کتابخانه روایات شیعه
الناس خيرهم لنفسه، و شرّ الناس شرّهم لنفسه، و ليس بين اللّه و بين أحد قرابة، و (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) 1758 .
فلمّا وصل إليهم أمير المؤمنين عليه السلام استعطفهم فأبوا إلّا قتاله، و تنادوا أن دعوا مخاطبة عليّ و أصحابه و بادروا إلى الجنّة، و صاحوا: الرواح الرواح إلى الجنّة، و أمير المؤمنين يعبّئ أصحابه و نهاهم أن يتقدّم إليهم أحد.
فكان أوّل من تقدّم من الخوارج أخنس بن العيزر 1759 الطائي، و جعل يقول:
ثمانون من حيي جديلة قتّلوا
على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا لا حكم إلّا لربّنا
حنانيك فاغفر حوبنا و المساويا
هم فارقوا من جار في اللّه حكمه
فكلّ إلى 1760 الرحمن أصبح ثاويا
فقتله أمير المؤمنين عليه السلام.
و خرج عبد اللّه بن وهب الراسبي، و قال:
أنا ابن وهب الراسبي الشاري
أضرب في القوم لأخذ الثار
حتى تزول دولة الأشرار
و يرجع الحقّ إلى الأخيار
فقتل.
و خرج مالك بن الوضّاح قائلا:
إنّي لبائع ما يفنى بباقية
و لا اريد لدى الهيجاء تربيضا
و خرج إلى أمير المؤمنين عليه السلام الوضّاح بن الوضّاح من جانب، و ابن عمّه حرقوص من جانب، فقتل الوضّاح، و ضرب ضربة على رأس حرقوص فقطعه، و وقع [رأس] 1761 سيفه على الفرس فشرد و أرجله في الركاب حتى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحروريّة كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.
[في القتلى من العسكرين]
و كان المقتولون من عسكر أمير المؤمنين عليه السلام: رؤبة بن وبر البجلي، و رفاعة بن وائل الأرحبي، و الفياض بن خليل الأزدي، و كيسوم بن سلمة الجهني، و حبيب بن عاصم الأزدي، إلى تمام تسعة، و انفلت من الخوارج تسعة، كما أخبر أمير المؤمنين عليه السلام في بدء الأمر، فقال: إنّهم لا يقتلون منّا عشرة، و لا يسلم منهم عشرة 1762 .
أبو نعيم الأصفهاني: عن سفيان الثوري أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن نفتّش على المخدج بين القتلى فلم نجده.
فقال رجل: و اللّه ما هو فيهم.
فقال صلوات اللّه عليه: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت.
[العثور على المخدج بين القتلى]
و روي 1763 أنّ أمير المؤمنين قال: اطلبوا المخدج.
فقالوا: لم نجده.
فقال: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، يا عجلان، ائتني ببغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأتاه بالبغلة، فركبها و جال في القتلى، [ثمّ] 1764 قال: اطلبوه هاهنا.
قال: فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين، فسجد أمير المؤمنين شكرا للّه.
تاريخ القمّي: إنّه رجل أسود، عليه قريطق، مخدج اليد 1765 ، أحد ثدييه كثدي المرأة، عليه شعيرات مثل شعيرات تكون على ذنب اليربوع 1766 .
و في مسند الموصلي: حبشيّ [مثل البعير] 1767 في منكبه مثل ثدي المرأة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق اللّه و رسوله.
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: من يعرف هذا؟ فلم يعرفه أحد.
فقال رجل: أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد؟
فقال: هذه، و أشار إلى الكوفة، و مالي بهذا 1768 معرفة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق، هو من الجانّ.
و في رواية: هو من الجنّ.
و في مسند الموصلي: من زعم من الناس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب.
و في مسند أحمد: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: أما إنّه أخبرني خليلي بثلاثة إخوة من الجنّ هذا أكفرهم 1769 ، و الثاني له جمع كثير، و الثالث فيه ضعف.
و في رواية عن سعد بن أبي وقّاص: هو شيطان الردهة 1770 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام القاصعة]
و إلى هذا أشار أمير المؤمنين في خطبته القاصعة 1771 : ألا و قد أمرني اللّه سبحانه بقتال أهل البغي و النكث و الفساد في الأرض، فأمّا الناكثون فقد قاتلت، و أمّا القاسطون فقد جاهدت، و أمّا المارقة فقد دوّخت، و أمّا شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه و رجّة صدره 1772 .
