کتابخانه روایات شیعه
فلعن اللّه ابن صهّاك المغتلمة، و نجل البغيّة حنتمة، فهو الّذي أعلى قدركم، و أسمى ذكركم، و رفع بعضكم، و صحّح المكسّر من جمعكم، و جعلكم أعلاما تفضلون على أولياء اللّه، تفخرون على أهل بيت نبيّكم و بهم فخركم، و تتأمّرون على عترة وليّكم و بهم علا أمركم، و زيّن الشيطان للامّة الضالّة اتّباعكم، و صيّرهم أشياعكم و أتباعكم، فاتّبعوه إلّا فريقا من المؤمنين، و أطاعوه إلّا قيلا من المخلصين، و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم، و حرّفوا كلام اللّه بزخرفهم و غرورهم، و قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، و نصروا من أوجب العقل له أن يخذل، و نصبوا الغوائل لأهل بيت نبيّهم، و أراقوا القواتل لذرّيّة وليّهم، و جعلوا أحفادهم إلى يوم الناس هذا عالة يتكفكفون، و خاملين لا يعرفون.
قد أبكم الفقر فصيحهم، و قبح العسر صبيحهم، يرهن أحدهم إزاره لسدّ فورته، و يبذل مقداره لفرط عسرته، منعتموهم ما فرض اللّه لهم في محكم تنزيله، و حرمتموهم ما أوجب لهم من الحقّ على لسان رسوله، حتى نكحت به الفروج المحرّمة، و استبيحت من دين اللّه كلّ حرمة، و اشتريت منه البغايا و القيان، و صار زمام الاسلام بأيدي عبدة الصلبان، فأنتم أصل البلاء، و فرع الشقاء، و حمة الشيطان، و جمة البهتان، هذه الشجرة الملعونة في القرآن، و الطائفة المارقة عن الايمان، أعداء الرحمن، و أولياء الشيطان، قربتموها و كان أحقّ أن تبعد، و نشأتموها و كان أولى أن تعضد، و غرستم أصلها على رقاب المؤمنين، و سقيتم فرعها بدماء المهاجرين الأوّلين، رآهم الرسول ينزون على منبره نزو القردة فما رئي بعد ضاحكا حتى بلغ من الحياة أمده.
روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله رأى في منامه أنّ قرودا تنزو على منبره و تنزل و تصعد، فساءه ذلك و اغتمّ، و لم ير بعدها ضاحكا حتى مات.
(وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) 1608 هم بنو اميّة أخبره سبحانه بتغلّبهم 1609 على مقامه و قتلهم ذرّيّته 1610 .
روي عن منهال بن عمرو، قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: كيف أصبحت، يا ابن رسول اللّه؟
قال: أصبحنا و اللّه كبني إسرائيل في أيدي القبط، يذبّحون أبناءهم، و يستحيون نساءهم، و أصبح خير البريّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلعن على المنابر، و أصبح من يحبّنا منقوصا حقّه بحبّه إيّانا 1611 .
و قيل للحسن البصري: يا أبا سعيد، قتل الحسين بن علي عليه السلام،
فبكى حتى اختلج جنباه، ثم قال: و اذلّاه لامّة قتل ابن دعيّها ابن بنت نبيّها 1612 .
فهل تجرّوا على أولياء اللّه إلّا بكم؟ و هل ألحدوا في دين اللّه إلّا بسببكم؟
ما أقام أبوك ابن صهّاك واليا من بعده و لا قلّده ولاية عهده إلّا لعلمه بقوّة شقاقه، و شدّة نفاقه، و عظيم إلحاده، و عميم فساده، فقام عدوّ اللّه ناسجا على منواله، مقتديا بأقواله و أفعاله، فرفع بضبع المنافق الشقيّ، و أعلا كعب المارق الغويّ، أعني ابن هند البغيّة، رأس العصابة الأمويّة، فولّاه رقاب المسلمين، و أذلّ بتوليته أعلام المؤمنين، و مهّد له قواعد ظلم الأطهار، و أوضح له مقاصد هضم الأخيار، و قرن دولته بدولته، و ولايته بولايته، ثمّ جعل الأمر شورى بعد انقضاء أجله، و انتهاء اكله، بيد ابن عوفه قرين الشيطان و أليفه، رأس الغدرة الكذبة، أصحاب ليلة العقبة، الّذين نصبوا الغوائل لنبيّهم، و أضمروا له القواتل بغيّهم، و راموا تنفير ناقته، و استئصال شأفته، و أطلع اللّه نبيّه على ما أضمروا، و حاق بهم سيّئات ما مكروا.
ما أدخله الزنيم في مشورته، و لا جعله اللعين قياس نتيجته، إلّا لعلمه بخبث سريرته، و سوء عقيدته، و بغضه للحقّ و أهله، و تعصّبه للباطل بقوله و فعله، فجعلها في البيت الّذي رسخت في الشرك قوائمه، و شمخت بالظلم دعائمه، و شقيت بالنفاق شجرته، و شاعت في الآفاق بدعته.
