کتابخانه روایات شیعه
أمسوا جياعا و هم أشبالي
أصغرهما يقتل في القتال
بكربلاء يقتل باغتيال
لقاتليه الويل مع الوبال
تهوي به النار إلى سفال
كبولة زادت على الاكبال
ثمّ عمدت إلى جميع ما على الخوان من الخبز فأعطته اليتيم و باتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء، و أصبحوا صيّاما، فعمدت فاطمة إلى الثلث الباقي من الصوف فغزلته، و طحنت الباقي من الشعير و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصا، و صلّى أمير المؤمنين عليه السلام مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة المغرب، و أتى المنزل فوضع الخوان و جلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها أمير المؤمنين عليه السلام و أراد وضعها في فيه إذا أسير من اسارى المشركين ينادي بالباب: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا و تشدّونا و لا تطعمونا، فرمى أمير المؤمنين عليه السلام باللقمة من يده، ثمّ قال:
فاطم يا بنت النبيّ أحمد
بنت نبيّ سيّد مسدّد 2024
قد جاءنا 2025 الأسير ليس يهتدي
مكبّلا في غلّه مقيّد
يشكو إلينا الجوع قد تقدّد
من يطعم اليوم يجده في غد
عند العليّ الواحد الموحّد
ما يزرع الزارع سوف يحصد
[ فأعطيه و لا تجعليه ينكد ] 2026
فأقبلت فاطمة عليها السلام تقول:
لم يبق ممّا كان غير صاع
قد دبرت كفّي مع الذراع
شبلاي و اللّه هما جياع
يا ربّ لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع
عبل الذراعين 2027 طويل الباع
و ما على رأسي من قناع
إلّا عبا نسجتها بصاع
و عمدت إلى ما كان على الخوان جميعه فدفعته إلى الأسير، و باتوا ليلتهم جياعا، و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شيء.
قال شعيب في حديثه: و أقبل عليّ بالحسن و الحسين عليهم السلام نحو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا أبا الحسن شدّ ما يسوؤني ما أرى بكم.
فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و انطلق مع عليّ عليه السلام إلى منزل فاطمة عليها السلام، فإذا هي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، و غارت عيناها في وجهها، فلمّا رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ضمّها إليه، و قال: وا غوثاه أنتم منذ ثلاث فيما أرى، فهبط جبرئيل عليه السلام، و قال: خذ يا محمّد ما هيّأ اللّه لك في أهل بيتك.
قال: و ما آخذ يا جبرئيل؟ [قال:] 2028 (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) - حتى بلغ- (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) 2029 .
و قال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتى دخل منزل فاطمة عليها السلام فرأى ما بهم فجمعهم، ثمّ انكبّ عليهم يبكي و يقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم! فهبط عليه جبريل بهذه الآيات: (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) 2030 .
قال: هي عين في دار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تفجّر إلى دور الأنبياء و المرسلين 2031 .
و في الحديث 2032 أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن هذه، فقال:
هي عين في داري في الجنّة، ثمّ سئل مرّة اخرى، فقال: هي عين في دار عليّ.
فقيل: يا رسول اللّه، أ لم تقل عين في داري؟
فقال: إنّ داري و دار عليّ في الجنّة واحدة.
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ - يعني عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهم فضّة- وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً - أي عابسا كلوحا- وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ - أي على شهوتهم للطعام و إيثارهم له- مِسْكِيناً - من مساكين المسلمين- وَ يَتِيماً - من يتامى المسلمين- وَ أَسِيراً - من اسارى المشركين، و يقولون إذا أطعموهم:- إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ)
(جَزاءً وَ لا شُكُوراً) 2033 أي جزاء يجازوننا به من نفع عاجل، و لا نريد أن تشكرونا عليه عن الخلق بل فعلناه للّه، قال: و اللّه ما قالوا هذا لهم و لكنّهم أظهروه في أنفسهم، فأخبر اللّه بإضمارهم و أثنى عليهم ليرغّب في ذلك الراغب.
