کتابخانه روایات شیعه
ببيان من معان صرفها في مدحكم
يزدريه الجاهل الهالك في شبهته
قسما باللّه ثمّ المصطفى أكرم من
أرسل اللّه و بالأطهار من عترته
انّ لي صدق يقين بولاكم لا أرى
غيره ينقذ للإنسان في لعنته
يا مليكا جعل اللّه له في ملكه
بسطة منها مدار الخلق في قبضته
لو نهيت الشمس عن إشراقها ما أشرقت
و منعت الفلك الدوّار عن دورته
كلّما فكّرت في جرمي و ما أسلفته
من كبير موبق أسعفت من تبعته
قال لي حسن يقيني لك حصن مانع
ذلك المولى الّذي بالغت في مدحته
حجّة الوقت وليّ اللّه في عالمه
ساطع البرهان و الظاهر في حجّته
بحر علم طود حلم لا يضاهى مجده
كنز جود لا يسامى في علا رفعته
غائب عن مقلتي لكن بقلبي حاضر
لم يزل فيه خيال من سنا بهجته
يا مديد العمر صل صبا تقضّى عمره
في انتظار و اشفه بالوصل من علّته
يا إلهي إن تقضّى أجلي من قبل أن
تقض لي بالسعد في دنياي من رؤيته
فامح عنّي موبقات ليس تحصى كثرة
و اجعلنّي يوم حشر الخلق في زمرته
أقول: إنّ هذه الجملة المعترضة الّتي قرّرتها، و الأبيات المسطّرة الّتي ذكرتها، ليست من ملازمات المجالس المذكور، و لا من غصون المقصد المذكور، لكن لما صبّت الصبابة شابيبها على قلبي، و أضرمت الكابة لهيبها في لبّي، و ذلك لما ألقى اللّه على لسان الحائد عن الحقّ، و نطق به الجاحد من الصدق، و شهد بما هو حجّة عليه في الدنيا و الاخرى، فصار و من انتمى إليه نحري اللّه أحقّ و أحرى، أوحى جناني إلى لساني، و ألقى بياني على بناني، هذه الكلمات المحلّاة بترصيعي و تسجيعي، و الأبيات المستمعة بمعاني بياني و بديعي، فصارت كالعقد في صدر الخريدة، أو العهد في صدر الجريدة.
[ما حدث لمن لعن أو شتم عليّا عليه السلام]
و لنرجع إلى تمام المجالس الموعود، و اللّه المستعان على كلّ جبّار كنود.
الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: كان إبراهيم بن هاشم المخزومي واليا على المدينة، و كان يجمعنا كلّ يوم جمعة قريبا من المنبر و يشتم عليّا عليه السلام، فلصقت بالمنبر فأغفيت، فرأيت القبر قد انفرج فخرج منه رجل عليه ثياب بيض، فقال لي: يا أبا عبد اللّه، أ لا يحزنك ما يقول هذا؟
قلت: بلى، و اللّه.
قال: افتح عينيك انظر ما يصنع اللّه به، و إذا هو قد ذكر عليّا فرمي به من فوق المنبر فمات 1521 .
عثمان بن عفّان السجستاني: [إنّ محمد بن عبّاد] 1522 قال: كان في جواري رجل صالح، فرأى النبي صلّى اللّه عليه و آله في منامه على شفير الحوض و الحسن و الحسين يسقيان الامّة، فاستسقيت فأبيا عليّ، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله أسأله، فقال: لا تسقوه، فإنّ في جوارك رجل يلعن عليّا فلم تنهه، ثم ناولني سكّينا، و قال: اذهب فاذبحه.
قال: فخرجت فذبحته و دفعت السكّين إليه، فقال: يا حسين، اسقه، فسقاني، فأخذت الكأس بيدي و لا أدري أشربت أم لا، فانتبهت فإذا بولولة و يقولون: فلان ذبح على فراشه، و أخذ الشرطة الجيران، فقمت إلى الأمير، فقلت: أصلحك اللّه أنا فعلت به هذا و القوم براء، و قصصت عليه الرؤيا، فقال:
اذهب جزاك اللّه خيرا 1523 .
