کتابخانه روایات شیعه
ياقوتا و درّا، يتفاخرن به في قصور دار المقامة، و يتهادينه في منازل السرور إلى يوم القيامة، تلك أرواح سالكي طريق الحقّ من أهل الامامة، قد جعل اللّه لهنّ حسن إخلاص المخلصين بالايمان. 1870 . مهر الولاء وجود عين الوجود في الكربين، أعني صاحب بدر و احد و حنين، لم يكن للزهراء كفو ما بين المشرقين و المغربين، فلهذا أحدث اللّه لهما في صحائف التطهير و التقديس أمرا.
بحران التقيا بتدبير العليّ العظيم، و بدران اقترنا بتقدير العزيز العليم، و نوران اجتمعا بمشيئة المدبّر الحكيم، قد كفّر اللّه بولائهما سيّئات أوليائهما و أعظم لهم أجرا، يخرج من صدف بحريهما اللؤلؤ و المرجان، و يشرق بزاهر نوريهما الملوان 1871 و الخافقان، و يهتدي بعلم علمهما الثقلان من الإنس و الجانّ، و يجعل اللّه بذرّيتهما لدين الحقّ بعد الطيّ نشرا، امناء الحقّ من نجلهما، و هداة الخلق من نسلهما، و دعاة الصدق من الهماهم غيوث و ليوث في قرى، و قراع فهم اسد الشرى، سادة الخلق و أعلام الورى، فعليهم أهل بيت و مقام وصفا، و مناجاة بصدق و صفا، من لهم بالمجد حقّا و صفا، نال من ذي العرش صلوات اللّه تترا، توقيرا و برّا.
نحمد ربّنا على ما اختصّنا به من عرفان حقّهم، و نشكره إذ جعلنا من الموقنين بفضلهم و صدقهم، و وفّقنا في حلبة الفخر للاقرار بتقديمهم و سبقهم، و خلص ابريز خالص معتقدنا لحبّهم سرّا و جهرا.
و نشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، شهادة تدحض عن قائلها ذنبا و وزرا، و ترمض من منكرها سحرا و بحرا.
و نشهد أنّ محمدا عبده و رسوله الّذي أطلعه اللّه على أسرار ملكوته ليلة الاسراء، و شرّفه حضرة جبروته على الخلق طرّا.
صلّى اللّه عليه صلاة عرفها كالمسك عطرا، و نشرها كالروض نشرا، و على آله الّذين من استمسك بحبل ولائهم فاز من اللّه بالبشرى، و حاز السعادة الكبرى في الدنيا و الاخرى، ما أظهر النهار بنور صباه من الليل فجرا، و هزم بمسلول صارم حسامه صباحه جنود الحنادس فلم يبق منها عينا و لا أثرا.
يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 1872 و سعادة باقية ببقاء الربّ الرحيم، و جنّات لكم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إنّ اللّه عنده أجر عظيم 1873 ، أن تسلكوا سبيل وليّ اللّه في برّه و بحره، و الداعي إلى اللّه على بصيرة من أمره، و المخلص بطاعته لربّه في سرّه و جهره، و عيبة علمه، و موضع سرّه، و وجهه الواضح في خلقه، و لسانه الناطق بحقّه، و يده الباسطة في بلاده، و عينه الباصرة في عباده.
صاحب الخندق و بدر، و قاتل الوليد و عمرو، الّذي دكّ اللّه بيده حصن القموص، و اختصّه بأشرف النصوص على الخصوص.
بحر العلم، طود الحلم، و ينبوع الكرم، و معدن الحكم.
أفصح الخلق لسانا، و أوضحهم بيانا، و أكرمهم بنانا، و أعلاهم في الشرف تبيانا.
السائق الصادق، و الصادع الناطق، و الفاتح الخاتم، و المتصدّق في
ركوعه بالخاتم.
نفسه نفس الرسول، و عرسه الطاهرة البتول، سيّدة نساء الامّة، و أمّ السادة الأئمّة، و ابنة شفيع المحشر، و حليلة ساقي الكوثر، الخاشعة الزاهدة، الراكعة الساجدة، الصائمة القائمة، العالمة العالمة، السالكة الناسكة، العفيفة الشريفة، المتهجّدة المتعبّدة، البتولة الطاهرة، سيّدة نساء الدنيا و الآخرة، أمّ الحسنين، و ابنة شفيع الكونين، و حليلة إمام الثقلين.
