کتابخانه روایات شیعه
و في خبر أنّ الخطيب كان ملكا يقال له راحيل 1944 ، و قد جاء في بعض الكتاب أنّه خطب راحيل في البيت المعمور في جمع من أهل السماوات السبع، فقال:
الحمد للّه الأوّل قبل أوّلية الأوّلين، و الباقي بعد فناء العالمين، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيّين، و لربوبيّته مذعنين، و له على ما أنعم علينا شاكرين، حجبنا من الذنوب، و سترنا من العيوب، أسكننا في السماوات، و قريبا من السرادقات، و حبس 1945 عنّا النهم من الشهوات، و جعل شهوتنا و نهمتنا في تسبيحه و تقديسه، الباسط رحمته، الواهب نعمته، جلّ عن إلحاد أهل الأرض من المشركين، و تعالى بعظمته عن إفك الملحدين.
ثمّ قال بعد كلام 1946 : اختار الملك الجبّار صفوة كرمه، و عبد عظمته لأمته سيّدة النساء بنت خير النبيّين، و سيّد المرسلين، و إمام المتّقين، فوصل حبله بحبل رجل من أهله و صاحبه، المصدّق دعوته، المبادر إلى كلمته، عليّ الوصول بفاطمة البتول، ابنة الرسول.
و روي أنّ جبرئيل روى عن اللّه سبحانه أنّه قال عقيبها: الحمد ردائي، و العظمة كبريائي، و الخلق كلّهم عبيدي و إمائي، زوّجت فاطمة أمتي، من عليّ صفوتي، اشهدوا يا ملائكتي.
و كان بين تزويج فاطمة بعليّ صلّى اللّه عليهما في السماء و تزويجهما في الأرض أربعين يوما، زوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من علي عليه السلام
أوّل يوم من ذي الحجّة؛ و قيل: يوم السادس منه 1947 .
علي 1948 بن جعفر، عن موسى بن جعفر عليه السلام، قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة و عشرون وجها، فقال له:
حبيبي جبرئيل، لم أرك في هذه الصورة؟!
قال الملك: لست بجبرئيل، أنا محمود، بعثني اللّه أن ازوّج النور من النور.
قال: من بمن؟
قال: فاطمة من عليّ.
قال: فلمّا ولّى الملك إذا بين كتفيه: محمد رسول اللّه، عليّ وصيّه.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: منذ كم كتب هذا 1949 بين كتفيك؟
فقال: من قبل أن يخلق اللّه آدم باثنين و عشرين ألف عام.
و في رواية: أربع و عشرين ألف عام.
و روي أنّه كان للملك عشرون رأسا، في كلّ رأس ألف لسان، و كان اسم الملك صرصائيل.
و بالاسناد عن أبي أيّوب، قال: دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على
فاطمة و قال: يا فاطمة، إنّي امرت بتزويجك من عليّ من البيضاء 1950 . و في رواية: من السماء.
و عن الضحّاك، قال: دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على فاطمة، و قال:
يا فاطمة، إنّ عليّ بن أبي طالب ممّن عرفت قرابته منّي، و فضله في الاسلام، و إنّي سألت اللّه أن يزوّجك خير خلقه، و أحبّهم إليه، و قد ذكر من أمرك شيئا فما ترين؟
فسكتت، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هو يقول: اللّه أكبر، سكوتها إقرارها.
[خطبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تزويج فاطمة عليها السلام]
و خطب رسول اللّه 1951 صلّى اللّه عليه و آله في تزويج فاطمة أمام العقد على المنبر، رواها يحيى بن معين في أماليه، و ابن بطّة في الإبانة، بإسناده عن أنس ابن مالك مرفوعا، و رويناها نحن عن الرضا عليّ بن موسى عليه السلام، فقال:
الحمد للّه المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع في سلطانه، المرغوب إليه فيما عنده، المرهوب من عذابه، النافذ أمره في سمائه و أرضه، الّذي خلق الخلق بقدرته، و ميّزهم بأحكامه، و أعزّهم بدينه، و أكرمهم بنبيّه محمد صلّى اللّه عليه و آله، إنّ اللّه تعالى جعل المصاهرة نسبا لا حقا، و أمرا مفترضا، و شج بها الأرحام، و ألزمها الأنام، فقال سبحانه: (وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً) 1952 ثمّ إنّ اللّه سبحانه أمرني أن ازوّج فاطمة من عليّ، و قد
زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضّة، أرضيت يا عليّ؟
فقال صلوات اللّه عليه: رضيت، يا رسول اللّه.
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في زواجه]
و روى ابن مردويه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ: تكلّم يا عليّ خطيبا لنفسك.
فقال: الحمد للّه الّذي قرب من حامديه، و دنا من سائليه، و وعد الجنّة من يتّقيه، و أنذر بالنار من يعصيه، نحمده على قديم إحسانه و أياديه، حمد من يعلم أنّه خالقه و باريه، و مميته و محييه، و سائله عن مساويه، و نستعينه و نستهديه، و نؤمن به و نستكفيه، و نشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له شهادة تبلغه و ترضيه، و أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله صلاة تزلفه و تحظيه، و ترفعه و تصطفيه، و النكاح ممّا أمر اللّه [به] 1953 و يرضيه، و اجتماعنا ممّا قدّره اللّه و أذن فيه، و هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله زوّجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم، و قد رضيت، فاسألوه و اشهدوا.
