کتابخانه روایات شیعه
و له أيضا:
هل خبّر القبر سائليه
أم قرّ عينا بزائريه؟
أم هل تراه أحاط علما
بالجسد المستكن فيه؟
لو علم القبر من يواري
تاه على كلّ من يليه
يا موت ما ذا أردت منّي
حقّقت ما كنت أتّقيه
يا موت لو تقبل افتداء
لكنت بالروح أفتديه
دهر رماني بفقد الفي
أذمّ دهري و أشتكيه 1849
[العلامات الّتي ظهرت عند مقتل أمير المؤمنين عليه السلام]
عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه: لقد قتل أمير المؤمنين عليه السلام على أرض الكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيّام دما.
أبو حمزة، عن الصادق عليه السلام أنّه لمّا قبض أمير المؤمنين عليه السلام لم يرفع من وجه الأرض حجر إلّا وجد تحته دم عبيط.
و في أخبار الطالبيّين أنّ الروم أسروا قوما من المسلمين فاتي بهم الملك فعرض عليهم الكفر، فأبوا، فأمر بإلقائهم في الزيت المغليّ، و أطلق منهم رجلا يخبر بحالهم، فبينا هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل، فوقف فنظر إلى أصحابه الّذين القوا في الزيت، فقال لهم في ذلك، فقالوا: قد كان ذلك، فنادى مناد من السماء في شهداء البرّ و البحر انّ عليّ بن أبي طالب قد استشهد في هذه الليلة، فصلّوا عليه، فصلّينا عليه و نحن راجعون إلى مصارعنا.
أبو ذرعة الرازي، عن منصور بن عمّار أنّه سئل عن أعجب ما رآه، قال:
ترى هذه الصخرة في وسط البحر، يخرج من هذا البحر طائر في كلّ يوم مثل
النعامة فيقع عليها، فإذا استوى واقفا تقيّأ رأسا، ثمّ تقيّأ يدا، و هكذا عضوا عضوا، ثمّ تلتئم الأعضاء بعضها إلى بعض حتى يستوي إنسانا قاعدا، ثمّ يهمّ بالقيام، فإذا همّ للقيام نقره نقرة فيأخذ رأسه، ثمّ يأخذ عضوا عضوا كما قاءه، فلمّا طال عليّ ذلك ناديته يوما: ويلك من أنت؟
فالتفت إليّ ذليلا و قال: أنا ابن ملجم قاتل أمير المؤمنين عليه السلام، وكّل اللّه بي هذا الطائر فهو يعذّبني إلى يوم القيامة 1850 .
و سأل أبو مسكان الصادق عليه السلام عن القائم المائل في طريق الغريّ. فقال: نعم، إنّهم لمّا جاءوا بسرير أمير المؤمنين عليه السلام انحنى أسفا و حزنا على أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه 1851 . 1852
[أبيات لأبي الأسود الدؤلي في رثاء أمير المؤمنين عليه السلام]
و ممّا رثاه به أبو الأسود الدؤلي رضي اللّه عنه:
ألا يا عين ويحك فاسعدينا
ألا فابكي أمير المؤمنينا
رزئنا خير من ركب المطايا
و أفضلها 1853 و من ركب السفينا
و من لبس النعال و من حذاها
و من قرأ المثاني و المبينا 1854
إذا استقبلت وجه أبي حسين
رأيت البدر راق الناظرينا
يقيم الحدّ لا يرتاب فيه
و يقضي بالسرائر 1855 مستبينا
ألا أبلغ معاوية بن حرب
فلا قرّت عيون الشامتينا
أ في شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طرّا أجمعينا
و من بعد النبيّ فخير نفس
أبو حسن و خير الصالحينا
كأنّ الناس إذ فقدوا عليّا
نعام جال في بلد سنينا
و كنّا قبل مهلكة بخير
نرى فينا وصيّ المسلمينا
فلا و اللّه لا أنسى عليّا
و حسن صلاته في الراكعينا
لقد علمت قريش حيث كانت
بأنّك خيرها نسبا 1856 و دينا
فلا تشمت معاوية بن حرب
فإنّ بقيّة الخلفاء فينا 1857
[ما قاله عمران بن حطان الخارجي في ابن ملجم، و جواب بكر بن حمّاد التاهرتي له]
و لمّا قال عمران بن حطّان الخارجي لعنة اللّه عليه في ابن ملجم:
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها
إلّا ليدرك من ذي العرش رضوانا
إنّي لأذكره حينا فأحسبه
أوفى البريّة عند اللّه ميزانا 1858
أجابه بكر 1859 بن حمّاد التاهرتي معارضا له:
قل لابن ملجم و الأقدار غالبة
هدّمت ويلك للإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدم
و أوّل الناس إسلاما و إيمانا
و أعلم الناس بالقرآن ثمّ بما
سنّ الرسول لنا شرعا و تبيانا
صهر الرسول و مولاه 1860 و ناصره
أضحت مناقبه نورا و برهانا
و كان منه على رغم الحسود له
مكان هارون من موسى بن عمرانا
و كان في الحرب سيفا صارما ذكرا
ليثا إذا ما لقى الأقران أقرانا
ذكرت قاتله و الدمع منحدر
فقلت سبحان ربّ الناس سبحانا
إنّي لأحسبه ما كان من بشر
يخشى المعاد و لكن كان شيطانا
أشقى مراد إذا عدّت قبائلها
و أخسر الناس عند اللّه ميزانا
كعاقر الناقة الاولى الّتي جلبت
على ثمود بأرض الحجر خسرانا
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها
قبل المنيّة أزمانا فأزمانا
فلا عفا اللّه عنه ما تحمّله
و لا سقى قبر عمران بن حطّانا
لقوله في شقيّ ظلّ مجترما
و نال ما ناله ظلما و عدوانا
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها
إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بل ضربة من غويّ أورثته لظى
و سوف يلقى بها الرحمن غضبانا
كأنّه لم يرد قصدا بضربته
إلّا ليصلى عذاب الخلد نيرانا 1861
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
قلت: يا من حبّه أعظم و سائلي إلى ربّي في حشري، و يا من ذكره أطيب ما يخطر بقلبي و يمرّ بفكري، و يا من ولاه رأس إيماني و اعتقادي، و يا من مدحه راحة روحي و أقصى مرادي، مصابك جدّد أحزاني، و هيّج أشجاني، و قرّح مقلتي، و أجرى عبرتي، و أسهر ناظري، و أظهر سرائري، كلّما أردت أن اكفكف دموعي ذكت نيران الأسى في ضلوعي، و كيف لا اذيب فؤادي بنار حسراتي، و اصاعده دما من شئوني بتصاعد زفراتي، و أشقّ لمصابك فؤادي لا
قميص حزني، و احرّم رقادي لوفاتك على قريح جفني، و حبّك جنّتي و جنّتي في دنياي و آخرتي، و ولاؤك معاذي و ملاذي يوم حشري و فاقتي؟
كتبت أحرف خالص اعتقادي في حبّك على صفحات سرائري، و ظهرت آثار محض ودادي لمجدك على وجهات بواطني و ظواهري، عمّر اللّه لحبّك في قلبي منزلا شامخا، و ثبّت بي في طريق شكوكي إلى عرفانك قدما راسخا، لمّا شرّفني ربّي باتّباعك، و أكرمني بولائك، و نزّهني عن دنس الشكّ في أمرك، و أطلعني على جلال مجدك و فخرك، و أعلمني أنّ أفضل الأعمال حبّك، و أقرب القربى إلى الرسول قربك.
وقفت خالص ودّي على باب جلالك، و وجّهت شكري إلى كعبة إفضالك، لا اريد بعد اللّه و رسوله منك بدلا، و لا أبغي عن اتّباع سبيلك حولا، بل طوّقت بطوق العبوديّة عنقي، و وسمت بميسم الرقية لجنابك حسّي و مفرقي، راجيا أن يثبتني في جرائد أرقّائك عبدا حبشيّا، و إن كنت علويّا قرشيّا.
نزّهك اللّه عن الدنيا الفانية، و اختار لك الدار الباقية، و ابتلى عباده بولائك، و أخبرهم باتّباعك، فمن اتّبع سبيلك فقد اتّبع سبيل المؤمنين، و انتظم في سلك المخلصين، و أسلم لربّ العالمين، و استمسك بحبله المتين، و من تولّى عن أمرك، و خفض المرفوع من قدرك، و لم يفق واضح أمرك، و كذّب بعلانيتك و سرّك، و غشى بصره عن نور عدلك، و قدّم عليك من لا يعادل عند اللّه شسع نعلك، و سمّى الكاذب صدّيقا، و الجاهل فاروقا، فقد ألحد في دين اللّه، و كذّب ببيّنات اللّه، و صار اسمه في صحائف التحقيق مذءوما مدحورا، و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا، و خرج من عبادة اللّه إلى عبادة
الشيطان، و اتّبع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان 1862 .
أنت نور الحقّ، و محنة الخلق، و السبب المتّصل بين اللّه و عباده، و النهج الموصل لسالكه إلى سبيل رشاده، لمّا أعلى اللّه على كلّ شأن شأنك، و رفع على كلّ بنيان بنيانك، و توّجك بتاج العلم، و حلّاك بحلية الحلم، فصارت نفسك أشرف النفوس الإنسيّة، و روحك أطهر الأرواح القدسيّة، و قلبك مشكاة الأنوار الإلهيّة، و ذاتك مظهر الأسرار الربّانيّة، و قرن طاعتك بطاعته، و معصيتك بمعصيته، يدخل الجنّة من أطاعك و إن عصاه، و يدخل النار من أبغضك و إن والاه.
و أمر رسوله أن يوردك في الغدير من زلال الاختصاص كأسا رويّا، و أن يرفع لك بآية التطهير في سماء الاخلاص مكانا عليّا، و أن يكمل الاسلام بعد نقصه بولايتك، و أن يتمّ الايمان بصريح نصّه على خلافتك، فقام صلّى اللّه عليه و آله آخذا ميثاقك على الأسود و الأحمر، موجبا ولاءك على كلّ من أخلص بالوحدانيّة لربّه و أقرّ، و أخلصك بالاصطفاء، و خصّك بسيّدة النساء، و أعلمنا أنّ اللّه سبحانه تولّى عقدة نكاحها بشريف إرادته، و أشهد على ذلك مقرّبي ملائكته، و قرن حبّه بحبّك، و جعل ذرّيّته من صلبك.
فشمخت لذلك معاطس أقوام حسدا و كفرا، و أضمروا في حياة نبيّهم لجلال رفعتك حقدا و غدرا، حتى إذا نقل اللّه نبيّه إلى جواره، و اختصّه بدار قراره، أظهروا ما كمن من نفاقهم، و أشهروا ما بطن من شقاقهم، و اتّخذوا عجلا كقوم موسى، و فارقوا الحقّ كامّة عيسى، و بالغوا في إخفاء دين اللّه بآرائهم،
و راموا إطفاء نور اللّه بأفواههم، و خالفوا الرسول بما أكّد عليهم بوصيّته، و قطعوا الموصول ممّا أمر اللّه بصلته من عترته، و اتّخذوا الولائج من دون اللّه و رسوله، و أجاهدوا جاهدهم في تحريف كتاب ربّهم و تبديله، و عبدوا الطاغوت و قد امروا أن يكفروا به، و صدّقوا من اتّفق النقل و العقل على تكذيبه، و أقاموا مقام الرسول صلّى اللّه عليه و آله شيطانا مريدا، و جبّارا عنيدا، و جهولا ظلوما، و عتلّا زنيما، و أكفئوا الاسلام، و عبّروا الأحكام، و حرّفوا الكتاب بأهوائهم، و أوّلوا القرآن بآرائهم، فلم يبق من الملّة الحنيفيّة إلّا رسمها، و لا من الشريعة النبويّة إلّا اسمها.
ثمّ لم يقنعوا باغتصاب تراثك، و انتهاب ميراثك، حتى نصبوا لك غوائلهم، و دفنوا لاخترامك حبائلهم، و جرّدوا عليك مناصلهم و عواملهم، و فوّقوا نحوك سهامهم و معابلهم، و لم يتركوا عهدا فيك إلّا نكثوه، و لا وعدا إلّا أخلفوه، و عدلوا بك من لا يمتّ بنسبك، و لا يتّصل بسببك.
ثمّ أظهروا ما أخفوا من النفاق في عهد نبيّهم، و أبدوا ما أضمروا من العناد بحقدهم و بغيهم، و جعلوا خلافة اللّه ملكا عضوضا، و ما عاهدوا الرسول عليه عهدا منقوضا، و تواصوا بظلمك و هضمك، و تعاهدوا على إخفاء فضلك و علمك، و موّهوا على الامّة المفتونة بزورهم، و شبّهوا عليها بغرورهم، و أغرّوا سفهاءها بسبّك، و حملوا طلقاءها على حربك، حتى اغتالوك في حال توجّهك إلى معبودك، و قتلوك حين ركوعك و سجودك، و هدموا دين الاسلام بهدم بنيتك، و فرّقوا كلمة الايمان بفرق هامتك، و غاوروك في محرابك طريحا، و بين أصحابك طليحا.