کتابخانه روایات شیعه
محمد بن كثير، عن الأعمش.
و حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتّب، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى القطّان، قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب، قال: حدّثني عبيد اللّه بن محمد بن باطويه 1494 ، قال: حدّثنا محمد بن كثير، عن الأعمش.
و أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي فيما كتب إلينا من أصفهان، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ستّ و ثمانين و مائتين، قال: حدّثنا الوليد بن الفضل العنزي، قال: حدّثنا مندل بن علي العنزي 1495 ، عن الأعمش.
[حديث أبي جعفر الدوانيقي للأعمش في فضل علي عليه السلام]
و حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدّثنا علي بن عيسى الكوفي، قال: حدّثنا جرير 1496 بن عبد الحميد، عن الأعمش، و زاد بعضهم على بعض في اللفظ، و قال بعضهم ما لم يقل بعض، و سياق الحديث لمندل بن علي العنزي، عن الأعمش، قال: بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب، قال: فبقيت 1497 متفكّرا فيما بيني و بين نفسي و قلت: ما بعث إليّ [في] 1498 هذه الساعة إلّا ليسألني عن فضائل عليّ عليه السلام، و لعلّي إن أخبرته قتلني.
قال: فكتبت وصيّتي، و لبست كفني، و دخلت عليه، فقال ادن منّي، فدنوت و عنده عمرو بن عبيد، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئا ثمّ قال: ادن منّي،
فدنوت حتى كادت تمسّ ركبتي ركبته، قال: فوجد منّي رائحة الحنوط، فقال:
و اللّه لتصدقنّني و إلّا لأصلبنّك 1499 .
فقلت: ما حاجتك، يا أمير المؤمنين؟
قال: ما شأنك متحنّطا؟
قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب، فقلت: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليّ [في] 1500 هذه الساعة ليسألني عن فضائل عليّ عليه السلام. فلعلّي إن أخبرته قتلني، فكتبت وصيّتي، و لبست كفني.
قال: و كان متّكئا فاستوى جالسا و قال: لا حول و لا قوّة إلّا باللّه، سألتك- يا أعمش 1501 - كم حديثا ترويه في فضائل عليّ عليه السلام؟
قال: فقلت: يسيرا، يا أمير المؤمنين.
قال: كم.
قلت: عشرة آلاف و ما زاد.
فقال: يا سليمان، لاحدّثنّك بحديث في فضل عليّ عليه السلام تنسى كلّ حديث [سمعته] 1502 .
قال: قلت: حدّثني، يا أمير المؤمنين.
قال: إنّي كنت هاربا من بني اميّة و كنت أتردّد في البلدان 1503 و أتقرّب إلى الناس بفضائل عليّ عليه السلام، و كانوا يطعموني و يزوّدوني حتى وردت إلى
بلاد الشام، و إنّي لفي كساء خلق ما عليّ غيره، فسمعت الاقامة و أنا جائع، فدخلت المسجد لاصلّي و في نفسي أن اكلّم الناس في عشاء [يعشوني] 1504 ، فلمّا سلّم الإمام دخل المسجد صبيّان، فالتفت الإمام إليهما و قال: مرحبا بكما، و مرحبا بمن اسمكما على اسمهما، و كان إلى جانبي شابّ فقلت: يا شابّ، ما الصبيّان؟ و من الشيخ؟
قال: هو جدّهما، و ليس أحد في هذه المدينة يحبّ عليّا إلّا [هذا] 1505 الشيخ، فلذلك سمّى أحدهما الحسن و الآخر الحسين، فقمت فرحا إلى الشيخ، فقلت: أيّها الشيخ، هل لك حاجة في حديث اقرّ به عينك؟
قال: إن أقررت عيني أقررت عينك.
قال: قلت: حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه قال: كنّا قعودا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءت فاطمة عليها السلام و هي تبكي، فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك يا فاطمة؟
قالت: يا أبة، خرج الحسن و الحسين فما أدري أين باتا.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا فاطمة، لا تبكي، فإنّ اللّه الّذي خلقهما هو ألطف بهما منك، و رفع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يديه إلى السماء، و قال:
اللّهمّ إن كانا أخذا برّا أو بحرا فاحفظهما و سلّمهما، فنزل جبرائيل عليه السلام من السماء و قال: يا محمد، إنّ اللّه سبحانه يقرئك السلام و يقول: لا تحزن و لا تغتمّ فإنّهما فاضلان في الدنيا و فاضلان في الآخرة، و أبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حظيرة بني النجّار، و قد وكّل اللّه بهما ملكا.
قال: فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرحا و معه أصحابه حتى أتى
حظيرة بني النجّار، فإذا الحسن 1506 معانقا للحسين عليه السلام، و إذا الملك الموكّل بهما قد افترش أحد جناحيه تحتهما و غطّاهما بالآخر.
