کتابخانه روایات شیعه
محمد صلّى اللّه عليه و آله قبل الطوفان بسبعمائة سنة.
و عنها رضي اللّه عنها أنّه لمّا دفن أمير المؤمنين عليه السلام سمع ناطق يقول: أحسن اللّه لكم العزاء في سيّدكم و حجّة اللّه على خلقه.
[سعي إسماعيل بن عيسى العبّاسي عام 293 في تخريب قبر أمير المؤمنين عليه السلام]
التهذيب 1830 في خبر أنّه نفذ إسماعيل بن عيسى العبّاسي غلاما أسود شديد البأس يعرف بالجمل في ذي الحجّة سنة ثلاث و تسعين و مائتين في جماعة و قال: امضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتن به النّاس و يقولون انّه قبر عليّ حتى تنبشوه 1831 إلى قعره، فحفروا حتى نزلوا خمسة أذرع فبلغوا إلى موضع صلب عجزوا عنه، فنزل الحبشي و ضرب ضربة سمع طنينها في البرّ 1832 ، ثمّ ضرب ثانية و ثالثة، ثمّ صاح صيحة و جعل يستغيث فأخرجوه بالحبل فإذا على يده من أطراف أصابعه إلى ترقوته 1833 دم فحملوه على بغل، و لم يزل ينتثر من عضده و سائر شقّه الأيمن فرجعوا إلى العبّاسي، فلمّا رآه التفت إلى القبلة و تاب من فعله و تولّى و تبرّأ، و مات الغلام من وقته، و ركب في الليل إلى عليّ بن مصعب ابن جابر و سأله أن يجعل 1834 على القبر صندوقا.
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه: حدّثني أبو الحسن محمد بن تمّام الكوفي، قال: حدّثني أبو الحسن بن الحجّاج، قال: رأينا هذا الصندوق
و ذلك قبل أن يا بني الحسن بن زيد الحائط 1835 .
[العلّة في إخفاء قبر أمير المؤمنين عليه السلام]
أقول: و إنّما أمر أمير المؤمنين عليه السلام بإخفاء قبره عن غير أهله و ولده لأمر لا نعلم نحن سرّه، و لتكن المحنة أشدّ، و البلاء أعظم، أو لكثرة أعدائه، و قصدهم إطفاء نوره، أو غيرهما؛ كخوف شدّة عداوة أعدائه له في حياته، كالناكثين و القاسطين و المارقين الّذين غرّروا بأنفسهم في حربه، و رابطوه قاصدين إطفاء نوره و استئصال شأفته، حتى قتلوه في محرابه راكعا، و أعلنوا بسبّه على منابرهم، و قتلوا ولده و شيعته، و سبوا نساءه و بناته و ولده، ثمّ تتبّعوا أبرار شيعته بالأذى و القتل، كما فعل زياد بن أبيه و الحجّاج، و غيرهما، و كانوا يقتلون على التهمة و الظنّة، حتى روي أنّهم سمعوا برجل يحدّث الناس بفضائل أمير المؤمنين عليه السلام ببلاد ما وراء النهر فاجتهدوا في قتله و قتلوه غيلة 1836 ، فما ظنّك لو علموا بموضع قبره؟ و هو عليه السلام أعلم بما قال و أوصى.
و لم يكن قبره عليه السلام مخفيّا عند ولده و أهله و أحفاده الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم، حتى انّ الإمام المعصوم عليّ بن الحسين سيّد العابدين أتى من المدينة لزيارته و أخفى نفسه في الحياة و زاره ليلا و رجع من فوره إلى المدينة، و كذلك الباقر عليه السلام.
روى جابر بن عبد اللّه الأنصاري، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال:
أتى عليّ بن الحسين عليه السلام زائرا أمير المؤمنين فوضع خدّه على القبر،
و قال: السلام عليك يا وليّ 1837 اللّه في أرضه، و حجّته على عباده، إلى آخر الزيارة، ثمّ قال: اللّهمّ إنّ قلوب المخبتين إليك والهة 1838 ، و سبل الراغبين إليك شارعة، إلى آخره، كما ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي في مصباحه 1839 .
