کتابخانه روایات شیعه
أسماء، أ لم أعهد إليكم ألّا تلفّوا المولود في خرقة صفراء؟ فلففته في خرقة بيضاء و دفعته إليه، فأذّن في اذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، و قال لعليّ: أيّ شيء سمّيت ابني هذا؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كنت لأسبقك باسمه، و قد كنت احبّ أن اسمّيه حربا.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و أنا لا احبّ أن أسبق ربّي باسمه، ثمّ هبط جبرئيل، فقال: السلام عليك يا محمد، العليّ الأعلى يقرؤك السلام، و يقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسى و لا نبيّ بعدك، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون.
قال: و ما اسم ابن هارون، يا جبرئيل؟
قال: شبّر.
قال: لساني عربيّ.
قال: سمّه الحسن.
قال: فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه بكبشين أملحين، و أعطى القابلة فخذا، و حلق رأسه، و تصدّق بوزن الشعر ورقا، و طلى رأسه بالخلوق 2142 ، ثمّ قال:
يا أسماء، الدم فعل الجاهليّة.
قالت: فلمّا ولد الحسين فعل مثل ذلك 2143 .
قال الباقر عليه السلام- في خبر-: فوزنوا الشعر فكان وزنه درهما و نصفا 2144 .
الصادق عليه السلام و ابن عبّاس و أبو هريرة أيضا: إنّ فاطمة عادت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه الّذي عوفي منه و معها الحسن عليه السلام و الحسين عليه السلام، فأقبلا يغمزان ممّا يليهما من يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى اضطجعا على عضديه و ناما، فلمّا انتبها خرجا في ليلة ظلماء مدلهمّة ذات رعد و برق و قد أرخت السماء عزاليها، فسطع لهما نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور و يتحدّثان حتى أتيا حديقة بني النجّار فاضطجعا و ناما، إلى تمام الحديث 2145 ، و هذا الحديث أوردته مستوفى من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمّي رضي اللّه عنه عند ذكر ما تمّ للأعمش مع أبي جعفر المنصور الدوانيقي قبل هذا المجلس، فلا حاجة لإعادته.
و كان مولده صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان عام احد سنة ثلاث من الهجرة؛ و قيل: سنة اثنتين، و جاءت به فاطمة عليها السلام يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنّة، و كان جبرئيل أتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسمّاه حسنا، و عقّ عنه كبشا، فعاش مع جدّه سبع سنين و أشهرا؛ و قيل: ثمان، و مع أبيه صلوات اللّه عليه ثلاثين سنة، و بعده تسع سنين، و في رواية: عشر سنين.
و كان صلوات اللّه عليه ربع القامة، و له محاسن كثّة 2146 .
و أصحابه 2147 أصحاب أبيه.
و بابه: قيس بن ورقاء 2148 المعروف بسفينة و رشيد الهجري؛ و يقال: و ميثم التمّار.
و بويع بعد أبيه يوم الجمعة الحادي و العشرين [من] 2149 شهر رمضان في سنة أربعين.
و كان أمير جيشه عبيد اللّه بن العبّاس، ثمّ قيس بن سعد بن عبادة.
و كان عمره لمّا بويع سبعا و ثلاثين سنة، فبقي في خلافته أربعة أشهر و ثلاثة أيّام، و وقع الصلح بينه و بين معاوية لعنه اللّه في سنة إحدى و أربعين، ثمّ خرج عليه السلام إلى المدينة فأقام بها عشر سنين.
و سمّاه اللّه تعالى الحسن، و سمّاه في التوراة شبّرا.
و كنيته: أبو محمد و أبو القاسم.
و ألقابه: السيّد، و السبط، و الأمين، و الحجّة، و البرّ، و التقيّ، و الزكيّ، و المجتبى، و السبط الأوّل، و الزاهد.
و امّه فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و ظلّ مظلوما، و مات مسموما.
[في وفاته عليه السلام]
و قبض بالمدينة بعد مضيّ عشر سنين من ملك معاوية، فكان في سني إمامته أوّل ملك معاوية، و مرض صلوات اللّه عليه أربعين يوما و مضى لليلتين
بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة؛ و قيل: سنة تسع و أربعين و عمره سبعة و أربعون سنة و أشهر؛ و قيل: ثمان و أربعون؛ و قيل: في تمام سنة خمسين من الهجرة.
