کتابخانه روایات شیعه
و في رواية: أنّه تصدّق ثلاث مرّات يقاسم ربّه ماله حتى إنّه كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا، و يعطي خفّا و يمسك خفّا.
و كان يمشي في طريق مكّة، و إنّ النجائب لتقاد معه 2102 .
روي أنّه دخلت على الحسن عليه السلام امرأة جميلة و هو في صلاته فأوجز في صلاته، ثمّ قال لها: أ لك حاجة؟
قالت: نعم.
قال: و ما هي؟
قالت: قم فأصب منّي فإنّي وفدت و لا بعل لي.
قال: إليك عنّي لا تحرقيني بالنار و نفسك، فجعلت تراوده عن نفسه و هو يبكي و يقول: ويحك إليك عنّي، و اشتدّ بكاؤه، فلمّا رأت ذلك بكت لبكائه، فدخل الحسين عليه السلام و رآهما يبكيان، فجلس يبكي، و جعل أصحابه يأتون و يجلسون و يبكون حتى كثر البكاء و علت الأصوات، فخرجت الأعرابيّة، و قام القوم، و لبث الحسين عليه السلام بعد ذلك و هو لا يسأل الحسن عن ذلك إجلالا له، فبينا الحسن عليه السلام ذات يوم 2103 نائما إذ استيقظ و هو يبكي، فقال الحسين عليه السلام: ما شأنك، يا أخي؟
قال: رؤيا رأيتها.
قال: و ما هي؟
قال: لا تخبر أحدا ما دمت حيّا.
قال: نعم.
قال: رأيت يوسف عليه السلام في المنام فجئت أنظر إليه فيمن نظر، فلمّا رأيت حسنه بكيت، فنظر إليّ في الناس، فقال: ما يبكيك، يا أخي، بأبي و امّي؟
فقلت: ذكرتك و امرأة العزيز، و ما ابتليت به من أمرها، و ما لقيت في السجن، و حرقة الشيخ يعقوب، فبكيت من ذلك، و كنت أتعجّب منه.
فقال عليه السلام: فهلّا تعجّبت ممّا كان من المرأة البدويّة بالأبواء؟
[في شعره و سخائه عليه السلام]
و للحسن عليه السلام:
ذري كدر الأيّام إنّ صفاءها
تولّى بأيّام السرور الذواهب
و كيف يغرّ الدهر من كان بينه
و بين الليالي محكمات التجارب
و له عليه السلام:
قل للمقيم بغير 2104 دار إقامة
حان الرحيل فودّع الأحبابا
إنّ الّذين لقيتهم و صحبتهم
صاروا جميعا في القبور ترابا
و من سخائه عليه السلام أنّه سأله رجل فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال: ائت بحمّال يحمل لك، فأعطى الحمّال طيلسانه، و قال:
هذا الكرى للحمّال.
و جاءه بعض الأعراب فقال: أعطوه ما في الخزانة، فوجدوا فيها عشرون ألف درهم، فدفعها إلى الأعرابي.
فقال الأعرابي: هلّا تركتني أبوح بحاجتي و اظهر مدحتي؟!
فأنشأ صلوات اللّه عليه:
نحن اناس عطاؤنا خضل 2105
يرتع فيه الرجاء و الأمل
تجود قبل السؤال أنفسنا
خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل 2106 نائلنا
لغاض من بعد فيضه خجل 2107
أبو جعفر المدائني- في حديث طويل-: قال: خرج الحسن و الحسين و عبد اللّه بن جعفر حجّاجا ففاتهم أثقالهم، فجاعوا و عطشوا، فرأوا في بعض الشعاب خباء رثّا و عجوزا فاستسقوها.
فقالت: اطلبوا هذه الشويهة، ففعلوا و استطعموها فقالت: ليس إلّا هي فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما، فذبحها أحدهم، ثمّ شوت لهم من لحمها، و أكلوا و قيّلوا عندها، فلمّا نهضوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا نحن انصرفنا و عدنا فالممي بنا فإنّا صانعون بك خيرا، ثمّ رجلوا.
فلمّا جاء زوجها و عرف الحال أوجعها ضربا، ثمّ مضت الأيّام و أضرّت بها الحال فرحلت حتى اجتازت بالمدينة، فبصر بها الحسن عليه السلام فأمر لها بألف شاة و أعطاها ألف دينار، و بعث معها رسولا إلى الحسين عليه السلام فأعطاها مثل ذلك، ثمّ بعثها إلى عبد اللّه بن جعفر فأعطاها مثل ذلك.
و دخل عليه رجل 2108 فقال: يا ابن رسول اللّه، إنّي عصيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
فقال عليه السلام: بئس ما فعلت، كيف فعلت؟
فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة، و قد ملكت عليّ امرأتي فأمرتني أن أشتري غلاما 2109 ، فاشتريته و قد أبق منّي.
فقال صلوات اللّه عليه: اختر أحد ثلاثة: إن شئت قيمة عبد. فقال: هاهنا لا تتجاوز! قد اخترت، فأعطاه ذلك.
