کتابخانه روایات شیعه
و قال معاوية يوما للحسن عليه السلام: أنا خير منك.
قال: و كيف ذاك، يا ابن هند؟
قال: لأنّ الناس قد اجتمعوا عليّ و لم يجمعوا عليك.
قال الحسن: هيهات هيهات لشرّ ما علوت، يا ابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان؛ بين مطيع و مكره، فالطائع لك عاص للّه، و المكره معذور بكتاب اللّه، و حاشى للّه أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك، و لكنّ اللّه برّأني من الرذائل كما برّأك من الفضائل.
كتاب الشيرازي: روى سفيان الثوري، عن واصل، عن الحسن، عن ابن عبّاس في قوله سبحانه: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ 2125 أنّه جلس الحسن بن علي عليه السلام و يزيد بن معاوية يأكلان الرطب، فقال يزيد: يا حسن، إنّي مذ كنت ابغضك.
فقال الحسن: يا يزيد، اعلم أنّ إبليس شارك أباك في جماعه فاختلط الماء ان فأورثك ذلك عداوتي، لأنّ اللّه سبحانه يقول: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ و شارك الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر، فلذلك كان يبغض جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
هرب سعيد بن سرح 2126 من زياد إلى الحسن عليه السلام، فكتب الحسن إليه يشفع فيه.
[كتاب زياد بن أبي سفيان إلى الحسن عليه السلام]
فكتب زياد إلى الحسن:
من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة.
أمّا بعد:
فقد أتاني كتابك تبدأ فيه باسمك قبل اسمي و أنت طالب حاجة، و أنا سلطان و أنت سوقة 2127 ، و ذكر نحوا من ذلك.
فلمّا قرأ الحسن الكتاب تبسّم و أنفذ بالكتاب إلى معاوية، فكتب معاوية إلى زياد لعنه اللّه يؤنّبه و يأمره أن يخلّي عن أخي سعيد و ولده و امرأته و ردّ ماله و بناء ما قد هدمه من داره، ثمّ قال:
و أمّا كتابك إلى الحسن باسمه و اسم امّه لا تنسبه إلى أبيه، و امّه بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و ذلك أفخر له إن كنت تعقل 2128 .
[في تواضعه عليه السلام]
كتاب الفنون 2129 عن أحمد المؤدّب و نزهة الأبصار: أنّه مرّ الحسن عليه السلام بقوم فقراء و قد وضعوا كسيرات لهم على الأرض و هم يلتقطونها و يأكلونها، فقالوا له: هلمّ يا ابن رسول اللّه إلى الغذاء، فنزل و قال: إنّ اللّه لا يحبّ المستكبرين 2130 ، و جعل يأكل معهم حتى اكتفوا و الزاد على حاله ببركته، ثمّ دعاهم إلى منزله 2131 و أطعمهم و كساهم 2132 .
و في العقد: أنّ مروان بن الحكم قال للحسن بن عليّ عليه السلام بين
يدي معاوية: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن. و يقال: إنّ ذلك من الخرق.
فقال عليه السلام: ليس كما بلغك و لكنّا معشر بني هاشم أفواهنا عذبة و شفاهنا طيّبة 2133 ، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهنّ، و أنتم معشر بني اميّة فيكم بخر شديد، فنساؤكم يصرفن أفواههنّ و أنفاسهنّ إلى أصداغكم، فإنّما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك.
[أبيات للحسن عليه السلام]
فقال مروان: أما إنّ يا بني هاشم فيكم خصلة سوء.
قال: و ما هي؟
قال: الغلمة 2134 .
قال: أجل، نزعت من نسائنا و وضعت في رجالنا، و نزعت الغلمة من رجالكم و وضعت في نسائكم، فما قام لامويّة إلّا هاشمي، ثمّ خرج، و أنشد صلوات اللّه عليه:
و مارست هذا الدهر خمسين حجّة
و خمسا ارجّي قابلا بعد قابل
فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها
و لا في الّذي أهوى كدحت بطائل
و قد أشرعتني في المنايا أكفّها 2135
و أيقنت أنّي رهن موت معاجل 2136
قيل لمجنون: الحسن كان أفضل أم الحسين؟
قال: الحسن، لقوله سبحانه: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً 2137 و لم يقل: حسينة 2138 .
[صعوده عليه السلام على كتف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في صلاته]
روى أبو يعلى الموصلي في المسند: عن ثابت البناني، عن أنس و عبد اللّه ابن شيبة 2139 ، عن أبيه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام إلى صلاة و الحسن متعلّق به، فوضعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى جانبه و صلّى، فلمّا سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم فإذا الحسن على كتف النبي صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا سلّم قال له القوم: يا رسول اللّه، لقد سجدت في صلاتك سجدة ما كنت تسجدها، كأنّما يوحى إليك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: لم يوح إليّ، و لكنّ ابني كان على كتفي فكرهت أن اعجّله حتى نزل.
