کتابخانه روایات شیعه
قال: هل مرّ بك رجل متوكّئا على عصا و أنت في الباب فمشقك بعصاه، ثمّ قال: بؤسا لك يا أشقى من عاقر ناقة ثمود؟
قال: نعم.
قال: هل كان الصبيان يسمّونك ابن راعية الكلاب؟
قال: نعم.
و روي أنّه أتى ابن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام يبايعه فردّه مرّتين أو ثلاثا، ثمّ بايعه و توثّق منه ألّا يغدر و لا ينكث، فقال: و اللّه ما رأيتك تفعل هذا بغيري.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: امض يا ابن ملجم، فو اللّه لتخضبنّ هذه من هذا- و أشار إلى لحيته و رأسه-.
و روي أنّ ابن ملجم أتى أمير المؤمنين عليه السلام يستحمله، فقال: يا غزوان احمله على الأشقر، ثمّ قال عليه السلام:
اريد حياته و يريد قتلي
عذيري من خليلي 1811 من مراد 1812
و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان كثيرا ما يقول: ما يمنع أشقاها؟
أو ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من دم هذا؟ و كان يقول: و اللّه ليخضبنّ هذه من دم هذا، ثمّ يشير إلى لحيته و رأسه خضاب دم لا خضاب عطر و لا عبير 1813 .
و قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: إنّ ابن ملجم يسمّ بسيفه و يقول: إنّه سيقتلك به فتكة يتحدّث بها العرب، فبعث إليه، فقال له: لم تسمّ سيفك؟
قال: لعدوّي و عدوّك، فخلّا عنه، و قال: ما قتلني بعد.
و قال ابن عبد الرحمن السلمي: أخبرني الحسن بن علي عليه السلام أنّه سمع أباه في ذلك السحر يقول: يا بنيّ، إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الليلة في المنام، فقلت: يا رسول اللّه، ما ذا لقيت من أمّتك من الأود و اللدد؟
فقال: ادع عليهم.
فقلت: اللّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بي شرّا منّي 1814 . ثمّ انتبه و جاء مؤذّنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان، فأمّا أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، و أمّا الآخر فضربه في رأسه و ذلك في صبيحة يوم الجمعة لتسع عشرة من رمضان صبيحة بدر.
[اجتماع الأطبّاء لأمير المؤمنين عليه السلام]
و روي أنّه جمع الأطبّاء لأمير المؤمنين عليه السلام، و كان أبصارهم بالطبّ أثير 1815 بن عمرو السكوني، و كان صاحب كسرى يتطبّب له، و هو الّذي تنسب إليه صحراء أثير فأخذ رئة شاة حارّة فتتبّع عرقا منها فأخرجه و أدخله في جراحة أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ نفخ العرق و استخرجه فإذا عليه بياض دماغ و إذا الضربة قد وصلت إلى أمّ رأسه.
فقال: يا أمير المؤمنين، اعهد فإنّك ميّت 1816 .
فعندها أوصى أمير المؤمنين عليه السلام للحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما بالوصيّة الّتي رواها سيّدنا و مفخرنا السيّد محمد الرّضي الموسويّ في كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين، و هي قوله عليه السلام:
[وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام للحسن و الحسين عليهما السلام]
و من وصيّة له عليه السلام للحسن و الحسين عليهما السلام لمّا ضربه ابن ملجم عليه اللعنة:
اوصيكما بتقوى اللّه، و ألّا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شيء منها زوي عنكما، و قولا بالحقّ، و اعملا للآخرة 1817 ، و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.
اوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه، و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإنّي سمعت جدّكما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
صلاح ذات البيت أفضل من عامّة الصلاة و الصوم.
اللّه اللّه في الأيتام فلا تغبّوا أفواههم، و لا يضيعوا بحضرتكم.
اللّه اللّه في جيرانكم، فإنّهم وصيّة نبيّكم، و ما زال عليه السلام يوصي بهم حتى ظننّا 1818 أنّه سيورّثهم.
و اللّه اللّه في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم.
و اللّه اللّه في الصلاة فإنّها عمود دينكم.
و اللّه اللّه في بيت ربّكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنّه إن ترك لم تناظروا.
و اللّه اللّه في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل اللّه.
و عليكم بالتواصل و التباذل، و إيّاكم و التدابر و التقاطع، و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولّى عليكم أشراركم ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم.
[ثمّ] 1819 قال: يا بني عبد المطّلب، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون: قتل أمير المؤمنين 1820 ، ألا لا يقتل فيّ 1821 إلّا قاتلي.
انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، و لا تمثّلوا بالرجل، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور 1822 .
أبو بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري، قال: أوصى عليّ صلوات اللّه عليه عند موته للحسن و الحسين عليهما السلام و قال لهما: إذا أنا متّ فإنّكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنّة و ثلاثة أكفان من استبرق الجنّة فغسّلوني و حنّطوني بالحنوط و كفّنوني.
