کتابخانه روایات شیعه
صهر الرسول و مولاه 1860 و ناصره
أضحت مناقبه نورا و برهانا
و كان منه على رغم الحسود له
مكان هارون من موسى بن عمرانا
و كان في الحرب سيفا صارما ذكرا
ليثا إذا ما لقى الأقران أقرانا
ذكرت قاتله و الدمع منحدر
فقلت سبحان ربّ الناس سبحانا
إنّي لأحسبه ما كان من بشر
يخشى المعاد و لكن كان شيطانا
أشقى مراد إذا عدّت قبائلها
و أخسر الناس عند اللّه ميزانا
كعاقر الناقة الاولى الّتي جلبت
على ثمود بأرض الحجر خسرانا
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها
قبل المنيّة أزمانا فأزمانا
فلا عفا اللّه عنه ما تحمّله
و لا سقى قبر عمران بن حطّانا
لقوله في شقيّ ظلّ مجترما
و نال ما ناله ظلما و عدوانا
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها
إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بل ضربة من غويّ أورثته لظى
و سوف يلقى بها الرحمن غضبانا
كأنّه لم يرد قصدا بضربته
إلّا ليصلى عذاب الخلد نيرانا 1861
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
قلت: يا من حبّه أعظم و سائلي إلى ربّي في حشري، و يا من ذكره أطيب ما يخطر بقلبي و يمرّ بفكري، و يا من ولاه رأس إيماني و اعتقادي، و يا من مدحه راحة روحي و أقصى مرادي، مصابك جدّد أحزاني، و هيّج أشجاني، و قرّح مقلتي، و أجرى عبرتي، و أسهر ناظري، و أظهر سرائري، كلّما أردت أن اكفكف دموعي ذكت نيران الأسى في ضلوعي، و كيف لا اذيب فؤادي بنار حسراتي، و اصاعده دما من شئوني بتصاعد زفراتي، و أشقّ لمصابك فؤادي لا
قميص حزني، و احرّم رقادي لوفاتك على قريح جفني، و حبّك جنّتي و جنّتي في دنياي و آخرتي، و ولاؤك معاذي و ملاذي يوم حشري و فاقتي؟
كتبت أحرف خالص اعتقادي في حبّك على صفحات سرائري، و ظهرت آثار محض ودادي لمجدك على وجهات بواطني و ظواهري، عمّر اللّه لحبّك في قلبي منزلا شامخا، و ثبّت بي في طريق شكوكي إلى عرفانك قدما راسخا، لمّا شرّفني ربّي باتّباعك، و أكرمني بولائك، و نزّهني عن دنس الشكّ في أمرك، و أطلعني على جلال مجدك و فخرك، و أعلمني أنّ أفضل الأعمال حبّك، و أقرب القربى إلى الرسول قربك.
وقفت خالص ودّي على باب جلالك، و وجّهت شكري إلى كعبة إفضالك، لا اريد بعد اللّه و رسوله منك بدلا، و لا أبغي عن اتّباع سبيلك حولا، بل طوّقت بطوق العبوديّة عنقي، و وسمت بميسم الرقية لجنابك حسّي و مفرقي، راجيا أن يثبتني في جرائد أرقّائك عبدا حبشيّا، و إن كنت علويّا قرشيّا.
نزّهك اللّه عن الدنيا الفانية، و اختار لك الدار الباقية، و ابتلى عباده بولائك، و أخبرهم باتّباعك، فمن اتّبع سبيلك فقد اتّبع سبيل المؤمنين، و انتظم في سلك المخلصين، و أسلم لربّ العالمين، و استمسك بحبله المتين، و من تولّى عن أمرك، و خفض المرفوع من قدرك، و لم يفق واضح أمرك، و كذّب بعلانيتك و سرّك، و غشى بصره عن نور عدلك، و قدّم عليك من لا يعادل عند اللّه شسع نعلك، و سمّى الكاذب صدّيقا، و الجاهل فاروقا، فقد ألحد في دين اللّه، و كذّب ببيّنات اللّه، و صار اسمه في صحائف التحقيق مذءوما مدحورا، و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا، و خرج من عبادة اللّه إلى عبادة
الشيطان، و اتّبع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان 1862 .
أنت نور الحقّ، و محنة الخلق، و السبب المتّصل بين اللّه و عباده، و النهج الموصل لسالكه إلى سبيل رشاده، لمّا أعلى اللّه على كلّ شأن شأنك، و رفع على كلّ بنيان بنيانك، و توّجك بتاج العلم، و حلّاك بحلية الحلم، فصارت نفسك أشرف النفوس الإنسيّة، و روحك أطهر الأرواح القدسيّة، و قلبك مشكاة الأنوار الإلهيّة، و ذاتك مظهر الأسرار الربّانيّة، و قرن طاعتك بطاعته، و معصيتك بمعصيته، يدخل الجنّة من أطاعك و إن عصاه، و يدخل النار من أبغضك و إن والاه.
