کتابخانه روایات شیعه
الآثام، كلّ ذلك وجدك يغلي بنار حقدك، و حودك يشبّ بضرام حسدك، ثم أتبعت بالطلقاء و أبناء الطلقاء على حربه، و أغريت الأشقياء اللصقاء بسبّه، و فعلت إلى ابن هند محرّضة له عليه، و أغريت بني حرب بإرسال شواظ حربهم إليه، و نبذت كلّ عهد عهده الرسول إليك فيه، ثائرة بدم عثمان و كنت من أعظم خاذليه، لمّا وضعت قميصه على رأسك، و حفت به الأوغاد من أرجاسك.
حقّت عليك كلمة العذاب، و استوجبت اللعنة من ربّ الأرباب، و اقسم لو شاهدتك يوم بصرتك، و قد انفردت من أهلك و اسرتك، و عقر بعيرك، و قلّ نصيرك، و قتل جندك، و فلّ حدّك، لم اولك منّي صفحا، و لم أطو عنك كشحا، و لقرعت سمعك بقوارع عذلي، و لوجأت 1603 خدّك بسبت نعلي، و لسفعت ناصيتك بسوطي، و لرفعت بلعنتك صوتي، لا لأنّي مخالف سيّدي في فعله، و لا زار على صفحه بفضله، إذ ستر بحلمه ما فضح منك، و عفا بمنّه ما صدر عنك، بل غضبا للّه، و تعصّبا لأولياء اللّه.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في ذمّ عائشة]
يا من عصت بخروجها
قصدا لحرب وليّها
كفرت بأنعم ربّها
و خلاف أمر نبيّها
و أتت من البلد الحرام
بفتنة من غيّها
تذكي سعير ضرامها
بسفيهها زهريّها
و بذي السلا أحببت 1604
غادر تيميّها
و كذا بنجل طريدها
و عتلّها أمويّها
تنحب عليها عاويات
الحوب عند مجيّها
و مضت لشدّة حقدها
لم تعتبر بعويّها
حتى إذا نشرت صحائف
بغيها من طيّها
في عصبة سلكت سبيل
عنيدها و عصيّها
صارت حماة بعيرها
قد فلّ حلّ نديّها
بسيوف أقوام علت
أعلامهم بعليّها
صنو الرسول
و خير امّته و ربّانيها
و أب الحروب و ربّها
و مدار قطب رحيّها
بدريّها احديّها
سلعيّها جمليّها
علويّها قدسيّها
نوريّها مهديّها
أعني قصيّ رتبته
من ذاتها و قصيّها
أبدت خضوعا ظاهرا
و الغدر حشو طويّها
فلذاك موت السبط
أبد الغلّ من مخفيّها
و أتت على بغل تحثّ
بكفرها و فديّها
فاللّه يلعن حشدها
من تيمها و عديّها
و السائقين بعيرها
و من استظلّ بفيّها
لمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من هذه الفتنة الّتي طار شررها، و شاع خبرها، و اشتهرت أوغادها، و أظهرت أحقادها، و عمّت بليّتها، و غمّت ظلمتها، و أحرق لهبها، و اشتدّ كلبها، و أبرزت أعداء الرحمن فيها رءوسها، و بذلت في طاعة الشيطان نفوسها، و سلكت طريق البغي بقتالها مولاها، و ارتكبت سبيل الغيّ فما أحقّها بخزي اللّه و أولاها، لم تشكر ربّها على ما أولاها، و لم تحفظ نبيّها فيما أوصاها، الّذي أضرمت المخدّرة المصونة مقباسها، و وصلت البرّة الميمونة أمراسها، و أقامت السجاعة المطرقة سوقها، و أظهرت الأصيلة المعرقة فسوقها، حتى قتلت رجالها، و جدّلت أبطالها، و عقر مركبها،
و خاب مطلبها.
فيا لها فتنة كفر قتامها لراكبها، و غمر غمامها كتائبها، و برقت بوارق صفاحها في سحائب غبرتها، و لمعت أسنّة رماحها في ظلمة فترتها، فكم اقتطفت فيها رءوس، و اختطفت نفوس، و اريق دم، و بري قدم، و ابين عضد و ساعد، و ابيد معاضد و مساعد، أشنع فتنة في الاسلام حدثت، و أفضع واقعة بها القصاص تحدّثت، قطعت آجال رجالها بمصاعها، و صبغت أثباج أبطالها بجريانها.
