کتابخانه روایات شیعه
(وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) 1705 ، لرأيت أعناقهم تقطع صبرا، و أشلاءهم تبضّع هبرا، و امراءهم قد ولّوا الأدبار، ثمّ لا ينصرون، و اسراءهم كأنّما يساقون إلى الموت و هم ينظرون.
هؤلاء أسلافك الماضية، و آباؤك الغاوية، الّذين قصّ اللّه قصصهم في محكم تنزيله، و لعنهم على لسان نبيّه و رسوله، و سمّاهم الشجرة الملعونة في القرآن 1706 ، و العصابة الخارجة عن الايمان، الّذين اتّخذوا الأصنام آلهة من دون اللّه، و استقسموا بالأزلام خلافا لأمر اللّه، و كان سيّدنا و وليّ أمرنا و معتقدنا و وسيلتنا إلى ربّنا حينئذ أوّل من أسلم لربّ العالمين، قائما يومئذ بنصر سيّد المرسلين.
[قصيدة في أمير المؤمنين عليه السلام]
مقالكم في احد اعل هبل
و قوله اللّه أعلى و أجل
أوّل من آمن باللّه و من
صلّى و صام تابعا خير الرسل
و خير من واسى النبيّ في الوغا
و خير من في اللّه نفسه بذل
يا من تلمني في هواه لا تلم
فحبّه وجدته خير العمل
من كفّه رجوت اسقى شربة
ختامها مسك و في ذلك فل
أنا الّذي من عهده مستمسك
بعروة عقد ولاها لا تحل
خير وليّ ليس يحصى فضله
و مجده عزّ عن الوصف و جل
بعد إلهي و نبيّي لا أرى
سواه ينجيني إذا الخطب نزل
في القلب منّي منزل لحبّه
متحكّم بصدق عهدي لم يزل
أهتف باسمه إذا خطب عرا
و أسأل اللّه به و أبتهل
فإنّني و من أجل كيده
بساحتي العكس جابني الأمل 1707
رفضت رجسين تسمّيا بما
سمّاه ذو العرش قديما في الأول
و دنت دينا قيّما إنّهما
في الكفر شرّ من يغوث و هبل
و هكذا ثالثهم أظلم من
حلّ على وجه الثرى أو ارتحل
و من أتت لحربه و خالفت
إلهها و بعلها يوم الجمل
و سائقي بعيرها و قائدي نفيرها
و من رضي و من دخل
و من بصفّين عليه جرّدوا
بيض الضبا و اعتقلوا سمر الأسل
و أقبلوا يقدمهم زعيمهم
رأس النفاق و الغرور و الحيل
نجل الطغاة الطلقاء و الّذي
لعنهم في محكم الذكر نزل
و من عن الحقّ السويّ مرقوا
و خالفوا جميع أرباب الملل
كلّهم قد فارقوا دين الهدى
و قارفوا الكفر بقول و عمل
عليهم من ذي الجلال لعنة
دوامها حتى القيام متّصل
ما سيّرت أفلاكها بشمسها
و ابتلج الصبح و أظلم الطفل 1708
اللّهمّ يا من أفرغ فرغ على أعطاف عقولنا ألطاف كرامته، و حلّى أجياد نفوسنا بجلي عنايته، و رفع قواعد ملّتنا، و جمع على التقوى كلمتنا، و أثبت في دوحة الايمان أصولنا، و سقى بزلال الاخلاص فروعنا، و تمّم باتّباع سبيل نبيّه و وليّه حدودنا و رسومنا، فصرنا لا نعتقد سواه قديما أزليّا، و لا نزى وجودا غير وجوده أبديّا ديموميّا، ننزّهه عن الشريك و العديل، و نقدّسه عن الشبيه و المثيل، خلقنا لننزّهه و نمجّده، و أوجدنا لنعبده و نوحّده، و جعل نفع ذلك و اصلا إلينا، و مضاعفا علينا، لا لحاجة منه إلى عبادتنا، و لا لفائدة عائدة إليه من طاعتنا.
ظهر لأفكارنا بآثار صنعته، و احتجب عن أبصارنا بكبريائه و عظمته، و فرض علينا بعد الاقرار بأنّه الواحد الأحد المبتدع المخترع، و عرفان ما يصحّ على ذاته الشريفة و يمتنع، و تعاليه عمّا لا يليق بجلاله من تعارض خلقه، و الاذعان بالتسليم لأمره و قضاء حقّه، سلوك سبيل من أقامهم هداة إليه، و إدلاء في مفاوز الضلالة عليه، و التسليم لأمرهم، و التنويه بذكرهم، و الاخلاص بشكرهم، و الاتّضاع لقدرهم، و الاغتراف من بحر علمهم، و الاعتراف بصواب حكمهم، و أن لا يقدّم عليهم من سجد لصنم، أو استقسم بزلم، أو بحر بحيرة، أو عتر عتيرة، قد نمته الخبيثون و الخبيثات، و حاق به دناءة الآباء و عهر الامّهات.
و نعتقده انّه سبحانه قرن حبّهم بحبّه، و جعل حربهم كحربه، و سلمهم كسلمه، و علمهم من علمه، فهم اولوا الأمر الّذين قرن طاعتهم بطاعته، و هداة الخلق إلى ما اختلفوا فيه من فرض دينهم و سنّ حسدهم من لعنه اللّه و غضب عليه، و أعدّ له خزيه يوم يقوم الناس لديه.