[و في خبر: زوّجتك ابنتي فاطمة على ما زوّجك الرحمن، و قد رضيت بما رضي اللّه لها، فدونك أهلك فإنّك أحقّ بها منّي] 1954 .
و في خبر: فنعم الأخ أنت، و نعم الصهر، و نعم الختن أنت، فخرّ أمير المؤمنين عليه السلام ساجدا، فلمّا رفع أمير المؤمنين عليه السلام رأسه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بارك اللّه عليكما، و بارك فيكما، و أسعد جدّكما، و جمع شملكما 1955 ، و أخرج منكما الكثير الطيّب، ثمّ أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطبق بسر و أمر بنهبه، و دخل حجرة النساء و أمرهنّ بضرب الدفّ.
[في مهر الزهراء عليها السلام]
و قيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قد علمنا مهر فاطمة في الأرض، فما مهرها في السماء؟
فقال صلّى اللّه عليه و آله: سل عمّا يعنيك، ودع ما لا يعنيك.
فقيل: هذا ممّا يعنينا، يا رسول اللّه.
قال: مهرها في السماء خمس الأرض، فمن مشى عليها مبغضا لها و لولدها مشى عليها حراما إلى أن تقوم الساعة.
و في الجلاء و الشفاء عن الباقر عليه السلام- في خبر طويل-: جعلت نحلتها من عليّ خمس الدنيا و ثلثي الجنّة، و جعلت لها في الأرض أربعة أنهار:
الفرات، و نيل مصر، و نهروان، و نهر بلخ.
ثمّ 1956 إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لأمير المؤمنين عليه السلام: قم فبع الدرع، فباعه بخمسمائة درهم من أعرابي، و أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بها.
فقال: أ عرفت الأعرابي؟
قال: لا.
قال: كان ذاك جبرئيل، و أتاني بدرعك.
قال الصادق عليه السلام 1957 : و سكب الدراهم في حجره، فأعطى منها قبضة كانت ثلاثة و ستّين أو ستّة و ستّين إلى أمّ أيمن لمتاع البيت، و قبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب، و قبضة إلى أمّ سلمة للطعام، و أنفذ عمّارا و أبا بكر
و بلالا لابتياع ما يصلحها، فكان ممّا اشتروه: قميص بسبعة دراهم، و خمار بأربعة دراهم، و قطيفة سوداء خيبريّة، و سرير مزمّل بشريط، و فراشان من خيش مصر 1958 ، حشو أحدهما ليف، و الآخر من جزّ الغنم، و أربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر 1959 ، و ستر من صوف، و حصير هجري، و رحى اليد، و سقاء من آدم، و مخضب 1960 من نحاس، و قفّة 1961 للّبن، و مطهرة للماء مزفّتة 1962 ، و جرّة خضراء و كيزان خزف.
و في رواية: و نطع من أدم، و عباء قطراني، و قربة ماء.
و كان من تجهيز عليّ داره انتشار رمل لبن، و خشبة من حائط إلى حائط للثياب، و بسط إهاب كبش، و مخدّة ليف.
[مراسم زواج أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السلام]
أبو بكر بن مردويه قال: لبث أمير المؤمنين عليه السلام بعد عقده تسعة و عشرين يوما، فقال له جعفر و عقيل: سل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يدخل عليك أهلك، فعرفت أمّ أيمن ذلك، و قالت: هذا من أمر النساء، و خلت به أيضا أمّ سلمة و طالبته بذلك، فدعاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قال: حبّا و كرامة، فأتى الصحابة بالهدايا و التحف، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطحن البرّ و خبزه، و أمر عليّا بذبح البقر و الغنم، فكان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
يفصل اللحم و لم ير على يده أثر الدم.
فلمّا فرغوا من الطبخ أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا أن ينادي على رأس داره: أجيبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأجابوه من النخلات و الزروع، فبسط النطوع في المسجد، و صدر الناس و هم أكثر من أربعة آلاف رجل، و سائر نساء المدينة، و رفعوا منها ما أرادوا و لم ينقص من الطعام شيء، ثمّ عادوا في اليوم الثاني فأكلوا، و في الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه، ثمّ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصحاف فملئت، و وجّه إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة، و قال: هذه لفاطمة و بعلها، ثمّ دعا فاطمة فأخذ يدها و وضعها في يد عليّ، و قال: بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه؛ يا عليّ، نعم الزوج فاطمة، و يا فاطمة، نعم البعل عليّ.
و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر نساءه أن تزيّنها و يصلحن من شأنها في حجرة أمّ سلمة فاستدعين من فاطمة عليها السلام طيبا فأتت بقارورة، فسئلت عنها، فقالت: كان دحية الكلبيّ يدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيقول: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك، فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شيء، فيأمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بجمعه، فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك، فقال: عنبر يسقط من زغب أجنحة جبرئيل، و أتت بماء ورد فسألتها عنه أمّ سلمة، فقالت: هذا عرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كنت آخذه عند قيلولته عندي.