کتابخانه روایات شیعه
أبواب الجنان مفتّحة في هذا الشهر الشريف فاسألوا ربّكم أن لا يغلقها عليكم، و أبواب النيران مغلقة في هذا الشهر الشريف فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة فاسألوا ربّكم ألّا يسلّطها عليكم.
[إخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمقتله عليه السلام]
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقمت و قلت: يا رسول اللّه، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر الشريف؟
فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه عزّ و جلّ، ثمّ بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقلت: يا رسول اللّه، ما يبكيك؟
قال: أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشهر، كأنّي بك و أنت تصلّي لربّك، و قد انبعث أشقى الأوّلين و أشقى الآخرين، شقيق 1788 عاقر ناقة ثمود، فضربك على قرنك ضربة خضب منها لحيتك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول اللّه، أ في سلامة من ديني؟
فقال: في سلامة من دينك.
ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، من قتلك فقد قتلني، و من أبغضك فقد أبغضني، و من سبّك فقد سبّني، لأنّك منّي كنفسي، روحك من روحي، و طينتك من طينتي، إنّ اللّه سبحانه خلقني و إيّاك، و اصطفاني و إيّاك، و اختارني للنبوّة، و اختارك للامامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي.
يا عليّ، أنت وصيّي، و أبو ولدي، و زوج ابنتي، و خليفتي على أمّتي في
حياتي و بعد موتي، أمرك أمري، و نهيك نهيي، اقسم بالّذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البريّة إنّك لحجّة اللّه على خلقه، و أمينه على سرّه 1789 ، و خليفته على عباده 1790 .
تفسير وكيع و السدّي و سفيان و أبي صالح: أنّ عبد اللّه بن عمر قرأ قوله تعالى: (أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) 1791 قال: هو يوم قتل فيه أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، لقد كنت الطرف الأكبر في العلم، اليوم نقص علم الاسلام، و مضى ركن الايمان.
و روى الزعفراني، عن المزني، عن الشافعي 1792 ، عن مالك، [عن سميّ،] 1793 عن أبي صالح، قال: لمّا قتل عليّ بن أبي طالب قال ابن عبّاس: هذا اليوم نقص العلم و الفقه من أرض المدينة، ثمّ قال: إنّ نقصان الأرض نقصان علمائها و خيار أهلها، إنّ اللّه لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، لكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتّخذ الناس دوننا 1794 جهّالا، فيسألوا فيفتوا بغير علم، فضلّوا و أضلّوا.
سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس في قوله سبحانه: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) و قد كان قبر أمير المؤمنين عليه السلام مع نوح في
السفينة، فلمّا خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة، فسأل نوح ربّه المغفرة لعليّ و فاطمة قوله: (وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ) ، ثمّ قال: (وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ - لآل محمد- إِلَّا تَباراً) 1795 .
و روي أنّه نزل فيه- أي في قاتل عليّ-: (وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) 1796 .
و روى أبو بكر بن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، و أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن، أنّه قال سعيد بن المسيّب: كان أمير المؤمنين يقرأ: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) 1797 قال: و الّذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه من هذا- و أشار بيده إلى رأسه و لحيته- 1798 .
و روى الثعلبيّ و الواحديّ بإسنادهما عن عمّار و عن عثمان بن صهيب و عن الضحّاك. و روى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة و عن صهيب و عن عمّار و عن ابن عديّ و عن الضحّاك. و الخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة. و روى الطبري و الموصلي عن عمّار. و روى أحمد بن حنبل عن الضحّاك أنّه قال 1799 النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أشقى الأوّلين عاقر ناقة ثمود، و أشقى الآخرين قاتلك.
و في رواية: من يخضّب هذه من هذا.
[أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سهر في ليلة مقتله]
و روى الحسن البصري أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة الّتي ضرب فيها و لم يخرج لصلاة الليل على عادته، فقالت أمّ كلثوم: ما هذا السهر؟
قال: إنّي مقتول لو قد أصبحت.
فقالت: مر جعدة فليصلّ بالناس.
[قال: نعم، مروا جعدة ليصلّ] 1800 ، ثمّ مرّ و قال: لا مفرّ من الأجل، و خرج قائلا:
خلّوا سبيل الجاهد المجاهد
في اللّه ذي الكتاب و ذي المشاهد
في اللّه لا يعبد غير الواحد
و يوقظ الناس إلى المساجد
و روي أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة فأكثر الخروج و النظر إلى السماء، و هو يقول: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، و إنّها الليلة الّتي وعدت بها، ثمّ يعاود مضجعه، فلمّا طلع الفجر نادى ابن النباح 1801 : الصلاة، فقام فاستقبلته الإوزّ، فصحن في وجهه، فقال: دعوهنّ، فإنّهنّ صوائح تتبعها نوائح، و تعلّقت حديدة غلق 1802 الباب بمئزره، فشدّ إزاره و هو يقول:
اشدد حيازيمك للموت
فإنّ الموت لاقيك
و لا تجزع من الموت
إذا حلّ بناديك
فقد أعرف أقواما
و إن كانوا صعاليك 1803
مساريع إلى الخير
و للشرّ متاريك 1804
أبو صالح الحنفي: قال: سمعت عليّا عليه السلام يقول: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامي، فشكوت إليه ما لقيت من امّته من الأود و اللدد 1805 ، و بكيت، فقال: لا تبك يا عليّ، و التفت و التفتّ، فإذا رجلان مصفّدان، و إذا جلاميد ترضخ بها رءوسهما.
