کتابخانه روایات شیعه
لهفي على نسوة ضلّت مهتّكة
يسترن تلك الوجوه الغرّ بالردن
تساق عنفا على الأقتاب ليس ترى
إلّا زنيما من الأرجاس ذا ظغن
كنسوة من اسارى الشرك طيف بها
و برّزت جهرة في سائر المدن
يا أشرف الخلق جدّا في الورى و أبا
و أسمح الناس بالآلاء و المنن
و من به عذت من ريب الزمان و من
حططت رحلي به عند انتهاء زمني
حزني لما نالكم لا ينقضي و لو أنّ ال
لحد أصبح بعد الموت يسترني
لو كنت حاضركم في كربلا لرأي
ت القتل فرضا به الجبّار ألزمني
و كنت أجعل وجهي جنّة لك من
سهام قوم بغاة فيك تقصدني
حتى أضلّ و أوصالي مقطّعة
أذبّ عنك و عين اللّه تلحظني
و صرت في عصبة جادت بأنفسها
فذكر ما صنعت في الفخر غير دنيّ
باعت من اللّه أرواحا مطهّرة
ما في الّذي بذلت في اللّه من غبن
مولاي إذ لم أنل فضل الشهادة بال
جهاد فيك و لا التوفيق أسعدني
فقد وقفت لساني في جهاد اولي ال
ضلال من فيكم بغيا يؤنّبني
عتيق يغلي أراه قيمة لعتي
قهم و انظره أدنى من الثمن
و هكذا الظالم الثاني و ثالثهم
ذو الغيّ أخبث مغرور و مفتتن
و عصبة صرعت حول البعير على
أكفار رتبهم اللّه أطلعني
و تابعوا الرجس في صفّين لعنهم
فرض عليّ له الرحمن وفّقني
و هكذا أنا نحو المارقين بغا
ة النهر في كلّ آن مرسل لعني
هذا اعتقادي به أرجو النجاة إذا
اوقفت بين يدي ربّي ليسألني
ثمّ الصلاة عليكم كلّما سجعت
حمائم الأيك في دوح على فنن
المجلس الخامس في خصائص الامام السبط التابع لمرضاة اللّه أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام،
و ما تمّ عليه من أعدائه، و ذكر شيء من فضائله، و ما قال الرسول صلّى اللّه عليه و آله في حقّه، و ما جرى عليه من الامور الّتي امتحنه اللّه بها و اختصّه بفضائلها حتى صار سيّد الشهداء وسيلة لأهل البلاء، و تعزية لأهل العزاء، صلوات اللّه عليه و على جدّه و أبيه، و امّه و أخيه، و الأئمّة من بنيه، و لعن اللّه من ظلمهم، و اغتصبهم حقّهم، آمين ربّ العالمين
[خطبة للمؤلّف رحمه اللّه]
الحمد للّه الّذي طهّر بزلال الاخلاص قلوب أوليائه، و ألزم نفوس الخواصّ بحمده و ثنائه، و أطلع أحبّاءه على جلال عظمته و كبريائه، و رفع خلصاءه من حضيض النقصان إلى أوج الكمال باحتضانه، و سرّح عقولهم في دوح معرفته فرتعوا في تلك الرياض المونقة، و شرح صدورهم بافاضة أنوار عنايته على قوابل أنفسهم المشرقة، فاقتطفوا بأنامل إخلاصهم ثمار العرفان من تلك الحدائق المغدقة، و استنشقوا بمشامّ هممهم عاطر أنوارها و أزهارها المحدقة، و اساموا ابصار بصائرهم في خمائل جمالها، فشاهدوا ما تكلّ عن
وصفه الألسن، و اجتنوا من ثمرات شجرات دوحها ما تشتهي الأنفس و تلذّ الأعين.
و لمّا عاينوا أنهار العناية قد فجّرت خلالها تفجيرا. و أدارت ولدان المحبّة على خالص المودّة كأسا كان مزاجها كافورا، ارتاحت أرواحهم إلى أسير. 2275 . زلال تلك الكؤوس المترعة، و سارت منهم النفوس إلى موارد مشارع معرفة الملك القدّوس مسرعة، حتى إذا شربوا بالكأس الرويّة من شراب إخلاص المحبّة، انبسطت أرواحهم من لذّة حلاوة الشربة، و كشف لهم الغطاء عن السرّ المحجوب، و اطّلعوا من أحوال البرزخ على خفيّات الغيوب.
