کتابخانه روایات شیعه
و الحسن و الحسين ابناه و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، و اسمهما في التوراة شبير و شبر لكرامتهما على اللّه سبحانه.
يا فاطمة، لا تبكي فو اللّه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلّتين، و عليّ حلّتين، و لواء الحمد بيدي، فاناوله عليّا لكرامته على اللّه.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّي إذا دعيت إلى ربّ العالمين يجيء عليّ معي، و إذا شفّعني اللّه شفّع عليّ معي.
يا فاطمة، لا تبكي فإنّه إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم: يا محمد، نعم الجدّ جدّك إبراهيم خليل الرحمن، و نعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب.
يا فاطمة، علي يعينني على مفاتيح الجنّة، و شيعته هم الفائزون غدا يوم القيامة في الجنّة، فلمّا قلت ذلك قال: يا بنيّ ممّن أنت؟
قلت: من أهل الكوفة.
قال: أ عربيّ أنت أم مولى؟
قلت: عربيّ.
قال: فكساني ثلاثين ثوبا، و أعطاني عشرة آلاف درهم، ثمّ قال: يا شابّ، أقررت عيني ولي إليك حاجة، قلت: انقضيت إن شاء اللّه.
قال: فإذا كان غدا فائت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال: فطالت عليّ تلك الليلة، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الّذي وصف لي و قمت في الصفّ الأوّل فإذا إلى جانبي شابّ متعمّم فذهب ليركع فسقطت
عمامته، فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير، و وجهه وجه خنزير، فو اللّه ما علمت ما تكلّمت [به] 1511 في صلاتي حتى سلّم الامام، فقلت: يا ويحك ما الّذي أرى بك؟
فبكى و قال لي: انظر إلى هذه الدار، فنظرت، فقال لي: ادخل، فدخلت، فقال لي: كنت مؤذّنا لآل فلان كلّما أذّنت 1512 لعنت عليّا صلوات اللّه عليه ألف مرّة بين الأذان و الإقامة، و كلّما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرّة، فخرجت من منزلي و أتيت داري و اتّكأت على هذا الدكّان الّذي ترى فرأيت في منامي كأنّي في الجنّة و فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي عليه السلام فرحين، و رأيت كأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله عن يمينه الحسن، و عن يساره الحسين و معه كأس، فقال: يا حسن، اسقني فسقاه، ثمّ قال: اسق الجماعة، فسقاهم 1513 ، ثمّ رأيته كأنّه قال: اسق المتّكئ على [هذا] 1514 الدكّان.
فقال الحسن عليه السلام: يا جدّ، أ تأمرني أن أسقي هذا و هو يلعن أبي في كلّ يوم ألف مرّة بين الأذان و الإقامة، و قد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرّة بين الأذان و الإقامة؟! فأتاني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: مالك عليك لعنة اللّه تلعن عليّا، و عليّ منّي، [و تشتم عليّا و عليّ منّي] 1515 ؟ و رأيته كأنّه تفل في وجهي و ضربني برجله، و قال: قم غيّر اللّه ما بك من نعمة، فانتبهت [من نومي] 1516 فإذا رأسي رأس خنزير، و وجهي وجه خنزير.
ثم قال لي أبو جعفر المنصور: أ هذان الحديثان في يدك؟
فقلت: لا.
فقال: يا سليمان، حبّ عليّ إيمان، و بغضه نفاق، و اللّه لا يحبّه إلّا مؤمن، و لا يبغضه إلّا منافق.
قال: فقلت: الأمان، يا أمير المؤمنين.
قال: لك الأمان.
فقلت: ما تقول في قاتل الحسين عليه السلام؟
فقال: في النار، و إلى النار.
قلت: و كذلك من يقتل ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في النار، و إلى النار.
قال: يا سليمان، الملك عقيم، اخرج فحدّث بما سمعت 1517 .