و في رواية اخرى أنّه قال: إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن اعجّله حتى يقضي حاجته.
و في رواية اخرى: قال: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بنا و هو ساجد فيجيء الحسن و هو صبيّ صغير حتى يصير على ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا، فلمّا صلّى صلاته قالوا: يا رسول اللّه، إنّك لتصنع بهذا الصبيّ شيئا لم تصنعه بأحد!
فقال: هذا ريحانتي.
[في محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للحسن عليه السلام]
و عن أبي هريرة: قال: ما رأيت الحسن قطّ إلّا فاضت عيناي بدموعها، و ذلك انّه أتى يوما يشتدّ حتى قعد في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجعل يقول في لحية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هكذا و هكذا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفتح فمّه، ثمّ يدخل فمّه في فمّه، و يقول: اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه و أحبّ من يحبّه، يقولها ثلاث مرّات.
عبد الرحمن بن أبي ليلى: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجاء الحسن و أقبل يتمرّغ عليه فرفع قميصه و قبّل زبيبته 2140 .
الخدريّ: إنّ الحسن عليه السلام جاء و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فأخذ بعنقه و هو جالس، فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إنّ الحسن ليمسك بيديه حتى ركع.
و عن أبي هريرة: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقبّل الحسن، فقال الأقرع بن حابس: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لا يرحم لا يرحم 2141 .
[في ميلاده و تسميته عليه السلام]
و روي من طرق العامّة، و رواه أصحابنا رضي اللّه عنهم في كتبهم: عن أمير المؤمنين عليه السلام، و عن عليّ بن الحسين، و عن أسماء بنت عميس، قالت: لمّا ولدت فاطمة الحسن عليهما السلام جاءني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا أسماء، هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها، و قال: يا
أسماء، أ لم أعهد إليكم ألّا تلفّوا المولود في خرقة صفراء؟ فلففته في خرقة بيضاء و دفعته إليه، فأذّن في اذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، و قال لعليّ: أيّ شيء سمّيت ابني هذا؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كنت لأسبقك باسمه، و قد كنت احبّ أن اسمّيه حربا.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و أنا لا احبّ أن أسبق ربّي باسمه، ثمّ هبط جبرئيل، فقال: السلام عليك يا محمد، العليّ الأعلى يقرؤك السلام، و يقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسى و لا نبيّ بعدك، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون.
قال: و ما اسم ابن هارون، يا جبرئيل؟
قال: شبّر.
قال: لساني عربيّ.
قال: سمّه الحسن.
قال: فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه بكبشين أملحين، و أعطى القابلة فخذا، و حلق رأسه، و تصدّق بوزن الشعر ورقا، و طلى رأسه بالخلوق 2142 ، ثمّ قال:
يا أسماء، الدم فعل الجاهليّة.
قالت: فلمّا ولد الحسين فعل مثل ذلك 2143 .
قال الباقر عليه السلام- في خبر-: فوزنوا الشعر فكان وزنه درهما و نصفا 2144 .
الصادق عليه السلام و ابن عبّاس و أبو هريرة أيضا: إنّ فاطمة عادت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه الّذي عوفي منه و معها الحسن عليه السلام و الحسين عليه السلام، فأقبلا يغمزان ممّا يليهما من يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى اضطجعا على عضديه و ناما، فلمّا انتبها خرجا في ليلة ظلماء مدلهمّة ذات رعد و برق و قد أرخت السماء عزاليها، فسطع لهما نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور و يتحدّثان حتى أتيا حديقة بني النجّار فاضطجعا و ناما، إلى تمام الحديث 2145 ، و هذا الحديث أوردته مستوفى من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمّي رضي اللّه عنه عند ذكر ما تمّ للأعمش مع أبي جعفر المنصور الدوانيقي قبل هذا المجلس، فلا حاجة لإعادته.
و كان مولده صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان عام احد سنة ثلاث من الهجرة؛ و قيل: سنة اثنتين، و جاءت به فاطمة عليها السلام يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنّة، و كان جبرئيل أتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسمّاه حسنا، و عقّ عنه كبشا، فعاش مع جدّه سبع سنين و أشهرا؛ و قيل: ثمان، و مع أبيه صلوات اللّه عليه ثلاثين سنة، و بعده تسع سنين، و في رواية: عشر سنين.