کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
يا ربّ إنّ مسلما أتاهم
بمحكم التنزيل إذ دعاهم
يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم
فرمّلوه رمّلت لحاهم
[بروز محمد بن الحنفيّة للقتال]
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الآن طاب الضراب، ثمّ قال لابنه محمد بن الحنفيّة و الراية في يده: يا بنيّ، تزول الجبال و لا تزول، عضّ على ناجذك، أعر اللّه جمجمتك، تد في الأرض قدميك، ارم ببصرك أقصى القوم و غضّ بصرك، و اعلم أنّ النصر من عند اللّه 1567 ، ثمّ صبر سويعة، فصاح الناس من كلّ جانب من وقع النبال.
فقال أمير المؤمنين: تقدّم يا بنيّ، و قال:
اطعن بها طعن أبيك تحمد
لا خير في حرب إذا لم توقد
بالمشرفي و القنا [المسدّد
و الضرب بالخطّي ] 1568 و المهنّد 1569
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمّا دفع الراية إلى ابنه محمد يوم الجمل و قال: تزول الجبال و لا تزول- الكلام المتقدّم-، ثمّ قال: احمل، فتوقّف محمد قليلا، فقال أمير المؤمنين: احمل.
فقال: يا أمير المؤمنين، أ ما ترى السهام كأنّها شابيب المطر؟
فدفع أمير المؤمنين في صدره و قال: أدركك عرق من امّك، ثمّ أخذ عليه السلام الراية منه و هزّها و أنشد الأبيات المتقدّمة، ثمّ حمل عليه السلام، و حمل الناس خلفه، ففرّق عسكر البصرة كما تتفرّق الغنم من سطوة الذئب، ثمّ رجع
عليه السلام و دفع الراية إلى محمد، و قال له: امح الاولى بالاخرى و هؤلاء الأنصار معك، و ضمّ إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين في جمع من البدريّين، فحمل حملات منكرة، و أبلى بلاء حسنا، و قتل خلقا كثيرا، و صيّر عسكر الجمل كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، و رجع إلى أمير المؤمنين.
فقال خزيمة بن ثابت: أما إنّه لو كان غير محمد لافتضح.
و قال الأنصار: لو لا ما نعلم من جعل الإمامة للحسن و الحسين لما قدّمنا على محمد أحدا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أين النجم من الشمس و القمر؟ أين نفع ابني من ابنيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
[أبيات لخزيمة بن ثابت]
و أنشأ خزيمة بن ثابت رضي اللّه عنه يقول:
محمّد ما في عودك اليوم و ضمة
و لا كنت في الحرب الضروس معرّدا 1570
أبوك الّذي لم يركب الخيل مثله
عليّ و سمّاك النبيّ محمّدا
و أنت بحمد اللّه أطول هاشم
لسانا و أنداها بما ملكت يدا
سوى أخويك السيّدين كلاهما
إمام الورى و الداعيان إلى الهدى
قيل لمحمد بن الحنفيّة: لم كان أبوك يغرر بك في الحرب و لم يغرر بالحسن و الحسين؟
قال: لأنّهما عيناه و أنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه 1571 .
و روي أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أمر الأشتر أن يحمل، فحمل و قتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل، و كان زيد بن صوحان يحمل و يقول:
ديني ديني و بيعتي بيعتي 1572 .
و جعل مخنف بن سليم 1573 يقول:
قد عشت يا نفس و قد غنيت
دهرا و قبل اليوم ما عييت
و بعد ذا لا شك قد فنيت
أما مللت طول ما حييت
فخرج عبد اللّه بن اليثربي يقول:
يا ربّ إنّي طالب أبا الحسن
ذاك الّذي يعرف حقّا بالفتن
فبرز إليه أمير المؤمنين عليه السلام قائلا:
إن كنت تبغي أن ترى أبا الحسن
فاليوم تلقاه مليّا فاعلمن
و ضربه ضربة فقتله.
