کتابخانه روایات شیعه
أن لا تخرجي، فهتكت حجابك، و أسفرت نقابك، و قدت الفتنة بخطامها، و أرخيت لها فاضل زمامها، فحبطت بأرجلها، و قنصت بأحبلها، و كشرت عن نابها، و مرقت عجلا بها، لمّا أقبلت يحثّ بك جملك، عصيت ربّك بتفصيلك و جملك، خرجت من ديارك بطرا و رئاء الناس، و فصلت عن قرارك تكتفك الأوغاد الأرجاس، لما علمك سيّد المرسلين بخروجك، جريت في تيه الضلال بل فروحك.
يا صاحبة العطفة، كفرت بالّذي خلقك من نطفة، يا ربّة الهودج، خالفت ربّك في المولج و المخرج، أظهرت غلّا كامنا بحربك، و حسدا قاطنا في قلبك، لمّا انتقلت الزهراء إلى جوار ربّها، امتنعت من حضور عزيتها و قربها، و تعلّلت باستيلاء علّة على هامتك و فسادك، و ذلك أعظم دليل على كفرك و إلحادك، فهلّا تعلّلت يوم مسيرك على بعيرك، قاصدة حرب حليلها بعيرك و بغيرك؟ و لم لا عصّبت رأسك يوم موت ولدها؟ بل أظهرت الشماتة بهلاك فلذّة كبدها، و أقبلت على بغلك، و لم تراع حرمة بعلك، و لم ترعوي عن جهلك، بل أجلبت على هضم آل الرسول بخيلك و رجلك.
فلعنة اللّه على فرعك و أصلك، و قومك و أهلك، امثّلك في يوم البصرة في محملك، تحرّضين الأوغاد بقولك و عملك، كالحيّة النافثة بسمّها، أو الذئبة الضارية بكلمها، حتى إذا خاب أملك، و عقر جملك، و قتلت رجالك، و خذلت أبطالك، و صار طلحتك طليحا، و زبيرك طريحا، و معلّاك سفيحا، و نافسك منيحا.
ألحفك ساتر العورات جناح رحمته، و أسبل عليك مقيل العثرات ستر مغفرته، و أرجعك إلى قرارك الّذي أخرجك الشيطان منه، و أعادك إلى منزلك الّذي فصلك العدوان عنه، و سدّ عنك باب الانتقام، و ستر منك ما فضحته
الآثام، كلّ ذلك وجدك يغلي بنار حقدك، و حودك يشبّ بضرام حسدك، ثم أتبعت بالطلقاء و أبناء الطلقاء على حربه، و أغريت الأشقياء اللصقاء بسبّه، و فعلت إلى ابن هند محرّضة له عليه، و أغريت بني حرب بإرسال شواظ حربهم إليه، و نبذت كلّ عهد عهده الرسول إليك فيه، ثائرة بدم عثمان و كنت من أعظم خاذليه، لمّا وضعت قميصه على رأسك، و حفت به الأوغاد من أرجاسك.
حقّت عليك كلمة العذاب، و استوجبت اللعنة من ربّ الأرباب، و اقسم لو شاهدتك يوم بصرتك، و قد انفردت من أهلك و اسرتك، و عقر بعيرك، و قلّ نصيرك، و قتل جندك، و فلّ حدّك، لم اولك منّي صفحا، و لم أطو عنك كشحا، و لقرعت سمعك بقوارع عذلي، و لوجأت 1603 خدّك بسبت نعلي، و لسفعت ناصيتك بسوطي، و لرفعت بلعنتك صوتي، لا لأنّي مخالف سيّدي في فعله، و لا زار على صفحه بفضله، إذ ستر بحلمه ما فضح منك، و عفا بمنّه ما صدر عنك، بل غضبا للّه، و تعصّبا لأولياء اللّه.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في ذمّ عائشة]
يا من عصت بخروجها
قصدا لحرب وليّها
كفرت بأنعم ربّها
و خلاف أمر نبيّها
و أتت من البلد الحرام
بفتنة من غيّها
تذكي سعير ضرامها
بسفيهها زهريّها
و بذي السلا أحببت 1604
غادر تيميّها
و كذا بنجل طريدها
و عتلّها أمويّها
تنحب عليها عاويات
الحوب عند مجيّها
و مضت لشدّة حقدها
لم تعتبر بعويّها
حتى إذا نشرت صحائف
بغيها من طيّها
في عصبة سلكت سبيل
عنيدها و عصيّها
صارت حماة بعيرها
قد فلّ حلّ نديّها
بسيوف أقوام علت
أعلامهم بعليّها
صنو الرسول
و خير امّته و ربّانيها
و أب الحروب و ربّها
و مدار قطب رحيّها
بدريّها احديّها
سلعيّها جمليّها
علويّها قدسيّها
نوريّها مهديّها
أعني قصيّ رتبته
من ذاتها و قصيّها
أبدت خضوعا ظاهرا
و الغدر حشو طويّها
فلذاك موت السبط
أبد الغلّ من مخفيّها
و أتت على بغل تحثّ
بكفرها و فديّها
فاللّه يلعن حشدها
من تيمها و عديّها
و السائقين بعيرها
و من استظلّ بفيّها
لمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من هذه الفتنة الّتي طار شررها، و شاع خبرها، و اشتهرت أوغادها، و أظهرت أحقادها، و عمّت بليّتها، و غمّت ظلمتها، و أحرق لهبها، و اشتدّ كلبها، و أبرزت أعداء الرحمن فيها رءوسها، و بذلت في طاعة الشيطان نفوسها، و سلكت طريق البغي بقتالها مولاها، و ارتكبت سبيل الغيّ فما أحقّها بخزي اللّه و أولاها، لم تشكر ربّها على ما أولاها، و لم تحفظ نبيّها فيما أوصاها، الّذي أضرمت المخدّرة المصونة مقباسها، و وصلت البرّة الميمونة أمراسها، و أقامت السجاعة المطرقة سوقها، و أظهرت الأصيلة المعرقة فسوقها، حتى قتلت رجالها، و جدّلت أبطالها، و عقر مركبها،
و خاب مطلبها.
فيا لها فتنة كفر قتامها لراكبها، و غمر غمامها كتائبها، و برقت بوارق صفاحها في سحائب غبرتها، و لمعت أسنّة رماحها في ظلمة فترتها، فكم اقتطفت فيها رءوس، و اختطفت نفوس، و اريق دم، و بري قدم، و ابين عضد و ساعد، و ابيد معاضد و مساعد، أشنع فتنة في الاسلام حدثت، و أفضع واقعة بها القصاص تحدّثت، قطعت آجال رجالها بمصاعها، و صبغت أثباج أبطالها بجريانها.
يا لها فتنة كانت رأسا لكلّ فتنة، و بدعة وضعت أساسا لأقبح سنّة، و هل قتال القاسطين إلّا فرع شجرتها؟ و هل جهاد المارقين إلّا شزرة من جمرتها؟
و هل اقتدى ابن حرب إلّا بحربها؟ و هل اغترف نجل هند إلّا من شربها؟ و هل نسج الطاغي إلّا على منوالها؟ و هل احتذى الباغي إلّا بمثالها؟
و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أثر جلاها، و طلاع ثناياها، و فحل شولها، و صاحب قولها، و خائض هولها، و المخصوص بقوّتها و حولها، كبش الكتيبة، مشهور الضريبة، جبر صدع الاسلام، لمّا كسر الأصنام، و نصب من الحقّ الأعلام، لمّا خفض الأنصاب و الأزلام، كم كسر بعامله منصوبا؟ و كم وفّر من نائله نصيبا؟ كاسر هبل الكفرة، و عاقر جمل الغدرة، الفائز من قداح النجدة بمعلّاها، و الحائز من خلال الشجاعة بأعلاها، قاطع أمراس 1605 البغاة، و قالع أساس الطغاة، منه تعلّم الناس الشجاعة في قتالهم، و من علومه فرّعوا ماخذ أقوالهم.
بنصرته جماعة الحقّ نصرت، و بطريقه طريقة العلم ظهرت، لمّا صبغ
الحمرة نجيع 1606 الأبطال صعيد البصرة، صار بياض وجه الاسلام لا يرهقه قترة، لكن بقي خدّ الخارجة من عتبة بيتها لقتاله صار حالكا، و داخل فيضها من يدها منتزعا هالكا.
دراية فرحها نكيسا، و تدبير فكرها معكوسا، و صارت كرّتها خاسرة، و همّتها قاصرة، و سلعتها بائرة، و خسرت الدنيا و الآخرة، و قرعت بقوارع الملام، و كملت بمعابل الكلام.
فيا من يصوّب آراءها، و يداوي أدواءها، و يستخفّ وزرها، و يستقلّ شرّها، و يسدّد اجتهادها، و يصوّب مرادها، لقد أبعدت مرماك، و اتّبعت هواك، و مهّدت قاعدة نفاقك، و غرست في ظلمة محاقك، و أوردت تصحيح المعتلّ من فعل و ترجيح المرجوع من نقلك، لقد اجتثت اصولك، و فسد معقولك، و عتم قياسك، و قلع أساسك، و اهملت قضيّتك، و انقبضت بسطتك، و فلّت غرستك، و قلّت بطشتك.
يا من عصت ربّها بخروجها و حربها، و تعصّبت على مولاها بقالبها و قلبها، أنّى لك هذه الشجاعة و القوّة، و الشدّة و النخوة؟ أمن أبيك يوم خيبر؟ أم من جدّك المبجّل الموقّر، صاحب خوان بن جذعان، و ناصب أنصاب الأوثان، أقتم قريش أصلا، و ألأمهم فعلا، و أرذلهم بيتا، و أنذلهم حيّا و ميّتا ... 1607 .
من آل قصي، و لا في السراة من بني لؤي، فأنتم يا ابنة الكاذب المصدّق، كما قال فيكم الشاعر و صدق:
و يقضي الأمر حين تغيب تيم
و لا يستأذنون و هم شهود
فإنّك لو رأيت عبيد تيم
و تيما قلت إنّهم العبيد
فلعن اللّه ابن صهّاك المغتلمة، و نجل البغيّة حنتمة، فهو الّذي أعلى قدركم، و أسمى ذكركم، و رفع بعضكم، و صحّح المكسّر من جمعكم، و جعلكم أعلاما تفضلون على أولياء اللّه، تفخرون على أهل بيت نبيّكم و بهم فخركم، و تتأمّرون على عترة وليّكم و بهم علا أمركم، و زيّن الشيطان للامّة الضالّة اتّباعكم، و صيّرهم أشياعكم و أتباعكم، فاتّبعوه إلّا فريقا من المؤمنين، و أطاعوه إلّا قيلا من المخلصين، و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم، و حرّفوا كلام اللّه بزخرفهم و غرورهم، و قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، و نصروا من أوجب العقل له أن يخذل، و نصبوا الغوائل لأهل بيت نبيّهم، و أراقوا القواتل لذرّيّة وليّهم، و جعلوا أحفادهم إلى يوم الناس هذا عالة يتكفكفون، و خاملين لا يعرفون.
قد أبكم الفقر فصيحهم، و قبح العسر صبيحهم، يرهن أحدهم إزاره لسدّ فورته، و يبذل مقداره لفرط عسرته، منعتموهم ما فرض اللّه لهم في محكم تنزيله، و حرمتموهم ما أوجب لهم من الحقّ على لسان رسوله، حتى نكحت به الفروج المحرّمة، و استبيحت من دين اللّه كلّ حرمة، و اشتريت منه البغايا و القيان، و صار زمام الاسلام بأيدي عبدة الصلبان، فأنتم أصل البلاء، و فرع الشقاء، و حمة الشيطان، و جمة البهتان، هذه الشجرة الملعونة في القرآن، و الطائفة المارقة عن الايمان، أعداء الرحمن، و أولياء الشيطان، قربتموها و كان أحقّ أن تبعد، و نشأتموها و كان أولى أن تعضد، و غرستم أصلها على رقاب المؤمنين، و سقيتم فرعها بدماء المهاجرين الأوّلين، رآهم الرسول ينزون على منبره نزو القردة فما رئي بعد ضاحكا حتى بلغ من الحياة أمده.
روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله رأى في منامه أنّ قرودا تنزو على منبره و تنزل و تصعد، فساءه ذلك و اغتمّ، و لم ير بعدها ضاحكا حتى مات.
(وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) 1608 هم بنو اميّة أخبره سبحانه بتغلّبهم 1609 على مقامه و قتلهم ذرّيّته 1610 .
روي عن منهال بن عمرو، قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: كيف أصبحت، يا ابن رسول اللّه؟
قال: أصبحنا و اللّه كبني إسرائيل في أيدي القبط، يذبّحون أبناءهم، و يستحيون نساءهم، و أصبح خير البريّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلعن على المنابر، و أصبح من يحبّنا منقوصا حقّه بحبّه إيّانا 1611 .