عن سعيد بن جبير و مجاهد: قال اللّه سبحانه: (فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً - في الوجوه- وَ سُرُوراً - في القلوب- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً - يسكنونها- وَ حَرِيراً - يلبسونه و يفترشونه- مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ - و الأريكة: السرير عليه الحجلة- لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) 2034 يتأذّون بحرّها.
قال ابن عبّاس: بينا أهل الجنّة في الجنّة إذ يرون نورا مثل الشمس قد أشرقت له الجنان، فيقول أهل الجنّة: يا ربّ، إنّك قلت- و قولك الحقّ- في كتابك: (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً) ، فيرسل اللّه جلّ اسمه جبرئيل فيقول: ليس هذا بشمس و لكن عليّا و فاطمة ضحكا من شيء أعجبهما فأشرقت الجنان من نور ضحكهما 2035 .
فصل في وفاتها 2036 عليها السلام
[كلام رسول الله لعلي بالتوصية لريحانتيه صلى الله عليهم]
عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام قبل موته: السلام عليك أبا الريحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك، فلمّا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا 2037 الركن الأوّل، فلمّا ماتت فاطمة قال: هذا الركن الثاني.
و روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا فاطمة فسارّها فبكت، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: أعلمني أنّه مقبوض فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت.
و عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها و عائشة أيضا أنّها لمّا سئلت عن بكائها و ضحكها قالت: أخبرني النبيّ أنّه مقبوض، ثمّ أخبرني أن بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، فضحكت.
و أيضا عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة لا تخطي مشيتها مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه، و أسرّ إليها حديثا فبكت، ثمّ أسرّ إليها حديثا فضحكت، فسألتها عن ذلك، فقالت: ما أفشي سرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، حتى إذا قبض صلّى اللّه عليه و آله سألتها، فقالت: إنّه أسرّ إليّ، فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة مرّة، و إنّه عارضني [به] 2038 العام مرّتين، و لا أراني إلّا و قد حضر أجلي، و إنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثمّ قال: أ لا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين 2039 ؟
فضحكت لذلك.
روي أنّها صلّى اللّه عليها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، و تقول لولديها: أين أبوكما الّذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض، و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا، و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما، ثمّ مرضت و مكثت أربعين ليلة، ثمّ دعت أمّ أيمن و أسماء بنت عميس 2040 و عليّا صلوات اللّه عليه، و أوصت إلى علي بثلاث: أن يتزوّج بابنة [اختها] 2041 امامة لحبّها أولادها، و أن يتّخذ نعشا لأنّها كانت رأت الملائكة بصورة فصوّرته و وصفته لأمير المؤمنين عليه السلام، و ألّا يشهد أحد جنازتها
ممّن ظلمها، و ألّا يترك أحد منهم يصلّي عليها.
[علّة دفنها عليها السلام ليلا]
و ذكر مسلم، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة- في خبر طويل- يذكر فيه أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فمنعها- و القصّة مشهورة-، فهجرته و لم تكلّمه حتى توفّيت و لم يؤذن بها أبو بكر، و لم يصل عليها.
الواقدي: أنّ فاطمة عليها السلام أوصت إلى عليّ إذا حضرتها الوفاة ألّا يصلّي عليها أبو بكر و لا عمر، فعمل بوصيّتها.
و عن ابن عبّاس، قال: أوصت فاطمة إلى عليّ عليهما السلام ألّا يعلم- إذا ماتت- أبا بكر و لا عمر، و لا يصلّيا عليها.
قال: فدفنها عليّ عليه السلام ليلا و لم يعلمهما بذلك، و غيّب قبرها.
و عن عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها عليّ ليلا، و صلّى عليّ عليها.
و عن الزهريّ أنّ فاطمة دفنت ليلا، دفنها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام، و غيّبوا قبرها.
و في روايتنا أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام و عقيل و سلمان و أبو ذرّ و المقداد و عمّار و بريدة.
و في رواية اخرى: و العبّاس و ابنه الفضل.
و في رواية اخرى: و حذيفة و ابن مسعود.