أوّل الاثمة، و ثالث الظلمة، و فرع الشجرة الملعونة و رأس الامّة المفتونة، حتى إذا قام منه زرع الباطل على سوقه، و عمّ المسلمين بظلمه و فسوقه، أجمعت الامّة على خلعه و خذله، و اجتمعت لحربه و قتله، و سقته من كئوس
المنون صبرا، و اخترمته بسيوف الحتوف صبرا، و أعادته طريحا مهينا، و طليحا ظمينا، و أخرجه اللّه من دار الفناء ملوما محسورا، و أعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا، حتى إذا عاد الحقّ إلى أهله، و التفّ الفرع على أصله، و قام بأمر اللّه وليّه الكامل، و جاء الحقّ و زهق الباطل، ظهر كامن غلّك و حسدك، و اشتعلت نار البغي في فؤادك و جسدك، و شيّدت ما شيّد أبوك و عمّك، و أظهرت الطلب بدم المخذول بزعمك، و نصر اللّه الحقّ على رغمك، و خاب من سهام الخير وعد سهمك.
ثمّ لم يزل غلّك يغلي عليك، و حقدك يلقى إليك، و الخنّاس يوسوس في صدرك، و ينفث في سرّك، حتى أغريت الجبّار العنيد بعداوته، و حمّلت الشيطان المريد على مناجزته، فكفر الطليق بأنعم ربّه، و أجاهد اللصيق جاهده في حربه، و رابطه ثمانية عشر شهرا، مجدّا في عداوته سرّا و جهرا، فلولا خليفة أبيك، و نتيجة ذويك، لما حصل ما حصل، و لا اتّصل من اتّصل، فأنتم أصل البغي و فرعه، و موقف الظلم و جمعه، و وتر العدوان و شفعه، و بصر الشيطان و سمعه، فلعنة اللّه على اصولك الماضية، و قرونك الخالية، و جموعك الباغية، و جنودك الطاغية، لعنا لا انقطاع لعدده، و لا نفاد لأمده، آمين ربّ العالمين.
[نزول أمير المؤمنين عليه السلام- بعد انقضاء حرب الجمل في الرحبة]
و لنرجع إلى تمام المجالس:
نزل صلوات اللّه عليه بعد انقضاء الحرب في الرحبة السادس من رجب و خطب فقال: الحمد للّه الّذي نصر وليّه، و خذل عدوّه، و أعزّ الصادق المحقّ، و أذلّ الناكث المبطل.
ثمّ إنّه عليه السلام دعا الأشعث بن قيس من ثغر آذربايجان، و الأحنف
بن قيس من البصرة، و جرير بن عبد اللّه البجلي من همذان فأتوه إلى 1613 الكوفة، و وجّه جرير إلى معاوية يدعوه إلى طاعته 1614 .
و أمّا عائشة فإنّ أمير المؤمنين ردّها إلى المدينة و أرسل معها قريبا من مائتي امرأة 1615 ، فلم تلبث إلّا قليلا حتى لحقت بمعاوية بالشام و وضعت قميص عثمان ملطّخا بالدم على رأسها.
فقال عمرو لمعاوية: حرّك لها جوارها نحن 1616 ، فأخذه معاوية و صعد المنبر، فكان من أمر صفّين ما أنا ذاكره:
لمّا قدم جرير على معاوية يدعوه إلى طاعة أمير المؤمنين عليه السلام توقّف معاوية و ماطل جرير و طاوله حتى قدم عليه شرحبيل، فصعد معاوية المنبر و خطب، و قال: أيّها الناس، قد علمتم أنّي خليفة عمر و عثمان، و قد قتل عثمان مظلوما، و أنا وليّه و ابن عمّه و أولى الناس بالطلب بدمه، فما رأيكم؟
فقالوا: نحن طالبون بدمه.
فدعا عمرو بن العاص و وعده أن يطعمه مصر- و كان واليا عليها من قبل عثمان- فسار إليه، و كان يتثاقل في مسيره.
فقال له غلام له يقال له وردان: تفكّر في أمرك انّ الآخرة مع عليّ و الدنيا مع معاوية.
فقال عمرو:
يا قاتل اللّه وردانا و فطنته
لقد أصاب الّذي في القلب وردان 1617
فقال له ابن عمرو:
ألا يا عمرو ما أحرزت نصرا
و لا أنت الغداة إلى رشاد
أبعت الدين بالدنيا خسارا
فأنت لذاك من شرّ العباد
[كتاب معاوية إلى أهل المدينة، و جواب أهل المدينة له]
[فانصرف جرير،] 1618 و كتب معاوية إلى أهل المدينة: إنّ عثمان قتل مظلوما، و عليّ آوى قتلته، فإن دفعهم إلينا كففنا عنه، و جعلنا الأمر شورى بين المسلمين كما جعله عمر عند وفاته، فانهضوا معنا- رحمكم اللّه- إلى حربه.
فأجابوه بكتاب:
معاوي إنّ الحقّ أبلج واضح
و ليس كما ربصت 1619 أنت و لا عمرو
نصبت لك 1620 اليوم ابن عفّان خدعة
كما نصب الشيخان إذ زخرف الأمر
رميتم عليّا بالّذي لم يضرّه
و ليس له في ذاك نهي 1621 و لا أمر
فما ذنبه إن نال عثمان معشر
أتوه من الأحياء يجمعهم مصر 1622
و كان عليّ لازما قعر بيته
و همّته التسبيح و الحمد و الذكر
فما أنتما لا درّ درّ أبيكما
و ذكركم الشورى و قد وضح الأمر
فما أنتما و النصر منّا و أنتما
طليقا اسارى ما تبوح به الخمر 1623
[كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه السلام]
و أرسل معاوية أبا مسلم الخولاني بكتاب إلى أمير المؤمنين عليه السلام، من جملته: