کتابخانه روایات شیعه
أمير المؤمنين و أخبره بقصّة الأسود.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا ابن الكوّاء، إنّ محبّينا لو قطّعناهم إربا إربا لما ازدادوا لنا إلّا حبّا، و إنّ في أعدائنا من لو ألعقناهم السمن و العسل ما ازدادوا لنا إلّا بغضا.
و قال أمير المؤمنين للحسن عليه السلام: عليك بعمّك الأسود.
فأحضر الحسن عليه السلام الأسود بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام، فأخذ يده فنصبها في موضعها، و غطّاها بردائه، و تكلّم بكلمات أخفاها، فاستقرّت يده كما كانت، فصار يقاتل بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن استشهد بالنهروان، و يقال: كان اسم الأسود أفلح 1454 .
و أمّا من كان من أعدائه بسبّه موسوم، و ببغضه موسوم، و أصله دنيّ، و خيمه خني، قد اكتنفه فجور الآباء و عهر الامّهات، و أحاطت به رذلة الأقرباء و الامور المظلمات، فأعلن بسبّه و بغضه، و لم يحسن اللّه يوم حشره و عرضه، و زيّن له الشيطان سوء عمله، و قبيح زلله، فاتّخذ بغضه وسيلة إلى أئمّة الضلال، و تقرّبا إلى الآثمة الضّلال، فأحلّ اللّه بهم أليم عقابه و وخيم عذابه، في دار الفناء
قبل يوم الجزاء، و لعنهم كما لعن أصحاب السبت إذا اعتدوا سبتهم، و أنزل بهم نكاله لما صرفوا عن آيات اللّه بزورهم و بهتهم، و جعلهم عبرة في بلاده، و تذكرة لعباده، و غيّر سبحانه صورهم، و قطع بدعائه دابرهم، فقد خرجوا عن حدّ الإحصاء، و فاتوا العدّ و الاستقصاء، و بلغت أخبارهم من التواتر حدّا شافيا، و قدرا كافيا.
[في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، و ما حدث لمن لعن أو شتم عليّا عليه السلام]
كما روي عن الأعمش، [عن رواته،] 1455 عن حكيم بن جبير؛ و عن عاقبة الهجري، عن عمّته؛ و عن أبي يحيى، قال: شهدت عليّا عليه السلام على منبر الكوفة يقول: أنا عبد اللّه، و أخو رسول اللّه، ورثت نبيّ الرحمة، و نكحت سيّدة نساء الامّة 1456 ، و أنا سيّد الوصيّين، و آخر أوصياء النبيّين، لا يدّعي ذلك غيري إلّا أصابه اللّه بسوء.
فقال رجل من عبس: من الّذي لا يحسن أن يقول: أنا عبد اللّه، و أخو رسول اللّه؟ فلم يبرح مكانه حتى تخبّطه الشيطان، فجرّ برجله إلى باب المسجد 1457 .
العيّاشي 1458 : بإسناده إلى الصادق عليه السلام في خبر قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّي سألت اللّه سبحانه أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألته أن
يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يجعلك وصيّي ففعل.
فقال رجل: و اللّه لصاع من تمر في شنّ 1459 بال خير ممّا سأل محمد ربّه، هلّا سأل ملكا يعضده على عدوّه، أو كنزا يستغني به على فاقته؟ فأنزل سبحانه (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) 1460 الآية. و في رواية: انّه أصاب قائله علّة 1461 .
أبو بصير، عن الصادق عليه السلام، قال: لمّا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا علي، لو لا أنّي أخاف أن يقال فيك كما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمرّ بملإ من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك 1462 ، قال الحارث بن عمرو الفهري لقوم من أصحابه: ما وجد محمد لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم يوشك أن يجعله نبيّا من بعده و اللّه إنّ آلهتنا الّتي كنّا نعبد خير منه، فأنزل اللّه تعالى: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) - إلى قوله:- (وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) 1463 .
و في رواية أنّه نزل أيضا (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) 1464 ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا حارث، اتّق اللّه و ارجع عمّا قلت من العداوة لعليّ.
فقال: إذا كنت رسول اللّه، و عليّ وصيّك من بعدك، و فاطمة بنتك سيّدة
نساء العالمين، و الحسن و الحسين ابناك سيّدا شباب أهل الجنّة، و حمزة عمّك سيّد الشهداء، و جعفر الطيّار ابن عمّك يطير مع الملائكة في الجنّة، و السقاية للعبّاس عمّك، فما تركت لسائر قريش و هم ولد أبيك؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ويلك يا حارث، ما فعلت ذلك ببني عبد المطّلب، لكنّ اللّه سبحانه فعله بهم.
