کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
الجزء الثاني
المجلس الرابع في خصائص الامام الثاني سبط المصطفى، و رابع أصحاب الكساء، ذي المآثر و المنن، مولانا و سيّدنا أبي محمد الحسن،
و ذكر شيء من فضائله المختصّة به و المشتركة مع جدّه و أبيه و امّه و أخيه صلوات اللّه عليهم أجمعين
الخطبة:
الحمد للّه الّذي جعل حمده سبيلا موصلا إلى نعيم جنّته، و سببا متّصلا بعميم رحمته، و شكره وسيلة لشاكره إلى المزيد من نعمته، و ذكره شرفا لذاكره في سرّه و علانيته، و بنى قواعد دينه على توحيده و معرفته، و أخذ عباده بتقديسه و تنزيهه عمّا لا يليق بربوبيّته، و نصب لهم أعلاما يهتدي بها المتردّد في تيه حيرته، و أطلع في سماء العرفان أنجما ينجو بزواهرها ضالّهم في ظلمة شبهته، و جعل تلك الأعلام الواضحة، و الأنجم اللائحة، عبادا مكرمين من خواصّه، و أولياء معصومين قد صفاهم و اصطفاهم بإخلاصه.
أوّلهم نبيّ تمّمت به الرسالة و النبوّة، و إمام انتهت إليه الرئاسة و الفتوّة، لمّا جعله سبحانه أشدّ خلقه بسطة في العلم و الجسم و القوّة، و اختصّه الرسول بالوصيّة و الخلافة و الاخوّة، ثبت في العقل و النقل عموم رئاسته، و قبح في
الحقيقة و الطريقة تقديم من قصر عن رتبته.
نحمد ربّنا على ما أطلعنا عليه من سرّه المكنون، و علمه المخزون، و نزّهنا عن اتّباع كلّ ناعق بالباطل، و زاهق بغير الحقّ قائل، و بنى على حبّ آله قواعد عقائدنا، و ركز في جبلّتنا معرفة سادتنا و أئمّتنا، و انّهم اولوا الأمر الّذين ألزم عباده بطاعتهم، و حثّ أنامه على متابعتهم، فمن سلك غير سبيلهم، و اهتدى بغير دليلهم، قاده سوء اختياره إلى الشقاوة السرمديّة، و أوقعه ضلال سعيه في الهلكة الأبديّة.
لا نشكّ في كفر من تقدّمهم غاصبا، و تسمّى بغير اسمه كاذبا، و استوجب اللعنة بإلحاده في دين اللّه، و استحقّ العقوبة بجحده ولاية اللّه، و توالى في اللّه أولياءهم، و تعادى في اللّه أعداءهم، و يلعن الحانث صدّيقهم، و الناكث فاروقهم، و الثالث زهوقهم، و الرابع زنديقهم، الّذي كان إسلامه نفاقا، و دينه شقاقا، و طبعه غدرا، و معتقده كفرا، الباغي بحربه، و الكافر بربّه، و الخارج على إمام الحقّ بجنده، و الباغي على وليّ الخلق بحسده، و المدبّر في قتل السيّد الزكيّ، قرّة عين النبيّ، و ثمرة قلب الوصيّ، و المديف له قواتل سمومه بغدره، و المفسد رؤساء جنوده بمكره.
اللّهمّ العنه و العن كلّ منقاد طوعا لأمره، و كلّ شاكّ في ضلاله و كفره.
فصل فيما ورد في فضل السيّد الشكور، و الامام الصبور، سبط خير المرسلين، و رهط إمام المتّقين، و نجل سيّد الوصيّين، و نتيجة سيّدة نساء العالمين، رابع الخمسة الميامين، و ثالث الأولياء المنتجبين، الّذي جعله اللّه و أخاه أشرف خلقه أجمعين.
الجدّ النبيّ، و الأب الوصيّ، و الامّ الزهراء، و الدار البطحاء، فضله معروف، و كرمه موصوف، يخل الغيث بفيض كفّه، و يخجل البحر بسبب عرفه، اصوله كريمة، و أياديه عميقة، و حبّه فرض واجب، و ودّه حكم لازب، و طاعته تمام الايمان، و معصيته سبيل الخسران، الناطق بالحكمة، و المؤيّد بالعصمة، إمام الامّة، و ثاني الأئمّة، من حبّه من النيران جنّة، و اتّباعه سبيل موصل إلى نعيم الجنّة، و ولاؤه على أهل الأرض فرض لا سنّة، ذو النسب الطاهر، و الحسب الفاخر، و المجد الأعبل، و الشرف الأطول، و العلم المأثور، و الحلم المشهور، الّذي تردّى بالمجد و اتّزر، و تصدّى للبذل و اشتهر، و ظهر عنه العلم و انتشر، و بخدمته الأمين جبرئيل افتخر.
آل عمران تشهد للرسول بنبوّته يوم المباهلة، و سورة الانسان تنبئ عن كمال فضيلته حين المفاضلة، و أحزاب المجد بحجّة آية تطهيرها لعصمته
ناصرة، و أبصار الفخر إلى نضرة بهجته يوم الكساء ناظرة، شاطر اللّه ماله مرارا، و آثر المسكين و اليتيم و الأسير بقوّته إيثارا، و كان للمسلمين نورا و منارا، و للعارفين غيثا مدرارا، تشمخ المنابر فخرا إن علاها بقدمه، و تشرق المحاضر سرورا إذا غمرها بكرمه، موات الآمال يحيى بوابل جوده، و أموات الافضال تنشر بهاطل جوده، و الرئاسة العامّة تتجلّى على رفعة إمامته، و المناقب التامّة تخطر بين يدي زعامته.
من اتّخذه بضاعة ربحت تجارته في الدنيا و الآخرة، و من تولّى عن أمره إلى غيره معاندة أضحت كرّته خاسرة، رضيت به و بأهل بيته سادة عمّن سواهم، و وسمت جبهتي بميسم العبوديّة لجلال علاهم، فإن رقموني في دفاتر عبيدهم، و أثبتوني في جرائد عديدهم، فذلك غاية مرادي و أقصى مناي. و إن طردوني عن أبواب كرمهم، و محوني من جرائد خدمهم، فيا شقوتي و خيبة مسعاي.
اللّهمّ نوّر قلبي بحبّهم، و اشرح صدري بقربهم، و لا تخلني من حياطتهم، و لا تصرف وجهي عن وجههم، و الحظني بعين عنايتهم، و لا تنزع منّي بركة رأفتهم، إنّك على كلّ شيء قدير.
محمد بن إسحاق، بالاسناد: جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام، فقال:
يا أبا الحسن، جئتك في حاجة.
قال: و فيما جئتني؟
قال: تمشي معي إلى ابن عمّك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقدا، و يكتب لنا كتابا.
فقال أمير المؤمنين: لقد عقد لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عقدا لا يرجع عنه أبدا، و كانت فاطمة من وراء الستر، و الحسن يدرج بين يديها و هو
طفل من أبناء أربعة عشر شهرا 2067 ، فقال: يا بنت محمد، قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بكلامه العرب و العجم.
فأقبل الحسن عليه السلام على أبي سفيان و ضرب بإحدى يديه على أنفه و الاخرى على لحيته، ثمّ أنطقه اللّه سبحانه بأن قال: يا أبا سفيان، قل: لا إله إلّا اللّه، محمد رسول اللّه، حتى أكون لك شفيعا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمد للّه الّذي جعل من ذرّيّة محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريّا، آتاه 2068 الحكم صبيّا.
[في استجابة دعائه و هيبته عليه السلام]
و استغاث الناس إليه عليه السلام من زياد بن أبيه، فرفع يده و قال: اللّهمّ خذ لنا و لشيعتنا من زياد بن أبيه، و أرنا فيه نكالا عاجلا، إنّك على كلّ شيء قدير.
قال: فخرج خراج في إبهام يمينه؛ و يقال: السلعة 2069 ، و ورم إلى عنقه، فمات لا رحمه اللّه 2070 .