و لم يزل قبره عليه السلام مخفيّا عند العامّة معلوما عند الخاصّة إلى أن انقرضت دولة الشجرة الملعونة في القرآن- أعني بني اميّة عليهم لعائن اللّه- فأظهره الصادق عليه السلام لخاصّته و أصحابه 1840 .
و كان يأتي إليه من المدينة جماعة من شيعته، و كان معلوما لأكثر الناس في تلك الناحية، حتى انّ بعض خلفاء بني العبّاس خرج يتصيّد في ناحية الغريّين و الثويّة و أرسل الكلاب فلجأت [الظباء] 1841 إلى أكمة و رجعت الكلاب، ثمّ إنّ الضباء هبطت منها و صنعت الكلاب مثل الأوّل، فسئل شيخا من بني أسد فقال: إنّ فيها قبر علي بن أبي طالب عليه السلام جعله اللّه حرما لا يأوي إليه شيء إلّا أمن 1842 .
[قضى أمير المؤمنين عليه السلام نحبه ليلة الحادي و العشرين، و نعي الخضر عليه السلام له]
و لنرجع إلى تمام الحديث:
و لمّا فرغ أمير المؤمنين من وصيّته و كانت ليلة الحادي و العشرين و ذهب شطر من الليل فتحت أبواب السماء، و زيّنت الجنان، و تهيّأت أرواح الأنبياء و الأولياء لاستقبال روحه الشريفة صلوات اللّه عليه. قال عليه السلام للحسن و الحسين: احملوني إلى هذا البيت، و دعوني وحدي، و اغلقوا عليّ الباب، و اجلسوا خارج الباب إلى أن أمضي إلى جوار اللّه تعالى، فوضعوه عليه السلام و فعلوا ما أمرهم، فلم يلبثوا إلّا قليلا حتى سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا إله إلّا اللّه، فلمّا سمع الحسن و الحسين تهليله صلوات اللّه عليه لم يتمالكا إلى أن دخلا عليه، فوجدوه قد قضى صلوات اللّه عليه نحبه، فأخذوا في تجهيزه كما ذكرنا أوّلا صلوات اللّه و رحمته و بركاته عليه و على روحه و بدنه، و لعنة اللّه على ظالمه و قاتله و مانعه حقّه.
و روى الكليني في الكافي 1843 أنّه لمّا توفّي أمير المؤمنين عليه السلام جاء شيخ يبكي و هو يقول: اليوم انقطعت علاقة النبوّة، حتى وقف بباب البيت الّذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام- و ذلك حين موته قبل أن يخرجوه و يأخذوا في جهازه- فأخذ بعضادتي الباب، ثمّ قال: رحمك اللّه، فلقد كنت أوّل الناس إسلاما، و أفضلهم فضلهم إيمانا، و أشدّهم يقينا، و أخوفهم من اللّه، و أطوعهم لنبيّ اللّه، و أفضلهم مناقبا، و أكثرهم سوابقا، و أشبههم به خلقا و خلقا، و سيماء و فضلا، و كنت أخفضهم صوتا، و أعلاهم طودا، و أقلّهم كلاما، و أصوبهم منطقا،
و أشجعهم قلبا، و أحسنهم عملا 1844 ، و أقواهم يقينا، حفظت ما ضيّعوا، و رعيت ما أهملوا، و شمّرت إذا اجتمعوا، و علوت إذا هلعوا، و وقفت إذا أسرعوا، و أدركت أوتار ما ظلموا.
كنت على الكافرين عذابا واصبا، و للمؤمنين كهفا و حصنا، كنت كالجبل الراسخ لا تحرّكه العواصف، و لا تزيله القواصف، كنت للأطفال كالأب الشفيق، و للأرامل كالبعل العطوف، قسمت بالسويّة، و عدلت بالرعيّة، و أطفأت النيران، و كسرت الأصنام، و ذللت الأوثان، و عبدت الرحمن- في كلام كثير- فالتفتوا فلم يروا أحدا، فسئل الحسن عليه السلام عنه، فقال: كان الخضر، فارتجّت الدار بالبكاء و النحيب، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون 1845 .
