، لكنّ اللّه سبحانه فعله بهم.
فقال الحارث: (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) 1465 فأنزل اللّه سبحانه: (وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ) 1466 فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الحارث فقال: إمّا أن تتوب أو ترحل عنّا.
فقال: إنّ قلبي لا يطاوعني للتوبة، لكنّي أرحل عنك، فركب راحلته، فلمّا أصحر أرسل 1467 اللّه عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة، فأنزلها على هامته فخرجت من دبره إلى الأرض، ففحص برجله، و أنزل سبحانه (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) 1468 للكافرين بولاية عليّ، [قال:] 1469 هكذا نزل به جبرائيل عليه السلام 1470 .
قال زياد بن كليب: كنت جالسا في نفر فمرّ بنا محمد بن صفوان مع عبيد اللّه بن زياد، فدخلا المسجد، ثمّ رجعا إلينا و قد ذهبت عينا محمد بن صفوان،
فقلنا: ما شأنه؟
فقال: إنّه قام في المحراب و قال: إنّه من لم يسبّ عليّا بيّنة 1471 فأنا أسبّه بيّنة، فطمس اللّه بصره.
و قد روى هذا عمرو بن ثابت، عن أبي معشر.
البلاذري 1472 و السمعاني و المامطيري 1473 و النطنزي و الفلكي أنّ سعد بن مالك مرّ برجل يشتم عليّا عليه السلام، فقال: ويحك ما تقول؟
قال: أقول ما تسمع.
فقال: اللّهمّ إن كان كاذبا فاهلكه، فخبطه جمل بختيّ فقتله 1474 .
ابن المسيّب قال: صعد مروان المنبر و ذكر عليّا عليه السلام فشتمه، قال سعيد بن المسيّب: فهوّمت عيناي فرأيت كفّا في منامي خرجت من قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- يرى الكفّ و لا يرى الذراع- عاقدة على ثلاث و ستّين 1475 ، و سمعت قائلا يقول: يا أموي (أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) 1476 ؟