[أمير المؤمنين عليه السلام ينعى نفسه]
و روي أنّه عليه السلام قال لابنته أمّ كلثوم: يا بنيّة، إنّي أراني قلّ ما أصحبكم.
قالت: و كيف ذاك يا أبتاه؟
قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام و هو يمسح الغبار عن وجهي، و يقول: يا عليّ، لا عليك قضيت ما عليك.
قالت: فما مكثنا حتى ضرب في تلك الليلة.
و روي أنّه قال: يا بنيّة، إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يشير إليّ بكفّه، و يقول: يا عليّ، إلينا، فإنّ ما عندنا خير لك.
[اجتماع جماعة من الخوارج و فيهم عبد الرحمن بن ملجم و اتّفاقهم على قتل أمير المؤمنين عليه السلام و معاوية و عمرو بن العاص، و شغف ابن ملجم بقطام التميميّة]
أبو مخنف الأزدي، و ابن راشد، و الرفاعي، و الثقفي جميعا، قالوا: لمّا رجع أمير المؤمنين عليه السلام من حرب الخوارج و قتلهم اللّه على يده، و أنجز ما وعده، اجتمع في مكّة جماعة من الخوارج فقالوا: إنّا شرينا أنفسنا للّه فلو
أتينا أئمّة الضلال، و طلبنا غرّتهم أرحنا العباد و البلاد منهم.
فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه: أنا أكفيكم عليّا، و قال الحجّاج بن عبد اللّه السعدي الملقّب بالبرك: أنا أكفيكم معاوية، و قال عمرو بن بكر التميمي:
أنا أكفيكم عمرو بن العاص، و اتّعدوا ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، ثمّ تفرّقوا، فدخل ابن ملجم الكوفة فرأى رجلا من تيم الرباب عند قطام التميميّة، و كان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها الأخضر و أخاها الأصبغ بالنهروان فشغف بها، و خطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمته:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة
كمهر قطام من فصيح و أعجم
ثلاثة آلاف و عبد و قينة
و قتل 1806 عليّ بالحسام المسمّم
فلا مهر أغلى من عليّ و إن غلا
و لا فتك إلّا دون فتك 1807 ابن ملجم
فقبل ابن ملجم ذلك، ثمّ قال: يا ويلك، و من يقدر على قتل عليّ، و هو فارس الفرسان، و مغالب الأقران، و السبّاق إلى الطعان؟ و أمّا المال فلا بأس عليّ منه.
قالت: اقبل، فقبل، و قال لها: إنّي ما أتيت هذه البلدة إلّا لذلك، و لم اظهر ذلك لأحد إلّا لك.
قالت: فإنّي أرسل إلى جماعة رأيهم رأيك في ذلك، فبعثت إلى ابن عمّ لها يقال له وردان 1808 بن مجالد التميمي و سألته معونة ابن ملجم، و استعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة، و أعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص فأطعمتهم
اللوزينج و الجوزينق و سقتهم الخمر العكبري، فنام شبيب و تمتّع ابن ملجم معها، ثمّ قامت فأيقظتهم و عصبت صدورهم بحرير، و تقلّدوا أسيافهم.
[ضرب ابن ملجم لأمير المؤمنين عليه السلام]
و قيل: إنّ ابن ملجم قال لها: أ ترضين منّي بضربة واحدة؟
قالت: نعم، و لكن اعطني سيفك، فأعطاها فأمست ملطّخة بالسمّ، ثمّ مضوا و كمنوا له مقابل السدّة، و حضر الأشعث بن قيس لمعونتهم، و قال لابن ملجم: النجا النجا لحاجتك، فقد فضحك الصبح، فأحسّ حجر بن عديّ بما أراد الأشعث، فقال: قتلته يا أشعث، و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف.
و عن عبد اللّه بن محمد 1809 الأزدي، قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ينادي: الصلاة الصلاة، فإذا هو مضروب، و سمعت قائلا يقول: الحكم للّه يا عليّ لا لك و لا لأصحابك، و سمعت عليّا يقول: فزت و ربّ الكعبة، ثمّ قال: لا يفوتنّكم الرجل.
و كان قد ضربه شبيب فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق، و مضى هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عمّ له فرآه يحلّ الحرير عن صدره، فقال:
لعلّك قتلت أمير المؤمنين؟ فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فقتله الأزدي.
و أمّا ابن ملجم فإنّ رجلا من همدان لحقه و طرح عليه قطيفة و صرعه.
و انسلّ الثالث بين الناس و أتوا بابن ملجم إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: النفس بالنفس، إن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني، و إن سلمت رأيت فيه رأيي.