قال: فمكث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّلهما حتى انتبها، فلمّا استيقظا حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الحسن، و حمل جبرائيل الحسين فخرج من الحظيرة و هو يقول: و اللّه لاشرّفنّكما كما شرّفكم اللّه عزّ و جلّ.
فقال له أبو بكر: ناولني أحد الصبيّين اخفّف عنك.
فقال: يا أبا بكر، نعم الحاملان، و نعم الراكبان، و أبوهما أفضل منهما فخرج حتى أتى باب المسجد فقال: يا بلال، هلمّ عليّ بالناس، فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، فاجتمع الناس عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد، فقام على قدميه، فقال: يا معشر الناس، هل أدلّكم على أفضل الناس جدّا و جدّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ جدّهما محمد صلّى اللّه عليه و آله، و جدّتهما خديجة بنت خويلد.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس امّا و أبا؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ أباهما يحبّ اللّه و رسوله، و يحبّه اللّه و رسوله، و امّهما فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس عمّا و عمّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن الحسين فإنّ عمّهما جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة، و عمّتهما أمّ هانئ بنت أبي طالب.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس خالا و خالة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ خالهما القاسم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و خالتهما زينب بنت رسول اللّه، ثمّ قال بيده هكذا يحشرنا اللّه 1507 ، ثمّ قال: اللّهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن في الجنّة، و الحسين في الجنّة، و جدّهما في الجنّة، و جدّتهما في الجنّة، [و أباهما في الجنّة، و امّهما في الجنّة] 1508 ، و عمّهما في الجنّة، و عمّتهما في الجنّة، و خالهما في الجنّة، و خالتهما في الجنّة.
اللّهمّ إنّك تعلم من يحبّهما في الجنّة، و من يبغضهما في النار.
قال: فلمّا قلت ذلك للشيخ قال: من أنت يا فتى؟
قلت: رجل من أهل الكوفة.
قال: أ عربيّ أنت أم مولى؟
قلت: بل عربيّ.
قال: فأنت تحدّث بهذا الحديث و أنت في هذا الكساء، فكساني خلعته،
و حملني على بغلته فبعتها بمائة دينار، و قال: يا شابّ 1509 ، أقررت عيني فو اللّه لأقرّنّ عينك، و لأرشدنّك إلى شابّ يقرّ عينك اليوم.
قال: قلت: أرشدني.
قال: إنّ لي أخوين أحدهما إمام و الآخر مؤذّن، أمّا الإمام فإنّه يحبّ عليّا منذ خرج من بطن امّه، و أمّا المؤذّن فإنّه يبغض عليّا منذ خرج من بطن امّه.
قال: قلت: أرشدني، فأخذ بيدي حتى أتى بي إلى باب الامام، فإذا برجل خرج إليّ و قال: أمّا البغلة و الكسوة فأعرفهما، و اللّه ما كان فلان يكسوك و يحملك إلّا لأنّك تحبّ اللّه و رسوله و وصيّ رسوله، فحدّثني بحديث في فضل عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال: قلت: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: كنّا قعودا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءت فاطمة تبكي بكاء شديدا، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك، يا فاطمة؟
قالت: يا أبة، عيّرتني نساء قريش و قلن: إنّ أباك زوّجك من معدم لا مال له.
فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تبكي فو اللّه ما زوّجتك حتى زوّجك اللّه من فوق عرشه، و أشهد بذلك جبرائيل و ميكائيل، و إنّ اللّه سبحانه اطّلع على أهل الأرض 1510 فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع الثانية فاختار من الخلائق عليّا، فزوّجك إيّاه، و اتّخذه وصيّا، فعليّ أشجع الناس قلبا، و أحلم الناس حلما، و أسمح الناس كفّا، و أقدم الناس سلما، و أعلم الناس علما،
و الحسن و الحسين ابناه و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، و اسمهما في التوراة شبير و شبر لكرامتهما على اللّه سبحانه.
يا فاطمة، لا تبكي فو اللّه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلّتين، و عليّ حلّتين، و لواء الحمد بيدي، فاناوله عليّا لكرامته على اللّه.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّي إذا دعيت إلى ربّ العالمين يجيء عليّ معي، و إذا شفّعني اللّه شفّع عليّ معي.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّه إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم: يا محمد، نعم الجدّ جدّك إبراهيم خليل الرحمن، و نعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب.
يا فاطمة، علي يعينني على مفاتيح الجنّة، و شيعته هم الفائزون غدا يوم القيامة في الجنّة، فلمّا قلت ذلك قال: يا بنيّ ممّن أنت؟
قلت: من أهل الكوفة.
قال: أ عربيّ أنت أم مولى؟
قلت: عربيّ.
قال: فكساني ثلاثين ثوبا، و أعطاني عشرة آلاف درهم، ثمّ قال: يا شابّ، أقررت عيني ولي إليك حاجة، قلت: انقضيت إن شاء اللّه.
قال: فإذا كان غدا فائت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.