کتابخانه روایات شیعه
السلام، و بعدهم: هذا قبر السيّدة ملكة بنت الحسين عليه السلام بن أمير المؤمنين و لفرط بغضهم لأهل بيت نبيّهم، تركوا القيام بعمارة ذلك المقام إلى أن استهدم، ثمّ جعلوه مطرحا لقماماتهم، و مرمى لنجاساتهم و قاذوراتهم، فهزّت أريحية الايمان رجلا ممّن تمسّك بولائهم أن يميط الأذى و القاذورات عن تلك الخربة، لأنّها و إن لم تكن مدفنا لأحد من ذرّيّتهم فقد شرفت بنسبتها إليهم، فجدّد بناءه و اتّخذه مسجدا مهيّئا للصلاة.
فلمّا أتمّه و أماط الأرجاس عنه و ألقى القمامة علم بذلك شيخ إسلامهم و بلغام 2294 زمانهم و أحد أعلامهم و أكثر أصنامهم، عدوّ اللّه و رسوله، الكافر بفعله و قوله، المانع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه، التامّ في النفاق حدّه و رسمه، فأقبل الشقيّ في جمع من المنافقين، و العصب المارقين و أمر بهدم ذلك المسجد، و أن يعاد مطرحا للقمامات و القاذورات كما كان أوّلا، و أحضر معه رجلا نصرانيّا ممّن يعالج قطع الأحجار و أمره أن يمحو أسماء النبيّ و الأئمّة الطاهرين عن تلك الصخرة قائلا: ترك هذه الأسماء على هذه الصخرة من أعظم بدعة في الاسلام، أ فمن كان هذا دينهم و معتقدهم هل يشكّ عاقل في كفرهم و ارتدادهم، أو يرتاب في إلحادهم؟ و ليس ذلك ببدع من نفاقهم، فهم فرع الشجرة الملعونة في القرآن، و أتباع جند الشيطان، و أعداء الرحمن، شرّ من قوم لوط و ثمود، و أخبث من عاد قوم هود، فهم الكافرون الجاحدون المنافقون المارقون، يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ 2295 . اللّهمّ العنهم و أشياعهم و أتباعهم لعنا وبيلا، و عذّبهم عذابا أليما.
فصل في مناقب مولانا إمام الثقلين، و ثاني السبطين، و أحد السيّدين، أبي عبد اللّه الحسين صلوات اللّه و سلامه عليه
فمنها ما اختصّ به في حياته، و منها ما ظهر بعد وفاته، فلنبدأ بما حصل في حياته و قبل مولده.
[أنّ اللّه سبحانه هنّأ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحمل الحسين عليه السلام و ولادته، و في أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يلقم الحسين عليه السلام إبهامه]
في كتاب الأنوار: إنّ اللّه سبحانه هنّأ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحمل الحسين عليه السلام و ولادته، و عزّاه بقتله، فعرفت فاطمة ذلك فكرهته، فنزل قوله تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً 2296 فحمل النساء تسعة أشهر، و لم يولد مولود لستّة أشهر فعاش غير الحسين و عيسى عليهما السلام.
غرر أبي الفضل بن خيرانة 2297 أنّ فاطمة عليها السلام اعتلّت لمّا ولدت الحسين عليه السلام و جفّ لبنها، فطلب له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرضعا فلم يجد، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصّها، فيجعل اللّه له في إبهام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رزقا يغذوه.
و قيل: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يدخل لسانه في فيه فيغرّه 2298 كما يغرّ الطير فرخه، فيجعل اللّه له في ذلك رزقا يغذوه، ففعل ذلك أربعين يوما و ليلة، فنبت اللحم و اشتدّ العظم منه من لحم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 2299 .
عن برّة ابنة اميّة الخزاعي قالت: لمّا حملت فاطمة بالحسن عليه السلام خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض حوائجه 2300 فقال لها: إنّك ستلدين غلاما قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتى أصير إليك.
قالت: فدخلت على فاطمة حين وضعت 2301 الحسن عليه السلام و لها 2302 ثلاث ما أرضعته، فقلت لها: أعطينيه حتى ارضعه.