و أمر رسوله أن يوردك في الغدير من زلال الاختصاص كأسا رويّا، و أن يرفع لك بآية التطهير في سماء الاخلاص مكانا عليّا، و أن يكمل الاسلام بعد نقصه بولايتك، و أن يتمّ الايمان بصريح نصّه على خلافتك، فقام صلّى اللّه عليه و آله آخذا ميثاقك على الأسود و الأحمر، موجبا ولاءك على كلّ من أخلص بالوحدانيّة لربّه و أقرّ، و أخلصك بالاصطفاء، و خصّك بسيّدة النساء، و أعلمنا أنّ اللّه سبحانه تولّى عقدة نكاحها بشريف إرادته، و أشهد على ذلك مقرّبي ملائكته، و قرن حبّه بحبّك، و جعل ذرّيّته من صلبك.
فشمخت لذلك معاطس أقوام حسدا و كفرا، و أضمروا في حياة نبيّهم لجلال رفعتك حقدا و غدرا، حتى إذا نقل اللّه نبيّه إلى جواره، و اختصّه بدار قراره، أظهروا ما كمن من نفاقهم، و أشهروا ما بطن من شقاقهم، و اتّخذوا عجلا كقوم موسى، و فارقوا الحقّ كامّة عيسى، و بالغوا في إخفاء دين اللّه بآرائهم،
و راموا إطفاء نور اللّه بأفواههم، و خالفوا الرسول بما أكّد عليهم بوصيّته، و قطعوا الموصول ممّا أمر اللّه بصلته من عترته، و اتّخذوا الولائج من دون اللّه و رسوله، و أجاهدوا جاهدهم في تحريف كتاب ربّهم و تبديله، و عبدوا الطاغوت و قد امروا أن يكفروا به، و صدّقوا من اتّفق النقل و العقل على تكذيبه، و أقاموا مقام الرسول صلّى اللّه عليه و آله شيطانا مريدا، و جبّارا عنيدا، و جهولا ظلوما، و عتلّا زنيما، و أكفئوا الاسلام، و عبّروا الأحكام، و حرّفوا الكتاب بأهوائهم، و أوّلوا القرآن بآرائهم، فلم يبق من الملّة الحنيفيّة إلّا رسمها، و لا من الشريعة النبويّة إلّا اسمها.
ثمّ لم يقنعوا باغتصاب تراثك، و انتهاب ميراثك، حتى نصبوا لك غوائلهم، و دفنوا لاخترامك حبائلهم، و جرّدوا عليك مناصلهم و عواملهم، و فوّقوا نحوك سهامهم و معابلهم، و لم يتركوا عهدا فيك إلّا نكثوه، و لا وعدا إلّا أخلفوه، و عدلوا بك من لا يمتّ بنسبك، و لا يتّصل بسببك.
ثمّ أظهروا ما أخفوا من النفاق في عهد نبيّهم، و أبدوا ما أضمروا من العناد بحقدهم و بغيهم، و جعلوا خلافة اللّه ملكا عضوضا، و ما عاهدوا الرسول عليه عهدا منقوضا، و تواصوا بظلمك و هضمك، و تعاهدوا على إخفاء فضلك و علمك، و موّهوا على الامّة المفتونة بزورهم، و شبّهوا عليها بغرورهم، و أغرّوا سفهاءها بسبّك، و حملوا طلقاءها على حربك، حتى اغتالوك في حال توجّهك إلى معبودك، و قتلوك حين ركوعك و سجودك، و هدموا دين الاسلام بهدم بنيتك، و فرّقوا كلمة الايمان بفرق هامتك، و غاوروك في محرابك طريحا، و بين أصحابك طليحا.
قد صدقت ما عاهدت اللّه عليه، و وفيت بما ندبك سبحانه إليه، ففزت
بالشهادة الّتي فضّلك بها، و اصطفاك بفضلها، فكنت لوقتها منتظرا، و بوصفها مشتهرا، بما أعلمك به الصادق الأمين، و من هو على الغيب ليس بضنين 1863 ، بقوله صلّى اللّه عليه و آله: لتخضبنّ هذه من هذا 1864 ، و بقوله صلّى اللّه عليه و آله:
كأنّي و أنت قائم تصلّي لربّك و قد انبعث أشقى الأوّلين و الآخرين فضربك على هامتك ضربة خضب منها لحيتك 1865 ، و قال سبحانه في شأنك، و من أصدق من اللّه قيلا: (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) 1866 .
فلأنفذنّ لمصابك ماء شئوني، و لأحرمنّ لذيذ الكرى على عيوني، و لأستنفذنّ العمر في مدائحك و مراثيك، و لأبكينّ الدهر على ما حلّ بك و بنيك، و لاذيبنّ بنار حزني فؤادي، و لأصعدنّه دما من مقلتي بطول سهادي، و لأندبنّك آناء ليلي و نهاري، و لأجعلنّ الحزن بمهجتي ألفا، و البكاء على مقلتي وقفا، و لاوجّهنّ إلى غاصبي حقّك مطايا لعني و هضمي، و لأقرعنّ هامات مكذّبي صدقك بمقامع نثري و نظمي، و لابيّننّ ما دلّسوا بغرورهم، و لاظهرنّ ما أخفوا من باطلهم و زورهم، معتقدا ذلك من أعظم الوسائل إلى ربّي في حشري، و أكمل الفضائل يوم بعثتي من قبري.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه في حقّ أمير المؤمنين عليه السلام]
فمن جملة ذلك قصيدة تحلّي الطروس بجواهر مصارعها، و تسرّ النفوس بتواصل مقاطعها، نظمتها قبل ابتدائي بتأليف الكتاب، و اللّه الموفّق للصواب:
صرف الردى بفني الزمان موكل
و لهم بأسياف المنيّة تقتل
و هم لأسهم فتكه غرض فليس
لهم سبيل عنه أن يتحوّلوا
في حكمة بقضائه في أخذهم
بالموت جمعا لا يجور و يعدل
كم غادرت غدراته من قاهر
في الترب مقهورا تطأه الأرجل
عفت العواصف قبره بهبوبها
و على ثراه السائمات تهرول
أين الملوك بنو الملوك و من هم
كانوا إذا ركبوا يذوب الجندل
لعب الزمان بهم فعمّا قد جرى
في حقّهم من صرفه لا تسألوا
بليت محاسنهم و شتّت شملهم
و خلت مجالسهم و أفنى المنزل
و استبدلوا بطن الثرى من ظهرها
و اروعتا بحشاي ممّا استبدلوا
يا من حديث مدامعي من أجلهم
في صحن خدّي مطلق و مسلسل
عنّي خذوا خبر الصبابة انّني
ما بين أرباب الغرام معدل
سقمي لدعواي المحبّة معجز
إذ دمع عيني مذ نأيتم مرسل
يا من حقيقة محنتي في حبّهم
منها سقامي مجمل و مفصّل
ما ان ضممت إلى زلال لقاكم
إلّا ولي من فيض دمعي منهل
كلّا و لا عنّي تأخّر وصلكم
إلّا و هيّجني غرام مقبل
فلأندبنّ بحرقة من لوعتي
رضوى يذوب لها و يذبل
بالخيف خفت منيّتي إذ لم أنل
بمنى المنى منكم فخطبي مشكل
و بجمع أجمعتم قطيعة صبّكم
فغدا جمالكم يخد و يزمل
و رميتم قلبي بجمرة لوعة
بشواظها منّي اصيب المقتل
فلأصرفنّ مودّتي عنكم إلى
قوم لهم في المجد باع أطول
قوم هم اما وليّك عادل
أو عالم أو حاكم أو مرسل
أو عابد أو حامد أو زاهد
أو ماجد أو عاضد أو مفضل
أو فائز يوم الغدير برتبة
بعلوّها خضع السماك الأعزل
مولى إليه في الحساب حسابنا
و عليه في ذاك المقام نعوّل
و إذا بنو الدنيا توالت مثلها
فإليه من دون الخلائق نعدل
فرض الإله على الأنام ولاءه
فرضا به نزل الكتاب المنزل
إن كنت مرتابا فسل عن إنّما 1867
فهي الدليل لمن يصحّ و يعقل
كتف النبيّ لأخمصيك مواطئ
فلذاك خدّ سواك حقّا أسفل
يا أوّل الأقوام إيمانا بما
أوحى الإله لابن عمّك من عل
يا آخرا عهدا به لمّا قضى
حزت العلى أنت الأخير الأوّل
ما رمت نظما فيك إلّا زانه
سحرا يزيّن مقولي و يجمّل
و إذا مديح سواك رامت فكرتي
سمح القريض له و كلّ المقول
و إذا طغى ريب الزمان بعسره
فدعائي باسمك للعسير يسهّل
أعمالنا منقوصة مقصورة
إن لم يصحّحها ولاك و يكمّل
مديحك ألبسني ملابس رفعة
لعلوّها فوق المجرّة أرفل
كم منبر شرّفته بمدائح
في وصف مجدك فضلها لا يجهل
و خطابة رصّعتها بجواهر
هام الثناء بها عليك يكلّل
تعنوا وجوه اولي التقى لجلالها
و ذوو الشقاء حسدا بها يتضاءلوا
ما طال مجد بالمكارم و التقى
إلّا و مجد علاك منه أطول
رقمت حروف علاك في الصحف الاولى