کتابخانه روایات شیعه
أتاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لي: أجب النبيّ و أسرع، فما رأيت أشدّ فرحا منه اليوم، قال: فأتيته مسرعا، فإذا هو في حجرة أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فلمّا نظر إليّ تهلّل وجهه فرحا، و تبسّم حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق.
فقال: يا عليّ، أبشر، فإنّ اللّه سبحانه قد كفاني ما كان أهمّني من أمر تزويجك.
فقلت: و كيف ذلك، يا رسول اللّه؟
فقال: أتاني جبرائيل و معه من سنبل الجنّة و قرنفلها و ناولنيهما فأخذتهما و شممتهما، و قلت: ما سبب هذا السنبل و القرنفل؟
فقال: إنّ اللّه سبحانه أمر سكّان الجنّة 1876 من الملائكة و من فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها و أشجارها و أثمارها و قصورها، و أمر ريحها فهبّت بأنواع الطيب و العطر، و أمر حور عينها بقراءة سورة طه و طواسين و يس و حمعسق، ثمّ نادى مناد من تحت العرش:
ألا إنّ اليوم يوم وليمة علي بن أبي طالب، ألا إنّي اشهدكم أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمد صلّى اللّه عليه و آله من عليّ بن أبي طالب رضى منّي بعضهما لبعض.
ثمّ بعث اللّه سبحانه سحابة بيضاء فمطرت عليهم من لؤلؤها و زبرجدها و يواقيتها، و قامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنّة و قرنفلها، و هذا ممّا نثرته الملائكة.
ثمّ أمر اللّه سبحانه ملكا من ملائكة الجنّة يقال له راحيل 1877 ، و ليس في الملائكة أبلغ منه، فقال: اخطب يا راحيل، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماوات و لا أهل الأرض، ثمّ نادى مناد: ألا يا ملائكتي و سكّان جنّتي، باركوا على عليّ حبيب محمد صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة بنت محمد فقد باركت عليهما، ألا إنّي قد زوّجت أحبّ النساء إليّ من أحبّ الرجال إليّ بعد النبيّين و المرسلين 1878 .
فقال راحيل الملك: يا ربّ و ما بركتك عليهما بأكثر ممّا رأينا [لهما] 1879 في جنّتك و دار رضوانك؟
فقال عزّ و جلّ: يا راحيل، إنّ من بركتي عليهما أنّ أجمعهما على محبّتي، و أجعلهما حجّة على خلقي، و عزّتي و جلالي لأخلقنّ منهما خلقا، و لأنشئنّ منهما ذرّيّة أجعلهم خزّاني في أرضي، و معادن لعلمي، و دعاة إلى ديني، بهم أحتجّ على خلقي بعد النبيّين و المرسلين.
فأبشر يا عليّ، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أكرمك بكرامة لم يكرم بمثلها أحدا، و قد زوّجتك ابنتي على ما زوّجك الرحمن، و رضيت بما رضي اللّه لها، فدونك أهلك، فإنّك أحقّ بها منّي و من كلّ أحد، و قد أخبرني جبرائيل أنّ الجنّة مشتاقة
إليكما، و لو لا أنّ اللّه سبحانه قدّر أن يخرج منكما ما يتّخده على الخلق حجّة لأجاب فيكما الجنّة و أهلها، فنعم الأخ أنت، و نعم الختن أنت، و نعم الصاحب أنت، و كفاك برضى اللّه رضى.
قال عليّ عليه السلام: فقلت: يا رسول اللّه، أبلغ بقدري حتى ذكرت في السماء 1880 و زوّجني ربّي في ملائكته؟!
فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه سبحانه إذا أكرم وليّه أكرمه بما لا عين رأت و لا اذن سمعت، فأحباها اللّه لك.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن سجد شكرا للّه: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) 1881 .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: آمين 1882 .
الخرگوشي في كتابيه شرف المصطفى و اللوامع، بإسناده عن سلمان. و أبو بكر الشيرازي أيضا روى في كتابه. و أبو إسحاق الثعلبي، و عليّ بن أحمد الطائي، و غيرهم من علماء السنّة في تفاسيرهم عن سعيد بن جبير. و روى أيضا سفيان الثوري و أبو نعيم الأصفهاني أيضا فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. و عن [أبي مالك، عن] 1883 ابن عبّاس و القاضي النطنزي عن سفيان بن عيينة، عن الصادق عليه السلام.
و روى مشايخنا رضي اللّه عنهم عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى:
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) 1884 قال: عليّ و فاطمة بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه، و في رواية: (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) 1885 رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ) 1886 الحسن الحسين عليهما السلام 1887 .
أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس أنّ فاطمة عليها السلام بكت للجوع و العري، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اقنعي يا فاطمة بزوجك، فو اللّه إنّه سيّد في الدنيا، سيّد في الآخرة، و أصالح بينهما، فأنزل سبحانه: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) يقول: أنا اللّه أرسلت البحرين: عليّا بحر العلم، و فاطمة بحر النبوّة، يلتقيان: يتّصلان، أنا اللّه أوقعت الوصلة بينهما، ثمّ قال: (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) أي مانع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمنع عليّا أن يحزن لأجل الدنيا، و يمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدنيا (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما) يا معشر الجنّ و الإنس (تُكَذِّبانِ) بولاية أمير المؤمنين و حبّ فاطمة الزهراء، فاللؤلؤ الحسن، و المرجان الحسين، لأنّ اللؤلؤ الكبار و المرجان الصغار، و لا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما و كثرة خيرهما، فإنّ البحر ما سمّي بحرا إلّا لسعته، و أجرى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرسا فقال:
وجدته بحرا 1888 .
القاضي أبو محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام، عن فاطمة
عليها السلام قالت: لمّا نزلت (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) 1889 هبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن أقول له يا أبة، فكنت أقول: يا رسول اللّه، فأعرض عنّي مرّتين أو ثلاثا، ثمّ أقبل عليّ، و قال: يا فاطمة، إنّها لم تنزل فيك و لا في أهلك و لا في نسلك، أنت منّي و أنا منك، إنّما انزلت في أهل الجفاء و الغلظة من قريش أصحاب البذخ و الكبر، قولي: يا أبة، فإنّها أحيى للقلب، و أرضى للربّ 1890 .
سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح في قوله سبحانه: (وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) 1891 قال: ما من مؤمن يوم القيامة إلّا إذا قطع الصراط زوّجه اللّه على باب الجنّة بأربع نسوة من نساء الدنيا، و سبعين [ألف] 1892 حوراء من حور الجنّة إلّا عليّ بن أبي طالب، فإنّه زوج البتول فاطمة في الدنيا، و هو زوجها في الجنّة، ليست له في الجنّة زوجة غيرها من نساء الدنيا، لكن له في الجنّة سبعون ألف حوراء، لكلّ حوراء سبعون ألف خادم 1893 .
عن الصّادق عليه السلام قال: حرّم اللّه النساء على عليّ ما دامت فاطمة حيّة لأنّها طاهرة لا تحيض.
و قال أبو عبيد الهروي في الغريبين 1894 : سمّيت مريم بتولا لأنّها بتلت عن
الرجال، و سمّيت فاطمة بتولا لأنّها بتلت عن النظير.
أو هاشم العسكري قال: سألت صاحب العسكر عليه السلام: لم سمّيت فاطمة الزهراء؟
قال: كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين من أوّل النهار كالشمس الضاحية، و عند الزوال كالقمر المنير، و عند غروب الشمس كالكوكب 1895 .
و روي عن الباقر و الصادق عليهما السلام، و رواه أيضا عامر الشعبيّ و الحسن البصري [و سفيان الثوري و مجاهد و ابن جبير و جابر الأنصاري] 1896 ، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني. أخرجه البخاري عن المسوّر بن مخرمة.
و في رواية جابر: فمن آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللّه 1897 .
ابن عبد ربّه الأندلسي في العقد، عن عبد اللّه بن الزبير- في خبر- عن معاوية بن أبي سفيان، قال: دخل الحسن بن عليّ على جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يتعثّر بذيله، فأسرّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سرّا فرأيته قد تغيّر لونه، ثمّ قام صلّى اللّه عليه و آله حتى أتى منزل فاطمة، فأخذ بيدها فهزّها هزّا، و قال لها: يا فاطمة، إيّاك و غضب عليّ، فإنّ اللّه يغضب لغضبه، و يرضى لرضاه، ثمّ جاء إلى عليّ عليه السلام فأخذه بيده، ثمّ هزّها هزّا خفيفا، ثمّ قال:
يا أبا الحسن، إيّاك و غضب فاطمة، فإنّ الملائكة تغضب لغضبها، و ترضى لرضاها.
فقلت 1898 : يا رسول اللّه، مضيت مذعورا و رجعت مسرورا!
فقال: يا معاوية، كيف لا اسرّ و قد أصلحت بين اثنين هما أكرم أهل الأرض على اللّه؟ 1899
قلت: في روايته لهذا الحديث ثمّ خلافه له و ارتكاب ما حذّر الرسول صلّى اللّه عليه و آله من أنّ اللّه يغضب لغضب عليّ، و يرضى لرضاه أكبر دليل على نفاقه و استهزائه بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قلّة مبالاة بأمره و نهيه، و خروج عن الدين بقالبه و قلبه، و أنّه لا يعتقد الاسلام دينا، و لا اللّه ربّا، و لا محمدا رسولا، و لا كان متمسّكا بالكتاب، و لا أنّه منزل من عند اللّه، و لا مقرّا بما انزل فيه، و لا معتقدا ما وعد اللّه من الحشر و النشر و الحساب، و الجنّة و النار و ما أعدّ اللّه فيهما من الثواب و العقاب، فلهذا أظهر ما أبطن من بغض النبيّ و أهله، و أجلب عليهم بخيله و رجله، و أفضى بوصيّه إلى فتنته، و اسرته و ذروته و شيعته، بالانتقام منهم، و إظهار الأحقاد البدريّة فيهم، فاللّه حسبه و طلبته، و هو بالمرصاد لكلّ ظالم.