کتابخانه روایات شیعه
السفينة، فلمّا خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة، فسأل نوح ربّه المغفرة لعليّ و فاطمة قوله: (وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ) ، ثمّ قال: (وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ - لآل محمد- إِلَّا تَباراً) 1795 .
و روي أنّه نزل فيه- أي في قاتل عليّ-: (وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) 1796 .
و روى أبو بكر بن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، و أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن، أنّه قال سعيد بن المسيّب: كان أمير المؤمنين يقرأ: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) 1797 قال: و الّذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه من هذا- و أشار بيده إلى رأسه و لحيته- 1798 .
و روى الثعلبيّ و الواحديّ بإسنادهما عن عمّار و عن عثمان بن صهيب و عن الضحّاك. و روى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة و عن صهيب و عن عمّار و عن ابن عديّ و عن الضحّاك. و الخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة. و روى الطبري و الموصلي عن عمّار. و روى أحمد بن حنبل عن الضحّاك أنّه قال 1799 النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أشقى الأوّلين عاقر ناقة ثمود، و أشقى الآخرين قاتلك.
و في رواية: من يخضّب هذه من هذا.
[أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سهر في ليلة مقتله]
و روى الحسن البصري أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة الّتي ضرب فيها و لم يخرج لصلاة الليل على عادته، فقالت أمّ كلثوم: ما هذا السهر؟
قال: إنّي مقتول لو قد أصبحت.
فقالت: مر جعدة فليصلّ بالناس.
[قال: نعم، مروا جعدة ليصلّ] 1800 ، ثمّ مرّ و قال: لا مفرّ من الأجل، و خرج قائلا:
خلّوا سبيل الجاهد المجاهد
في اللّه ذي الكتاب و ذي المشاهد
في اللّه لا يعبد غير الواحد
و يوقظ الناس إلى المساجد
و روي أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة فأكثر الخروج و النظر إلى السماء، و هو يقول: و اللّه ما كذبت و لا كذّبت، و إنّها الليلة الّتي وعدت بها، ثمّ يعاود مضجعه، فلمّا طلع الفجر نادى ابن النباح 1801 : الصلاة، فقام فاستقبلته الإوزّ، فصحن في وجهه، فقال: دعوهنّ، فإنّهنّ صوائح تتبعها نوائح، و تعلّقت حديدة غلق 1802 الباب بمئزره، فشدّ إزاره و هو يقول:
اشدد حيازيمك للموت
فإنّ الموت لاقيك
و لا تجزع من الموت
إذا حلّ بناديك
فقد أعرف أقواما
و إن كانوا صعاليك 1803
مساريع إلى الخير
و للشرّ متاريك 1804
أبو صالح الحنفي: قال: سمعت عليّا عليه السلام يقول: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامي، فشكوت إليه ما لقيت من امّته من الأود و اللدد 1805 ، و بكيت، فقال: لا تبك يا عليّ، و التفت و التفتّ، فإذا رجلان مصفّدان، و إذا جلاميد ترضخ بها رءوسهما.
[أمير المؤمنين عليه السلام ينعى نفسه]
و روي أنّه عليه السلام قال لابنته أمّ كلثوم: يا بنيّة، إنّي أراني قلّ ما أصحبكم.
قالت: و كيف ذاك يا أبتاه؟
قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام و هو يمسح الغبار عن وجهي، و يقول: يا عليّ، لا عليك قضيت ما عليك.
قالت: فما مكثنا حتى ضرب في تلك الليلة.
و روي أنّه قال: يا بنيّة، إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يشير إليّ بكفّه، و يقول: يا عليّ، إلينا، فإنّ ما عندنا خير لك.
[اجتماع جماعة من الخوارج و فيهم عبد الرحمن بن ملجم و اتّفاقهم على قتل أمير المؤمنين عليه السلام و معاوية و عمرو بن العاص، و شغف ابن ملجم بقطام التميميّة]
أبو مخنف الأزدي، و ابن راشد، و الرفاعي، و الثقفي جميعا، قالوا: لمّا رجع أمير المؤمنين عليه السلام من حرب الخوارج و قتلهم اللّه على يده، و أنجز ما وعده، اجتمع في مكّة جماعة من الخوارج فقالوا: إنّا شرينا أنفسنا للّه فلو
أتينا أئمّة الضلال، و طلبنا غرّتهم أرحنا العباد و البلاد منهم.
فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه: أنا أكفيكم عليّا، و قال الحجّاج بن عبد اللّه السعدي الملقّب بالبرك: أنا أكفيكم معاوية، و قال عمرو بن بكر التميمي:
أنا أكفيكم عمرو بن العاص، و اتّعدوا ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، ثمّ تفرّقوا، فدخل ابن ملجم الكوفة فرأى رجلا من تيم الرباب عند قطام التميميّة، و كان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها الأخضر و أخاها الأصبغ بالنهروان فشغف بها، و خطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمته:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة
كمهر قطام من فصيح و أعجم
ثلاثة آلاف و عبد و قينة
و قتل 1806 عليّ بالحسام المسمّم
فلا مهر أغلى من عليّ و إن غلا
و لا فتك إلّا دون فتك 1807 ابن ملجم
فقبل ابن ملجم ذلك، ثمّ قال: يا ويلك، و من يقدر على قتل عليّ، و هو فارس الفرسان، و مغالب الأقران، و السبّاق إلى الطعان؟ و أمّا المال فلا بأس عليّ منه.
