کتابخانه روایات شیعه
بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة؛ و قيل: سنة تسع و أربعين و عمره سبعة و أربعون سنة و أشهر؛ و قيل: ثمان و أربعون؛ و قيل: في تمام سنة خمسين من الهجرة.
و كان معاوية بذل لجعدة بنت محمد بن الأشعث الكندي و هي ابنة أمّ فروة اخت 2150 أبي بكر بن أبي قحافة عشرة آلاف دينار، و إقطاع عشرة ضياع من سقي سورا 2151 و سواد الكوفة على أن تسمّ الحسن عليه السلام و تولّى الحسين عليه السلام غسله و تكفينه و دفنه، و قبره بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد 2152 .
[في ذكر أولاده و زوجاته عليه السلام]
و أولاده خمسة 2153 عشر ذكرا و بنت واحدة، عبد اللّه و عمر و القاسم امّهم أمّ ولد، و الحسين الأثرم و الحسن امّهما خولة بنت منظور بن رباب الفزاريّة، و عقيل و الحسن امّهما أمّ بشير بنت أبي مسعود الخزرجيّة، و زيد و عمر من الثقفيّة، و عبد الرحمن من أمّ ولد، و طلحة و أبو بكر امّهما أمّ إسحاق بنت طلحة التيمي، و أحمد و إسماعيل و الحسن الأصغر، ابنته أمّ الحسن فقط؛ و يقال: و أمّ الحسين و كانتا من أمّ بشير الخزاعيّة، و فاطمة من أمّ إسحاق بنت طلحة، و أمّ عبد اللّه و أمّ سلمة و رقيّة لامّهات أولاد.
و قتل مع الحسين عليه السلام من أولاده: عبد اللّه و القاسم و أبو بكر.
و المعقّبون من أولاده اثنان: زيد بن الحسن، و الحسن بن الحسن.
في كتاب قوت القلوب: انّ الحسن عليه السلام تزوّج مائتين و خمسين
امرأة؛ و قيل: ثلاثمائة 2154 ، و كان أمير المؤمنين عليه السلام ينضجر من ذلك 2155 .
أبو عبد اللّه المحدّث في رامشأفزاي: إنّ هذه النساء كلّهنّ خرجن في جنازته حافيات 2156 .
فصل في أمره عليه السلام مع معاوية عليه لعنة اللّه
[خطبة للحسن عليه السلام صبيحة وفاة أمير المؤمنين عليه السلام]
لمّا مات أمير المؤمنين عليه السلام خطب الحسن عليه السلام بالكوفة، فقال: أيّها الناس، إنّ الدنيا دار بلاء و فتنة، و كلّ ما فيها فإلى زوال و اضمحلال- إلى أن قال-: و إنّي ابايعكم على أن تحاربوا من حاربت، و تسالموا من سالمت.
فقال الناس: سمعنا و أطعنا فمرنا بأمرك يا إمام المؤمنين، فأقام بالكوفة شهرين 2157 .
و روى صاحب مقاتل الطالبيّين: انّ الحسن خطب صبيحة الليلة الّتي قتل فيها أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: لقد قبض اللّه في هذه الليلة رجلا لم يسبقه الأوّلون، و لا يدركه الآخرون [بعمل] 2158 ، و لقد كان يجاهد بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقيه بنفسه، و لقد كان يوجّهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح اللّه عليه، و لقد توفّي في الليلة الّتي عرج فيها بعيسى بن مريم، و الّتي توفّي فيها يوشع بن نون، و لا خلّف صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما
لأهله، ثم خنقته العبرة، فبكا [و بكى] 2159 الناس معه.
ثمّ قال: أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن ابن محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى اللّه عزّ و جلّ بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و الّذين افترض اللّه مودّتهم، فقال:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 2160 فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
قال: فقام ابن عبّاس رضي اللّه عنه فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا، و قالوا: ما أحبّه إلينا و أحقّه بالخلافة، فبايعوه، ثمّ نزل عن المنبر.
قال: و دسّ معاوية رجلا من [بني] 2161 حمير إلى الكوفة، و رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار، فدلّ على الحميري عند لحّام جرير 2162 ، و دلّ على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذا و قتلا.
