کتابخانه روایات شیعه
لأهله، ثم خنقته العبرة، فبكا [و بكى] 2159 الناس معه.
ثمّ قال: أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن ابن محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى اللّه عزّ و جلّ بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و الّذين افترض اللّه مودّتهم، فقال:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 2160 فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
قال: فقام ابن عبّاس رضي اللّه عنه فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا، و قالوا: ما أحبّه إلينا و أحقّه بالخلافة، فبايعوه، ثمّ نزل عن المنبر.
قال: و دسّ معاوية رجلا من [بني] 2161 حمير إلى الكوفة، و رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار، فدلّ على الحميري عند لحّام جرير 2162 ، و دلّ على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذا و قتلا.
[كتاب الحسن عليه السلام إلى معاوية يخبره بعلمه أنّ معاوية دسّ إليه الرجال]
و كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية:
أمّا بعد: فإنّك دسست إليّ الرجال كأنّك تحبّ اللقاء، و ما أشكّ في ذلك فتوقّعه إن شاء اللّه، و قد بلغني أنّك شمتّ بما لا يشمت 2163 به أهل الحجى، و إنّما مثلك في ذلك كما قال الأوّل:
و قل للّذي يبغي خلاف الّذي مضى
تأخّر 2164 لاخرى مثلها فكأن قد
و إنّا و من قد مات منّا فكالّذي
يروح فيمسي في المبيت و يغتدي
[جواب معاوية له عليه السلام]
فأجابه معاوية:
أمّا بعد: فقد وصل إليّ كتابك، و فهمت ما ذكرت فيه، و قد علمت بما حدث فلم أفرح قطّ و لم أشمت و لم آس، و إنّ عليّ بن أبي طالب لكما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة 2165 :
فأنت الجواد و أنت الّذي
إذا ما القلوب ملأن الصدورا
جدير بطعنة يوم اللقا
أ تضرب فيها النساء النحورا
و ما مزيد من خليج البحا
ر يعلو الآكام و يعلو الجسورا 2166
بأجود منه بما عنده
فيعطي الالوف 2167 و يعطي البدورا
[كتاب عبد اللّه بن عبّاس من البصرة إلى معاوية]
قال: و كتب عبد اللّه بن عبّاس من البصرة إلى معاوية:
فأمّا بعد: فإنّك و دسّك أخا بني قين إلى البصرة تلتمس من غفلات 2168 قريش مثل الّذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال اميّة بن الصلت 2169 :
لعمرك إنّي و الخزاعي طاويا 2170
كنعجة عاد حتفها تتحفر
أثارت عليها شفرة بكراعها
فضلّت بها من آخر الليل تنحر
شمت بقوم من صديقك أهلكوا
أصابهم يوما من الموت أصفر 2171
[جواب معاوية لابن عبّاس]
فكتب إليه معاوية:
أمّا بعد: فإنّ الحسن كتب إليّ بنحو ممّا كتبت، و أنبأني بما لم أحسن ظنّا و سوء رأي، و إنّك لم تصب مثلك و مثلي و لكن مثليا كما قال طارق الخزاعي:
فو اللّه ما أدري و إنّي لصادق
إلى أيّ من يظنّني أتعذّر 2172
اعنف إن كانت زبينة أهلكت
و نال بني لحيان شرّ فأنفروا
[كتاب الحسن عليه السلام إلى معاوية]
و كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية:
من عبد اللّه الحسن بن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان.
سلام عليك، فإنّي أحمد اللّه الّذي لا إله إلّا هو.
أمّا بعد:
فإنّ اللّه تعالى بعث محمدا صلّى اللّه عليه و آله رحمة للعالمين، و منّة على المؤمنين، و كافّة إلى الناس أجمعين، لينذر من كان حيّا، و يحقّ القول على الكافرين، فبلّغ رسالات اللّه و أقام على أمر اللّه حتى توفّاه اللّه و هو غير مقصّر و لا و ان حتّى 2173 أظهر اللّه به الحقّ، و محق به الشرك، و نصر به المؤمنين، و أعزّ به العرب، و شرّف به قريشا خاصّة، فقال سبحانه: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ 2174 فلمّا توفّي صلّى اللّه عليه و آله تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته و اسرته و أولياؤه فلا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس
و حقّه، فرأت العرب أنّ القول ما قالت قريش و انّ الحجّة لهم في ذلك على من ينازعهم أمر محمد صلّى اللّه عليه و آله، فأذعنت 2175 لهم العرب و سلّمت ذلك، ثمّ حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج، فلمّا صرنا أهل بيت محمّد و أوّلناه 2176 إلى محاجّتهم و طلب النصف بينهم 2177 باعدونا و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا و العنت منهم لنا ظالمين عند اللّه و هو الوليّ و النصير.
