کتابخانه روایات شیعه
يفصل اللحم و لم ير على يده أثر الدم.
فلمّا فرغوا من الطبخ أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا أن ينادي على رأس داره: أجيبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأجابوه من النخلات و الزروع، فبسط النطوع في المسجد، و صدر الناس و هم أكثر من أربعة آلاف رجل، و سائر نساء المدينة، و رفعوا منها ما أرادوا و لم ينقص من الطعام شيء، ثمّ عادوا في اليوم الثاني فأكلوا، و في الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه، ثمّ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصحاف فملئت، و وجّه إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة، و قال: هذه لفاطمة و بعلها، ثمّ دعا فاطمة فأخذ يدها و وضعها في يد عليّ، و قال: بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه؛ يا عليّ، نعم الزوج فاطمة، و يا فاطمة، نعم البعل عليّ.
و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر نساءه أن تزيّنها و يصلحن من شأنها في حجرة أمّ سلمة فاستدعين من فاطمة عليها السلام طيبا فأتت بقارورة، فسئلت عنها، فقالت: كان دحية الكلبيّ يدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيقول: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك، فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شيء، فيأمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بجمعه، فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك، فقال: عنبر يسقط من زغب أجنحة جبرئيل، و أتت بماء ورد فسألتها عنه أمّ سلمة، فقالت: هذا عرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كنت آخذه عند قيلولته عندي.
و روي أنّ جبرئيل أتى بحلّة قيمتها الدنيا، فلمّا لبستها تحيّرت نسوة قريش منها، و قلن: أنّى لك هذا؟
قالت: هو من عند اللّه سبحانه 1963 .
تاريخ الخطيب: بإسناده إلى ابن عبّاس و جابر 1964 أنّه لمّا كانت الليلة الّتي زفّت فيها فاطمة إلى عليّ عليهما السلام كان النبي صلّى اللّه عليه و آله أمامها، و جبرئيل عن يمينها، و ميكائيل عن يسارها، و سبعون ألف ملك يشيّعونها من خلفها، يسبّحون اللّه و يقدّسونه حتى طلع الفجر.
[ما أنشأن نساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في زفاف الزهراء عليها السلام]
كتاب مولد فاطمة عليها السلام عن ابن بابويه رضي اللّه عنه- في خبر- أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بنات عبد المطّلب و نساء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة عليها السلام، و أن يفرحن و يرجزن و يكبّرن و يحمدن، و لا يقلن ما لا يرضي اللّه.
قال جابر: فأركبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [على] 1965 ناقته. و في رواية: على بغلته الشهباء، و أخذ سلمان بزمامها، و حولها سبعون حوراء و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و حمزة و عقيل و جعفر و أهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم، و نساء النبيّ قدّامهم يرجزن، فأنشأت أمّ سلمة رضي اللّه عنها:
سرن 1966 بعون اللّه جاراتي
و اشكرنه في كلّ حالات
و اذكرن ما أنعم ربّ العلى
من كشف مكروه و آفات
فقد هدانا بعد كفر و قد
أنعشنا ربّ السموات
فسرن مع خير نساء الورى
تفدى بعمّات و خالات
يا بنت من فضّله ذو العلى
بالوحي منه و الرسالات
ثمّ قالت عائشة:
يا نسوة استرن بالمعاجر
و اذكرن ما يحسن في المحاضر
و اذكرن ربّ الناس إذ يخصّنا
بدينه مع كلّ عبد شاكر
فالحمد للّه على إفضاله
و الشكر للّه العزيز القادر
سرن بها فاللّه أعلى قدرها 1967
و خصّها منه بطهر طاهر
ثمّ قالت حفصة:
فاطمة خير نساء البشر
و من لها وجه كوجه القمر
فضّلك اللّه على كلّ الورى
بفضل من خصّ باي السور 1968
زوّجك اللّه فتى مفضّلا 1969
أعني عليّا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها فيا لها 1970
كريمة بنت عظيم الخطر
ثمّ قالت معاذة أمّ سعد بن معاذ:
أقول قولا فيه ما فيه
و أذكر الخير و ابديه
محمد خير بني آدم
ما فيه من كبر و لا تيه
بفضله عرّفنا رشدنا 1971
فاللّه بالخير يجازيه
و نحن مع بنت نبيّ الهدى
ذي شرف قد مكّنت فيه
في ذروة شامخة أصلها
فما أرى شيئا يدانيه
و كانت النسوة يرجعن أوّل بيت من كلّ رجز، ثم يكبّرن حتى دخلن الدار، ثمّ أنفذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ و دعاه إلى المسجد، ثمّ دعا فاطمة فأخذ يدها و وضعها في يد عليّ، و قال: بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
كتاب ابن مردويه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا بماء، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثمّ مجّها في القعب، ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال:
أقبلي، فلمّا أقبلت نضح بين ثدييها، ثمّ قال: أدبري، فلمّا أدبرت نضح بين كتفيها، ثمّ دعا لهما.
أبو عبيد في غريب الحديث أنّه قال: اللّهمّ اونسهما أي ثبّت الودّ بينهما.
و روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال: اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ فأحبّهما و بارك في ذرّيّتهما، و اجعل عليهما منك حافظا، و إنّي اعيذهما و ذرّيّتهما بك من الشيطان الرجيم.
[و روي أنّه دعا لها فقال:] 1972 أذهب اللّه عنك الرجس و طهّرك 1973 تطهيرا.
و روي أنّه قال: مرحبا ببحرين يلتقيان و نجمين يقترنان، ثمّ خرج إلى الباب و هو يقول: طهّركما اللّه و طهّر نسلكما، أنا حرب لمن حاربكما، و سلم لمن سالمكما، أستودعكما اللّه و أستخلفه عليكما، و باتت عندها أسماء بنت
عميس اسبوعا بوصيّة خديجة إليها، فدعا لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في دنياها و آخرتها.
ثمّ أتاهما في صبيحتهما، و قال: السلام عليكم، أدخل رحمكما اللّه، ففتحت له أسماء الباب، و كانا نائمين تحت كساء، فقال: على حالكما، فأدخل رجليه بين أرجلهما، فأخبر اللّه عن أورادهما (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) 1974 الآية، فسأل عليّا: كيف وجدت أهلك؟
قال: نعم العون على طاعة اللّه.
و سأل فاطمة، فقال: كيف وجدت بعلك؟
فقالت: خير بعل.
[دعاء النبي صلّى اللّه عليه و آله لهما عليهما السلام في زواجهما]
فقال: اللّهمّ اجمع شملهما، و ألّف بين قلوبهما، و اجعلهما و ذرّيّتهما من ورثة جنّة النعيم، و ارزقهما ذرّيّة طيّبة طاهرة مباركة، و اجعل في ذرّيّتهما البركة، و اجعلهم أئمّة يهدون بأمرك إلى طاعتك، و يأمرون بما يرضيك، ثمّ أمر بخروج أسماء، و قال: جزاك اللّه خيرا، ثمّ خلا بها بعد ذلك بإشارة الرسول صلّى اللّه عليه و آله.
و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا كانت صبيحة عرس فاطمة جاء النبيّ بعسّ 1975 فيه لبن، فقال لفاطمة: اشربي فداك أبوك، و قال لعليّ:
اشرب فداك ابن عمّك 1976 .
فصل في مولدها و أحوالها و أسمائها و كناها عليها السلام
ولدت فاطمة بمكّة بعد النبوّة بخمس سنين، و بعد الاسراء بثلاث سنين، في العشرين من جمادى الاخرى، و إقامتها مع أبيها بمكّة ثماني سنين، ثمّ هاجرت إلى المدينة فزوّجها من عليّ بعد مقدمه 1977 المدينة بسنتين؛ أوّل يوم من ذي الحجّة؛ و قيل: اليوم السادس منه، و دخل بها يوم الثلاثاء لستّ خلون منه بعد بدر 1978 .
و قبض صلّى اللّه عليه و آله و كان لها ثماني عشرة سنة و سبعة أشهر، و عاشت بعده اثنين و سبعين يوما؛ و يقال: خمسة و سبعين؛ و قيل: أربعة أشهر، و قال القرباني: أربعين يوما و هو أصحّ.
و ولدت الحسن و الحسين و لها اثنتا عشرة سنة 1979 .
و توفّيت ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة، و مشهدها بالبقيع، و قالوا: إنّها دفنت في بيتها،
و قالوا: قبرها بين قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بين منبره 1980 .
و كناها: أمّ الحسن، و أمّ الحسين، و أمّ محسن، و أمّ الأئمّة، و أمّ أبيها.
و أسماؤها- على ما ذكره أبو جعفر القمّي-: فاطمة، البتول، الحصان، الحرّة، السيّدة، العذراء، الزهراء، الحوراء، المباركة، الطاهرة، الزكيّة، الراضية، المرضيّة، المحدّثة، مريم الكبرى، الصدّيقة؛ و يقال لها في السماء:
النوريّة، السماويّة، الحانية 1981 ، الزاهدة، الصفيّة، المتهجّدة الشريفة، القانتة العفيفة، سيّدة النسوان، و حبيبة حبيب الرحمن، ابنة خير المرسلين، و قرّة عين سيّد الخلائق أجمعين، و واسطة العقد بين سيّدات نساء العالمين، و المتظلّمة بين يدي العرش يوم الدين، ثمرة النبوّة، و أمّ الأئمّة، و زهرة فؤاد شفيع الامّة، الزهراء المحترمة، و الغرّاء المحتشمة، المكرّمة 1982 .
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
فيا من يروم حصر مناقبها، و يطلب ضبط مراتبها، و يسأل عن معاليها و محامدها، و يبحث عن خصائصها و محامدها، لقد رمت حصر كواكب السماء الدنيا، و أردت عدّ رمل عالج و الدهناء، هذه ابنة من اخذ عهده على أهل الأرض و السماء، و عرج بروحه و بدنه كقاب قوسين أو أدنى، و رقمت أحرف أسمائه على العرش المجيد، و جعل شفيع من استمسك بعروة عصمته يوم الوعيد.