کتابخانه روایات شیعه
فقال صلوات اللّه عليه: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت.
[العثور على المخدج بين القتلى]
و روي 1763 أنّ أمير المؤمنين قال: اطلبوا المخدج.
فقالوا: لم نجده.
فقال: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، يا عجلان، ائتني ببغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأتاه بالبغلة، فركبها و جال في القتلى، [ثمّ] 1764 قال: اطلبوه هاهنا.
قال: فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين، فسجد أمير المؤمنين شكرا للّه.
تاريخ القمّي: إنّه رجل أسود، عليه قريطق، مخدج اليد 1765 ، أحد ثدييه كثدي المرأة، عليه شعيرات مثل شعيرات تكون على ذنب اليربوع 1766 .
و في مسند الموصلي: حبشيّ [مثل البعير] 1767 في منكبه مثل ثدي المرأة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق اللّه و رسوله.
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: من يعرف هذا؟ فلم يعرفه أحد.
فقال رجل: أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد؟
فقال: هذه، و أشار إلى الكوفة، و مالي بهذا 1768 معرفة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق، هو من الجانّ.
و في رواية: هو من الجنّ.
و في مسند الموصلي: من زعم من الناس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب.
و في مسند أحمد: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: أما إنّه أخبرني خليلي بثلاثة إخوة من الجنّ هذا أكفرهم 1769 ، و الثاني له جمع كثير، و الثالث فيه ضعف.
و في رواية عن سعد بن أبي وقّاص: هو شيطان الردهة 1770 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام القاصعة]
و إلى هذا أشار أمير المؤمنين في خطبته القاصعة 1771 : ألا و قد أمرني اللّه سبحانه بقتال أهل البغي و النكث و الفساد في الأرض، فأمّا الناكثون فقد قاتلت، و أمّا القاسطون فقد جاهدت، و أمّا المارقة فقد دوّخت، و أمّا شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه و رجّة صدره 1772 .
[أبيات للحميري]
[للحميري:] 1773
إنّي أدين بما دان الوصيّ به
يوم الخريبة 1774 من قتل المحلّينا
و ما به دان يوم النهر دنت به
و بايعت كفّه كفّي بصفّينا
في سفك ما سفكت فيها إذا حضروا
و أبرز اللّه للقسط الموازينا
تلك الدماء معا يا ربّ في عنقي
ثمّ اسقني مثلها آمين آمينا 1775
الحميري:
و مارقة في دينهم فارقوا الهدى
و لم يأتلوا بغيا عليه و حكّموا
سطوا بابن خبّاب و ألقى بنفسه
و قتل ابن خبّاب عليهم محرّم
فلمّا أبوا في الغيّ إلّا تماديا
سما لهم عبل الذراعين ضيغم
فأضحوا كعاد أو ثمود كأنّما
تساقوا عقارا أسكرتهم فنوّموا 1776
ثمّ لمّا انقضى أمر الخوارج عليهم اللعنة خاض الناس في أمر الحاكمين، فقال بعض الناس: ما يمنع أمير المؤمنين عليه السلام أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلّم؟
فقال للحسن عليه السلام: قم فتكلّم في هذين الرجلين: عبد اللّه بن قيس، و عمرو بن العاص.
[خطبة الامام الحسن عليه السلام و ابن عبّاس في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص]
فقال الحسن عليه السلام، فقال: أيّها الناس، إنّكم قد أكثرتم في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص، و إنّما بعثناهما 1777 ليحكما بكتاب اللّه فحكما بالهوى على الكتاب، و من كان هكذا لم يسمّ حكما و لكنّه محكوم عليه، و قد أخطأ عبد اللّه بن قيس إن أفضى 1778 بها إلى عبد اللّه بن عمر، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال: في أنّ أباه لم يرضه لها، و في أنّه لم يستأمره، و في أنّه لم يجتمع عليه الأنصار و المهاجرون الّذين نفذوها لمن بعده، و إنّما الحكومة فرض من اللّه، و قد حكّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سعدا في بني قريظة فحكم فيهم بحكم اللّه لا شكّ فيه، فأنفذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حكمه و لو خالف ذلك لم يجزه، ثمّ جلس.
ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عبّاس: قم فتكلّم.
فقام، و قال: أيّها الناس، إنّ للحقّ أهلا أصابوه بالتوفيق و الناس بين راض به و راغب عنه، و إنّما بعث عبد اللّه بن قيس لهدى من ضلالة، و بعث عمرو لضلالة من هدى 1779 ، فلمّا التقيا رجع عبد اللّه عن هداه و ثبت عمرو على ضلالته، و اللّه لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه، و إن حكما بما اجتمعا عليه معا ما اجتمعا على شيء، و إن كانا قد حكما بما سارا إليه لقد سار عبد اللّه و إمامه عليّ، و سار عمرو و إمامه معاوية، فما بعد هذا من غيب ينتظر، و لكنّهم سئموا الحرب و أحبّوا البقاء، و دفعوا البلاء، و رجا كلّ قوم صاحبهم.
[خطبة عبد اللّه بن جعفر في أمر عبد اللّه بن قيس و عمرو بن العاص، و كلام أمير المؤمنين عليه السلام]
ثمّ قال عليه السلام لعبد اللّه بن جعفر: قم فتكلّم.