[أبيات للحميري]
[للحميري:] 1773
إنّي أدين بما دان الوصيّ به
يوم الخريبة 1774 من قتل المحلّينا
و ما به دان يوم النهر دنت به
و بايعت كفّه كفّي بصفّينا
في سفك ما سفكت فيها إذا حضروا
و أبرز اللّه للقسط الموازينا
تلك الدماء معا يا ربّ في عنقي
ثمّ اسقني مثلها آمين آمينا 1775
الحميري:
و مارقة في دينهم فارقوا الهدى
و لم يأتلوا بغيا عليه و حكّموا
سطوا بابن خبّاب و ألقى بنفسه
و قتل ابن خبّاب عليهم محرّم
فلمّا أبوا في الغيّ إلّا تماديا
سما لهم عبل الذراعين ضيغم
فأضحوا كعاد أو ثمود كأنّما
تساقوا عقارا أسكرتهم فنوّموا 1776
ثمّ لمّا انقضى أمر الخوارج عليهم اللعنة خاض الناس في أمر الحاكمين، فقال بعض الناس: ما يمنع أمير المؤمنين عليه السلام أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلّم؟
فقال للحسن عليه السلام: قم فتكلّم في هذين الرجلين: عبد اللّه بن قيس، و عمرو بن العاص.
[خطبة الامام الحسن عليه السلام و ابن عبّاس في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص]
فقال الحسن عليه السلام، فقال: أيّها الناس، إنّكم قد أكثرتم في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص، و إنّما بعثناهما 1777 ليحكما بكتاب اللّه فحكما بالهوى على الكتاب، و من كان هكذا لم يسمّ حكما و لكنّه محكوم عليه، و قد أخطأ عبد اللّه بن قيس إن أفضى 1778 بها إلى عبد اللّه بن عمر، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال: في أنّ أباه لم يرضه لها، و في أنّه لم يستأمره، و في أنّه لم يجتمع عليه الأنصار و المهاجرون الّذين نفذوها لمن بعده، و إنّما الحكومة فرض من اللّه، و قد حكّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سعدا في بني قريظة فحكم فيهم بحكم اللّه لا شكّ فيه، فأنفذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حكمه و لو خالف ذلك لم يجزه، ثمّ جلس.
ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عبّاس: قم فتكلّم.
فقام، و قال: أيّها الناس، إنّ للحقّ أهلا أصابوه بالتوفيق و الناس بين راض به و راغب عنه، و إنّما بعث عبد اللّه بن قيس لهدى من ضلالة، و بعث عمرو لضلالة من هدى 1779 ، فلمّا التقيا رجع عبد اللّه عن هداه و ثبت عمرو على ضلالته، و اللّه لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه، و إن حكما بما اجتمعا عليه معا ما اجتمعا على شيء، و إن كانا قد حكما بما سارا إليه لقد سار عبد اللّه و إمامه عليّ، و سار عمرو و إمامه معاوية، فما بعد هذا من غيب ينتظر، و لكنّهم سئموا الحرب و أحبّوا البقاء، و دفعوا البلاء، و رجا كلّ قوم صاحبهم.
[خطبة عبد اللّه بن جعفر في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص، و كلام أمير المؤمنين عليه السلام]
ثمّ قال عليه السلام لعبد اللّه بن جعفر: قم فتكلّم.
فقام عبد اللّه، و قال: أيّها الناس، إنّ هذا الأمر كان النظر فيه إلى عليّ عليه السلام و الرضى فيه لغيره فجئتم بعبد اللّه بن قيس فقلتم: لا نرضى إلّا بهذا فارض به فإنّه رضانا، و أيم اللّه ما استفدناه علما، و لا انتظرنا منه غائبا، و لا أمّلنا ضعفه، و لا رجونا به صاحبه، و لا أفسدا بما عملا العراق، و لا أصالحا الشام، و لا أماتا حقّ عليّ، و لا أحييا باطل معاوية، و لا يذهب الحقّ رقية راق و لا نفحة شيطان، و إنّا اليوم على ما كنّا عليه أمس، و جلس.