قال الحسن عليه السلام: فلمّا قبض عليه السلام وجدنا عند رأسه طبقا
من الذهب عليه خمس شمّامات من كافور الجنّة، و سدرا من سدر الجنّة.
و من طريق أهل البيت عليهم السلام ما جاء في تهذيب الأحكام 1823 عن سعد الاسكافي قال: حدّثني أبو عبد اللّه عليه السلام [قال] 1824 : لمّا اصيب أمير المؤمنين عليه السلام قال للحسن و الحسين عليهما السلام: غسّلاني و كفّناني و حنّطاني، و احملاني على سريري، و احملا مؤخّره تكفيان مقدّمه، فإنّكما تنتهيان إلى قبر محفور، و لحد ملحود، و لبن موضوع، فالحداني و اشرجا اللبن عليّ، و ارفعا لبنة من عند 1825 رأسي فانظرا ما تسمعان.
و عن منصور بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن جدّه [زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه] 1826 الحسين بن علي عليهم السلام في خبر طويل يذكر فيه:
اوصيكما وصيّة فلا تظهرا على أمري أحدا، فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا و أن يكفّناه فيما يجدان، فإذا غسّلاه و كفّناه وضعاه على اللوح، و إذا وجد السرير يشال مقدّمه فيشيلان مؤخّره، و أن يصلّي الحسن مرّة و الحسين مرّة صلاة إمام، ففعلا بما رسم عليه السلام، فوجدا اللوح و عليه مكتوب:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما ادّخره نوح النبيّ لعليّ بن أبي طالب،
و أصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد أضاء نوره على نور النهار.
و روي أنّ الحسين عليه السلام قال وقت الغسل: أ ما ترى خفّة أمير المؤمنين؟
فقال الحسن: يا أبا عبد اللّه، إنّ معنا قوما يعينونا، فلمّا قضينا صلاة العشاء الآخرة إذا قد شيل مقدّم السرير، و لم نزل نتّبعه إلى أن وردنا الغريّ، فأتينا إلى قبر كما وصف عليه السلام و نحن نسمع خفق أجنحة كثيرة و ضجّة و جلبة 1827 ، فوضعنا السرير و صلّينا على أمير المؤمنين عليه السلام كما وصف لنا، و نزلنا قبره فأضجعناه في لحده، و نضّدنا عليه اللبن.
و في الخبر عن الصادق عليه السلام: فأخذنا اللبنة من عند رأسه بعد ما أشرجنا عليه اللبن، و إذا ليس في القبر شيء، و إذا هاتف يهتف: أمير المؤمنين عليه السلام كان عبدا صالحا، فألحقه اللّه بنبيّه صلّى اللّه عليه و آله، و كذلك يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء، حتى لو أنّ نبيّا مات بالمشرق و [مات] 1828 وصيّه بالمغرب لألحق اللّه الوصيّ بالنبيّ.
و في خبر عن أمّ كلثوم بنت علي عليه السلام: فانشقّ القبر عن ضريح فإذا هم بساجة 1829 مكتوب عليها بالسريانيّة:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا قبر حفره نوح لعليّ بن أبي طالب وصيّ
محمد صلّى اللّه عليه و آله قبل الطوفان بسبعمائة سنة.
و عنها رضي اللّه عنها أنّه لمّا دفن أمير المؤمنين عليه السلام سمع ناطق يقول: أحسن اللّه لكم العزاء في سيّدكم و حجّة اللّه على خلقه.
[سعي إسماعيل بن عيسى العبّاسي عام 293 في تخريب قبر أمير المؤمنين عليه السلام]
التهذيب 1830 في خبر أنّه نفذ إسماعيل بن عيسى العبّاسي غلاما أسود شديد البأس يعرف بالجمل في ذي الحجّة سنة ثلاث و تسعين و مائتين في جماعة و قال: امضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتن به النّاس و يقولون انّه قبر عليّ حتى تنبشوه 1831 إلى قعره، فحفروا حتى نزلوا خمسة أذرع فبلغوا إلى موضع صلب عجزوا عنه، فنزل الحبشي و ضرب ضربة سمع طنينها في البرّ 1832 ، ثمّ ضرب ثانية و ثالثة، ثمّ صاح صيحة و جعل يستغيث فأخرجوه بالحبل فإذا على يده من أطراف أصابعه إلى ترقوته 1833 دم فحملوه على بغل، و لم يزل ينتثر من عضده و سائر شقّه الأيمن فرجعوا إلى العبّاسي، فلمّا رآه التفت إلى القبلة و تاب من فعله و تولّى و تبرّأ، و مات الغلام من وقته، و ركب في الليل إلى عليّ بن مصعب ابن جابر و سأله أن يجعل 1834 على القبر صندوقا.