عبد اللّه بن السائب و كثير بن الصلت، قالا: جمع زياد بن أبيه أشراف الكوفة في مسجد الرحبة ليحملهم على سبّ أمير المؤمنين عليه السلام و البراءة منه، فأغفيت فإذا أنا بشخص طويل العنق، أهدل أهدب 1524 ، قد سدّ ما بين السماء و الأرض، فقلت له: من أنت؟
قال: أنا النقّاد ذو الرقبة طاعون بعثت إلى زياد، فانتبهت فزعا فسمعت الواعية، و أنشأت أقول:
قد جشم الناس أمرا ضاق ذرعهم
بحملهم 1525 حين أدّاهم إلى الرحبة
يدعو على ناصر الإسلام حين يرى
له على المشركين الطول و الغلبة
ما كان منتهيا عمّا أراد به 1526
حتى تناوله النقّاد ذو الرقبة
فأسقط الشقّ منه ضربة عجبا
كما تناول ظلما صاحب الرحبة 1527 1528
و لمّا أتمّ اللّه سبحانه به دينه، و أثبت في صحائف الاخلاص يقينه، قاتل على تأويل القرآن كما قاتل على تنزيله، و شدّ أركان الإيمان بواضح دليله، و مهّد سبيل الإسلام براسخ علمه، و بيّن طريق الأحكام بصائب حكمه، و أبطل شبهة أهل البغي بظاهر حجّة أدلّته، و أدحض حجّة اولي الغيّ بصائب حكمته، و أحيا سنّة أخيه الصادق الأمين في قوله: لتقاتلنّ بعدي الناكثين و القاسطين
و المارقين 1529 .
روى الحسن و قتادة أنّ اللّه أكرم نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بأن لم يره تلك النقمة، و لم ير في امّته إلّا ما قرّت به عينه، و كان بعده صلّى اللّه عليه و آله نقمة شديدة.
[إخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بما يلقاه أمير المؤمنين عليه السلام من بعده]
و قد روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله أري ما تلقى امّته من بعده، فما زال منقبضا و لم ينبسط ضاحكا حتى لقي اللّه تعالى.
و روى جابر بن عبد اللّه الأنصاري [قال] 1530 : إنّي لأدناهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع بمنى حين 1531 قال: لألفينّكم ترجعون بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم اللّه لئن فعلتموها لتعرفنّني في الكتيبة التي تقاتلكم 1532 ، ثمّ التفت إلى خلفه فقال: أو عليّ أو عليّ- ثلاث مرّات- فرأينا انّ جبرئيل غمزه 1533 ، فأنزل اللّه على أثر ذلك (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) 1534 بعليّ بن أبي طالب عليه السلام 1535 .
[لو لا أمير المؤمنين عليه السلام ما علم حكم أهل البغي]
و قال الشافعي كلاما معناه: إنّما علم الناس قتال أهل البغي من عليّ عليه السلام 1536 .
و قال محمد بن الحسن الفقيه: لو لا عليّ بن أبي طالب ما علمنا حكم أهل البغي، و لمحمد بن الحسن كتاب يشتمل على ثلاثمائة مسألة في قتال أهل البغي بناها على فعله صلوات اللّه عليه، و الأصل في قتال أهل البغي قوله سبحانه:
(وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ...) 1537 فإذا بغت طائفة من أهل الاسلام على اخرى و قلنا بوجوب قتالهم للأمر، فقتال الطائفة الخارجة على إمام الحقّ أولى، و قد قاتل أمير المؤمنين عليه السلام الناكثين و القاسطين و المارقين و هم أهل البصرة و عائشة و طلحة و الزبير و عبد اللّه بن الزبير و غيرهم و هم الناكثون الّذين نكثوا بيعته، و قاتل أهل الشام معاوية و من تابعه و هم القاسطون أي الحائرون؛ و قيل:
أهل النهروان و هم الخوارج، و هؤلاء جميعهم عندنا كفّار محكوم بكفرهم، لأنّ الإمامة عندنا من شرائط الإيمان كما انّ التوحيد و العدل و النبوّة من أركانه و شروطه و لا يستحقّ الثواب الدائم إلّا به، و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «يا عليّ، حربك حربي، و سلمك سلمي» 1538 و هذا الحديث لم يختلف أحد من أهل الاسلام فيه، و قد رواه أهل الخلاف في صحاحهم 1539 .
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما سمع واعيتنا أهل البيت أحد فلم يجبنا إلّا أكبّه اللّه على منخريه في النار 1540 1541 .
[بدء فتنة عائشة و مضيّها إلى مكّة، و استئذان طلحة و الزبير من أمير المؤمنين عليه السلام في المضيّ إلى مكّة]
و كانت عائشة لمّا اجتمع الناس لقتل عثمان من أعظم المحرّضين عليه، كانت تقول: اقتلوا نعثلا 1542 ، قتل اللّه نعثلا. و كانت تقول: هذا قميص رسول اللّه لم يبل و قد بليت سنّته، و تركته في الفتنة و مضت إلى مكّة، و كانت تؤلّب عليه و تقول: لا يصالح للخلافة إلّا ذو الاصبع- يعني طلحة- 1543 .