و كان معاوية بذل لجعدة بنت محمد بن الأشعث الكندي و هي ابنة أمّ فروة اخت 2150 أبي بكر بن أبي قحافة عشرة آلاف دينار، و إقطاع عشرة ضياع من سقي سورا 2151 و سواد الكوفة على أن تسمّ الحسن عليه السلام و تولّى الحسين عليه السلام غسله و تكفينه و دفنه، و قبره بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد 2152 .
[في ذكر أولاده و زوجاته عليه السلام]
و أولاده خمسة 2153 عشر ذكرا و بنت واحدة، عبد اللّه و عمر و القاسم امّهم أمّ ولد، و الحسين الأثرم و الحسن امّهما خولة بنت منظور بن رباب الفزاريّة، و عقيل و الحسن امّهما أمّ بشير بنت أبي مسعود الخزرجيّة، و زيد و عمر من الثقفيّة، و عبد الرحمن من أمّ ولد، و طلحة و أبو بكر امّهما أمّ إسحاق بنت طلحة التيمي، و أحمد و إسماعيل و الحسن الأصغر، ابنته أمّ الحسن فقط؛ و يقال: و أمّ الحسين و كانتا من أمّ بشير الخزاعيّة، و فاطمة من أمّ إسحاق بنت طلحة، و أمّ عبد اللّه و أمّ سلمة و رقيّة لامّهات أولاد.
و قتل مع الحسين عليه السلام من أولاده: عبد اللّه و القاسم و أبو بكر.
و المعقّبون من أولاده اثنان: زيد بن الحسن، و الحسن بن الحسن.
في كتاب قوت القلوب: انّ الحسن عليه السلام تزوّج مائتين و خمسين
امرأة؛ و قيل: ثلاثمائة 2154 ، و كان أمير المؤمنين عليه السلام ينضجر من ذلك 2155 .
أبو عبد اللّه المحدّث في رامشأفزاي: إنّ هذه النساء كلّهنّ خرجن في جنازته حافيات 2156 .
فصل في أمره عليه السلام مع معاوية عليه لعنة اللّه
[خطبة للحسن عليه السلام صبيحة وفاة أمير المؤمنين عليه السلام]
لمّا مات أمير المؤمنين عليه السلام خطب الحسن عليه السلام بالكوفة، فقال: أيّها الناس، إنّ الدنيا دار بلاء و فتنة، و كلّ ما فيها فإلى زوال و اضمحلال- إلى أن قال-: و إنّي ابايعكم على أن تحاربوا من حاربت، و تسالموا من سالمت.
فقال الناس: سمعنا و أطعنا فمرنا بأمرك يا إمام المؤمنين، فأقام بالكوفة شهرين 2157 .
و روى صاحب مقاتل الطالبيّين: انّ الحسن خطب صبيحة الليلة الّتي قتل فيها أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: لقد قبض اللّه في هذه الليلة رجلا لم يسبقه الأوّلون، و لا يدركه الآخرون [بعمل] 2158 ، و لقد كان يجاهد بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقيه بنفسه، و لقد كان يوجّهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح اللّه عليه، و لقد توفّي في الليلة الّتي عرج فيها بعيسى بن مريم، و الّتي توفّي فيها يوشع بن نون، و لا خلّف صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما
لأهله، ثم خنقته العبرة، فبكا [و بكى] 2159 الناس معه.
ثمّ قال: أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن ابن محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى اللّه عزّ و جلّ بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و الّذين افترض اللّه مودّتهم، فقال:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 2160 فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
قال: فقام ابن عبّاس رضي اللّه عنه فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا، و قالوا: ما أحبّه إلينا و أحقّه بالخلافة، فبايعوه، ثمّ نزل عن المنبر.
قال: و دسّ معاوية رجلا من [بني] 2161 حمير إلى الكوفة، و رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار، فدلّ على الحميري عند لحّام جرير 2162 ، و دلّ على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذا و قتلا.
[كتاب الحسن عليه السلام إلى معاوية يخبره بعلمه أنّ معاوية دسّ إليه الرجال]
و كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية: