کتابخانه روایات شیعه
و طاف الحسن عليه السلام بالبيت يوما فسمع رجلا يقول: هذا ابن فاطمة الزهراء، فالتفت إليه فقال: قل: هذا ابن عليّ بن أبي طالب، فأبي خير من امّي 2119 .
[مفاخرة الحسن عليه السلام مع معاوية]
و تفاخرت قريش و الحسن عليه السلام ساكت لا ينطق، فقال له معاوية:
[يا] 2120 أبا محمد مالك لا تنطق؟ فو اللّه ما أنت بمشوب الحسب، و لا بكليل اللسان.
فقال الحسن عليه السلام: ما ذكروا فضيلة إلّا ولي محضها و لبابها 2121 .
أخبار أبي حاتم 2122 : إنّ معاوية فخر يوما، فقال: أنا ابن بطحاء مكّة، أنا ابن أغزرها 2123 جودا، و أكرمها جدودا، و أنا ابن من ساد قريشا فضلا ناشئا و كهلا.
فقال الحسن عليه السلام: يا معاوية، أ عليّ تفتخر؟! أنا ابن عروق الثرى، أنا ابن مأوى التقى، أنا ابن من جاء بالهدى، أنا ابن من ساد أهل الدنيا، بالفضل السابق، و الحسب الفائق، أنا ابن من طاعته طاعة اللّه، و معصيته معصية اللّه، فهل لك أب كأبي تباهيني به، و قديم كقديمي تساميني به؟ قل: نعم، أو لا.
فقال معاوية: بل أقول: لا، و هي لك تصديق 2124 .
و قال معاوية يوما للحسن عليه السلام: أنا خير منك.
قال: و كيف ذاك، يا ابن هند؟
قال: لأنّ الناس قد اجتمعوا عليّ و لم يجمعوا عليك.
قال الحسن: هيهات هيهات لشرّ ما علوت، يا ابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان؛ بين مطيع و مكره، فالطائع لك عاص للّه، و المكره معذور بكتاب اللّه، و حاشى للّه أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك، و لكنّ اللّه برّأني من الرذائل كما برّأك من الفضائل.
كتاب الشيرازي: روى سفيان الثوري، عن واصل، عن الحسن، عن ابن عبّاس في قوله سبحانه: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ 2125 أنّه جلس الحسن بن علي عليه السلام و يزيد بن معاوية يأكلان الرطب، فقال يزيد: يا حسن، إنّي مذ كنت ابغضك.
فقال الحسن: يا يزيد، اعلم أنّ إبليس شارك أباك في جماعه فاختلط الماء ان فأورثك ذلك عداوتي، لأنّ اللّه سبحانه يقول: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ و شارك الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر، فلذلك كان يبغض جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
هرب سعيد بن سرح 2126 من زياد إلى الحسن عليه السلام، فكتب الحسن إليه يشفع فيه.
[كتاب زياد بن أبي سفيان إلى الحسن عليه السلام]
فكتب زياد إلى الحسن:
من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة.
أمّا بعد:
فقد أتاني كتابك تبدأ فيه باسمك قبل اسمي و أنت طالب حاجة، و أنا سلطان و أنت سوقة 2127 ، و ذكر نحوا من ذلك.
فلمّا قرأ الحسن الكتاب تبسّم و أنفذ بالكتاب إلى معاوية، فكتب معاوية إلى زياد لعنه اللّه يؤنّبه و يأمره أن يخلّي عن أخي سعيد و ولده و امرأته و ردّ ماله و بناء ما قد هدمه من داره، ثمّ قال:
و أمّا كتابك إلى الحسن باسمه و اسم امّه لا تنسبه إلى أبيه، و امّه بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و ذلك أفخر له إن كنت تعقل 2128 .
[في تواضعه عليه السلام]
كتاب الفنون 2129 عن أحمد المؤدّب و نزهة الأبصار: أنّه مرّ الحسن عليه السلام بقوم فقراء و قد وضعوا كسيرات لهم على الأرض و هم يلتقطونها و يأكلونها، فقالوا له: هلمّ يا ابن رسول اللّه إلى الغذاء، فنزل و قال: إنّ اللّه لا يحبّ المستكبرين 2130 ، و جعل يأكل معهم حتى اكتفوا و الزاد على حاله ببركته، ثمّ دعاهم إلى منزله 2131 و أطعمهم و كساهم 2132 .
و في العقد: أنّ مروان بن الحكم قال للحسن بن عليّ عليه السلام بين
يدي معاوية: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن. و يقال: إنّ ذلك من الخرق.