[كتاب الحسن عليه السلام إلى معاوية يخبره بعلمه أنّ معاوية دسّ إليه الرجال]
و كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية:
أمّا بعد: فإنّك دسست إليّ الرجال كأنّك تحبّ اللقاء، و ما أشكّ في ذلك فتوقّعه إن شاء اللّه، و قد بلغني أنّك شمتّ بما لا يشمت 2163 به أهل الحجى، و إنّما مثلك في ذلك كما قال الأوّل:
و قل للّذي يبغي خلاف الّذي مضى
تأخّر 2164 لاخرى مثلها فكأن قد
و إنّا و من قد مات منّا فكالّذي
يروح فيمسي في المبيت و يغتدي
[جواب معاوية له عليه السلام]
فأجابه معاوية:
أمّا بعد: فقد وصل إليّ كتابك، و فهمت ما ذكرت فيه، و قد علمت بما حدث فلم أفرح قطّ و لم أشمت و لم آس، و إنّ عليّ بن أبي طالب لكما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة 2165 :
فأنت الجواد و أنت الّذي
إذا ما القلوب ملأن الصدورا
جدير بطعنة يوم اللقا
أ تضرب فيها النساء النحورا
و ما مزيد من خليج البحا
ر يعلو الآكام و يعلو الجسورا 2166
بأجود منه بما عنده
فيعطي الالوف 2167 و يعطي البدورا
[كتاب عبد اللّه بن عبّاس من البصرة إلى معاوية]
قال: و كتب عبد اللّه بن عبّاس من البصرة إلى معاوية:
فأمّا بعد: فإنّك و دسّك أخا بني قين إلى البصرة تلتمس من غفلات 2168 قريش مثل الّذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال اميّة بن الصلت 2169 :
لعمرك إنّي و الخزاعي طاويا 2170
كنعجة عاد حتفها تتحفر
أثارت عليها شفرة بكراعها
فضلّت بها من آخر الليل تنحر
شمت بقوم من صديقك أهلكوا
أصابهم يوما من الموت أصفر 2171
[جواب معاوية لابن عبّاس]
فكتب إليه معاوية:
أمّا بعد: فإنّ الحسن كتب إليّ بنحو ممّا كتبت، و أنبأني بما لم أحسن ظنّا و سوء رأي، و إنّك لم تصب مثلك و مثلي و لكن مثليا كما قال طارق الخزاعي:
فو اللّه ما أدري و إنّي لصادق
إلى أيّ من يظنّني أتعذّر 2172
اعنف إن كانت زبينة أهلكت
و نال بني لحيان شرّ فأنفروا
[كتاب الحسن عليه السلام إلى معاوية]
و كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية:
من عبد اللّه الحسن بن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان.
سلام عليك، فإنّي أحمد اللّه الّذي لا إله إلّا هو.
أمّا بعد:
فإنّ اللّه تعالى بعث محمدا صلّى اللّه عليه و آله رحمة للعالمين، و منّة على المؤمنين، و كافّة إلى الناس أجمعين، لينذر من كان حيّا، و يحقّ القول على الكافرين، فبلّغ رسالات اللّه و أقام على أمر اللّه حتى توفّاه اللّه و هو غير مقصّر و لا و ان حتّى 2173 أظهر اللّه به الحقّ، و محق به الشرك، و نصر به المؤمنين، و أعزّ به العرب، و شرّف به قريشا خاصّة، فقال سبحانه: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ 2174 فلمّا توفّي صلّى اللّه عليه و آله تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته و اسرته و أولياؤه فلا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس
و حقّه، فرأت العرب أنّ القول ما قالت قريش و انّ الحجّة لهم في ذلك على من ينازعهم أمر محمد صلّى اللّه عليه و آله، فأذعنت 2175 لهم العرب و سلّمت ذلك، ثمّ حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج، فلمّا صرنا أهل بيت محمّد و أوّلناه 2176 إلى محاجّتهم و طلب النصف بينهم 2177 باعدونا و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا و العنت منهم لنا ظالمين عند اللّه و هو الوليّ و النصير.
و قد تعجّبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا و سلطان نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الاسلام فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا من فساده، و اليوم فليعجب المتعجّب من توثّبك- يا معاوية- على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و أنت ابن حزب من الأحزاب، و ابن أعدى قريش لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لكنّ اللّه خيّبك، و ستردّ فتعلم لمن عقبى الدار، تاللّه لتلقين عن قليل ربّك، ثمّ ليجزينّك 2178 بما قدّمت يداك و ما اللّه بظلّام للعبيد.