کتابخانه روایات شیعه
و قال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتى دخل منزل فاطمة عليها السلام فرأى ما بهم فجمعهم، ثمّ انكبّ عليهم يبكي و يقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم! فهبط عليه جبريل بهذه الآيات: (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) 2030 .
قال: هي عين في دار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تفجّر إلى دور الأنبياء و المرسلين 2031 .
و في الحديث 2032 أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن هذه، فقال:
هي عين في داري في الجنّة، ثمّ سئل مرّة اخرى، فقال: هي عين في دار عليّ.
فقيل: يا رسول اللّه، أ لم تقل عين في داري؟
فقال: إنّ داري و دار عليّ في الجنّة واحدة.
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ - يعني عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهم فضّة- وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً - أي عابسا كلوحا- وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ - أي على شهوتهم للطعام و إيثارهم له- مِسْكِيناً - من مساكين المسلمين- وَ يَتِيماً - من يتامى المسلمين- وَ أَسِيراً - من اسارى المشركين، و يقولون إذا أطعموهم:- إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ)
(جَزاءً وَ لا شُكُوراً) 2033 أي جزاء يجازوننا به من نفع عاجل، و لا نريد أن تشكرونا عليه عن الخلق بل فعلناه للّه، قال: و اللّه ما قالوا هذا لهم و لكنّهم أظهروه في أنفسهم، فأخبر اللّه بإضمارهم و أثنى عليهم ليرغّب في ذلك الراغب.
عن سعيد بن جبير و مجاهد: قال اللّه سبحانه: (فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً - في الوجوه- وَ سُرُوراً - في القلوب- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً - يسكنونها- وَ حَرِيراً - يلبسونه و يفترشونه- مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ - و الأريكة: السرير عليه الحجلة- لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) 2034 يتأذّون بحرّها.
قال ابن عبّاس: بينا أهل الجنّة في الجنّة إذ يرون نورا مثل الشمس قد أشرقت له الجنان، فيقول أهل الجنّة: يا ربّ، إنّك قلت- و قولك الحقّ- في كتابك: (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً) ، فيرسل اللّه جلّ اسمه جبرئيل فيقول: ليس هذا بشمس و لكن عليّا و فاطمة ضحكا من شيء أعجبهما فأشرقت الجنان من نور ضحكهما 2035 .
فصل في وفاتها 2036 عليها السلام
[كلام رسول الله لعلي بالتوصية لريحانتيه صلى الله عليهم]
عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام قبل موته: السلام عليك أبا الريحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك، فلمّا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا 2037 الركن الأوّل، فلمّا ماتت فاطمة قال: هذا الركن الثاني.
و روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا فاطمة فسارّها فبكت، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: أعلمني أنّه مقبوض فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت.
و عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها و عائشة أيضا أنّها لمّا سئلت عن بكائها و ضحكها قالت: أخبرني النبيّ أنّه مقبوض، ثمّ أخبرني أن بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، فضحكت.
و أيضا عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة لا تخطي مشيتها مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه، و أسرّ إليها حديثا فبكت، ثمّ أسرّ إليها حديثا فضحكت، فسألتها عن ذلك، فقالت: ما أفشي سرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، حتى إذا قبض صلّى اللّه عليه و آله سألتها، فقالت: إنّه أسرّ إليّ، فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة مرّة، و إنّه عارضني [به] 2038 العام مرّتين، و لا أراني إلّا و قد حضر أجلي، و إنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثمّ قال: أ لا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين 2039 ؟
فضحكت لذلك.
روي أنّها صلّى اللّه عليها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، و تقول لولديها: أين أبوكما الّذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض، و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا، و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما، ثمّ مرضت و مكثت أربعين ليلة، ثمّ دعت أمّ أيمن و أسماء بنت عميس 2040 و عليّا صلوات اللّه عليه، و أوصت إلى علي بثلاث: أن يتزوّج بابنة [اختها] 2041 امامة لحبّها أولادها، و أن يتّخذ نعشا لأنّها كانت رأت الملائكة بصورة فصوّرته و وصفته لأمير المؤمنين عليه السلام، و ألّا يشهد أحد جنازتها
ممّن ظلمها، و ألّا يترك أحد منهم يصلّي عليها.
[علّة دفنها عليها السلام ليلا]
و ذكر مسلم، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة- في خبر طويل- يذكر فيه أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فمنعها- و القصّة مشهورة-، فهجرته و لم تكلّمه حتى توفّيت و لم يؤذن بها أبو بكر، و لم يصل عليها.
الواقدي: أنّ فاطمة عليها السلام أوصت إلى عليّ إذا حضرتها الوفاة ألّا يصلّي عليها أبو بكر و لا عمر، فعمل بوصيّتها.
و عن ابن عبّاس، قال: أوصت فاطمة إلى عليّ عليهما السلام ألّا يعلم- إذا ماتت- أبا بكر و لا عمر، و لا يصلّيا عليها.
قال: فدفنها عليّ عليه السلام ليلا و لم يعلمهما بذلك، و غيّب قبرها.
و عن عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها عليّ ليلا، و صلّى عليّ عليها.
و عن الزهريّ أنّ فاطمة دفنت ليلا، دفنها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام، و غيّبوا قبرها.
و في روايتنا أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام و عقيل و سلمان و أبو ذرّ و المقداد و عمّار و بريدة.
و في رواية اخرى: و العبّاس و ابنه الفضل.
و في رواية اخرى: و حذيفة و ابن مسعود.
الأصبغ بن نباتة أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلا، فقال: إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، و حرام على من
يتولّاهم أن يصلّي على أحد من ولدها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه سوّى قبرها مع الأرض مستويا و قالوا: إنّه سوّى حواليها قبورا مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه رشّ أربعين قبرا حتى لا يتبيّن قبرها من القبور فيصلّوا عليها 2042 .
[في تغسيلها عليها السلام]
روى أبو عبد اللّه حمّويه 2043 بن عليّ البصري، و أحمد بن حنبل 2044 ، و أبو عبد اللّه بن بطّة 2045 بأسانيدهم قالت سلمى 2046 امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة شكواها الّتي قبضت فيها و كنت امرّضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت، فخرج عليّ عليه السلام إلى بعض حوائجه و قالت: اسكبي لي غسلا. فسكبت، و قامت و اغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثمّ لبست أثوابها الجدد، ثمّ قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثمّ استقبلت القبلة و نامت، و قالت: أنا مقبوضة، و قد اغتسلت فلا يكشفني 2047 أحد، ثمّ وضعت خدّها على يدها 2048 ، ثمّ ماتت.
و عن أسماء بنت عميس، قالت: أوصت فاطمة إليّ ألّا يغسّلها إذا ماتت إلّا أنا و عليّ، فأعنت عليّا على غسلها.
و عن أبي الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعيّة: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن فاطمة من غسّلها؟
فقال: غسّلها أمير المؤمنين عليه السلام لأنّها كانت صدّيقة لم يغسّلها إلّا صدّيق.
تهذيب الأحكام 2049 : روى سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: سألته عن أوّل من جعل له النعش.
[كلام أمير المؤمنين عليه السلام عند دفنها عليها السلام]
قال: فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليها.
و في رواية عبد الرحمن أنّها قالت لأسماء: استريني سترك اللّه من النار- يعني بالنعش-.
و روي 2050 أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها: