کتابخانه روایات شیعه
الكناني و زامل بن عبيد الخزاعي و مالك بن روضة الجمحي مبارزة. و طعن الأشعث لشرحبيل بن السّمط و لأبي الأعور السلمي، فخرج حوشب ذو الظليم و ذو الكلاع في نفر فقالوا: أمهلونا هذه الليلة:
فقالوا: لا نبيت إلّا في معسكرنا، فانكشفوا.
[تعبئة الجيشين للقتال]
ثم إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أنفذ سعيد بن قيس الهمداني و بشر 1639 بن عمرو الأنصاري إلى معاوية ليدعواه إلى الحقّ فانصرفا بعد ما احتجّا عليه.
ثمّ أنفذ أمير المؤمنين عليه السلام [شبث بن ربعي و] 1640 عديّ بن حاتم و يزيد بن قيس الأرحبي و زياد بن خصفة 1641 بمثل ذلك، فكان معاوية يقول:
سلّموا إلينا قتلة عثمان لنقتلهم به، ثمّ نعتزل الأمر حتى يكون شورى، فتقاتلوا في ذي الحجّة و أمسكوا في المحرّم، فلمّا استهلّ صفر سنة سبع و ثلاثين أمر أمير المؤمنين عليه السلام فنودي في عسكر الشام بالاعذار و الانذار، ثمّ عبّى عسكره فجعل على ميمنة الجيش الحسنين و عبد اللّه بن جعفر و مسلم بن عقيل، و على ميسرته محمد بن الحنفيّة و محمد بن أبي بكر و هاشم بن عتبة المرقال، و على القلب عبد اللّه بن العبّاس و العبّاس بن ربيعة بن الحارث و الأشتر و الأشعث، و على الجناح سعد 1642 بن قيس الهمداني و عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي و رفاعة بن شدّاد البجلي و عديّ بن حاتم، و على الكمين عمّار بن ياسر و عمرو بن الحمق و عامر بن واثلة الكناني و قبيصة بن
جابر الأسدي.
و جعل معاوية على ميمنته ذا الكلاع الحميري و حوشب ذا الظليم، و على الميسرة عمرو بن العاص و حبيب بن مسلمة، و على القلب الضحّاك بن قيس الفهري و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، و على الساقة بسر بن أرطاة الفهري، و على الجناح عبد اللّه بن مسعدة الفزاري و همام بن قبيصة النمري، و على الكمين أبا الأعور السلمي و حابس بن سعد الطائي.
فبعث أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية أن اخرج إليّ ابارزك، فلم يفعل، و قد جرى بين العسكرين أربعون وقعة تغلّب فيها أهل العراق: أوّلها يوم الأربعاء بين الأشتر و حبيب بن مسلمة، و الثانية بين المرقال و [أبي] 1643 الأعور السلمي، و الثالثة بين عمّار و عمرو بن العاص، و الرابعة بين محمد بن الحنفيّة و عبيد اللّه بن عمر، و الخامسة بين عبد اللّه بن عبّاس و الوليد بن عاقبة، و السادسة بين سعد بن قيس و ذي الكلاع، إلى تمام الأربعين، و كان آخرها ليلة الهرير 1644 .
و لأبطال أهل العراق مع أبطال أهل الشام وقعات و حروب و أشعار لا نطوّل بذكرها خوف الملل، ففي بعض أيّامها جال أمير المؤمنين عليه السلام في الميدان قائلا:
أنا علي فاسألوني تخبروا
ثمّ ابرزوا لي في الوغى و ابتدروا
سيفي حسام و سناني يزهر
منّا النبيّ الطاهر المطهّر
و حمزة الخير و منّا جعفر
و فاطم عرسي و فيها مفخر
هذا لهذا و ابن هند محجر
مذبذب مطرد مؤخّر
فاستلحقه 1645 عمرو بن الحصين السكوني على أن يطعنه فرآه سعيد بن قيس فطعنه.
[بدء المبارزات بين الطرفين]
و أنفذ معاوية ذا الكلاع إلى بني همدان فاشتبكت الحرب بينهم إلى الليل، ثم انهزم أهل الشام، و أنشد أمير المؤمنين عليه السلام:
فوارس من همدان ليسوا بعزل
غداة الوغى من شاكر و شبام
يقودهم حامي الحقيقة ماجد
سعيد بن قيس و الكريم محام
جزى اللّه همدان الجنان فإنّهم
سهام العدى في يوم كلّ حمام 1646
و نادى خالد السدوسي من أصحاب علي عليه السلام: من يبايعني على الموت؟ فأجابه تسعة آلاف، فقاتلوا حتى بلغوا فسطاط معاوية، فهرب معاوية فنهبوا فسطاطه، و أنفذ معاوية إليه: يا خالد، لك عندي إمرة خراسان [متى] 1647 ظفرت فاقصر ويحك عن فعالك هذا، فنكل عنه، فتفل أصحابه في وجهه و حاربوا إلى الليل.
