کتابخانه روایات شیعه
يتولّاهم أن يصلّي على أحد من ولدها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه سوّى قبرها مع الأرض مستويا و قالوا: إنّه سوّى حواليها قبورا مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.
و روي أنّه صلوات اللّه عليه رشّ أربعين قبرا حتى لا يتبيّن قبرها من القبور فيصلّوا عليها 2042 .
[في تغسيلها عليها السلام]
روى أبو عبد اللّه حمّويه 2043 بن عليّ البصري، و أحمد بن حنبل 2044 ، و أبو عبد اللّه بن بطّة 2045 بأسانيدهم قالت سلمى 2046 امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة شكواها الّتي قبضت فيها و كنت امرّضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت، فخرج عليّ عليه السلام إلى بعض حوائجه و قالت: اسكبي لي غسلا. فسكبت، و قامت و اغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثمّ لبست أثوابها الجدد، ثمّ قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثمّ استقبلت القبلة و نامت، و قالت: أنا مقبوضة، و قد اغتسلت فلا يكشفني 2047 أحد، ثمّ وضعت خدّها على يدها 2048 ، ثمّ ماتت.
و عن أسماء بنت عميس، قالت: أوصت فاطمة إليّ ألّا يغسّلها إذا ماتت إلّا أنا و عليّ، فأعنت عليّا على غسلها.
و عن أبي الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعيّة: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن فاطمة من غسّلها؟
فقال: غسّلها أمير المؤمنين عليه السلام لأنّها كانت صدّيقة لم يغسّلها إلّا صدّيق.
تهذيب الأحكام 2049 : روى سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: سألته عن أوّل من جعل له النعش.
[كلام أمير المؤمنين عليه السلام عند دفنها عليها السلام]
قال: فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليها.
و في رواية عبد الرحمن أنّها قالت لأسماء: استريني سترك اللّه من النار- يعني بالنعش-.
و روي 2050 أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها:
السلام عليك يا رسول اللّه، عنّي و عن ابنتك النازلة في جوارك، و السريعة اللحاق بك، قلّ عن صفيّتك صبري، و رقّ فيها تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعزّ، و لقد وسّدتك في ملحود قبرك، و فاضت بين صدري و نحري نفسك، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، و اخذت الرهينة، أمّا حزني فسرمد، و أمّا ليلي فمسهّد، إلى أن يختار اللّه لي دارك الّتي أنت بها مقيم، و ستنبئك ابنتك، فأحفها السؤال، و استخبرها الحال، هذا و لم يطل العهد، و لم يخلق الذكر، و السلام عليكما سلام مودّع لا سئم و لا قال: فإن أنصرف فلا عن ملالة، و إن أقم فلا عن سوء
ظنّ بما وعد اللّه الصابرين.
[ما قاله أمير المؤمنين و الهاتف عند رجوعه عليه السلام من دفن الزهراء، و في موضع قبرها عليها السلام]
و روي أنّه لمّا سار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها، و انصرف.
و أنشأ أمير المؤمنين عليه السلام:
ذكرت أبا ودّي 2051 فبتّ كأنّني
بردّ الهموم الماضيات وكيل
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
و كلّ الّذي دون الفراق قليل
و إنّ افتقادي فاطما بعد أحمد
دليل على أن لا يدوم خليل
فأجابه هاتف:
يريد الفتى ألّا يموت خليله
و ليس له إلّا الممات سبيل
فلا بدّ من موت 2052 و لا بدّ من بلى
و إنّ بقائي بعدكم لقليل
إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي
فإنّ بكاء الباكيات قليل
ستعرض عن ذكري و تنسى مودّتي
و يحدث من بعد الخليل خليل 2053 2054
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه: الأصوب أنّها مدفونة في دارها، أو في الروضة، و يؤيّد ذلك قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة.
و في البخاري و صحيح مسلم: ما بين بيتي و منبري.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: منبري على ترعة من ترع الجنّة.