و لمّا اطّلع سبحانه على حقيقة إخلاصهم تفرّد بإحبائهم و اختصاصهم، و ثبّت في مداحض الأقدام أقدامهم، و أثبت في دفاتر الاعظام مقامهم، و صيّرهم الوسائط بينه و بين عباده، و الرسائل لأنامه في بلاده، و اصطفاهم بالعصمة التامّة، و اجتباهم بالرئاسة العامّة، فأنقذوا الجهّال بإفاضة علومهم، و وازنوا الجبال برزانة حلومهم، و نفعوا العليل بفصيح و عظهم، و شفوا الغليل بمبين لفظهم، و ساقوا الناس بسوط حكمهم إلى شريعة ربّهم، و نادوا الخلق بصوت عزمهم إلى منازل قربهم، و عادوا في اللّه أعداءه، و والوا في الحقّ أولياءه، حتى أشرقت بنور هداهم الأقطار، و ازّيّنت بذكر علاهم الأمصار، و رفل الحقّ في سرابيل العزّة و الافتخار، و خطر الصدق في ميادين القوّة و الاشتهار، و يسرت معالم الايمان بمعالم علمهم، و ظهرت أحكام القرآن بواضح حكمهم، و رسخت اصول الدين في صعيد القوّة بجدّهم، و بسقت فروع الشرع في سماء العزّة بجهدهم، فعلوم التوحيد منهم ينابيعها تفجّرت، و أسرار التنزيل بقوانين معارفهم ظهرت، و العدل و الحكمة صحّة استنباطهم طرائقها قرّرت.
لم يخلق اللّه خلقا أكرم عليه منهم، و لم يصدر عنه من العلوم ما صدر عنهم.
و لمّا تمّت كلمتهم، و كملت صفتهم، و شملت رئاستهم، و عمّت خلافتهم، و عمر برّهم، و علا أمرهم، و خلصت قلوبهم، و صعبت نفوسهم، و أفاض الجليل سبحانه على أفئدتهم أنوار جلال عظمته، و رقّى أرواحهم إلى سماء العرفان فاطّلعوا على أسرار إلهيّته، أراد سبحانه أن لا يترك خصلة من خصال المجد، و لا مزيّة من مزايا الفخر إلّا و يجعلهم عيبتها و مجمعها و منبعها و مشرعها و موئلها و مرجعها و مربعها، ففازوا من خلال الكرم بالعلى من سهامها، و الأعلى من مقامها، حتى وصفهم سبحانه بأشرف خصال الكرامة، و أنزل قرآنا تتلى آيات مدحتهم فيه إلى يوم القيامة، و حازوا من المعارف الربّانيّة و الأحكام الشرعيّة ما ينفع العليل، و يبلّ الغليل.
عنهم اصول العلوم اخذت، و بنهم اولوا المعارف احتذت، و على قواعدهم بنوا، و عن أعلامهم رووا، و جعلهم اللّه لسانه الناطق بحقّه، و مناره الساطع في خلقه.
و لمّا انتهت في الكمال رتبتهم، و علت في الجلال غايتهم، و عرفوا المبدع حقّ معرفته، و نزّهوه عمّا لا يليق بصفته، صفّوا في مقام الخدمة أقدامهم، و نصبوا في حضرة العزّة أبدانهم، و لحظوا بعين التعظيم جلال مبدعهم، و شاهدوا بعين اليقين كمال مخترعهم، اشتاقت أنفسهم إلى المقام الأسنى، و تاقت أرواحهم إلى الجناب الأعلى، من جهاد أعداء ربّهم، و المموّهين بزورهم و كذبهم، الّذين باض الشرك في رءوسهم، و فرّخ و ثبت الكفر في نفوسهم، و رسخ و نعق ناعق النفاق في قلوبهم فاتّبعوه، و دعاهم داع الشقاق في صدورهم فأطاعوه،
فأجلبوا على حرب الفتى، و ثنّوا بقتال الوصيّ، و تلبّثوا بسمّ الزكيّ، و كفروا بأنعم ربّهم العليّ.
و كان أفضل من جاهدهم في اللّه حقّ جهاده، و بذل نفسه للّه بجدّه و اجتهاده، و تلقّى حرّ الحديد بذاته و ولده، و قاتل بجدّ مجيد بعد أبيه و جدّه.
ثاني السبطين، و ثالث أئمّة الثقلين، و خامس الخمسة، أشرف من بذل في اللّه نفسه، منبع الأئمّة، و معدن العصمة، السيّد الممجّد، و المظلوم المضطهد، سيّد شباب أهل الجنّة، و من جعل اللّه حبّه فرضا لا سنّة، و ولاءه من النار أعظم جنّة، سبط الأسباط، و طالب الثأر يوم الصراط، أشرف من مشى على وجه الأرض، و أقوم من قام بالسنّة و الفرض، و أفضل من بكت السماء لقتله، و أمجد من اجتمعت أمّة السوء على خذله.
الإمام الشهيد، و الوليّ الرشيد، قرّة عين سيّدة النساء، و ثمرة قلب سيّد الأوصياء، و من شرفت بمصرعه كربلاء، و صارت مختلف أملاك السماء، السيّد الماجد، و الوليّ المجاهد، قتيل العبرة، و سليل العترة، و فرع السادة البررة، الإمام المظلوم، و السيّد المحروم، الّذي مصيبته لا تنسى، و حرّها لا يطفى، المنهتك الحرمة، و المخفور الذمّة، الّذي لا يحقّ الجزع إلّا على مصيبته، و لا يليق الهلع إلّا من واقعته، الصبور عند البلاء، و الشكور عند الرخاء.