کتابخانه روایات شیعه
فقد هدانا بعد كفر و قد
أنعشنا ربّ السموات
فسرن مع خير نساء الورى
تفدى بعمّات و خالات
يا بنت من فضّله ذو العلى
بالوحي منه و الرسالات
ثمّ قالت عائشة:
يا نسوة استرن بالمعاجر
و اذكرن ما يحسن في المحاضر
و اذكرن ربّ الناس إذ يخصّنا
بدينه مع كلّ عبد شاكر
فالحمد للّه على إفضاله
و الشكر للّه العزيز القادر
سرن بها فاللّه أعلى قدرها 1967
و خصّها منه بطهر طاهر
ثمّ قالت حفصة:
فاطمة خير نساء البشر
و من لها وجه كوجه القمر
فضّلك اللّه على كلّ الورى
بفضل من خصّ باي السور 1968
زوّجك اللّه فتى مفضّلا 1969
أعني عليّا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها فيا لها 1970
كريمة بنت عظيم الخطر
ثمّ قالت معاذة أمّ سعد بن معاذ:
أقول قولا فيه ما فيه
و أذكر الخير و ابديه
محمد خير بني آدم
ما فيه من كبر و لا تيه
بفضله عرّفنا رشدنا 1971
فاللّه بالخير يجازيه
و نحن مع بنت نبيّ الهدى
ذي شرف قد مكّنت فيه
في ذروة شامخة أصلها
فما أرى شيئا يدانيه
و كانت النسوة يرجعن أوّل بيت من كلّ رجز، ثم يكبّرن حتى دخلن الدار، ثمّ أنفذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ و دعاه إلى المسجد، ثمّ دعا فاطمة فأخذ يدها و وضعها في يد عليّ، و قال: بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
كتاب ابن مردويه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا بماء، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثمّ مجّها في القعب، ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال:
أقبلي، فلمّا أقبلت نضح بين ثدييها، ثمّ قال: أدبري، فلمّا أدبرت نضح بين كتفيها، ثمّ دعا لهما.
أبو عبيد في غريب الحديث أنّه قال: اللّهمّ اونسهما أي ثبّت الودّ بينهما.
و روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال: اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ فأحبّهما و بارك في ذرّيّتهما، و اجعل عليهما منك حافظا، و إنّي اعيذهما و ذرّيّتهما بك من الشيطان الرجيم.
[و روي أنّه دعا لها فقال:] 1972 أذهب اللّه عنك الرجس و طهّرك 1973 تطهيرا.
و روي أنّه قال: مرحبا ببحرين يلتقيان و نجمين يقترنان، ثمّ خرج إلى الباب و هو يقول: طهّركما اللّه و طهّر نسلكما، أنا حرب لمن حاربكما، و سلم لمن سالمكما، أستودعكما اللّه و أستخلفه عليكما، و باتت عندها أسماء بنت
عميس اسبوعا بوصيّة خديجة إليها، فدعا لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في دنياها و آخرتها.
ثمّ أتاهما في صبيحتهما، و قال: السلام عليكم، أدخل رحمكما اللّه، ففتحت له أسماء الباب، و كانا نائمين تحت كساء، فقال: على حالكما، فأدخل رجليه بين أرجلهما، فأخبر اللّه عن أورادهما (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) 1974 الآية، فسأل عليّا: كيف وجدت أهلك؟
قال: نعم العون على طاعة اللّه.
و سأل فاطمة، فقال: كيف وجدت بعلك؟
فقالت: خير بعل.
[دعاء النبي صلّى اللّه عليه و آله لهما عليهما السلام في زواجهما]
فقال: اللّهمّ اجمع شملهما، و ألّف بين قلوبهما، و اجعلهما و ذرّيّتهما من ورثة جنّة النعيم، و ارزقهما ذرّيّة طيّبة طاهرة مباركة، و اجعل في ذرّيّتهما البركة، و اجعلهم أئمّة يهدون بأمرك إلى طاعتك، و يأمرون بما يرضيك، ثمّ أمر بخروج أسماء، و قال: جزاك اللّه خيرا، ثمّ خلا بها بعد ذلك بإشارة الرسول صلّى اللّه عليه و آله.
و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا كانت صبيحة عرس فاطمة جاء النبيّ بعسّ 1975 فيه لبن، فقال لفاطمة: اشربي فداك أبوك، و قال لعليّ:
اشرب فداك ابن عمّك 1976 .
فصل في مولدها و أحوالها و أسمائها و كناها عليها السلام
ولدت فاطمة بمكّة بعد النبوّة بخمس سنين، و بعد الاسراء بثلاث سنين، في العشرين من جمادى الاخرى، و إقامتها مع أبيها بمكّة ثماني سنين، ثمّ هاجرت إلى المدينة فزوّجها من عليّ بعد مقدمه 1977 المدينة بسنتين؛ أوّل يوم من ذي الحجّة؛ و قيل: اليوم السادس منه، و دخل بها يوم الثلاثاء لستّ خلون منه بعد بدر 1978 .
