کتابخانه روایات شیعه
حظيرة بني النجّار، فإذا الحسن 1506 معانقا للحسين عليه السلام، و إذا الملك الموكّل بهما قد افترش أحد جناحيه تحتهما و غطّاهما بالآخر.
قال: فمكث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّلهما حتى انتبها، فلمّا استيقظا حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الحسن، و حمل جبرائيل الحسين فخرج من الحظيرة و هو يقول: و اللّه لاشرّفنّكما كما شرّفكم اللّه عزّ و جلّ.
فقال له أبو بكر: ناولني أحد الصبيّين اخفّف عنك.
فقال: يا أبا بكر، نعم الحاملان، و نعم الراكبان، و أبوهما أفضل منهما فخرج حتى أتى باب المسجد فقال: يا بلال، هلمّ عليّ بالناس، فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، فاجتمع الناس عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد، فقام على قدميه، فقال: يا معشر الناس، هل أدلّكم على أفضل الناس جدّا و جدّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ جدّهما محمد صلّى اللّه عليه و آله، و جدّتهما خديجة بنت خويلد.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس امّا و أبا؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ أباهما يحبّ اللّه و رسوله، و يحبّه اللّه و رسوله، و امّهما فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس عمّا و عمّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن الحسين فإنّ عمّهما جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة، و عمّتهما أمّ هانئ بنت أبي طالب.
يا معشر الناس، هل أدلّكم على خير الناس خالا و خالة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه.
قال: الحسن و الحسين فإنّ خالهما القاسم بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و خالتهما زينب بنت رسول اللّه، ثمّ قال بيده هكذا يحشرنا اللّه 1507 ، ثمّ قال: اللّهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن في الجنّة، و الحسين في الجنّة، و جدّهما في الجنّة، و جدّتهما في الجنّة، [و أباهما في الجنّة، و امّهما في الجنّة] 1508 ، و عمّهما في الجنّة، و عمّتهما في الجنّة، و خالهما في الجنّة، و خالتهما في الجنّة.
اللّهمّ إنّك تعلم من يحبّهما في الجنّة، و من يبغضهما في النار.
قال: فلمّا قلت ذلك للشيخ قال: من أنت يا فتى؟
قلت: رجل من أهل الكوفة.
قال: أ عربيّ أنت أم مولى؟
قلت: بل عربيّ.
قال: فأنت تحدّث بهذا الحديث و أنت في هذا الكساء، فكساني خلعته،
و حملني على بغلته فبعتها بمائة دينار، و قال: يا شابّ 1509 ، أقررت عيني فو اللّه لأقرّنّ عينك، و لأرشدنّك إلى شابّ يقرّ عينك اليوم.
قال: قلت: أرشدني.
قال: إنّ لي أخوين أحدهما إمام و الآخر مؤذّن، أمّا الإمام فإنّه يحبّ عليّا منذ خرج من بطن امّه، و أمّا المؤذّن فإنّه يبغض عليّا منذ خرج من بطن امّه.
قال: قلت: أرشدني، فأخذ بيدي حتى أتى بي إلى باب الامام، فإذا برجل خرج إليّ و قال: أمّا البغلة و الكسوة فأعرفهما، و اللّه ما كان فلان يكسوك و يحملك إلّا لأنّك تحبّ اللّه و رسوله و وصيّ رسوله، فحدّثني بحديث في فضل عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال: قلت: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: كنّا قعودا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءت فاطمة تبكي بكاء شديدا، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك، يا فاطمة؟
قالت: يا أبة، عيّرتني نساء قريش و قلن: إنّ أباك زوّجك من معدم لا مال له.
فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تبكي فو اللّه ما زوّجتك حتى زوّجك اللّه من فوق عرشه، و أشهد بذلك جبرائيل و ميكائيل، و إنّ اللّه سبحانه اطّلع على أهل الأرض 1510 فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع الثانية فاختار من الخلائق عليّا، فزوّجك إيّاه، و اتّخذه وصيّا، فعليّ أشجع الناس قلبا، و أحلم الناس حلما، و أسمح الناس كفّا، و أقدم الناس سلما، و أعلم الناس علما،
و الحسن و الحسين ابناه و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، و اسمهما في التوراة شبير و شبر لكرامتهما على اللّه سبحانه.
يا فاطمة، لا تبكي فو اللّه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلّتين، و عليّ حلّتين، و لواء الحمد بيدي، فاناوله عليّا لكرامته على اللّه.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّي إذا دعيت إلى ربّ العالمين يجيء عليّ معي، و إذا شفّعني اللّه شفّع عليّ معي.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّه إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم: يا محمد، نعم الجدّ جدّك إبراهيم خليل الرحمن، و نعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب.