و قالوا: حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين الّتي تلي صحن المسجد.
أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام، فقال: دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو اميّة في المسجد صارت في المسجد.
عن يزيد بن عبد الملك، عن أبيه، عن جدّه، قال: دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت: ما غدا بك؟
قلت: طلب البركة.
قالت: أخبرني أبي و هو ذا: من سلّم عليه و عليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة.
قلت لها: في حياته و حياتك؟
قالت: نعم، و بعد موتنا 2055 .
يا قبر فاطمة الّذي ما مثله
قبر بطيبة طاب فيه مبيتا
إذ فيه 2056 حلّت زهرة الدنيا الّتي
بحلي محاسن وجهها حليتا
فسقى ثراك الغيث ما بقيت به
نور القبور بطيبة و بقيتا
فلقد بريّاها ظللت مطيّبا
و غداك مسكا في الانوف قتيتا
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه في هذا المجال]
قلت: أيّها الكريمة الممجّدة، المظلومة المضطهدة، القانتة العفيفة، السيّدة الشريفة، المغصوبة ميراثها، المسلوبة تراثها، المحرومة نحلتها،
المنهوبة بلغتها، المشهور في الذكر ذكرها، المخفيّ من دون القبور قبرها، الّتي امتحن اللّه فيها أمّة أبيها، فلم ترع حرمته فيها، و فوّقت نحوها سهام ظلمها، و انزلت بساحتها مطايا هضمها، حتى ماتت بغصّتها عليها ساخطة، و من خيرها قانطة.
أوّل مظلوم بعد الرسول من الرجال بعلها، و أضيع حقّ بعد النبيّ حقّها.
فيا لها من أمّة غادرة، و صحبة كافرة، و عصبة مارقة، و ثلّة منافقة، أجلبت على هدم الاسلام بجنودها و أحزابها، و منعت مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه، وسعت في خرابها، أعاد عتيقها الأوّل دين الجاهليّة بعد الضعف شديدا، و صيّر الثاني الأرذل بناء الكفر بعد الاندراس مشيّدا، أطاع الشيطان و عصى الرحمن في يوم السقيفة، و ولي المسلمين بغرور و شهادة زور بشبهته السخيفة، و منع الزهراء نحلتها من والدها سيّد المرسلين، و آذى اللّه و رسوله إذ آذى إمام المسلمين و سيّد الوصيّين.
فلعن اللّه السقيفة و من حوت، و العصابة الناصبة و ما روت، حملوا الناس على أكتاف آل الرسول فيها، و جحدوا النصّ الجليّ على الامام العليّ فأبعد بها و بذويها، فاجتماع الأرجاس في ساحتها سبب لاغتيال سيّد الأوصياء، و تعصّب عصب الضلال في عرصتها وسيلة لاغتصاب تراث سيّدة النساء، و سمّ سبط المصطفى و غلبة ظلمة الظلمة في باحتها طريق إلى قتل سيّد الشهداء و خامس أصحاب الكساء.
فأبعد بزمن صار فيه عتيق تيم للمسلمين إماما، و لعنت أمّة رضيت بالدلام نجل صهّاك بامور الدين قوّاما، أ ليس هو الّذي حمل بني اميّة على رقاب المسلمين؟ أ ليس هو الّذي منع الزهراء نحلتها و ردّ شهادة
أمير المؤمنين؟ أ ما جعل أمر خلافة اللّه شورى؟ أما لفق من باطل القول زخرفا و غرورا؟ أ ما أسند إلى النبيّ الامّيّ: «ما تركناه صدقة» بزوره و كذبه؟ فلعن اللّه الكاذب في جدّه و لعبه، فهو زعيم الفتنة و رأسها، و أصل المحنة و أساسها، و المصلّي و السابق في الجمل و صفّين، و القائد و السائق في قتل ذرّيّة سيّد المرسلين.