يا لها فتنة كانت رأسا لكلّ فتنة، و بدعة وضعت أساسا لأقبح سنّة، و هل قتال القاسطين إلّا فرع شجرتها؟ و هل جهاد المارقين إلّا شزرة من جمرتها؟
و هل اقتدى ابن حرب إلّا بحربها؟ و هل اغترف نجل هند إلّا من شربها؟ و هل نسج الطاغي إلّا على منوالها؟ و هل احتذى الباغي إلّا بمثالها؟
و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أثر جلاها، و طلاع ثناياها، و فحل شولها، و صاحب قولها، و خائض هولها، و المخصوص بقوّتها و حولها، كبش الكتيبة، مشهور الضريبة، جبر صدع الاسلام، لمّا كسر الأصنام، و نصب من الحقّ الأعلام، لمّا خفض الأنصاب و الأزلام، كم كسر بعامله منصوبا؟ و كم وفّر من نائله نصيبا؟ كاسر هبل الكفرة، و عاقر جمل الغدرة، الفائز من قداح النجدة بمعلّاها، و الحائز من خلال الشجاعة بأعلاها، قاطع أمراس 1605 البغاة، و قالع أساس الطغاة، منه تعلّم الناس الشجاعة في قتالهم، و من علومه فرّعوا ماخذ أقوالهم.
بنصرته جماعة الحقّ نصرت، و بطريقه طريقة العلم ظهرت، لمّا صبغ
الحمرة نجيع 1606 الأبطال صعيد البصرة، صار بياض وجه الاسلام لا يرهقه قترة، لكن بقي خدّ الخارجة من عتبة بيتها لقتاله صار حالكا، و داخل فيضها من يدها منتزعا هالكا.
دراية فرحها نكيسا، و تدبير فكرها معكوسا، و صارت كرّتها خاسرة، و همّتها قاصرة، و سلعتها بائرة، و خسرت الدنيا و الآخرة، و قرعت بقوارع الملام، و كملت بمعابل الكلام.
فيا من يصوّب آراءها، و يداوي أدواءها، و يستخفّ وزرها، و يستقلّ شرّها، و يسدّد اجتهادها، و يصوّب مرادها، لقد أبعدت مرماك، و اتّبعت هواك، و مهّدت قاعدة نفاقك، و غرست في ظلمة محاقك، و أوردت تصحيح المعتلّ من فعل و ترجيح المرجوع من نقلك، لقد اجتثت اصولك، و فسد معقولك، و عتم قياسك، و قلع أساسك، و اهملت قضيّتك، و انقبضت بسطتك، و فلّت غرستك، و قلّت بطشتك.
يا من عصت ربّها بخروجها و حربها، و تعصّبت على مولاها بقالبها و قلبها، أنّى لك هذه الشجاعة و القوّة، و الشدّة و النخوة؟ أمن أبيك يوم خيبر؟ أم من جدّك المبجّل الموقّر، صاحب خوان بن جذعان، و ناصب أنصاب الأوثان، أقتم قريش أصلا، و ألأمهم فعلا، و أرذلهم بيتا، و أنذلهم حيّا و ميّتا ... 1607 .
من آل قصي، و لا في السراة من بني لؤي، فأنتم يا ابنة الكاذب المصدّق، كما قال فيكم الشاعر و صدق:
و يقضي الأمر حين تغيب تيم
و لا يستأذنون و هم شهود
فإنّك لو رأيت عبيد تيم
و تيما قلت إنّهم العبيد
فلعن اللّه ابن صهّاك المغتلمة، و نجل البغيّة حنتمة، فهو الّذي أعلى قدركم، و أسمى ذكركم، و رفع بعضكم، و صحّح المكسّر من جمعكم، و جعلكم أعلاما تفضلون على أولياء اللّه، تفخرون على أهل بيت نبيّكم و بهم فخركم، و تتأمّرون على عترة وليّكم و بهم علا أمركم، و زيّن الشيطان للامّة الضالّة اتّباعكم، و صيّرهم أشياعكم و أتباعكم، فاتّبعوه إلّا فريقا من المؤمنين، و أطاعوه إلّا قيلا من المخلصين، و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم، و حرّفوا كلام اللّه بزخرفهم و غرورهم، و قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، و نصروا من أوجب العقل له أن يخذل، و نصبوا الغوائل لأهل بيت نبيّهم، و أراقوا القواتل لذرّيّة وليّهم، و جعلوا أحفادهم إلى يوم الناس هذا عالة يتكفكفون، و خاملين لا يعرفون.
قد أبكم الفقر فصيحهم، و قبح العسر صبيحهم، يرهن أحدهم إزاره لسدّ فورته، و يبذل مقداره لفرط عسرته، منعتموهم ما فرض اللّه لهم في محكم تنزيله، و حرمتموهم ما أوجب لهم من الحقّ على لسان رسوله، حتى نكحت به الفروج المحرّمة، و استبيحت من دين اللّه كلّ حرمة، و اشتريت منه البغايا و القيان، و صار زمام الاسلام بأيدي عبدة الصلبان، فأنتم أصل البلاء، و فرع الشقاء، و حمة الشيطان، و جمة البهتان، هذه الشجرة الملعونة في القرآن، و الطائفة المارقة عن الايمان، أعداء الرحمن، و أولياء الشيطان، قربتموها و كان أحقّ أن تبعد، و نشأتموها و كان أولى أن تعضد، و غرستم أصلها على رقاب المؤمنين، و سقيتم فرعها بدماء المهاجرين الأوّلين، رآهم الرسول ينزون على منبره نزو القردة فما رئي بعد ضاحكا حتى بلغ من الحياة أمده.
روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله رأى في منامه أنّ قرودا تنزو على منبره و تنزل و تصعد، فساءه ذلك و اغتمّ، و لم ير بعدها ضاحكا حتى مات.
(وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) 1608 هم بنو اميّة أخبره سبحانه بتغلّبهم 1609 على مقامه و قتلهم ذرّيّته 1610 .
روي عن منهال بن عمرو، قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: كيف أصبحت، يا ابن رسول اللّه؟
قال: أصبحنا و اللّه كبني إسرائيل في أيدي القبط، يذبّحون أبناءهم، و يستحيون نساءهم، و أصبح خير البريّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلعن على المنابر، و أصبح من يحبّنا منقوصا حقّه بحبّه إيّانا 1611 .
و قيل للحسن البصري: يا أبا سعيد، قتل الحسين بن علي عليه السلام،
فبكى حتى اختلج جنباه، ثم قال: و اذلّاه لامّة قتل ابن دعيّها ابن بنت نبيّها 1612 .
فهل تجرّوا على أولياء اللّه إلّا بكم؟ و هل ألحدوا في دين اللّه إلّا بسببكم؟
ما أقام أبوك ابن صهّاك واليا من بعده و لا قلّده ولاية عهده إلّا لعلمه بقوّة شقاقه، و شدّة نفاقه، و عظيم إلحاده، و عميم فساده، فقام عدوّ اللّه ناسجا على منواله، مقتديا بأقواله و أفعاله، فرفع بضبع المنافق الشقيّ، و أعلا كعب المارق الغويّ، أعني ابن هند البغيّة، رأس العصابة الأمويّة، فولّاه رقاب المسلمين، و أذلّ بتوليته أعلام المؤمنين، و مهّد له قواعد ظلم الأطهار، و أوضح له مقاصد هضم الأخيار، و قرن دولته بدولته، و ولايته بولايته، ثمّ جعل الأمر شورى بعد انقضاء أجله، و انتهاء اكله، بيد ابن عوفه قرين الشيطان و أليفه، رأس الغدرة الكذبة، أصحاب ليلة العقبة، الّذين نصبوا الغوائل لنبيّهم، و أضمروا له القواتل بغيّهم، و راموا تنفير ناقته، و استئصال شأفته، و أطلع اللّه نبيّه على ما أضمروا، و حاق بهم سيّئات ما مكروا.
ما أدخله الزنيم في مشورته، و لا جعله اللعين قياس نتيجته، إلّا لعلمه بخبث سريرته، و سوء عقيدته، و بغضه للحقّ و أهله، و تعصّبه للباطل بقوله و فعله، فجعلها في البيت الّذي رسخت في الشرك قوائمه، و شمخت بالظلم دعائمه، و شقيت بالنفاق شجرته، و شاعت في الآفاق بدعته.