فقال الحارث: (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) 1465 فأنزل اللّه سبحانه: (وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ) 1466 فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الحارث فقال: إمّا أن تتوب أو ترحل عنّا.
فقال: إنّ قلبي لا يطاوعني للتوبة، لكنّي أرحل عنك، فركب راحلته، فلمّا أصحر أرسل 1467 اللّه عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة، فأنزلها على هامته فخرجت من دبره إلى الأرض، ففحص برجله، و أنزل سبحانه (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) 1468 للكافرين بولاية عليّ، [قال:] 1469 هكذا نزل به جبرائيل عليه السلام 1470 .
قال زياد بن كليب: كنت جالسا في نفر فمرّ بنا محمد بن صفوان مع عبيد اللّه بن زياد، فدخلا المسجد، ثمّ رجعا إلينا و قد ذهبت عينا محمد بن صفوان،
فقلنا: ما شأنه؟
فقال: إنّه قام في المحراب و قال: إنّه من لم يسبّ عليّا بيّنة 1471 فأنا أسبّه بيّنة، فطمس اللّه بصره.
و قد روى هذا عمرو بن ثابت، عن أبي معشر.
البلاذري 1472 و السمعاني و المامطيري 1473 و النطنزي و الفلكي أنّ سعد بن مالك مرّ برجل يشتم عليّا عليه السلام، فقال: ويحك ما تقول؟
قال: أقول ما تسمع.
فقال: اللّهمّ إن كان كاذبا فاهلكه، فخبطه جمل بختيّ فقتله 1474 .
ابن المسيّب قال: صعد مروان المنبر و ذكر عليّا عليه السلام فشتمه، قال سعيد بن المسيّب: فهوّمت عيناي فرأيت كفّا في منامي خرجت من قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- يرى الكفّ و لا يرى الذراع- عاقدة على ثلاث و ستّين 1475 ، و سمعت قائلا يقول: يا أموي (أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) 1476 ؟
قال: فما مرّت بمروان إلّا ثلاث حتى مات.
مناقب إسحاق [العدل] 1477 : انّه كان في خلافة هشام خطيب يلعن عليّا عليه السلام على المنبر، فخرجت كفّ من قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- يرى الكفّ و لا يرى الذراع- عاقدة على ثلاث و ستّين، و إذا كلام من القبر:
ويلك [من أمويّ] 1478 (أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) الآية، و ألفت ما فيها، فإذا دخان أزرق، قال: فما نزل عن المنبر إلّا و هو أعمى يقاد، و ما مضت عليه ثلاثة أيّام حتى مات 1479 .
و روى علماء واسط أنّه لمّا رفع عمر بن عبد العزيز اللعائن جعل خطيب واسط يلعن، فإذا هو بثور عبر الشطّ، و شقّ السور، و دخل المدينة، و أتى الجامع، و صعد المنبر، و نطح الخطيب فقتله، و غاب عن أعين الناس، فسدّوا الباب الّذي دخل منه 1480 ، و أثره ظاهر و سمّوه باب الثور.
و قال هاشميّ: رأيت رجلا بالشام قد اسودّ نصف وجهه- و هو يغطّيه- فسألته عن سبب ذلك، فقال: نعم، قد جعلت على نفسي أن لا يسألني أحد عن سبب ذلك إلّا أخبرته، كنت شديد الوقيعة في عليّ، كثير الذكر له بالمكروه، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذا بات أتاني في منامي فقال: أنت صاحب الوقيعة في عليّ؟ فضرب شقّ وجهي؟ فأصبحت و شقّ وجهي أسود كما ترى 1481 .
و كان بالمدينة رجل ناصبيّ، ثم تشيّع بعد ذلك، فسئل عن السبب، فقال:
إنّي رأيت في منامي عليّا عليه السلام يقول [لي] 1482 : لو حضرت صفّين مع من كنت تقاتل؟
قال: فأطرقت افكّر، فقال عليه السلام: يا خسيس، هذه مسألة تحتاج إلى [هذا] 1483 الفكر العظيم! اصفعوا قفاه، فصفعت 1484 حتى انتبهت و قد ورم قفاي، فرجعت عمّا كنت عليه 1485 .
روى شيخنا و وسيلتنا إلى ربّنا الشيخ الجليل الفقيه عماد الدين محمد بن علي بن الحسين [بن موسى] 1486 بن بابويه القمّي في أماليه، قال: حدّثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي اللّه عنه قال: حدّثني محمد بن جرير الطبري، قال: