کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
فقال له الحسين عليه السلام: فمن سقاكه؟
قال: ما تريد منه؟ أ تريد أن تقتله؟ إن يكن هو هو فاللّه أشدّ نقمة منك، و إن لم يكن هو فما احبّ أن يؤخذ [بي] 2242 بريء، فبحقّي عليك إن تكلّمت بكلمة واحدة، و انتظر ما يحدث اللّه فيّ.
و في خبر: باللّه اقسم عليك إن تهريق في أمري محجمة دم 2243 .
و حكي أنّ الحسن عليه السلام لمّا أشرف على الموت قال له الحسين عليه السلام: اريد أن أعلم حالك يا أخي.
فقاله له الحسن: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: لا يفارق العقل منّا أهل البيت ما دامت الروح فينا، فضع يدك في يدي حتى إذا عاينت ملك الموت أغمز يدك، فوضع يده في يده، فلمّا كان بعد ساعة غمز يده غمزا خفيفا، فقرّب الحسين اذنه من فمه، فقال: قال لي ملك الموت: أبشر فإنّ اللّه عنك راض و جدّك شافع 2244 .
[أنّه عليه السلام أوصى بأن يجدّد عهده عند جدّه صلّى اللّه عليه و آله]
و كان الحسن عليه السلام أوصى بأن يجدّد عهده عند جدّه، فلمّا مضى لسبيله غسّله الحسين و كفّنه و حمله على سريره، فلمّا توجّه بالحسن إلى قبر جدّه صلّى اللّه عليه و آله أقبلوا إليه بجمعهم و جعل مروان يقول: يا ربّ هيجا هي خير من دعة، أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي؟ أما لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف.
فبادر ابن عبّاس و كثر المقال بينهما حتى قال ابن عبّاس: ارجع من حيث
جئت فإنّا لا نريد دفنه هاهنا، لكنّا نريد [أن] 2245 نجدّد عهدا بزيارته، ثم نردّه إلى جدّته فاطمة فندفنه عندها بوصيّته، فلو كان أوصى بدفنه عند النبيّ لعلمت أنّك أقصر باعا من ردّنا عن ذلك، لكنّه كان أعلم بحرمة قبر جدّه من أن يطرق إليه 2246 هدما، و رموا بالنبال جنازته صلوات اللّه عليه حتى سلّ منها سبعون سهما.
[أبيات للصقر الصفدي]
قال ابن عبّاس: و أقبلت امرأة 2247 على بغل برحل في أربعين راكبا تقول:
مالي و لكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى و لا احبّ؟
فقال ابن عبّاس- بعد كلام-: عائشة يوما على جمل و يوما على بغل 2248 .
فنظمه الصقر البصري رضي اللّه عنه: 2249
و يوم الحسن السبط 2250
على بغلك أقبلت 2251
و مايست و مانعت
و خاصمت و قاتلت
و في بيت رسول اللّه
في الكلّ 2252 تحكّمت
هل الزوجة أولى با
لمواريث من البنت
لك التسع من الثمن
و للكلّ تملّكت 2253
تجمّلت تبغّلت
و إن عشت تفيّلت 2254
[أبيات للحسين عليه السلام في رثاء أخيه الحسن عليه السلام]
و لمّا وضع الحسن عليه السلام في قبره أنشأ سيّدنا و مولانا أبو عبد اللّه الحسين عليه السلام:
أ أدهن رأسي أم اطيّب مجالسي
و رأسك معفور و أنت سليب
أو استمتع الدنيا بشيء احبّه
ألا كلّ ما أدنى إليك حبيب
فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة
عليك و ما هبّت صبا و جنوب
و ما هملت عيني من الدمع قطرة
و ما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب
بكائي طويل و الدموع غزيرة
و أنت بعيد و المزار قريب
غريب و أطراف البيوت تنوشه 2255
ألا كلّ من تحت التراب غريب
فلا يفرح لاباقي خلاف الّذي مضى
فكلّ فتى للموت فيه نصيب
و ليس حريب من اصيب بماله
و لكنّ من وارى أخاه حريب
نسيبك من أمسى يناجيك طرفه
و ليس لمن تحت التراب نسيب 2256
[أبيات لسليمان بن قتّة، و أخرى لدعبل بن علي الخزاعي]
و قال سليمان بن قتّة يرثي الحسين عليه السلام:
يا كذّب اللّه من نعى حسنا
ليس لتكذيب نعيه ثمن 2257
كنت حليفي 2258 و كنت خالصتي
لكلّ حيّ من أهله سكن
أجول في الدار لا أراك و في
الدار اناس جوارهم غبن
بدّلتهم منك ليت إنّهم
أضحوا و بيني و بينهم عدن 2259
و قال دعبل بن علي الخزاعي رضي اللّه عنه:
تعزّ بمن قد مضى اسوة
فإنّ العزاء يسلّي الحزن
بموت النبيّ و قتل الوصيّ
و ذبح الحسين و سمّ الحسن 2260
عن عمر بن بشير الهمداني، قال: قلت لأبي إسحاق: متى ذلّ الناس؟
قال: حين مات الحسن عليه السلام، و ادّعى زياد، و قتل حجر 2261 .
عن هشام بن سالم و جميل بن درّاج، عن الصادق عليه السلام أنّ الحسن عليه السلام توفّي و هو ابن ثمان و أربعين سنة.
و روي أيضا أنّه توفّي و هو ابن ستّ و أربعين 2262 .
[تكبير معاوية بعد سماعه بوفاة الحسن عليه السلام]
روى الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار، و روى ابن عبد ربّه في كتابه العقد 2263 أنّه لمّا بلغ إلى معاوية بموت الحسن سجد و سجد من حوله، و كبّر و كبّروا معه، فدخل [عليه] 2264 ابن عبّاس بعد ذلك، فقال معاوية: يا ابن عبّاس، أمات أبو محمد؟
قال: نعم، و رحمة اللّه عليه، و بلغني تكبيرك و سجودك، أما و اللّه لا يسدّ جثمانه حفرتك، و لا يزيد انقضاء أجله في عمرك.
[قال:] 2265 أحسبه ترك صبية صغارا و لم يترك عليهم كثير معاش.
فقال ابن عبّاس: إنّ الّذي و كلهم إليه غيرك، و كلّنا كنّا صغارا فكبرنا.
قال: فأنت تكون سيّد القوم بعده.
قال: أمّا و أبو عبد اللّه الحسين عليه السلام حيّ فلا. 2266
قال شيخنا السعيد الشهيد محمد بن مكّي الفقيه رضي اللّه عنه في دروسه:
ولد الحسن ليلة 2267 الثلاثاء بالمدينة منتصف شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة 2268 .
و قال المفيد: سنة ثلاث، و قبض بها مسموما يوم الخميس سابع صفر سنة
تسع و أربعين أو سنة خمسين من الهجرة، عن سبع أو ثمان و أربعين سنة.
[ثواب زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة عليهم السلام]
قال الحسن للنبي صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، ما لمن زارنا؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زارني حيّا أو ميّتا، أو زار أخاك حيّا أو ميّتا كان حقّا عليّ أن أستنقذه يوم القيامة 2269 .
و قيل للصادق عليه السلام: ما لمن زار واحدا منكم؟
قال: كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، إنّ لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائهم و شيعتهم، و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمّته شفعاؤه يوم القيامة 2270 .
الندبة
يا من نسبه من كلّ نسب أعلى، و سببه من كلّ سبب أقوى، و مجده بكلّ فضل أولى، و حبّه شرف الآخرة و الاولى، جدّك فارس البراق ليلة الاسراء، و أبوك أوّل السبّاق إلى دين الهدى، و امّك سيّدة نساء الدنيا و الاخرى، قد اكتنفتك الاصول الطاهرة، و احتوشتك المحامد الفاخرة، طوت بقوادم الشرف و خوافيه 2271 ، و تسمّت ذروة الشرف و أعاليه، فلا شرف إلّا و إليك منتهاه، و لا سؤدد إلّا و أنت بدؤه و قصاراه.
همّتك أعلى من هامة السماك الأعزل، و رفعتك أسمى من رفعة السماء و أطول، عالية مبانيك، هامية أياديك، صادقة أقوالك، زاكية أفعالك، غامر إفضالك، وافر نوالك، طاهرة آباؤك و امّهاتك، ظاهرة في صحائف المجد سماتك.
نزّهت عن كلّ عيب، و قدّست من كلّ ريب، لا جرم من كان جدّه خاتم النبيّين، جاز أن يقول: أنا أشرف خلق اللّه أجمعين، و من كان أبوه سيّد الوصيّين، كان مجده في الشرف أعلى من علّيّين، و من كانت امّه سيّدة النساء كان أفخر من أشرقت عليه ذكاء.