قالت: اقبل، فقبل، و قال لها: إنّي ما أتيت هذه البلدة إلّا لذلك، و لم اظهر ذلك لأحد إلّا لك.
قالت: فإنّي أرسل إلى جماعة رأيهم رأيك في ذلك، فبعثت إلى ابن عمّ لها يقال له وردان 1808 بن مجالد التميمي و سألته معونة ابن ملجم، و استعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة، و أعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص فأطعمتهم
اللوزينج و الجوزينق و سقتهم الخمر العكبري، فنام شبيب و تمتّع ابن ملجم معها، ثمّ قامت فأيقظتهم و عصبت صدورهم بحرير، و تقلّدوا أسيافهم.
[ضرب ابن ملجم لأمير المؤمنين عليه السلام]
و قيل: إنّ ابن ملجم قال لها: أ ترضين منّي بضربة واحدة؟
قالت: نعم، و لكن اعطني سيفك، فأعطاها فأمست ملطّخة بالسمّ، ثمّ مضوا و كمنوا له مقابل السدّة، و حضر الأشعث بن قيس لمعونتهم، و قال لابن ملجم: النجا النجا لحاجتك، فقد فضحك الصبح، فأحسّ حجر بن عديّ بما أراد الأشعث، فقال: قتلته يا أشعث، و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف.
و عن عبد اللّه بن محمد 1809 الأزدي، قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ينادي: الصلاة الصلاة، فإذا هو مضروب، و سمعت قائلا يقول: الحكم للّه يا عليّ لا لك و لا لأصحابك، و سمعت عليّا يقول: فزت و ربّ الكعبة، ثمّ قال: لا يفوتنّكم الرجل.
و كان قد ضربه شبيب فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق، و مضى هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عمّ له فرآه يحلّ الحرير عن صدره، فقال:
لعلّك قتلت أمير المؤمنين؟ فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فقتله الأزدي.
و أمّا ابن ملجم فإنّ رجلا من همدان لحقه و طرح عليه قطيفة و صرعه.
و انسلّ الثالث بين الناس و أتوا بابن ملجم إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: النفس بالنفس، إن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني، و إن سلمت رأيت فيه رأيي.
و في رواية: إن عشت رأيت فيه رأيي، و إن هلكت فاصنعوا به ما يفعل
بقاتل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
فسئل: ما معناه؟
فقال: اقتلوه، ثمّ حرّقوه بالنار.
فقال ابن ملجم: لقد ابتعته بألف و سممته بألف، فإن خانني فأبعده اللّه، و لقد ضربته ضربة لو قسّمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.
و في محاسن الجوابات عن الدينوريّ: أنّ ابن ملجم قال: لقد سألت اللّه أن يقتل به شرّ خلقه.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لقد أجاب اللّه دعوتك، يا حسن، إذا متّ فاقتله بسيفه.
روي أنّه عليه السلام قال: أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره، فإن أصحّ فأنا وليّ دمي، إن شئت عفوت، و إن شئت استنفذت، و إن هلكت فاقتلوه.
و روي أنّه لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام و سمعوا قوله: فزت و ربّ الكعبة، و ارتفع الصياح في المسجد: قتل أمير المؤمنين، أقبل أهل الكوفة رجالا و نساء بالمصابيح، فوجدوا أمير المؤمنين عليه السلام مطروحا في محرابه، فارتفعت أصوات الناس بالبكاء و النحيب.
و أقبل الحسن و الحسين، فلمّا رأيا أمير المؤمنين وقعا على قدميه و أعلنا بالبكاء و النحيب، و أقبلت بنات أمير المؤمنين مشقّقات الجيوب، و جعل أمير المؤمنين يأخذ الدم من رأسه و يلطّخ وجهه و محاسنه، و يقول: هكذا ألقى اللّه، هكذا ألقى رسول اللّه، هكذا ألقى فاطمة، هكذا ألقى جعفر الطيّار، و سمع أمير المؤمنين بكاء بناته، فقال: احملوني إلى المنزل لاودّع بناتي و أهلي،
فوضع إحدى يديه على كتف الحسن، و الاخرى على كتف الحسين، و مضيا به إلى حجرته و رجلاه تخطّان الأرض، و قد علا لونه الاصفرار، و لمّا وصل إلى الحجرة تنفّس الصبح، فقال: يا صبح، اشهد لي عند ربّك أنّني منذ كفلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طفلا إلى يومي هذا ما طلعت عليّ و أنا نائم أبدا، ثمّ قال:
اللّهمّ اشهد و كفى بك شهيدا أنّي لم أعص لك أمرا، و لا تركت فرضا، و لا خطر في بالي ما يخالف أمرك.
و روى ابن نباتة في خبر أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: لقد ضربت في الليلة الّتي قبض فيها يوشع بن نون، و لاقبضنّ في الليلة الّتي رفع 1810 فيها عيسى عليه السلام.
عن الحسن عليه السلام في خبر: و لقد صعد بروحه في الليلة الّتي صعد فيها بروح يحيى بن زكريّا عليهما السلام.
و كان عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه في عداد مراد. قال ابن عبّاس: من نسل قدار عاقر ناقة صالح، و قصّتهما واحدة، لأنّ قدار عشق امرأة يقال لها رباب كما عشق ابن ملجم قطاما.
و سمع ابن ملجم يقول: لأضربنّ عليّا بسيفي هذا، فذهبوا به إليه عليه السلام، فقال: ما اسمك؟
قال: عبد الرحمن بن ملجم.
قال: نشدتك باللّه عن شيء تخبرني به؟