قلت: ثمّ لم تغن عنه الآيات و النذر، و لم يعتبر بما شاهد و حقّه أن يعتبر،
حتى يتبع بالأذى ذرّيّته، و قصد بالأدا 1518 عترته، فكم علويّ أضحى منه و من ولده في أضيق سجن و أسر، و أسبغ حكم و قهر، قد أكلت الجوامع لحم سواعده و يديه، و وضعت الأصفاد من قدميه إلى حقويه، و أثّرت الأغلال في عنقه و عضديه، و نظرت الحتوف عن كثب إليه، يستعذب الموت من أليم عذابهم، و يستطب الفوت لوخيم عقابهم.
و كم فاطميّ فطم عن ثدي الحياة بقواتل سمومهم، و كم حسينيّ انتظم في سلك الأموات بسيوف وقائعهم و نقمهم، سل فخّا 1519 و ما حلّ بآل الرسول في عراها، و الزوراء و ما غيّب من ولد البتول في ثراها، و خراسان و من شرّفت به مرابع طوسها، و العراق و ما حلّ من أمجادهم في ضرائح رموسها.
ترى مشاهدهم في الأقطار تشهد بجلالة قدرهم، و تعاهدهم في الأمصار ينبي عن غزارة فضلهم، و أنوار الايمان تسطع من قباب مزاراتهم، و سحائب الغفران تهمع من اكمال زياراتهم، يغفر اللّه الذنوب بالهجرة إليها، و يكشف الكروب بالعكوف بحضراتها و مبانيها.
كلّما تقادمت الأيّام تجدّد فجرهم، و كلّما تعاقبت الأعوام تعالى ذكرهم، ورثوا المجد بالأصالة، لما تمّمت بجدّهم الرسالة، و علت كلمتهم في الآفاق، لما اقيم أبوهم وليّا على الإطلاق، شدّ اللّه بزكيّهم أزر ملّته، و استشهد بشهيدهم على برهان ربوبيّته، و زيّن بعابدهم أوراد عبادته، و بيّن بباقرهم و صادقهم أسرار شريعته، و أظهر بعالمهم و كاظمهم أنوار حكمته، و جعل رضاه مقرونا برضاهم، و علمه مخزونا في جوادهم و مرتضاهم، و هداه في اتّباع سبيل
هاديهم، و ولاه منوطا بولاء عسكريّهم و زكيّهم، و قوام الخلق بقائمهم، و قيام الحقّ بعالمهم، صاحب الشوكة و القوّة، و ظاهر الملّة و الدعوة، حجّة اللّه على بريّته، و محجّته في خليقته، و القائم بالقسط في أمّة جدّه، و الداعي إلى الحقّ بجدّه و جاهده.
ذكره راحة روحي و قلبي، و مدحه مجلي همّي و كربي، و خياله نصب سواد مقلتي، و جماله في سويداء قلبي و مهجتي، أحنّ إلى رؤيته و لو في طيف المنام، و أشتاق الى بهجته و إن بعد المرام، أودّ لو ثبّتني في جرائد الخالصين من عبيده، و أن يرقمني في دفاتر المخلصين من جنوده، و أن يسمني بميسم العبوديّة في جنبي لعزيز جنابه، و أن يطوّقني بطوق الرقّية لملازمة ركابه، أسير بين يدي طرفه و لو على رأسي و طرفي، و أستلمح أنوار بهجته من بين يديّ و من خلفي، و اسارع إلى أمره بقلبي و قالبي، و أستظلّ بظلّ جواده و ذلك أقصى مطالبي، رافعا صوتي مدّة مسيري بين يديه، متابعا لفظي حين إشارتي بالصلاة عليه، قائلا: معاشر المؤمنين، افرجوا عن سبيل سبيل ربّكم، و تنحّوا عن طريق وليّ أمركم.
