کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
قال: من هو؟
قال: الذرّيّة و الصحابة.
قال: فعمّروها أم خرّبوها؟
قال: بل عمّروها.
قال: فالآن هي معمورة أم خراب؟
قال: بل خراب.
قال: خرّبها ذرّيّته أم امّته؟
قال: بل امّته.
قال: أنت من الذرّيّة أم من الامّة؟
قال: من الامّة.
قال: أنت من الامّة و خرّبت دار الاسلام، فكيف ترجو الجنّة؟- و جرى بينهما كلام كثير- ثمّ حضر أمير المؤمنين عليه السلام بمائة رجل، فلمّا قابلهم خرج إليه ابن الكوّاء في مائة رجل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنشدكم باللّه هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب اللّه، فقلت لكم:
إنّي أعلم بالقوم منكم- و ذكر مقاله إلى أن قال- فلمّا أبيتم إلى الكتاب اشترطت على الحاكمين أن يحييها ما أحيا القرآن، و أن يميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه، و إن أبيا فنحن منه 1755 براء.
قالوا: أخبرنا أ تراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء 1756 ؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نحن ليس الرجال حكّمنا، و إنّما حكّمنا القرآن، و القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفّتين لا ينطق، و إنّما يتكلّم به الرجال.
قالوا: فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم؟
قال: ليعلم الجاهل، و يثبت العالم، و لعلّ اللّه يصالح في هذه المدّة هذه الامّة، و جرت بينهم مخاطبات و جعل بعضهم يرجع، فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام راية أمان مع أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه. فنادى أبو أيّوب:
من جاء إلى هذه الراية، و فارق الجماعة فهو آمن، فرجع منهم ثمانية آلاف رجل فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام أن يتميّزوا منهم، و أقام الباقون على الخلاف.
[توجّه أمير المؤمنين عليه السلام لقتال الخوارج]
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام استنفر الناس فلم يجيبوه، فقال:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى
فلم تستبينوا النصح إلّا ضحى الغد
ثمّ استنفرهم فنفر معه ألفا رجل يقدمهم عديّ بن حاتم و هو يقول:
إلى شرّ خلق من شراة تحزّبوا
و عادوا إله الناس ربّ المشارق
ثمّ توجّه أمير المؤمنين نحوهم، و كتب إليهم على يد 1757 عبد اللّه بن أبي عقب، و فيها: و السعيد من سعدت به رعيّته، و الشقيّ من شقيت به رعيّته، و خير
الناس خيرهم لنفسه، و شرّ الناس شرّهم لنفسه، و ليس بين اللّه و بين أحد قرابة، و (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) 1758 .
فلمّا وصل إليهم أمير المؤمنين عليه السلام استعطفهم فأبوا إلّا قتاله، و تنادوا أن دعوا مخاطبة عليّ و أصحابه و بادروا إلى الجنّة، و صاحوا: الرواح الرواح إلى الجنّة، و أمير المؤمنين يعبّئ أصحابه و نهاهم أن يتقدّم إليهم أحد.
فكان أوّل من تقدّم من الخوارج أخنس بن العيزر 1759 الطائي، و جعل يقول:
ثمانون من حيي جديلة قتّلوا
على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا لا حكم إلّا لربّنا
حنانيك فاغفر حوبنا و المساويا
هم فارقوا من جار في اللّه حكمه
فكلّ إلى 1760 الرحمن أصبح ثاويا
فقتله أمير المؤمنين عليه السلام.
و خرج عبد اللّه بن وهب الراسبي، و قال:
أنا ابن وهب الراسبي الشاري
أضرب في القوم لأخذ الثار
حتى تزول دولة الأشرار
و يرجع الحقّ إلى الأخيار
فقتل.
و خرج مالك بن الوضّاح قائلا:
إنّي لبائع ما يفنى بباقية
و لا اريد لدى الهيجاء تربيضا
و خرج إلى أمير المؤمنين عليه السلام الوضّاح بن الوضّاح من جانب، و ابن عمّه حرقوص من جانب، فقتل الوضّاح، و ضرب ضربة على رأس حرقوص فقطعه، و وقع [رأس] 1761 سيفه على الفرس فشرد و أرجله في الركاب حتى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحروريّة كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.
[في القتلى من العسكرين]
و كان المقتولون من عسكر أمير المؤمنين عليه السلام: رؤبة بن وبر البجلي، و رفاعة بن وائل الأرحبي، و الفياض بن خليل الأزدي، و كيسوم بن سلمة الجهني، و حبيب بن عاصم الأزدي، إلى تمام تسعة، و انفلت من الخوارج تسعة، كما أخبر أمير المؤمنين عليه السلام في بدء الأمر، فقال: إنّهم لا يقتلون منّا عشرة، و لا يسلم منهم عشرة 1762 .
أبو نعيم الأصفهاني: عن سفيان الثوري أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن نفتّش على المخدج بين القتلى فلم نجده.
فقال رجل: و اللّه ما هو فيهم.
فقال صلوات اللّه عليه: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت.
[العثور على المخدج بين القتلى]
و روي 1763 أنّ أمير المؤمنين قال: اطلبوا المخدج.
فقالوا: لم نجده.
فقال: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، يا عجلان، ائتني ببغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأتاه بالبغلة، فركبها و جال في القتلى، [ثمّ] 1764 قال: اطلبوه هاهنا.
قال: فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين، فسجد أمير المؤمنين شكرا للّه.
تاريخ القمّي: إنّه رجل أسود، عليه قريطق، مخدج اليد 1765 ، أحد ثدييه كثدي المرأة، عليه شعيرات مثل شعيرات تكون على ذنب اليربوع 1766 .
و في مسند الموصلي: حبشيّ [مثل البعير] 1767 في منكبه مثل ثدي المرأة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق اللّه و رسوله.
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: من يعرف هذا؟ فلم يعرفه أحد.
فقال رجل: أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد؟
فقال: هذه، و أشار إلى الكوفة، و مالي بهذا 1768 معرفة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق، هو من الجانّ.
و في رواية: هو من الجنّ.
و في مسند الموصلي: من زعم من الناس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب.
و في مسند أحمد: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: أما إنّه أخبرني خليلي بثلاثة إخوة من الجنّ هذا أكفرهم 1769 ، و الثاني له جمع كثير، و الثالث فيه ضعف.
و في رواية عن سعد بن أبي وقّاص: هو شيطان الردهة 1770 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام القاصعة]
و إلى هذا أشار أمير المؤمنين في خطبته القاصعة 1771 : ألا و قد أمرني اللّه سبحانه بقتال أهل البغي و النكث و الفساد في الأرض، فأمّا الناكثون فقد قاتلت، و أمّا القاسطون فقد جاهدت، و أمّا المارقة فقد دوّخت، و أمّا شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه و رجّة صدره 1772 .
[أبيات للحميري]
[للحميري:] 1773
إنّي أدين بما دان الوصيّ به
يوم الخريبة 1774 من قتل المحلّينا
و ما به دان يوم النهر دنت به
و بايعت كفّه كفّي بصفّينا
في سفك ما سفكت فيها إذا حضروا
و أبرز اللّه للقسط الموازينا
تلك الدماء معا يا ربّ في عنقي
ثمّ اسقني مثلها آمين آمينا 1775
الحميري:
و مارقة في دينهم فارقوا الهدى
و لم يأتلوا بغيا عليه و حكّموا
سطوا بابن خبّاب و ألقى بنفسه
و قتل ابن خبّاب عليهم محرّم
فلمّا أبوا في الغيّ إلّا تماديا
سما لهم عبل الذراعين ضيغم
فأضحوا كعاد أو ثمود كأنّما
تساقوا عقارا أسكرتهم فنوّموا 1776
ثمّ لمّا انقضى أمر الخوارج عليهم اللعنة خاض الناس في أمر الحاكمين، فقال بعض الناس: ما يمنع أمير المؤمنين عليه السلام أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلّم؟