يا فاطمة، علي يعينني على مفاتيح الجنّة، و شيعته هم الفائزون غدا يوم القيامة في الجنّة، فلمّا قلت ذلك قال: يا بنيّ ممّن أنت؟
قلت: من أهل الكوفة.
قال: أ عربيّ أنت أم مولى؟
قلت: عربيّ.
قال: فكساني ثلاثين ثوبا، و أعطاني عشرة آلاف درهم، ثمّ قال: يا شابّ، أقررت عيني ولي إليك حاجة، قلت: انقضيت إن شاء اللّه.
قال: فإذا كان غدا فائت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال: فطالت عليّ تلك الليلة، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الّذي وصف لي و قمت في الصفّ الأوّل فإذا إلى جانبي شابّ متعمّم فذهب ليركع فسقطت
عمامته، فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير، و وجهه وجه خنزير، فو اللّه ما علمت ما تكلّمت [به] 1511 في صلاتي حتى سلّم الامام، فقلت: يا ويحك ما الّذي أرى بك؟
فبكى و قال لي: انظر إلى هذه الدار، فنظرت، فقال لي: ادخل، فدخلت، فقال لي: كنت مؤذّنا لآل فلان كلّما أذّنت 1512 لعنت عليّا صلوات اللّه عليه ألف مرّة بين الأذان و الإقامة، و كلّما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرّة، فخرجت من منزلي و أتيت داري و اتّكأت على هذا الدكّان الّذي ترى فرأيت في منامي كأنّي في الجنّة و فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي عليه السلام فرحين، و رأيت كأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله عن يمينه الحسن، و عن يساره الحسين و معه كأس، فقال: يا حسن، اسقني فسقاه، ثمّ قال: اسق الجماعة، فسقاهم 1513 ، ثمّ رأيته كأنّه قال: اسق المتّكئ على [هذا] 1514 الدكّان.
فقال الحسن عليه السلام: يا جدّ، أ تأمرني أن أسقي هذا و هو يلعن أبي في كلّ يوم ألف مرّة بين الأذان و الإقامة، و قد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرّة بين الأذان و الإقامة؟! فأتاني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: مالك عليك لعنة اللّه تلعن عليّا، و عليّ منّي، [و تشتم عليّا و عليّ منّي] 1515 ؟ و رأيته كأنّه تفل في وجهي و ضربني برجله، و قال: قم غيّر اللّه ما بك من نعمة، فانتبهت [من نومي] 1516 فإذا رأسي رأس خنزير، و وجهي وجه خنزير.
ثم قال لي أبو جعفر المنصور: أ هذان الحديثان في يدك؟
فقلت: لا.
فقال: يا سليمان، حبّ عليّ إيمان، و بغضه نفاق، و اللّه لا يحبّه إلّا مؤمن، و لا يبغضه إلّا منافق.
قال: فقلت: الأمان، يا أمير المؤمنين.
قال: لك الأمان.
فقلت: ما تقول في قاتل الحسين عليه السلام؟
فقال: في النار، و إلى النار.
قلت: و كذلك من يقتل ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في النار، و إلى النار.
قال: يا سليمان، الملك عقيم، اخرج فحدّث بما سمعت 1517 .
قلت: ثمّ لم تغن عنه الآيات و النذر، و لم يعتبر بما شاهد و حقّه أن يعتبر،
حتى يتبع بالأذى ذرّيّته، و قصد بالأدا 1518 عترته، فكم علويّ أضحى منه و من ولده في أضيق سجن و أسر، و أسبغ حكم و قهر، قد أكلت الجوامع لحم سواعده و يديه، و وضعت الأصفاد من قدميه إلى حقويه، و أثّرت الأغلال في عنقه و عضديه، و نظرت الحتوف عن كثب إليه، يستعذب الموت من أليم عذابهم، و يستطب الفوت لوخيم عقابهم.
و كم فاطميّ فطم عن ثدي الحياة بقواتل سمومهم، و كم حسينيّ انتظم في سلك الأموات بسيوف وقائعهم و نقمهم، سل فخّا 1519 و ما حلّ بآل الرسول في عراها، و الزوراء و ما غيّب من ولد البتول في ثراها، و خراسان و من شرّفت به مرابع طوسها، و العراق و ما حلّ من أمجادهم في ضرائح رموسها.
ترى مشاهدهم في الأقطار تشهد بجلالة قدرهم، و تعاهدهم في الأمصار ينبي عن غزارة فضلهم، و أنوار الايمان تسطع من قباب مزاراتهم، و سحائب الغفران تهمع من اكمال زياراتهم، يغفر اللّه الذنوب بالهجرة إليها، و يكشف الكروب بالعكوف بحضراتها و مبانيها.