فما قام ثالث القوم إلّا لمشورته و إشارته، و لا تجرّى ابن حرب على حرب أمير المؤمنين إلّا بوصيّته و إرادته، و لا سفك دم السبط الشهيد إلّا و هو مثبت في صفحات صحيفته، و طامته في الظلم عالية، و بدعته في الغيّ غالية، و الشيطان يسوق الناس إلى اتّباعه، و هو في الحقيقة من بعض جنده و أتباعه، و تجرّأت عصبته على المؤمنين بكلّ ناد، و رمتهم عن قوس واحدة دون العباد، حتى لقد برح الخفاء، و انقطع الرجاء.
اللّهمّ العنه و أشياعه و أتباعه و محبّيه و المائلين إليه، و المتّفقين عليه، و المعتقدين لإمامته، و الناهضين بأجنحته، و المستنّين بسنّته، و المتسمين بسمته، الّذين اسّس على الباطل دينهم، و فصل من ينبوع الشرع معينهم، و بنيت على غير تقوى اللّه مساجدهم، و شيّدت بعداوة أهل بيت رسول اللّه مشاهدهم، كلّ منهم في ثوبه ضلّ عابس، و في بدنه قلب حامس، إذا عاينتهم يروقك عيانهم، و إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، كأنّهم خشب مسنّدة، أو صور على الجدران مجسّدة، إذا تليت عليهم سورة هل أتى تلت وجوههم عبس و تولّى، و إذا قرأت عليهم آية النجوى حقّت عليهم كلمة العذاب و البلوى.
مساجدهم بواطن الفجّار، و مدارسهم معادن الأشرار، فهم الوجوه الخاشعة العاملة الناصبة، و الطائفة المارقة الزاهقة الكاذبة، يسندون كلّ منكر
في العالم إلى ربّهم، و ينسبون كبائر بني آدم إلى خالقهم بزورهم و كذبهم، و يعتقدون ربّهم جمادات حدود و أقطار، مدرك في الدنيا و الآخرة بحاسّة العيان و الابصار، يشبهون على الهمج الرعاع بأقاويلهم المزخرفة، و يتستّرون عند النزاع بحجّة التكلفة، ملّتهم محرفة، و قلوبهم مغلفة، و عمائمهم كقباب بيض على كنف، و قلوبهم من عمص الحقّ سود و غلف.
يسبّون النبيّ و الوصيّ بتكفير أبويهما، و يسندون العيوب الموصمة بكفرهم إليهما، و أيّ سبّ أعظم من أن يقال للرجل: يا ابن الكافر؟ و أيّ خطب أفضع من نسبة سيّد الأوّلين و الآخرين إلى أنّه يهجر في المحاضر، تعاهدوا على خلاف نبيّهم، و تعاقدوا على إخراج الحقّ عن سيّدهم و وليّهم، و جحدوا نصّ الغدير، و ضلّلوا الهادي البشير. و نصبوا أنصاب الشرك بنصب شقيّهم و عتيقهم، و سوّدوا وجه الاسلام إذ وسموه بزكيّهم و صدّيقهم، و هو أكذب من أبي تمامة، و أحقر من قلامة في قمامة، انتهت إليه الزعامة، أم حبرت له الامامة، من أبيه أبي قحافة، ذي الرذلة و الخلافة؟ الّذي كان اسمه في المجد كالنون في حال الاضافة، تقلّد عارها في الدارين، و باء بإثمها في الخافقين.
ثمّ لم يجتزئ بكفرها في حياته حتى احتقب وزرها بعد وفاته، و أوصى بها إلى ابن صهّاك لعلمه بشدّة عناده، و عظيم إلحاده، فقام عدوّ اللّه ناسجا على منواله، متقرّبا في عداوة آل الرسول بأقواله و أفعاله، و هدّ الجمل و صفّين، و من قتل فيهما من المسلمين إلّا جدول من بحره، و شعبة من كفره.