و قبض صلّى اللّه عليه و آله و كان لها ثماني عشرة سنة و سبعة أشهر، و عاشت بعده اثنين و سبعين يوما؛ و يقال: خمسة و سبعين؛ و قيل: أربعة أشهر، و قال القرباني: أربعين يوما و هو أصحّ.
و ولدت الحسن و الحسين و لها اثنتا عشرة سنة 1979 .
و توفّيت ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة، و مشهدها بالبقيع، و قالوا: إنّها دفنت في بيتها،
و قالوا: قبرها بين قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بين منبره 1980 .
و كناها: أمّ الحسن، و أمّ الحسين، و أمّ محسن، و أمّ الأئمّة، و أمّ أبيها.
و أسماؤها- على ما ذكره أبو جعفر القمّي-: فاطمة، البتول، الحصان، الحرّة، السيّدة، العذراء، الزهراء، الحوراء، المباركة، الطاهرة، الزكيّة، الراضية، المرضيّة، المحدّثة، مريم الكبرى، الصدّيقة؛ و يقال لها في السماء:
النوريّة، السماويّة، الحانية 1981 ، الزاهدة، الصفيّة، المتهجّدة الشريفة، القانتة العفيفة، سيّدة النسوان، و حبيبة حبيب الرحمن، ابنة خير المرسلين، و قرّة عين سيّد الخلائق أجمعين، و واسطة العقد بين سيّدات نساء العالمين، و المتظلّمة بين يدي العرش يوم الدين، ثمرة النبوّة، و أمّ الأئمّة، و زهرة فؤاد شفيع الامّة، الزهراء المحترمة، و الغرّاء المحتشمة، المكرّمة 1982 .
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
فيا من يروم حصر مناقبها، و يطلب ضبط مراتبها، و يسأل عن معاليها و محامدها، و يبحث عن خصائصها و محامدها، لقد رمت حصر كواكب السماء الدنيا، و أردت عدّ رمل عالج و الدهناء، هذه ابنة من اخذ عهده على أهل الأرض و السماء، و عرج بروحه و بدنه كقاب قوسين أو أدنى، و رقمت أحرف أسمائه على العرش المجيد، و جعل شفيع من استمسك بعروة عصمته يوم الوعيد.
القرآن منشور نبوّته، و الروح الأمين سفير رسالته، «أرسله بالهدى و دين الحقّ» 1983 بشير بعثته، (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) 1984 دليل محبّته، (كَتَبَ
اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي) 1985 علم بصيرته، ختم سجلّ ولايته (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ) 1986 ، و توقيع علّة رسالته (وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) 1987 ، نشأ في حجر الفتوّة، و ربّي في دار النبوّة، و اضجع في مهد العصمة، و ارضع ثدي الحكمة، ثمّ ادخل مكتب (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) 1988 ، و ادّب بأدب (خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) 1989 ، فبلغ من القيام بشروطها الغاية القصوى.
مدّت يد العصمة بقلم القدرة على لوح نفسه (وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) 1990 ، و خوطب بلسان العزّة و الرفعة: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) 1991 .
لمّا استندت عناية المعلّم سبحانه بتهذيبه و تأديبه، و شرّفه باختصاصه بتعليمه و تقريبه، تفجّرت ينابيع الحكمة من صفا سريرته، و ظهرت أسرار العناية من ضفا روحانيّته، و زفّت يد الإرادة الأزليّة عروس الرسالة النبويّة إليه، و حلتها ماشطة المحبّة الإلهيّة في ملابس الألطاف الخفيّة عليه، و أفرغت على أعطاف نبوّته من ملابس الرئاسة العامّة تعظيما و توقيرا، و ضربت على
هامة رفعته حجلة (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً) 1992 ، (وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً) 1993 .
لمّا انشرح صدره بخطاب (أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) 1994 ، و علا أمره بمقال (وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) 1995 ، و صار قلبه مشكاة النور الإلهيّ، و فضله حتى القيامة غير متناهي، اجلس في صدر صفة مشارق فيضان الأنوار الإلهيّة على جنانه، فأضاءت الأكوان بانعكاس أشعّة مرآة كمال عرفانه، فأظهر بدروس علومه من الايمان ما كان دارسا، و أنار بوضع قواعد شرعه من الاسلام ما كان طامسا.
و هذه النبذة الّتي أوردتها، و اللمعة الّتي ذكرتها قطرة من بحر صفته، و ذرّة من طود مدحته، اللّهمّ اجعلنا من المهتدين بواضح دليله، السالكين في منجم سبيله، المهتدين بأبرار عترته، المستضيئين بأنوار ذرّيّته.