کتابخانه روایات شیعه
مناقب إسحاق [العدل] 1477 : انّه كان في خلافة هشام خطيب يلعن عليّا عليه السلام على المنبر، فخرجت كفّ من قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- يرى الكفّ و لا يرى الذراع- عاقدة على ثلاث و ستّين، و إذا كلام من القبر:
ويلك [من أمويّ] 1478 (أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) الآية، و ألفت ما فيها، فإذا دخان أزرق، قال: فما نزل عن المنبر إلّا و هو أعمى يقاد، و ما مضت عليه ثلاثة أيّام حتى مات 1479 .
و روى علماء واسط أنّه لمّا رفع عمر بن عبد العزيز اللعائن جعل خطيب واسط يلعن، فإذا هو بثور عبر الشطّ، و شقّ السور، و دخل المدينة، و أتى الجامع، و صعد المنبر، و نطح الخطيب فقتله، و غاب عن أعين الناس، فسدّوا الباب الّذي دخل منه 1480 ، و أثره ظاهر و سمّوه باب الثور.
و قال هاشميّ: رأيت رجلا بالشام قد اسودّ نصف وجهه- و هو يغطّيه- فسألته عن سبب ذلك، فقال: نعم، قد جعلت على نفسي أن لا يسألني أحد عن سبب ذلك إلّا أخبرته، كنت شديد الوقيعة في عليّ، كثير الذكر له بالمكروه، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذا بات أتاني في منامي فقال: أنت صاحب الوقيعة في عليّ؟ فضرب شقّ وجهي؟ فأصبحت و شقّ وجهي أسود كما ترى 1481 .
و كان بالمدينة رجل ناصبيّ، ثم تشيّع بعد ذلك، فسئل عن السبب، فقال:
إنّي رأيت في منامي عليّا عليه السلام يقول [لي] 1482 : لو حضرت صفّين مع من كنت تقاتل؟
قال: فأطرقت افكّر، فقال عليه السلام: يا خسيس، هذه مسألة تحتاج إلى [هذا] 1483 الفكر العظيم! اصفعوا قفاه، فصفعت 1484 حتى انتبهت و قد ورم قفاي، فرجعت عمّا كنت عليه 1485 .
روى شيخنا و وسيلتنا إلى ربّنا الشيخ الجليل الفقيه عماد الدين محمد بن علي بن الحسين [بن موسى] 1486 بن بابويه القمّي في أماليه، قال: حدّثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي اللّه عنه قال: حدّثني محمد بن جرير الطبري، قال:
حدّثني أحمد بن رشيد، قال حدّثنا أبو معمر سعيد بن خثيم 1487 ، قال: حدّثني سعد، عن الحسن البصري أنّه بلغه أنّ زاعما يزعم أنّه ينتقص عليّا صلوات اللّه عليه، فقام في أصحابه يوما فقال: لقد هممت أن أغلق بابي ثمّ لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي، بلغني أنّ زاعما منكم يزعم أنّي أنتقص خير الناس بعد نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله، و أنيسه و جليسه، و المفرّج عنه الكرب عند الزلازل، و القاتل للأقران يوم التنازل، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقّره، [و أخذ العلم
فوفّره،] 1488 و حاز البأس فاستعمله في طاعة ربّه، صابرا على مضض الحرب، شاكرا عند اللأواء و الكرب، عمل بكتاب اللّه، و نصح لنبيّه و ابن عمّه و أخيه، آخاه دون أصحابه، و جعل عنده سرّه، و جاهد عنه صغيرا، و قاتل معه كبيرا، يقتل الأقران، و ينازل الفرسان دون دين اللّه حتى وضعت الحرب أوزارها، مستمسكا بعهد نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، لا يصدّه صادّ، و لا يمالي عليه مضادّ، ثمّ مضى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو عنه راض.
أعلم المسلمين علما، و أفهمهم فهما، و أقدمهم في الإسلام، لا نظير له في مناقبه، و لا شبيه له في ضرائبه، فظلفت 1489 نفسه عن الشهوات، و عمل اللّه في الغفلات، و أسبغ الوضوء 1490 في السبرات، و خشع 1491 للّه في الصلوات، و قطع نفسه عن اللذّات، مشمّرا عن ساق، طيّب الأخلاق، كريم الأعراق، و اتّبع سنن نبيّه، و اقتفى آثار وليّه، فكيف أقول فيه ما يوبقني؟ و ما أحد أعلمه يجد فيه مقالا، فكفّوا عنّا الأذى، و تجنّبوا طريق الردى 1492 .
و قال أيضا رضي اللّه عنه في أماليه: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان و علي بن أحمد بن موسى الدقّاق و محمد بن أحمد السناني و عبد اللّه بن محمد الصائغ، قالوا: حدّثنا أبو العبّاس [أحمد بن يحيى بن] 1493 زكريّا القطّان، قال:
حدّثنا أبو محمد بكر بن عبد اللّه بن حبيب، قال: حدّثني علي بن محمد، قال:
حدّثنا الفضل بن العبّاس، قال حدّثنا عبد القدّوس الورّاق، قال: حدّثنا
محمد بن كثير، عن الأعمش.
و حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتّب، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى القطّان، قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب، قال: حدّثني عبيد اللّه بن محمد بن باطويه 1494 ، قال: حدّثنا محمد بن كثير، عن الأعمش.
و أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي فيما كتب إلينا من أصفهان، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ستّ و ثمانين و مائتين، قال: حدّثنا الوليد بن الفضل العنزي، قال: حدّثنا مندل بن علي العنزي 1495 ، عن الأعمش.
[حديث أبي جعفر الدوانيقي للأعمش في فضل علي عليه السلام]
و حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدّثنا علي بن عيسى الكوفي، قال: حدّثنا جرير 1496 بن عبد الحميد، عن الأعمش، و زاد بعضهم على بعض في اللفظ، و قال بعضهم ما لم يقل بعض، و سياق الحديث لمندل بن علي العنزي، عن الأعمش، قال: بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب، قال: فبقيت 1497 متفكّرا فيما بيني و بين نفسي و قلت: ما بعث إليّ [في] 1498 هذه الساعة إلّا ليسألني عن فضائل عليّ عليه السلام، و لعلّي إن أخبرته قتلني.
قال: فكتبت وصيّتي، و لبست كفني، و دخلت عليه، فقال ادن منّي، فدنوت و عنده عمرو بن عبيد، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئا ثمّ قال: ادن منّي،
فدنوت حتى كادت تمسّ ركبتي ركبته، قال: فوجد منّي رائحة الحنوط، فقال:
و اللّه لتصدقنّني و إلّا لأصلبنّك 1499 .
فقلت: ما حاجتك، يا أمير المؤمنين؟
قال: ما شأنك متحنّطا؟
قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب، فقلت: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليّ [في] 1500 هذه الساعة ليسألني عن فضائل عليّ عليه السلام. فلعلّي إن أخبرته قتلني، فكتبت وصيّتي، و لبست كفني.
قال: و كان متّكئا فاستوى جالسا و قال: لا حول و لا قوّة إلّا باللّه، سألتك- يا أعمش 1501 - كم حديثا ترويه في فضائل عليّ عليه السلام؟
قال: فقلت: يسيرا، يا أمير المؤمنين.
قال: كم.
قلت: عشرة آلاف و ما زاد.
فقال: يا سليمان، لاحدّثنّك بحديث في فضل عليّ عليه السلام تنسى كلّ حديث [سمعته] 1502 .
قال: قلت: حدّثني، يا أمير المؤمنين.
قال: إنّي كنت هاربا من بني اميّة و كنت أتردّد في البلدان 1503 و أتقرّب إلى الناس بفضائل عليّ عليه السلام، و كانوا يطعموني و يزوّدوني حتى وردت إلى
بلاد الشام، و إنّي لفي كساء خلق ما عليّ غيره، فسمعت الاقامة و أنا جائع، فدخلت المسجد لاصلّي و في نفسي أن اكلّم الناس في عشاء [يعشوني] 1504 ، فلمّا سلّم الإمام دخل المسجد صبيّان، فالتفت الإمام إليهما و قال: مرحبا بكما، و مرحبا بمن اسمكما على اسمهما، و كان إلى جانبي شابّ فقلت: يا شابّ، ما الصبيّان؟ و من الشيخ؟
قال: هو جدّهما، و ليس أحد في هذه المدينة يحبّ عليّا إلّا [هذا] 1505 الشيخ، فلذلك سمّى أحدهما الحسن و الآخر الحسين، فقمت فرحا إلى الشيخ، فقلت: أيّها الشيخ، هل لك حاجة في حديث اقرّ به عينك؟
قال: إن أقررت عيني أقررت عينك.
قال: قلت: حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه قال: كنّا قعودا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءت فاطمة عليها السلام و هي تبكي، فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك يا فاطمة؟
قالت: يا أبة، خرج الحسن و الحسين فما أدري أين باتا.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا فاطمة، لا تبكي، فإنّ اللّه الّذي خلقهما هو ألطف بهما منك، و رفع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يديه إلى السماء، و قال:
اللّهمّ إن كانا أخذا برّا أو بحرا فاحفظهما و سلّمهما، فنزل جبرائيل عليه السلام من السماء و قال: يا محمد، إنّ اللّه سبحانه يقرئك السلام و يقول: لا تحزن و لا تغتمّ فإنّهما فاضلان في الدنيا و فاضلان في الآخرة، و أبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حظيرة بني النجّار، و قد وكّل اللّه بهما ملكا.
قال: فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرحا و معه أصحابه حتى أتى
حظيرة بني النجّار، فإذا الحسن 1506 معانقا للحسين عليه السلام، و إذا الملك الموكّل بهما قد افترش أحد جناحيه تحتهما و غطّاهما بالآخر.
قال: فمكث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّلهما حتى انتبها، فلمّا استيقظا حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الحسن، و حمل جبرائيل الحسين فخرج من الحظيرة و هو يقول: و اللّه لاشرّفنّكما كما شرّفكم اللّه عزّ و جلّ.
فقال له أبو بكر: ناولني أحد الصبيّين اخفّف عنك.
فقال: يا أبا بكر، نعم الحاملان، و نعم الراكبان، و أبوهما أفضل منهما فخرج حتى أتى باب المسجد فقال: يا بلال، هلمّ عليّ بالناس، فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، فاجتمع الناس عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد، فقام على قدميه، فقال: يا معشر الناس، هل أدلّكم على أفضل الناس جدّا و جدّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ جدّهما محمد صلّى اللّه عليه و آله، و جدّتهما خديجة بنت خويلد.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس امّا و أبا؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ أباهما يحبّ اللّه و رسوله، و يحبّه اللّه و رسوله، و امّهما فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.