و قد تعجّبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا و سلطان نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الاسلام فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا من فساده، و اليوم فليعجب المتعجّب من توثّبك- يا معاوية- على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و أنت ابن حزب من الأحزاب، و ابن أعدى قريش لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لكنّ اللّه خيّبك، و ستردّ فتعلم لمن عقبى الدار، تاللّه لتلقين عن قليل ربّك، ثمّ ليجزينّك 2178 بما قدّمت يداك و ما اللّه بظلّام للعبيد.
إنّ عليّا لمّا مضى لسبيله رحمة اللّه عليه يوم قبض و يوم يبعث حيّا ولّاني المسلمون الأمر من بعده، فأسأل اللّه ألّا يزيدنا في الدنيا الفانية شيئا ينقصنا به غدا في الآخرة ممّا عنده من كرامته، و إنّما حملني على الكتاب إليك الاعذار
فيما بيني و بين اللّه سبحانه في أمرك، و لك في ذلك إن فعلت الحظّ الجسيم، و للمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل و ادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند اللّه و عند كلّ أوّاب حفيظ و من له قلب منيب، و اتّق اللّه ودع البغي و احقن دماء المسلمين فو اللّه مالك من خير في أن تلقى اللّه من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه، و ادخل في السلم و الطاعة و لا تنازع الأمر ممّن هو أحقّ به منك ليطفئ اللّه 2179 النائرة بذلك، و تجتمع الكلمة، و يصلح ذات البين، و إن أنت أبيت إلّا التمادي في غيّك نهدت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم اللّه بيننا و هو خير الحاكمين.
[جواب معاوية له عليه السلام]
و أجابه 2180 معاوية على يدي جندب الأزدي موصل كتاب الحسن عليه السلام:
فهمت ما ذكرت به محمدا صلّى اللّه عليه و آله و هو أحقّ الأوّلين و الآخرين بالفضل كلّه، و ذكرت تنازع المسلمين الأمر بعده فصرحت بنميمة فلان و فلان و أبي عبيدة و غيره، فكرهت ذلك لك لأنّ الامّة قد علمت أنّ قريشا أحقّ بها، و قد علمت ما جرى من أمر الحكمين، فكيف تدعوني إلى أمر إنّما تطلبه بحقّ أبيك و قد خرج أبوك منه؟
ثمّ كتب:
أمّا بعد:
فإنّ اللّه يفعل في عباده ما يشاء 2181 ، لا معقّب لحكمه و هو سريع
الحساب 2182 ، فاحذر أن تكون منيّتك على يدي رعاع الناس و آيس أن تجد فينا غميزة، و إن أنت أعرضت عمّا أنت فيه و بايعتني وفيت لك بما وعدت، و أنجزت لك ما شرطت، و أكون في ذلك كما قال أعشى قيس 2183 :
و إن أحد أسدى إليك كرامة
فأوف بما يدعى إذا متّ وافيا
فلا تحسد المولى إذا كان ذا غنى
و لا تجفه إن كان للمال نائيا
ثمّ الخلافة لك من بعدي و أنت أولى الناس بها.
و في رواية: لو كنت أعلم أنّك أقوى للأمر، و أضبط للناس، و أكبت للعدوّ، و أقوى على جمع الأموال منّي لبايعتك لأنّني أراك لكلّ خير أهلا. ثمّ قال: إنّ أمري و أمرك شبيه بأمر أبي بكر [و أبيك] 2184 بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
ثمّ كتب:
فادخل في طاعتي [و لك الأمر من بعدي] 2185 و لك ما في بيت مال العراق بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت، و لك خراج كور العراق يثبته معاوية لك إعانة على نفقتك 2186 يجيبها أمينك و يحملها إليك كلّ سنة، و لك ألّا يستولى عليك
بالاساءة، و لا تقضى دونك الامور، فلا تعصى في أمر أردت به طاعة اللّه عزّ و جلّ أعاننا اللّه و إيّاك على طاعته إنّه سميع مجيب.
قال جندب: فلمّا أتيت الحسن عليه السلام بكتاب معاوية قلت له: إنّ الرجل سائر إليك فابدأه بالمسير حتى تقاتله في أرضه و بلاده و عمله، فإمّا إنّك تقدر انّه ينقاد لك فلا و اللّه حتى ترى أعظم 2187 من يوم صفّين.
فقال: أفعل.
[كتاب معاوية إلى عمّاله على النواحي بعد مقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام]
ثمّ كتب معاوية إلى عمّاله على النواحي نسخة واحدة:
بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه معاوية أمير المؤمنين إلى فلان و فلان و من قبله من المسلمين.
سلام عليكم، فإنّي أحمد اللّه الّذي لا إله إلّا هو إليكم.
أمّا بعد: