کتابخانه روایات شیعه
فصل في وفاتها 2036 عليها السلام
[كلام رسول الله لعلي بالتوصية لريحانتيه صلى الله عليهم]
عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام قبل موته: السلام عليك أبا الريحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك، فلمّا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا 2037 الركن الأوّل، فلمّا ماتت فاطمة قال: هذا الركن الثاني.
و روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دعا فاطمة فسارّها فبكت، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: أعلمني أنّه مقبوض فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت.
و عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها و عائشة أيضا أنّها لمّا سئلت عن بكائها و ضحكها قالت: أخبرني النبيّ أنّه مقبوض، ثمّ أخبرني أن بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، فضحكت.
و أيضا عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة لا تخطي مشيتها مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه، و أسرّ إليها حديثا فبكت، ثمّ أسرّ إليها حديثا فضحكت، فسألتها عن ذلك، فقالت: ما أفشي سرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، حتى إذا قبض صلّى اللّه عليه و آله سألتها، فقالت: إنّه أسرّ إليّ، فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة مرّة، و إنّه عارضني [به] 2038 العام مرّتين، و لا أراني إلّا و قد حضر أجلي، و إنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثمّ قال: أ لا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين 2039 ؟
فضحكت لذلك.
روي أنّها صلّى اللّه عليها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، و تقول لولديها: أين أبوكما الّذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض، و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا، و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما، ثمّ مرضت و مكثت أربعين ليلة، ثمّ دعت أمّ أيمن و أسماء بنت عميس 2040 و عليّا صلوات اللّه عليه، و أوصت إلى علي بثلاث: أن يتزوّج بابنة [اختها] 2041 امامة لحبّها أولادها، و أن يتّخذ نعشا لأنّها كانت رأت الملائكة بصورة فصوّرته و وصفته لأمير المؤمنين عليه السلام، و ألّا يشهد أحد جنازتها
ممّن ظلمها، و ألّا يترك أحد منهم يصلّي عليها.
[علّة دفنها عليها السلام ليلا]
و ذكر مسلم، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة- في خبر طويل- يذكر فيه أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فمنعها- و القصّة مشهورة-، فهجرته و لم تكلّمه حتى توفّيت و لم يؤذن بها أبو بكر، و لم يصل عليها.
الواقدي: أنّ فاطمة عليها السلام أوصت إلى عليّ إذا حضرتها الوفاة ألّا يصلّي عليها أبو بكر و لا عمر، فعمل بوصيّتها.
و عن ابن عبّاس، قال: أوصت فاطمة إلى عليّ عليهما السلام ألّا يعلم- إذا ماتت- أبا بكر و لا عمر، و لا يصلّيا عليها.
قال: فدفنها عليّ عليه السلام ليلا و لم يعلمهما بذلك، و غيّب قبرها.
و عن عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها عليّ ليلا، و صلّى عليّ عليها.
و عن الزهريّ أنّ فاطمة دفنت ليلا، دفنها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام، و غيّبوا قبرها.
و في روايتنا أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام و عقيل و سلمان و أبو ذرّ و المقداد و عمّار و بريدة.
و في رواية اخرى: و العبّاس و ابنه الفضل.
و في رواية اخرى: و حذيفة و ابن مسعود.
الأصبغ بن نباتة أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلا، فقال: إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، و حرام على من
يتولّاهم أن يصلّي على أحد من ولدها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه سوّى قبرها مع الأرض مستويا و قالوا: إنّه سوّى حواليها قبورا مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه رشّ أربعين قبرا حتى لا يتبيّن قبرها من القبور فيصلّوا عليها 2042 .
[في تغسيلها عليها السلام]
روى أبو عبد اللّه حمّويه 2043 بن عليّ البصري، و أحمد بن حنبل 2044 ، و أبو عبد اللّه بن بطّة 2045 بأسانيدهم قالت سلمى 2046 امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة شكواها الّتي قبضت فيها و كنت امرّضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت، فخرج عليّ عليه السلام إلى بعض حوائجه و قالت: اسكبي لي غسلا. فسكبت، و قامت و اغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثمّ لبست أثوابها الجدد، ثمّ قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثمّ استقبلت القبلة و نامت، و قالت: أنا مقبوضة، و قد اغتسلت فلا يكشفني 2047 أحد، ثمّ وضعت خدّها على يدها 2048 ، ثمّ ماتت.