فخرج بنو ضبّة و جعل بعضهم يقول:
نحن بنو ضبّة أعداء عليّ
ذاك الّذي يعرف فيهم بالوصيّ
و قال آخر منهم:
نحن بنو ضبّة أصحاب الجمل
و الموت أحلى عندنا من العسل
ردّوا علينا شيخنا بمرتحل
إنّ عليّا بعد من شرّ النذل
و قيل: إنّ ابن اليثربي عمرو- أخوه عبد اللّه المذكور- يقول:
إن تنكروني فأنا ابن اليثربي
قاتل علباء ثم 1574 هند الجملي
ثمّ ابن صوحان على دين عليّ
فبرز إليه عمّار رضي اللّه عنه قائلا:
لا تبرح العرصة يا ابن اليثربي
اثبت اقاتلك على دين عليّ
فأرداه عمّار عن فرسه و جرّ برجله إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقتله بيده.
فخرج أخوه أيضا قائلا:
أضربكم و لو أرى عليّا
عمّمته أبيض مشرفيّا
و أسمرا عنطنطا خطيّا 1575
ابكي عليه الولد و الوليّا
فخرج إليه أمير المؤمنين عليه السلام متنكّرا و هو يقول:
يا طالبا في حربه عليّا
يمنحه 1576 أبيض مشرفيّا
اثبت لتلقاه 1577 بها مليّا
مهذّبا سميدعا 1578 كميّا
فضربه فرمى بنصف رأسه، فنادى عبد اللّه بن خلف الخزاعي صاحب منزل عائشة بالبصرة لعليّ: أ تبارزني؟
فقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: ما أكره ذلك، و لكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل و قد علمت من أنا؟
فقال: ذرني من بذخك يا ابن أبي طالب، ثمّ قال:
إن تدن منّي يا عليّ فترا
فإنّني دان إليك شبرا
بصارم يسقيك كأسا مرّا
إنّ في صدري عليك وترا
فبرز إليه أمير المؤمنين عليه السلام قائلا:
يا ذا الّذي تطلب منّي الوترا
إن كنت تبغي أن تزور القبرا
حقّا و تصلى بعد ذاك جمرا
فادن تجدني أسدا هزبرا
اذيقك 1579 اليوم ذعافا صبرا
فضربه أمير المؤمنين عليه السلام فطيّر جمجمته.
فخرج مازن الضبي قائلا:
لا تطمعوا في جمعنا المكلّل
الموت دون الجمل المجلّل
فبرز إليه عبد اللّه بن نهشل قائلا:
إن تنكروني فأنا ابن نهشل
فارس هيجاء و خطب فيصل
فقتله.
[مصرع طلحة، و أبيات للسيّد الحميري]
و كان طلحة يحثّ الناس و يقول: عباد اللّه، الصبر الصبر- في كلام له- 1580 .
قال 1581 : و كان مروان بالقرب منه، فقال: و اللّه لا أطلب أثرا بعد عين، ما أطلب ثاري بعثمان بعد اليوم أبدا، فرمى طلحة بسهم فأصاب ركبته، و التفت إلى أبان بن عثمان، و قال: لقد كفيتك أحد قتلة أبيك.
و في ذلك يقول السيّد الحميري من جملة قصيدته:
و اغتر طلحة عند مختلف القنا
عبل الذراع شديد عظم 1582 المنكب
فاختل حبّة قلبه بمدلق
ريان من دم جوفه المتصبّب
في مارقين من الجماعة فارقوا
دين الهدى و حيا 1583 الربيع المخصب
و كانت بنو ضبّة مكتنفي الجمل، فحمل أمير المؤمنين عليه السلام عليهم فكانوا كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، و كان كلّ من استقبل قبض على زمام الجمل، و انصرف الزبير فتبعه عمرو بن جرموز فقتله، و أتى برأسه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ... القصّة.
فقالوا العامّة: قتل طلحة و الزبير و خرج عبد اللّه بن عامر، و قال: يا عائشة، صافحي عليّا على يدي 1584 .
فقالت: كبر 1585 عمرو عن الطوق، و جلّ أمر عن العتاب، ثمّ تقدّمت.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، و جعل يخرج واحد بعد واحد و يأخذ الزمام حتى قطع أيدي ثمانية و تسعين رجلا، ثمّ تقدّمهم كعب بن سور الأزدي- و كان قاضيا على البصرة- و هو يقول:
يا معشر الناس عليكم امّكم
فإنّها صلاتكم و صومكم
و الحرمة العظمى التي تعمّكم
لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم
فقتله الأشتر.
فخرج وائل بن كثير باكيا مرتجزا:
يا ربّ فارحم سيّد القبائل