و قال أنس: حيّت 2110 جارية للحسن عليه السلام بطاقة ريحان، فقال لها:
أنت حرّة لوجه اللّه، فقلت له في ذلك، فقال: أدّبنا اللّه سبحانه و قال: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها 2111 و كان أحسن منها إعتاقها 2112 .
[في عفوه عليه السلام]
و روى المبرّد قال: رآه شاميّ راكبا فجعل يلعنه و الحسن عليه السلام لا يردّ، فلمّا فرغ أقبل عليه الحسن و ضحك و قال: أيّها الشيخ، أظنّك غريبا و لعلّك شبّهتني، فلو استعنتنا أعنّاك 2113 ، و لو سألتنا أعطيناك، و لو استرشدتنا أرشدناك، و لو استحملتنا حملناك، و إن كنت جائعا أشبعناك، و إن كنت عريانا كسوناك، و إن كنت محتاجا أغنيناك، و إن كنت طريدا أويناك، و إن كنت ذا حاجة قضيناها لك، فلو كنت حرّكت رحلك إلينا، و كنت ضيفا لنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعا رحبا، و جاها عريضا، و مالا كثيرا.
فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنّك خليفة اللّه في أرضه، اللّه أعلم حيث يجعل رسالته، و كنت أنت و أبوك أبغض خلق اللّه إليّ، فالآن أنت أحبّ الخلق إليّ، و حوّل رحله إليه، و كان ضيفه إلى أن ارتحل، و صار معتقدا محبّتهم 2114 .
[في شبهه عليه السلام برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله]
و روى البخاري و الموصلي: قال إسماعيل بن خالد لأبي جحيفة: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
قال: نعم، و كان الحسن عليه السلام يشبهه.
أبو هريرة [قال] 2115 : دخل الحسن يوما و هو معتمّ فظننت أنّ 2116 النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد بعث.
و روى الغزالي: انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للحسن: أشبهت خلقي و خلقي 2117 .
دعا أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن الحنفيّة يوم الجمل فأعطاه رمحه و قال له: اقصد بهذا الرمح قصد الجمل، فذهب فمنعوه بنو ضبّة، فلمّا رجع انتزع الحسن الرمح من يده، و قصد قصد الجمل، و طعنه برمحه، و رجع إلى والده، و على الرمح أثر الدم، فتمغّر وجه محمد من ذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تأنف فإنّه ابن النبيّ و أنت ابن عليّ 2118 .
و طاف الحسن عليه السلام بالبيت يوما فسمع رجلا يقول: هذا ابن فاطمة الزهراء، فالتفت إليه فقال: قل: هذا ابن عليّ بن أبي طالب، فأبي خير من امّي 2119 .
[مفاخرة الحسن عليه السلام مع معاوية]
و تفاخرت قريش و الحسن عليه السلام ساكت لا ينطق، فقال له معاوية:
[يا] 2120 أبا محمد مالك لا تنطق؟ فو اللّه ما أنت بمشوب الحسب، و لا بكليل اللسان.
فقال الحسن عليه السلام: ما ذكروا فضيلة إلّا ولي محضها و لبابها 2121 .
أخبار أبي حاتم 2122 : إنّ معاوية فخر يوما، فقال: أنا ابن بطحاء مكّة، أنا ابن أغزرها 2123 جودا، و أكرمها جدودا، و أنا ابن من ساد قريشا فضلا ناشئا و كهلا.
فقال الحسن عليه السلام: يا معاوية، أ عليّ تفتخر؟! أنا ابن عروق الثرى، أنا ابن مأوى التقى، أنا ابن من جاء بالهدى، أنا ابن من ساد أهل الدنيا، بالفضل السابق، و الحسب الفائق، أنا ابن من طاعته طاعة اللّه، و معصيته معصية اللّه، فهل لك أب كأبي تباهيني به، و قديم كقديمي تساميني به؟ قل: نعم، أو لا.
فقال معاوية: بل أقول: لا، و هي لك تصديق 2124 .
و قال معاوية يوما للحسن عليه السلام: أنا خير منك.
قال: و كيف ذاك، يا ابن هند؟
قال: لأنّ الناس قد اجتمعوا عليّ و لم يجمعوا عليك.
قال الحسن: هيهات هيهات لشرّ ما علوت، يا ابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان؛ بين مطيع و مكره، فالطائع لك عاص للّه، و المكره معذور بكتاب اللّه، و حاشى للّه أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك، و لكنّ اللّه برّأني من الرذائل كما برّأك من الفضائل.
كتاب الشيرازي: روى سفيان الثوري، عن واصل، عن الحسن، عن ابن عبّاس في قوله سبحانه: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ 2125 أنّه جلس الحسن بن علي عليه السلام و يزيد بن معاوية يأكلان الرطب، فقال يزيد: يا حسن، إنّي مذ كنت ابغضك.
فقال الحسن: يا يزيد، اعلم أنّ إبليس شارك أباك في جماعه فاختلط الماء ان فأورثك ذلك عداوتي، لأنّ اللّه سبحانه يقول: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ و شارك الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر، فلذلك كان يبغض جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
هرب سعيد بن سرح 2126 من زياد إلى الحسن عليه السلام، فكتب الحسن إليه يشفع فيه.
[كتاب زياد بن أبي سفيان إلى الحسن عليه السلام]