و خرج حمزة بن مالك الهمداني من أصحاب معاوية قائلا لهاشم المرقال:
يا أعور العين و ما فينا عور
نبغي ابن عفّان و نلحى من غدر 1648
فقتله المرقال
[استشهاد هاشم المرقال و عبد اللّه بن بديل الخزاعي]
فهجموا على المرقال فقتلوه رحمة اللّه عليه، فأخذ سفيان بن الثور رايته 1649 فقاتل حتى قتل، فأخذها عتبة بن المرقال فقاتل حتى قتل، فأخذها أبو الطفيل الكناني مرتجزا:
يا هاشم الخير دخلت الجنّة
قتلت في اللّه عدوّ السنّه 1650
فقاتل حتى جرح فرجع القهقرى، و أخذها عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي مرتجزا:
أضربكم و لا أرى معاويه
أبرج العين العظيم الحاويه 1651
هوت به في النار أمّ هاويه
جاوره 1652 فيها كلاب عاويه 1653
فهجموا عليه فقتلوه، فأخذها عمرو بن الحمق و قاتل أشدّ قتال، و خرج من أصحاب معاوية ذو الظليم، و برز من عسكر عليّ عليه السلام سليمان بن صرد الخزاعي، و حملت الأنصار معه حملة رجل واحد، فقتل ذو الظليم و ذو
الكلاع و ساروا 1654 إليهم و كاد معاوية يؤخذ.
و خرج عبيد اللّه بن عمر و دعا محمد بن الحنفية إلى البراز، فنهض محمد فنهاه أبوه، و كان لعنة اللّه عليه و على أبيه يقول:
أنا عبيد اللّه ينميني عمر
خير قريش من مضى و من غبر
فقتله عبد اللّه بن سوار؛ و يقال: حريث بن خالد 1655 ؛ و يقال: هانئ بن الخطّاب؛ و يقال: محمد بن الصبيح، فأمر معاوية بتقديم سبعين راية، و برز عمّار في رايات، فقتل من أصحاب معاوية سبعمائة رجل، و من أصحاب عليّ مائتا رجل.
و خرج العراد بن الأدهم و دعا العبّاس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب، فقتله العبّاس، فنهاه عليّ عليه السلام عن المبارزة، فقال معاوية: من قتل العبّاس فله عندي كذا ما يشاء، فخرج رجلان لخميان 1656 ، فدعاه أحدهما إلى البراز.
فقال: إن أذن لي سيّدي ابارزك، و أتى عليّا عليه السلام، فلبس عليّ سلاح العبّاس، و ركب فرسه متنكّرا.
فقال الرجل: أذن لك سيّدك؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) 1657 فقتله، ثمّ برز الآخر، فقتله.
و خرج حجل بن عامر 1658 العبسي فطلب البراز، فبرز إليه ابنه 1659 اثال، فلمّا رآه أبوه قال: انصرف إلى أهل الشام فإنّ فيها أموالا جمّة فقال ابنه: يا أبة انصرف إلينا فجنّة الخلد مع عليّ.
و عبّى معاوية أربعة صفوف فتقدّم أبو الأعور السلمي يحرّض أهل الشام، و يقول: يا أهل الشام، إيّاكم و الفرار فإنّه سبّة و عار، فدقّوا [على] 1660 أهل العراق، فإنّهم أهل فتنة و نفاق، فبرز سعيد بن قيس و عديّ بن حاتم و الأشتر و الأشعث، فقتلوا منهم ثلاثة آلاف و نيّفا، و انهزم الباقون.
[استشهاد اويس القرني]
و برز عبد اللّه بن جعفر فقتل خلقا كثيرا حتى استغاث عمرو بن العاص، و أتى اويس القرني و هو متقلّد بسيفين؛ و قيل: كان معه مرماة و مخلاة من الحصى، فسلّم على أمير المؤمنين عليه السلام و ودّعه و برز مع 1661 رجّالة ربيعة، فقتل من يومه، فصلّى عليه أمير المؤمنين و دفنه.
ثمّ إنّ عمّار كان يقاتل و يقول:
نحن قتلناكم 1662 على تنزيله
ثمّ قتلناكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
و يذهل الخليل عن خليله 1663
ثمّ قال: و اللّه لو قتلونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ و هم على الباطل 1664 .
و برز أمير المؤمنين عليه السلام و دعا معاوية و قال: أسألك أن تحقن دماء المسلمين و تبرز إليّ و أبرز إليك، فيكون الأمر لمن غلب، فبهت معاوية و لم ينطق بحرف، فحمل أمير المؤمنين عليه السلام على الميمنة فأزالها، ثمّ حمل على الميسرة فطحنها، ثمّ حمل على القلب و قتل منهم جماعة، ثمّ أنشد:
فهل لك في 1665 أبي حسن عليّ
لعلّ اللّه يمكّن من قفاكا
دعاك إلى البراز فكعت عنه
و لو بارزته تربت 1666 يداكا
[بروز أمير المؤمنين عليه السلام لعمرو بن العاص متنكّرا]
و انصرف أمير المؤمنين عليه السلام و خرج متنكّرا، فخرج عمرو بن العاص مرتجزا:
يا قادة الكوفة من أهل الفتن
يا قاتلي عثمان ذاك المؤتمن
كفى بهذا حزنا من 1667 الحزن