تخجل الشمس حياء منها إن أسفرت، و تبتهج الأرض سرورا إن عليها خطرت، شجرة دوحة النبوّة، و درّة صدفة الفتوّة، نور من نور خلقت، و شمس من شمس أشرقت، فضلها لا يخفى، و نورها لا يطفى، لمّا كان والدها لقلادة النبوّة واسطة، كلّمه الجليل سبحانه ليلة الاسراء بلا واسطة، و جعل بعلها له وصيّا و وليّا، و بأعباء رسالته حفيّا مليّا، و تولّى سبحانه عقدة نكاحها في حضيرة القدس، و جعل جبرائيل و ميكائيل من جملة خدمها ليلة العرس:
[قصيدة في حقّ الزهراء عليها السلام]
بنت خير الخلق طرّا
و أجلّ الخلق قدرا
من بها اللّه بصنو المص
طفى أصفى و برّا
عالم الامّة و الهادي لها
برّا و بحرا
و لا سما الخلق مجدا
نسبا كان و صهرا
و باحد شدّ منه ا
لله للمختار أزرا
و ببدر أطلع الحقّ
به للحقّ بدرا
هازم الأحزاب و القاتل
ذاك اليوم عمرا
سل به خيبركم
هدّ بها ركنا و قصرا
ناصب الراية لمّا كعّ
من كعّ و فرّا
في حنين نصر اللّه
به الاسلام نصرا
رفع اللّه له في الدوح
بالإمرة أمرا
كان بالزهراء من كلّ
عباد اللّه أحرى
لم يكن كفوا لها لولاه
بين الناس يدرى
جعل اللّه لها خمس
جميع الأرض مهرا
طهرت مع نجلها من
سائر الأرجاس طهرا
ذكرها يوم الكساء في
الذكر يتلى مستمرّا
بعلها قامع هامات
جنود الشرك قهرا
قاصم الأصلاب و القاسم
للأسلاب قسرا
و امرح فكري مدحا في
وصفه نظما و نثرا
فرأيت اللّه قد أعلى له
في الذكر ذكرا
هل أتى 1874 فيه و في
زوجته و ابنيه تقرا
آثروا بالقوت لمّا
أن وفوا عهدا و نذرا
عبد الخالق لمّا عبد
الأقوام جهرا
هبلا ثمّ يغوث
و سواعا ثمّ نسرا
مذ بني بالبضعة الزهراء
أهدى اللّه عطرا
شرفا منه لها قد
فاق في الآفاق ذكرا
عرفه من يثرب في مكّة
ينفح نشرا
[جملة من مناقبها عليها السلام]
روي عن الأصبغ بن نباتة بإسناد متّصل قال: لمّا زوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة من عليّ عليه السلام و أراد أن يدخلها به أتاه جبرائيل،
فقال: يا محمد، ما تصنع؟
قال: ادخل فاطمة بعليّ.
قال: إنّ ربّك يقرؤك السلام، و يقول لك: لا تحدث شيئا حتى آتيك، ثمّ عرج جبرائيل و هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه قدح من الياقوت فيه من مسك الجنّة، و زعفران من زعفران الجنّة، مضروب بماء الحياة، و قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ربّك يقرؤك السلام، و يقول لك: مر فاطمة فلتضع هذا في مفرقها و نحرها، ففعلت ذلك، فكانت صلوات اللّه عليها بعد ذلك إذا حكّت رأسها بالمدينة تفوح رائحته من مكّة، فيقول الناس: ما هذه الرائحة؟
فيقال: إنّ فاطمة قد حكّت رأسها بالمدينة اليوم، فهذه رائحة الطيب الّذي أهداه اللّه إليها.
و روى الشيخ الجليل محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رضي اللّه عنه في أماليه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لقد هممت بتزويج فاطمة عليها السلام و ما يمنعني من ذلك إلّا انّي لم أتجرّأ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنّ ذلك ليختلج في صدري ليلا و نهارا حتى دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم فقال: يا علي.
فقلت: لبّيك، يا رسول اللّه.
قال: هل لك في التزويج؟
قلت: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعلم، و إذا به يريد أن يزوّجني بعض نساء قريش 1875 و إنّي لخائف على فوات فاطمة، فانصرفت فلم أشعر بشيء حتى
أتاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لي: أجب النبيّ و أسرع، فما رأيت أشدّ فرحا منه اليوم، قال: فأتيته مسرعا، فإذا هو في حجرة أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فلمّا نظر إليّ تهلّل وجهه فرحا، و تبسّم حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق.
فقال: يا عليّ، أبشر، فإنّ اللّه سبحانه قد كفاني ما كان أهمّني من أمر تزويجك.
فقلت: و كيف ذلك، يا رسول اللّه؟
فقال: أتاني جبرائيل و معه من سنبل الجنّة و قرنفلها و ناولنيهما فأخذتهما و شممتهما، و قلت: ما سبب هذا السنبل و القرنفل؟
فقال: إنّ اللّه سبحانه أمر سكّان الجنّة 1876 من الملائكة و من فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها و أشجارها و أثمارها و قصورها، و أمر ريحها فهبّت بأنواع الطيب و العطر، و أمر حور عينها بقراءة سورة طه و طواسين و يس و حمعسق، ثمّ نادى مناد من تحت العرش:
ألا إنّ اليوم يوم وليمة علي بن أبي طالب، ألا إنّي اشهدكم أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمد صلّى اللّه عليه و آله من عليّ بن أبي طالب رضى منّي بعضهما لبعض.
ثمّ بعث اللّه سبحانه سحابة بيضاء فمطرت عليهم من لؤلؤها و زبرجدها و يواقيتها، و قامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنّة و قرنفلها، و هذا ممّا نثرته الملائكة.
ثمّ أمر اللّه سبحانه ملكا من ملائكة الجنّة يقال له راحيل 1877 ، و ليس في الملائكة أبلغ منه، فقال: اخطب يا راحيل، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماوات و لا أهل الأرض، ثمّ نادى مناد: ألا يا ملائكتي و سكّان جنّتي، باركوا على عليّ حبيب محمد صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة بنت محمد فقد باركت عليهما، ألا إنّي قد زوّجت أحبّ النساء إليّ من أحبّ الرجال إليّ بعد النبيّين و المرسلين 1878 .
فقال راحيل الملك: يا ربّ و ما بركتك عليهما بأكثر ممّا رأينا [لهما] 1879 في جنّتك و دار رضوانك؟
فقال عزّ و جلّ: يا راحيل، إنّ من بركتي عليهما أنّ أجمعهما على محبّتي، و أجعلهما حجّة على خلقي، و عزّتي و جلالي لأخلقنّ منهما خلقا، و لأنشئنّ منهما ذرّيّة أجعلهم خزّاني في أرضي، و معادن لعلمي، و دعاة إلى ديني، بهم أحتجّ على خلقي بعد النبيّين و المرسلين.