أغرى الشيطان بهم سفهاءه، و أعلى عليهم أولياءه، و زيّن للناس اتّباعهم، و جعلهم أشياعهم و أتباعهم، و سمّى رأس الكذبة صدّيقهم، و أساس الظلمة فاروقهم، و خائن الامّة وليّ أمرهم، و أجهل الامّة كاتب و حيهم، و ولّوا الناس بغرورهم، و حرّفوا كتاب اللّه بزورهم، و أخلفوا عهد الرسول و نبذوا ميثاقه المأخوذ عليهم، و جرّدوا عليهم سيوفهم و عواملهم، و فوّقوا نحوهم سهامهم و معابلهم.
ثمّ تفكّر في حال الرجس اللئيم، و الدنس الأثيم، ابن آكلة الأكباد، و نتيجة الآثمة الأوغاد، و ما أظهر من الكفر و الالحاد، و البغي و العناد، و ليس ذلك ببدع من قبيح فعله، و زنيم أصله، فهو من قوم طوّقهم اللّه بطوق لعنته في
الدار الفانية، و أعدّ لهم أليم عقوبته في جحيمه الهاوية.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في مثالب أعداء أمير المؤمنين عليه السلام]
اللّهمّ إنّا نتقرّب إليك بلعنته و سبّه، و تكفير مصوّبي اجتهاده في حربه، و لمّا تصوّرت شدّة شكيمته في غيّه، و خبث سريرته ببغيه، و أذاه للنبيّ و أهله، و عداوته للوصيّ و نجله، كنت اخاطبه بكلمات أوحاها جناني، و أقصده بلعنتي في سرّي و إعلاني، و أذبحه بذكر مساويه ببليغ نثري، و اورد نبذة من مخازيه بفصيح شعري، فمن جملة ذلك أبيات ألقاها خالص الايمان على بنان نطقي، و أهداها الملك الديّان إلى لسان صدقي، تحلّي الطروس بذكرها، و تسرّ النفوس بنشرها، و هي هذه:
يا ابن البغيّة يا رأس البغاة و يا
نجل الطغاة و أهل الزيغ و الزلل
و أهل بدر و احد و الّذين سروا
لحرب خير الورى بالبيض و الأسل
و من بلعنتهم جاء الكتاب و في
الأحزاب ذكرهم حتى القيام جلي
و يا ابن من كان رأس المشركين و يا
رأس النفاق و أهل الشرك و الخطل
رمتم بأن تطفئوا نور الهدى بعدت
أحزابكم مثل سهل الأرض و الجبل
فأرسل اللّه جندا لم تروه على
جموعكم فانثنيتم خائبي الأمل
حتى إذا قام دين الحقّ منتصبا
يزهو فخارا إذ المحفوظ منه غلي
و ذلّ ما عزّ من عزّاكم و غدا
مكسرا جمعها للكسر من هبل
و عمرو ودّكم أمسى كودّكم
مقسما بحسام الضيغم البطل
هادي الخليقة محمود الطريقة
معصوم الحقيقة نور اللّه في الأزل
ليث الكتيبة مشهور الضريبة
ذي القربى القريبة ثاني خاتم الرسل
نفس الرسول و واقيه بمهجته
و ناصر دينه بالقول و العمل
ربّ الفراش إذا المختار اخرج من
مقامه في الدجا يسري على وجل
بدت لأهل العلى أنوار طلعته
فوق الفراش كبدر تمّ في الطفل
من جدّك الرجس في بدر و خالك مع
أخيك عمّا لقوه منه قف و سل
ينبيك صارمه عنهم بأنّهم
ما بين منعفر منه و منجدل
يا أكفر الخلق من بدو و من حضر
و أظلم الناس في حلّ و مرتحل
لم تؤمنوا رغبا في الدين بل رهبا
و خشيته من حسام قاطع الأجل
في كفّ أبلج يوم الروع طلعته
كالشمس مشرقة في دارة الحمل
غدا وليدكم من ثدي صارمه
لبان صرف الردى بالغلّ و النهل
كهف الأنام و هاديهم و منقذهم
و من بهم سالك في أوضح السبل
و غيث ما حلتم إن أزمّة قرعت
و غيث صارخهم في الحادث الجلل
سل عن فضائله جما فإنّ له
في الذكر ذكر جليل سار كالمثل
يوم القموص على شأنا بسطوته
إذ ردّ شانئه بالخذل و الفشل
كانت حصونا حصانا في شوا
هقها إلى ذراها سحاب المزن لم تصل
فافتضّ بالذكر الصمصام عذرتها
فأصبحت من دماء القوم في حلل
و ظيخها 1709 طاح قد صارت سلالمه
منكسا منه أعلاها إلى السفل
يا قالع الباب يا باب النجاح و من
أوقفت دون الورى في بابه أملي
أرجو بك اللّه يوم الحشر ينقذني
و أن يضاعف ما قد قلّ من عملي
و لا يجبهني حيث الفضيحة بي
أولى و يستر ما أخفيت من زللي
و لا تكلني إلى نفسي و تجعلني
في كلّ حال على علياه متّكلي
[في عدد القتلى من العسكرين، و رفع المصاحف]
و لمّا جرى ما جرى في ليلة الهرير و كان القتل فاشيا في عسكر معاوية كما بيّنّا أوّلا أنّ القتلى كانت من عسكر علي عليه السلام أربعة آلاف رجل، و من عسكر معاوية اثنين و ثلاثين ألفا؛ و قيل: أكثر كما ذكر فأصبح معاوية و قد أسقط في يده، و أشرف على الهلكة، فقال لعمرو: نفرّ أو نستأمن؟