[مقتل ابن ملجم عليه اللعنة]
و لمّا رجع الحسن و الحسين عليهما السلام من دفن أمير المؤمنين عليه السلام أمر الحسن عليه السلام بإخراج ابن ملجم و الاتيان به، فأمر عليه السلام فضربت عنقه، و استوهبت أمّ الهيثم بنت الأسود النخعيّة جيفته لتتولّى إحراقها، فوهبها لها فأحرقتها بالنار، و أمّا الرجلان اللّذان كانا مع ابن ملجم في العقد على معاوية و عمرو بن العاص، فإنّ أحدهما ضرب معاوية على أليته و هو راكع، و أمّا الآخر فإنّه قتل خارجة بن أبي حنيفة العامري و هو يظنّ أنّه عمرو، و كان قد استخلفه لعلّة وجدها 1846 .
[في رثاء أمير المؤمنين عليه السلام]
و ممّا رثي به عليه السلام قول سيّدنا و مولانا الحسن السبط التابع لمرضاة
اللّه صلوات اللّه عليه:
أين من كان لعلم
المصطفى في الناس بابا
أين من كان إذا
ما أقحط الناس سحابا
أين من كان إذا نو
دي في الحرب أجابا
أين من كان دعا
ه مستجابا و مجابا 1847
و سمع هاتف من الجنّ يقول:
يا من يؤمّ إلى المدينة قاصدا
أدّ الرسالة غير ما متوان
قتلت شرار بني اميّة سيّدا
خير البريّة ماجدا ذا شان
ربّ الفضائل في السماء و أرضها
سيف النبيّ و هادم الأوثان
بكت المشاعر و المساجد بعد ما
بكت الأنام له بكلّ مكان
صعصعة بن صوحان:
إلى من لي بانسك يا اخيّا
و من لي أن أبثّك ما لديّا
طوتك خطوب دهر قد تولّى
كذاك خطوبه نشرا و طيّا
فلو نشرت قواك إلى المنايا
شكوت إليك ما صنعت إليّا
بكيتك يا عليّ بدمع 1848 عيني
فلم يغن البكاء عليك شيّا
كفى حزنا بدفنك ثمّ إنّي
نفضت تراب قبرك من يديّا
و كانت في حياتك لي عظات
و أنت اليوم أوعظ منك حيّا
فيا أسفي عليك و طول شوقي
إليك لو أنّ ذلك ردّ شيّا
و له أيضا:
هل خبّر القبر سائليه
أم قرّ عينا بزائريه؟
أم هل تراه أحاط علما
بالجسد المستكن فيه؟
لو علم القبر من يواري
تاه على كلّ من يليه
يا موت ما ذا أردت منّي
حقّقت ما كنت أتّقيه
يا موت لو تقبل افتداء
لكنت بالروح أفتديه
دهر رماني بفقد الفي
أذمّ دهري و أشتكيه 1849
[العلامات الّتي ظهرت عند مقتل أمير المؤمنين عليه السلام]
عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه: لقد قتل أمير المؤمنين عليه السلام على أرض الكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيّام دما.
أبو حمزة، عن الصادق عليه السلام أنّه لمّا قبض أمير المؤمنين عليه السلام لم يرفع من وجه الأرض حجر إلّا وجد تحته دم عبيط.
و في أخبار الطالبيّين أنّ الروم أسروا قوما من المسلمين فاتي بهم الملك فعرض عليهم الكفر، فأبوا، فأمر بإلقائهم في الزيت المغليّ، و أطلق منهم رجلا يخبر بحالهم، فبينا هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل، فوقف فنظر إلى أصحابه الّذين القوا في الزيت، فقال لهم في ذلك، فقالوا: قد كان ذلك، فنادى مناد من السماء في شهداء البرّ و البحر انّ عليّ بن أبي طالب قد استشهد في هذه الليلة، فصلّوا عليه، فصلّينا عليه و نحن راجعون إلى مصارعنا.
أبو ذرعة الرازي، عن منصور بن عمّار أنّه سئل عن أعجب ما رآه، قال: