کتابخانه روایات شیعه
و المارقين 1529 .
روى الحسن و قتادة أنّ اللّه أكرم نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بأن لم يره تلك النقمة، و لم ير في امّته إلّا ما قرّت به عينه، و كان بعده صلّى اللّه عليه و آله نقمة شديدة.
[إخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بما يلقاه أمير المؤمنين عليه السلام من بعده]
و قد روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله أري ما تلقى امّته من بعده، فما زال منقبضا و لم ينبسط ضاحكا حتى لقي اللّه تعالى.
و روى جابر بن عبد اللّه الأنصاري [قال] 1530 : إنّي لأدناهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع بمنى حين 1531 قال: لألفينّكم ترجعون بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم اللّه لئن فعلتموها لتعرفنّني في الكتيبة التي تقاتلكم 1532 ، ثمّ التفت إلى خلفه فقال: أو عليّ أو عليّ- ثلاث مرّات- فرأينا انّ جبرئيل غمزه 1533 ، فأنزل اللّه على أثر ذلك (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) 1534 بعليّ بن أبي طالب عليه السلام 1535 .
[لو لا أمير المؤمنين عليه السلام ما علم حكم أهل البغي]
و قال الشافعي كلاما معناه: إنّما علم الناس قتال أهل البغي من عليّ عليه السلام 1536 .
و قال محمد بن الحسن الفقيه: لو لا عليّ بن أبي طالب ما علمنا حكم أهل البغي، و لمحمد بن الحسن كتاب يشتمل على ثلاثمائة مسألة في قتال أهل البغي بناها على فعله صلوات اللّه عليه، و الأصل في قتال أهل البغي قوله سبحانه:
(وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ...) 1537 فإذا بغت طائفة من أهل الاسلام على اخرى و قلنا بوجوب قتالهم للأمر، فقتال الطائفة الخارجة على إمام الحقّ أولى، و قد قاتل أمير المؤمنين عليه السلام الناكثين و القاسطين و المارقين و هم أهل البصرة و عائشة و طلحة و الزبير و عبد اللّه بن الزبير و غيرهم و هم الناكثون الّذين نكثوا بيعته، و قاتل أهل الشام معاوية و من تابعه و هم القاسطون أي الحائرون؛ و قيل:
أهل النهروان و هم الخوارج، و هؤلاء جميعهم عندنا كفّار محكوم بكفرهم، لأنّ الإمامة عندنا من شرائط الإيمان كما انّ التوحيد و العدل و النبوّة من أركانه و شروطه و لا يستحقّ الثواب الدائم إلّا به، و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «يا عليّ، حربك حربي، و سلمك سلمي» 1538 و هذا الحديث لم يختلف أحد من أهل الاسلام فيه، و قد رواه أهل الخلاف في صحاحهم 1539 .
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما سمع واعيتنا أهل البيت أحد فلم يجبنا إلّا أكبّه اللّه على منخريه في النار 1540 1541 .
[بدء فتنة عائشة و مضيّها إلى مكّة، و استئذان طلحة و الزبير من أمير المؤمنين عليه السلام في المضيّ إلى مكّة]
و كانت عائشة لمّا اجتمع الناس لقتل عثمان من أعظم المحرّضين عليه، كانت تقول: اقتلوا نعثلا 1542 ، قتل اللّه نعثلا. و كانت تقول: هذا قميص رسول اللّه لم يبل و قد بليت سنّته، و تركته في الفتنة و مضت إلى مكّة، و كانت تؤلّب عليه و تقول: لا يصالح للخلافة إلّا ذو الاصبع- يعني طلحة- 1543 .
و لمّا سمعت بقتله أقبلت من مكّة قاصدة المدينة، و في كلّ منزل تثني على طلحة و ترجو أن يكون الأمر له، فلمّا وصلت إلى مكان في طريق مكّة يقال له «سرف» و سمعت ببيعة علي عليه السلام قالت: ردّوني، و انصرفت راجعة إلى مكّة تنتظر الأمر، و جعلت تؤلّب على علي عليه السلام، و كاتبت طلحة و الزبير و عبد اللّه بن عامر بن كريز، فلحقوا بها بعد أن طلبوا من أمير
المؤمنين عليه السلام الاذن في المضيّ إلى مكّة.
فقال لهم: ما تريدون بمضيّكم إلى مكّة، و ليس موسم حجّ؟
فقالوا: نريد العمرة.
فقال عليه السلام: و اللّه ما تريدون إلّا الغدرة، ثمّ أذن لهم بعد أن أخذ عليهم العهود و المواثيق، فأدركوا عائشة بمكّة، و عزموا على قتال أمير المؤمنين، و نكثوا بيعته، و أرادوا عبد اللّه بن عمر على البيعة، فقال: تريدون أن تلقوني في مخالب عليّ و أنيابه، لا حاجة لي بذلك.
[خروج عائشة إلى البصرة]
ثمّ أدركهم يعلى بن منية من اليمن 1544 و أقرضهم ستّين ألف دينار، و أرسلت عائشة إلى أمّ سلمة تلتمس منها الخروج معها فأبت، و أمّا حفصة فأجابت، و صوّبت رأيها، ثمّ خرجت عائشة في النفر الأوّل عامدة إلى البصرة لكثرة ما بها من أهل النفاق و شيعة بني اميّة، حتى إذا كانت بالحوأب و هو ماء على طريق البصرة من مكّة، صاحت كلابه عليها، فقالت: ما هذا الماء؟
فقيل: اسمه الحوأب.
فقالت: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، و كانت قد سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لنسائه: أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبّ 1545 تنبحها كلاب الحوأب؟ 1546
و روى الأعثم في الفتوح 1547 ، و شيرويه في الفردوس، و ابن مردويه في فضائل عليّ، و الموفّق في الأربعين، و شعبة و الشعبي أنّ عائشة لمّا سمعت نباح الكلاب قالت: أيّ ماء هذا؟
فقالوا: الحوأب.
قالت: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، إنّي نهيت، قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عنده نساؤه [يقول] 1548 : ليت شعري أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبّ [تخرج] 1549 و تنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها و يسارها قتلى كثيرة، و تنجو بعد ما كادت تقتل؟
ثمّ لم تعتبر بما رأت و سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لشدّة حنقها و عداوتها لأمير المؤمنين عليه السلام حتى قصدت البصرة بخيلها و رجلها.
فلمّا نزلت الخريبة خارج البصرة قصدهم عثمان بن حنيف رضي اللّه عنه- و كان واليا على البصرة من قبل أمير المؤمنين- فحاربهم حربا شديدا، و سمّي ذلك اليوم «يوم الجمل الأوّل» و أصدعهم المصاع، و منعهم من دخولها أشدّ المنع، و علموا أنّه لا طاقة لهم به، ثمّ كتب إلى أمير المؤمنين يخبره الخبر، ثمّ بعد ذلك دعوا عثمانا إلى الصالح على أن يكون على حاله في يده بيت المال و الإمرة و الجمعة و الجماعة و المسجد الجامع، و يقيموا على حالهم في الخريبة حتى يجمع الناس على أمر فيه صلاح المسلمين، و إلى أن يصل إليهم أمير
المؤمنين عليه السلام.
فقال طلحة لأصحابه في السرّ: و اللّه لئن قدم عليّ البصرة لنؤخذنّ بأعناقنا، و حثّهم على بيات عثمان و نقض عهده، فأجابوه و قصدوا عثمان في ليلة مظلمة و هو يصلّي بالناس العشاء الآخرة، و قتلوا من شرطه خمسين رجلا، و استأسروه، و نتفوا شعر لحيته، و حلقوا رأسه، و حبسوه.
و كان أمير المؤمنين عليه السلام قد ولّى على المدينة أخاه سهل بن حنيف، فلمّا بلغه الخبر كتب إلى عائشة: أعطي اللّه عهدا لئن لم تخلوا سبيله لأبلغنّ من أقرب الناس إليكم، فأطلقوه. و بعثت عائشة إلى الأحنف بن قيس تدعوه، فأبى و اعتزل في الجلحاء على فرسخين من البصرة في ستّة آلاف رجل، ثمّ بعث طلحة و الزبير عبد اللّه بن الزبير في جماعة إلى بيت المال فقتل أبا سالمة الزطّي و كان على بيت المال؛ و قيل: معه خمسين رجلا من أصحابه.
[خروج أمير المؤمنين عليه السلام من المدينة إلى الربذة، و منها إلى ذي قار، و كتابه إلى أهل الكوفة]
و خرج أمير المؤمنين عليه السلام في ستّة آلاف رجل من المدينة و نزل بالربذة، و منها إلى ذي قار بالقرب من الكوفة، و أرسل الحسن و عمّار إلى الكوفة و كتب معهم:
من عبد اللّه و وليّه عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة حمية 1550 الأنصار و سنام العرب، ثمّ ذكر ما تمّ على عثمان و فعل طلحة و الزبير [و عائشة] 1551 ، ثمّ قال: ألا إنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها، و جاشت جيش المرجل، و قامت الفتنة على القطب، فأسرعوا إلى أميركم، و بادروا عدوّكم.
فلمّا بلغا الكوفة قال أبو موسى الأشعري: يا أهل الكوفة، اتّقوا اللّه و لا
تقتلوا أنفسكم، إنّ اللّه كان بكم رحيما (وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) 1552 الآية، و جعل يثبّط الناس، و كان رأسا من رؤساء المنافقين لأمير المؤمنين عليه السلام، و كانت عائشة قد أرسلته أن يثبّط الناس عن عليّ عليه السلام، فسكّته عمّار.
فقال أبو موسى: هذا كتاب عائشة تأمرني أن اثبّط الناس من أهل الكوفة، و أن لا يكوننّ لنا و لا علينا ليصل إليهم صلاحهم.
فقال عمّار: إنّ اللّه تعالى أمرها بالجلوس فقامت، و أمرنا بالقيام لندفع الفتنة فنجلس!! فقام زيد بن صوحان و مالك الأشتر في أصحابهما و تهدّدوه، فلمّا أصبحوا قام زيد بن صوحان و قرأ: (الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ) 1553 الآيات.
ثمّ قال: أيّها الناس، سيروا إلى أمير المؤمنين، و انفروا إليه أجمعين، تصيبوا الحقّ راشدين.
ثمّ قال عمّار: هذا ابن عمّ رسول اللّه يستنفركم فأطيعوه- في كلام له-.