هذا علّة وجودكم، هذا دليلكم على معبودكم، هذا صاحب زمانكم، هذا ناصب أعلامكم، هذا وسيلتكم إلى ربّكم يوم حشركم، هذا نوركم الّذي يسعى بين أيديكم و من خلفكم حين بشركم، هذا الّذي وعدكم به سيّد المرسلين و لا خلف لوعده، هذا الّذي الروح الأمين من بعض حشمه و جنده، هذا فرع الشجرة المباركة، هذا خليفة اللّه بلا مشاركة، هذا علم العترة الطاهرة، هذا مصباح الاسرة الفاخرة، هذا شمس الشريعة النبويّة، هذا بدر الذرّيّة العلويّة، هذا ممصّر الأمصار، هذا مدمّر الفجّار، هذا هادم أركان النفاق، هذا قاطع أسباب الشقاق، هذا الصادع بالحقّ، هذا الناطق بالصدق، هذا طود الحلم، هذا
بحر العلم، هذا إمام الامّة، هذا صاحب (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) 1520 ، هذا الّذي لو لا وجوده لصاخت الأرض بكم، و لأخذكم العذاب من فوقكم و من تحت أرجلكم، هذا خليفة الأنبياء، هذا خاتمة الأوصياء.
غضّوا أبصاركم إذا أشرتم بالصلاة عليه، و اخفضوا أصواتكم و لا تقدّموا بين يديه، و اسألوا اللّه بحقّه فهو من أعظم و سائلكم إليه، لا يقبل اللّه منكم صرفا و لا عدلا إلّا باتّباع سبيله، و لا يقيم لكم يوم القيامة وزنا إلّا باقتفاء دليله.
فلا أزال أهتف بهذه الكلمات مدّة مسيري في ظلّ ركابه، و أبهج بهذه الصفات منذ مصيري غاشيا دار جنابه، حتى إذا التقى الجمعان، و اصطدم الفيلقان، ضربت بين يديه بسيفي قدما قدما، و قصمت الأصلاب بشدّة بطشي قصما قصما، و قيّضت الأجساد بثعلب رمحي شكا شكا، و جندلت الأبطال بقوّة عزمي فتكا فتكا، لا اوقر كبير أهل النفاق، و لا أرحم صغيرهم، و لا أغمد حسامي حتى ابيد أميرهم و مأمورهم.
لو نشر لي صدّيقهم نجل قحّافهم في تلك الحال لفلقت قحفته بنصفين، و لو تراءى لعيني زعيمهم فاروقهم عند مقارعة الأبطال لفرقت فرقه شطرين، و لصبغت من ذي نوريهم أثباجه من دم أوداجه، و لأطفأت لابن هندهم من نور الحياة ضوء سراجه، و لآذيت أهل هودجهم بقولي و فعلي، و لوجأت جبينها و خدها بسبت نعلي، و للعنت أباها و جدّها بعالي صوتي، و لشفيت عليك صدري منها و من جندها قبل موتي، حتى أجعلها في عرصة الجمع تذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في الامام المهديّ عليه السلام]
يا ابن من أسرى به اللّه إلى حضرته
و به أظهر دين الحقّ من بعثته
يا سميّ الفاتح الخاتم يا نور الهدى
يا منار الحائر التائه في حيرته
يا أمان الملك الجبّار في عالمه
يا أمين المصطفى المختار في امّته
كم غياب عن عليل عظمت علّته
كم حجاب من مشوق مات من غصّته
لو تزره عائدا لو في الكرى أحييته
و بثثت الروح بعد الموت في جثّته
لم يزل منك جمال في سويداء قلبه
و خيال في سواد الطرف من مقلته
مستمرّ عهده من عالم الذرّ إلى
أن يوافيكم غدا بالصدق في رجعته
نوره مذ تمّ منكم صار لا يخشى بكم
زخرفا من باطل يوديه في ظلمته
مذ خلا عمّا سواكم قلبه صار له
ذكركم دأبا به يأنس في خلوته
نحوكم منطقه كالدرّ في ترصيعه