کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
عليه و آله عام الحديبيّة عن قتال أهل مكّة، ففارقوا أمير المؤمنين عليه السلام و قالوا: لا حكم إلّا للّه، و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، و كانوا اثني عشر ألف رجل من أهل الكوفة و البصرة و غيرهما، و نادى مناديهم أنّ أمير القتال شبث بن ربعي، و أمير الصلاة عبد اللّه بن الكوّاء، و الأمر شورى بعد الفتح، و البيعة للّه على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و خرجوا من الكوفة إلى المدائن، ثمّ إلى النهروان، و استعرضوا الناس، و قتلوا عبد اللّه بن خبّاب بن الارت، و كان عامل أمير المؤمنين عليه السلام على النهروان.
فقصدهم أمير المؤمنين عليه السلام و أرسل إليهم ابن عبّاس، و قال:
امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه، و لما ذا اجتمعوا؟ فلمّا وصل إليهم قالوا: ويلك يا ابن عبّاس أكفرت كما كفر صاحبك علي بن أبي طالب؟!
و خرج خطيبهم عتّاب بن الأعور الثعلبي، فقال ابن عبّاس: من بنى الاسلام؟ قال: اللّه و رسوله.
قال: فالنبيّ أحكم اموره و بيّن حدوده أم لا؟
قال: بلى.
قال: فالنبيّ بقي في دار الاسلام أم ارتحل؟
قال: بل ارتحل.
قال: فامور الشرع ارتحلت معه أم بقيت بعده؟
قال: بل بقيت.
قال: فهل أحد قام بعمارة ما بناه؟
قال: نعم.
قال: من هو؟
قال: الذرّيّة و الصحابة.
قال: فعمّروها أم خرّبوها؟
قال: بل عمّروها.
قال: فالآن هي معمورة أم خراب؟
قال: بل خراب.
قال: خرّبها ذرّيّته أم امّته؟
قال: بل امّته.
قال: أنت من الذرّيّة أم من الامّة؟
قال: من الامّة.
قال: أنت من الامّة و خرّبت دار الاسلام، فكيف ترجو الجنّة؟- و جرى بينهما كلام كثير- ثمّ حضر أمير المؤمنين عليه السلام بمائة رجل، فلمّا قابلهم خرج إليه ابن الكوّاء في مائة رجل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنشدكم باللّه هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب اللّه، فقلت لكم:
إنّي أعلم بالقوم منكم- و ذكر مقاله إلى أن قال- فلمّا أبيتم إلى الكتاب اشترطت على الحاكمين أن يحييها ما أحيا القرآن، و أن يميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه، و إن أبيا فنحن منه 1755 براء.
قالوا: أخبرنا أ تراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء 1756 ؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نحن ليس الرجال حكّمنا، و إنّما حكّمنا القرآن، و القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفّتين لا ينطق، و إنّما يتكلّم به الرجال.
قالوا: فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم؟
قال: ليعلم الجاهل، و يثبت العالم، و لعلّ اللّه يصالح في هذه المدّة هذه الامّة، و جرت بينهم مخاطبات و جعل بعضهم يرجع، فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام راية أمان مع أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه. فنادى أبو أيّوب:
من جاء إلى هذه الراية، و فارق الجماعة فهو آمن، فرجع منهم ثمانية آلاف رجل فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام أن يتميّزوا منهم، و أقام الباقون على الخلاف.
[توجّه أمير المؤمنين عليه السلام لقتال الخوارج]
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام استنفر الناس فلم يجيبوه، فقال:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى
فلم تستبينوا النصح إلّا ضحى الغد
ثمّ استنفرهم فنفر معه ألفا رجل يقدمهم عديّ بن حاتم و هو يقول:
إلى شرّ خلق من شراة تحزّبوا
و عادوا إله الناس ربّ المشارق
ثمّ توجّه أمير المؤمنين نحوهم، و كتب إليهم على يد 1757 عبد اللّه بن أبي عقب، و فيها: و السعيد من سعدت به رعيّته، و الشقيّ من شقيت به رعيّته، و خير
الناس خيرهم لنفسه، و شرّ الناس شرّهم لنفسه، و ليس بين اللّه و بين أحد قرابة، و (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) 1758 .
فلمّا وصل إليهم أمير المؤمنين عليه السلام استعطفهم فأبوا إلّا قتاله، و تنادوا أن دعوا مخاطبة عليّ و أصحابه و بادروا إلى الجنّة، و صاحوا: الرواح الرواح إلى الجنّة، و أمير المؤمنين يعبّئ أصحابه و نهاهم أن يتقدّم إليهم أحد.
فكان أوّل من تقدّم من الخوارج أخنس بن العيزر 1759 الطائي، و جعل يقول:
ثمانون من حيي جديلة قتّلوا
على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا لا حكم إلّا لربّنا
حنانيك فاغفر حوبنا و المساويا
هم فارقوا من جار في اللّه حكمه
فكلّ إلى 1760 الرحمن أصبح ثاويا
فقتله أمير المؤمنين عليه السلام.
و خرج عبد اللّه بن وهب الراسبي، و قال:
أنا ابن وهب الراسبي الشاري
أضرب في القوم لأخذ الثار
حتى تزول دولة الأشرار
و يرجع الحقّ إلى الأخيار
فقتل.
و خرج مالك بن الوضّاح قائلا:
إنّي لبائع ما يفنى بباقية
و لا اريد لدى الهيجاء تربيضا
و خرج إلى أمير المؤمنين عليه السلام الوضّاح بن الوضّاح من جانب، و ابن عمّه حرقوص من جانب، فقتل الوضّاح، و ضرب ضربة على رأس حرقوص فقطعه، و وقع [رأس] 1761 سيفه على الفرس فشرد و أرجله في الركاب حتى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحروريّة كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.
[في القتلى من العسكرين]
و كان المقتولون من عسكر أمير المؤمنين عليه السلام: رؤبة بن وبر البجلي، و رفاعة بن وائل الأرحبي، و الفياض بن خليل الأزدي، و كيسوم بن سلمة الجهني، و حبيب بن عاصم الأزدي، إلى تمام تسعة، و انفلت من الخوارج تسعة، كما أخبر أمير المؤمنين عليه السلام في بدء الأمر، فقال: إنّهم لا يقتلون منّا عشرة، و لا يسلم منهم عشرة 1762 .
أبو نعيم الأصفهاني: عن سفيان الثوري أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن نفتّش على المخدج بين القتلى فلم نجده.
فقال رجل: و اللّه ما هو فيهم.
فقال صلوات اللّه عليه: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت.
[العثور على المخدج بين القتلى]
و روي 1763 أنّ أمير المؤمنين قال: اطلبوا المخدج.
فقالوا: لم نجده.
فقال: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، يا عجلان، ائتني ببغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأتاه بالبغلة، فركبها و جال في القتلى، [ثمّ] 1764 قال: اطلبوه هاهنا.
قال: فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين، فسجد أمير المؤمنين شكرا للّه.
تاريخ القمّي: إنّه رجل أسود، عليه قريطق، مخدج اليد 1765 ، أحد ثدييه كثدي المرأة، عليه شعيرات مثل شعيرات تكون على ذنب اليربوع 1766 .
و في مسند الموصلي: حبشيّ [مثل البعير] 1767 في منكبه مثل ثدي المرأة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق اللّه و رسوله.
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: من يعرف هذا؟ فلم يعرفه أحد.
فقال رجل: أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد؟
فقال: هذه، و أشار إلى الكوفة، و مالي بهذا 1768 معرفة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق، هو من الجانّ.
و في رواية: هو من الجنّ.
و في مسند الموصلي: من زعم من الناس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب.
و في مسند أحمد: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: أما إنّه أخبرني خليلي بثلاثة إخوة من الجنّ هذا أكفرهم 1769 ، و الثاني له جمع كثير، و الثالث فيه ضعف.
و في رواية عن سعد بن أبي وقّاص: هو شيطان الردهة 1770 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام القاصعة]