فقام عبد اللّه، و قال: أيّها الناس، إنّ هذا الأمر كان النظر فيه إلى عليّ عليه السلام و الرضى فيه لغيره فجئتم بعبد اللّه بن قيس فقلتم: لا نرضى إلّا بهذا فارض به فإنّه رضانا، و أيم اللّه ما استفدناه علما، و لا انتظرنا منه غائبا، و لا أمّلنا ضعفه، و لا رجونا به صاحبه، و لا أفسدا بما عملا العراق، و لا أصالحا الشام، و لا أماتا حقّ عليّ، و لا أحييا باطل معاوية، و لا يذهب الحقّ رقية راق و لا نفحة شيطان، و إنّا اليوم على ما كنّا عليه أمس، و جلس.
و من كلام أمير المؤمنين عليه السلام 1780 : ألّا و من دعا إلى هذا الشّعار 1781 فاقتلوه، و لو كان تحت عمامتي هذه، فإنّما حكّم الحكمان ليحييا ما أحيى القرآن، و يميتا ما أمات القرآن، و إحياؤه الاجتماع عليه، و إماتته الافتراق عنه، فإن جرّنا القرآن إليهم اتّبعناهم، و إن جرّهم إلينا اتّبعونا، فلم آت- لا أبا لكم- بجرا، و لا ختلتكم عن أمركم، و لا لبّسته 1782 عليكم، إنّما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا 1783 عليهما ألّا يتعدّيا القرآن، فتاها عنه، و تركا الحقّ و هما يبصرانه، فكان الجور هواهما فمضيا عليه، و قد سبق استثناؤنا
عليهما- في الحكومة بالعدل و الصّمد 1784 للحقّ- سوء رأيهما، و جور حكمهما.
[خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام]
ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه السلام خطب الخطبة المذكورة في نهج البلاغة 1785 من كلامه عليه السلام الّذي رواه نوف البكالي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خطب بها قائما على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي و هو ابن اخت أمير المؤمنين عليه السلام، و هي الّتي أوّلها: الحمد للّه الّذي إليه مصائر الخلق، و عواقب الأمر، إلى آخرها، فلمّا فرغ من خطبته عليه السلام نادى بأعلا صوته: الجهاد الجهاد عباد اللّه، ألا و إنّي معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح إلى اللّه تعالى فليخرج.
قال نوف: و عقد للحسين عليه السلام في عشرة آلاف، و للحسن في عشرة آلاف، و لقيس بن سعد في عشرة آلاف، و لأبي أيّوب الأنصاري في عشرة آلاف، و لغيرهم على أعداد أخر و هو يريد الرجعة إلى صفّين، فما دارت الجمعة حتى ضربه ابن ملجم لعنة اللّه عليه، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها تتخطّفها الذئاب من كلّ مكان 1786 .
قلت: و لمّا تفكّرت في هذه العصابة المارقة عن الدين، الخارجة عن الحقّ المبين، الّتي كفى اللّه المؤمنين فتنتها، و أدحض حجّتها، و استأصل شأفتها، و أوضح فسادها، و بيّن إلحادها، على لسان لسانه الناطق، و أمينه الصادق، خير الخلق بعد نبيّ اللّه، و أعلمهم بصفات اللّه، و أقومهم بحدود اللّه، نظمت هذه
الأبيات تقرّبا إلى اللّه بلعنتهم و سبّهم، و وشحت نظامي بذمّهم و ثلبهم، و أوضحت من مساوئهم، و كشفت عن مخازيهم، و خاطبتهم خطاب المجاهد المناجز، و قاتلتهم مقاتلة المصاول المبارز، و جرّدت عضب لساني من عمد مقولي، و طعنت بعامل نظامي في أعداء معاذي و موئلي، قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، أعلى من فاز بالمعلّى من قول ربّ العالمين: (وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) 1787 .
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في الخوارج]
يا أمّة فارقت منهاج هاديها
و أوضعت بوجيف في مغاويها
و أصبحت عن طريق الحقّ خارجة
كالنّبل تمرق من محني راميها
سوق العسوف بها قامت فأنفسها
بالسيف ارخص منها سعر غاليها
ما ان شرى اللّه منها أنفسا زهقت
في النهروان بل الشيطان شاريها
عن نور شمس الهدى أبصارها برقت
إذ البصائر فرط الجهل معشيها
زلّت مطالبها ضلّت مذاهبها
عمّت مصائبها خابت مساعيها
ترى حرورا بها معنى لأعظمها
لمّا غدا البغي نحو الحتف داعيها
رامت على الحقّ أن تعلو بشبهتها
فانهدّ بنيانها و انحطّ عاليها
تنكّبت عن طريق الرشد و ارتكبت
سبل الضلال فأضحى حتفها فيها
بسيف أعلا الورى جدّا و أشرفها
جدّا و أعظمها مجدا و واليها
و خير من فرض اللّه الولاء له
على الخلائق دانيها و قاصيها
و أعظم الناس قدرا بل و أسمحهم
كفّا و أجملهم وصفا و بنويها
أخ الرسول و فاديه بمهجته