فقال عليه السلام: ليس كما بلغك و لكنّا معشر بني هاشم أفواهنا عذبة و شفاهنا طيّبة 2133 ، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهنّ، و أنتم معشر بني اميّة فيكم بخر شديد، فنساؤكم يصرفن أفواههنّ و أنفاسهنّ إلى أصداغكم، فإنّما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك.
[أبيات للحسن عليه السلام]
فقال مروان: أما إنّ يا بني هاشم فيكم خصلة سوء.
قال: و ما هي؟
قال: الغلمة 2134 .
قال: أجل، نزعت من نسائنا و وضعت في رجالنا، و نزعت الغلمة من رجالكم و وضعت في نسائكم، فما قام لامويّة إلّا هاشمي، ثمّ خرج، و أنشد صلوات اللّه عليه:
و مارست هذا الدهر خمسين حجّة
و خمسا ارجّي قابلا بعد قابل
فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها
و لا في الّذي أهوى كدحت بطائل
و قد أشرعتني في المنايا أكفّها 2135
و أيقنت أنّي رهن موت معاجل 2136
قيل لمجنون: الحسن كان أفضل أم الحسين؟
قال: الحسن، لقوله سبحانه: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً 2137 و لم يقل: حسينة 2138 .
[صعوده عليه السلام على كتف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في صلاته]
روى أبو يعلى الموصلي في المسند: عن ثابت البناني، عن أنس و عبد اللّه ابن شيبة 2139 ، عن أبيه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام إلى صلاة و الحسن متعلّق به، فوضعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى جانبه و صلّى، فلمّا سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم فإذا الحسن على كتف النبي صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا سلّم قال له القوم: يا رسول اللّه، لقد سجدت في صلاتك سجدة ما كنت تسجدها، كأنّما يوحى إليك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: لم يوح إليّ، و لكنّ ابني كان على كتفي فكرهت أن اعجّله حتى نزل.
و في رواية اخرى أنّه قال: إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن اعجّله حتى يقضي حاجته.
و في رواية اخرى: قال: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بنا و هو ساجد فيجيء الحسن و هو صبيّ صغير حتى يصير على ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا، فلمّا صلّى صلاته قالوا: يا رسول اللّه، إنّك لتصنع بهذا الصبيّ شيئا لم تصنعه بأحد!
فقال: هذا ريحانتي.
[في محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للحسن عليه السلام]
و عن أبي هريرة: قال: ما رأيت الحسن قطّ إلّا فاضت عيناي بدموعها، و ذلك انّه أتى يوما يشتدّ حتى قعد في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجعل يقول في لحية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هكذا و هكذا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفتح فمّه، ثمّ يدخل فمّه في فمّه، و يقول: اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه و أحبّ من يحبّه، يقولها ثلاث مرّات.
عبد الرحمن بن أبي ليلى: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجاء الحسن و أقبل يتمرّغ عليه فرفع قميصه و قبّل زبيبته 2140 .
الخدريّ: إنّ الحسن عليه السلام جاء و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فأخذ بعنقه و هو جالس، فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إنّ الحسن ليمسك بيديه حتى ركع.
و عن أبي هريرة: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّل الحسن، فقال الأقرع بن حابس: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لا يرحم لا يرحم 2141 .
[في ميلاده و تسميته عليه السلام]
و روي من طرق العامّة، و رواه أصحابنا رضي اللّه عنهم في كتبهم: عن أمير المؤمنين عليه السلام، و عن عليّ بن الحسين، و عن أسماء بنت عميس، قالت: لمّا ولدت فاطمة الحسن عليهما السلام جاءني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا أسماء، هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها، و قال: يا
أسماء، أ لم أعهد إليكم ألّا تلفّوا المولود في خرقة صفراء؟ فلففته في خرقة بيضاء و دفعته إليه، فأذّن في اذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، و قال لعليّ: أيّ شيء سمّيت ابني هذا؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كنت لأسبقك باسمه، و قد كنت احبّ أن اسمّيه حربا.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و أنا لا احبّ أن أسبق ربّي باسمه، ثمّ هبط جبرئيل، فقال: السلام عليك يا محمد، العليّ الأعلى يقرؤك السلام، و يقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسى و لا نبيّ بعدك، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون.
قال: و ما اسم ابن هارون، يا جبرئيل؟
قال: شبّر.
قال: لساني عربيّ.
قال: سمّه الحسن.
قال: فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه بكبشين أملحين، و أعطى القابلة فخذا، و حلق رأسه، و تصدّق بوزن الشعر ورقا، و طلى رأسه بالخلوق 2142 ، ثمّ قال:
يا أسماء، الدم فعل الجاهليّة.