و عن أسماء بنت عميس، قالت: أوصت فاطمة إليّ ألّا يغسّلها إذا ماتت إلّا أنا و عليّ، فأعنت عليّا على غسلها.
و عن أبي الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعيّة: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن فاطمة من غسّلها؟
فقال: غسّلها أمير المؤمنين عليه السلام لأنّها كانت صدّيقة لم يغسّلها إلّا صدّيق.
تهذيب الأحكام 2049 : روى سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: سألته عن أوّل من جعل له النعش.
[كلام أمير المؤمنين عليه السلام عند دفنها عليها السلام]
قال: فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليها.
و في رواية عبد الرحمن أنّها قالت لأسماء: استريني سترك اللّه من النار- يعني بالنعش-.
و روي 2050 أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها:
السلام عليك يا رسول اللّه، عنّي و عن ابنتك النازلة في جوارك، و السريعة اللحاق بك، قلّ عن صفيّتك صبري، و رقّ فيها تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعزّ، و لقد وسّدتك في ملحود قبرك، و فاضت بين صدري و نحري نفسك، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، و اخذت الرهينة، أمّا حزني فسرمد، و أمّا ليلي فمسهّد، إلى أن يختار اللّه لي دارك الّتي أنت بها مقيم، و ستنبئك ابنتك، فأحفها السؤال، و استخبرها الحال، هذا و لم يطل العهد، و لم يخلق الذكر، و السلام عليكما سلام مودّع لا سئم و لا قال: فإن أنصرف فلا عن ملالة، و إن أقم فلا عن سوء
ظنّ بما وعد اللّه الصابرين.
[ما قاله أمير المؤمنين و الهاتف عند رجوعه عليه السلام من دفن الزهراء، و في موضع قبرها عليها السلام]
و روي أنّه لمّا سار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها، و انصرف.
و أنشأ أمير المؤمنين عليه السلام:
ذكرت أبا ودّي 2051 فبتّ كأنّني
بردّ الهموم الماضيات وكيل
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
و كلّ الّذي دون الفراق قليل
و إنّ افتقادي فاطما بعد أحمد
دليل على أن لا يدوم خليل
فأجابه هاتف:
يريد الفتى ألّا يموت خليله
و ليس له إلّا الممات سبيل
فلا بدّ من موت 2052 و لا بدّ من بلى
و إنّ بقائي بعدكم لقليل
إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي
فإنّ بكاء الباكيات قليل
ستعرض عن ذكري و تنسى مودّتي
و يحدث من بعد الخليل خليل 2053 2054
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه: الأصوب أنّها مدفونة في دارها، أو في الروضة، و يؤيّد ذلك قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة.
و في البخاري و صحيح مسلم: ما بين بيتي و منبري.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: منبري على ترعة من ترع الجنّة.
و قالوا: حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين الّتي تلي صحن المسجد.
أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام، فقال: دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو اميّة في المسجد صارت في المسجد.
عن يزيد بن عبد الملك، عن أبيه، عن جدّه، قال: دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت: ما غدا بك؟
قلت: طلب البركة.
قالت: أخبرني أبي و هو ذا: من سلّم عليه و عليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة.
قلت لها: في حياته و حياتك؟
قالت: نعم، و بعد موتنا 2055 .
يا قبر فاطمة الّذي ما مثله
قبر بطيبة طاب فيه مبيتا
إذ فيه 2056 حلّت زهرة الدنيا الّتي
بحلي محاسن وجهها حليتا
فسقى ثراك الغيث ما بقيت به
نور القبور بطيبة و بقيتا
فلقد بريّاها ظللت مطيّبا
و غداك مسكا في الانوف قتيتا
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه في هذا المجال]