قالت: كلّا، ثمّ أدركتها رقّة الامّهات فأرضعته، فلمّا جاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لها: ما ذا صنعت؟
قالت: أدركتني عليه رقّة الامّهات فأرضعته.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه سبحانه إلّا ما أراد، فلمّا حملت بالحسين عليه السلام قال لها: يا فاطمة، إنّك ستلدين غلاما قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتى أجيء إليك و لو أقمت شهرا.
قالت: أفعل، و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض حوائجه 2303 ،
فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام، فما أرضعته حتى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لها: ما ذا صنعت؟
قالت: ما أرضعته. فأخذه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضع 2304 لسانه في فمه، فجعل الحسين عليه السلام يمصّ حتى قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
إيها حسين، إيها حسين، ثمّ قال: أبى اللّه إلّا ما يريد هي فيك و في ولدك- يعني الامامة- 2305 .
[أنّ الحسين عليه السلام لمّا منع من الماء كان يحفر الموضع فينبع ماء طيّب]
و لمّا منع الحسين عليه السلام من الماء أخذ سهما و عدّ فوق خيام النساء تسع خطوات، فحفر الموضع، فنبع ماء طيّب فشربوا و ملأوا قربهم 2306 .
و روى الكلبي: أنّ مروان قال للحسين عليه السلام: لو لا فخركم بفاطمة بما كنتم تفخرون علينا؟
فوثب الحسين عليه السلام فقبض على حلقه و عصره، و لوى عمامته في عنقه حتى غشي عليه، ثمّ تركه، ثمّ تكلّم و قال آخر كلامه: و اللّه ما بين جابلقا 2307 و جابرسا رجل ممّن ينتحل الاسلام أعدى للّه و لرسوله و لأهل بيته منك و من أبيك إذ كان، و علامة ذلك أنّك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك.
قال: فو اللّه ما قام مروان [من مجلسه] 2308 حتى غضب فانتفض فسقط
رداؤه عن عاتقه 2309 .
[في إطاعة الحمّى للحسين عليه السلام]
زرارة بن أعين: قال: سمعت الصادق عليه السلام يحدّث عن آبائه عليهم السلام أنّ مريضا شديد الحمّى عاده الحسين عليه السلام، فلمّا دخل من باب الدار طارت الحمّى عن الرجل، فقال الرجل: رضيت بما اوتيتم [به] 2310 حقّا، و الحمّى تهرب منكم.
فقال الحسين عليه السلام: و اللّه ما خلق اللّه شيئا إلّا و قد أمره بالطاعة لنا.
قال: فإذا نحن نسمع الصوت و لا نرى الشخص يقول: لبّيك.
قال: أ ليس أمير المؤمنين أمرك ألّا تقربي إلّا عدوّا لنا أو مذنبا لكي تكوني كفّارة لذنوبه، [فما بال هذا] 2311 ؟ و كان المريض عبد اللّه بن شدّاد الليثي. 2312 تهذيب الأحكام 2313 : [قال أبو عبد اللّه عليه السلام:] 2314 إنّ امرأة كانت
تطوف و خلفها رجل فأخرجت ذراعها، فمال بيده حتى وضعها على ذراعها فبقيت 2315 يده في ذراعها حتى قطع الطواف، فأرسل إلى الأمير و اجتمع الناس، و ارسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون: اقطع يده فهو الّذي جنى الجناية.
فقال: هاهنا أحد 2316 من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
فقالوا: نعم، الحسين بن عليّ عليه السلام قدم الليلة، فأرسل إليه فدعاه، فقال: انظر ما لقي هذان، فاستقبل الكعبة و رفع يديه و مكث طويلا يدعو، ثمّ جاء إليهما حتى تخلّصت يده من يدها، فقال الأمير: ألّا نعاقبه بما صنع؟
قال: لا 2317 .
[في إنطاق الحسين عليه السلام الطفل الرضيع]
صفوان بن مهران: قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين عليه السلام في امرأة و ولدها، فقال واحد: هذا لي، و قال الآخر: هو لي، فمرّ بهما الحسين عليه السلام فقال لهما: فيما تمرجان؟
قال أحدهما: إنّ هذه الامرأة لي.
و قال الآخر: بل الولد و الامرأة لي.
فقال للمدّعي الأوّل: اقعد، فقعد، و كان الغلام رضيعا، فقال الحسين عليه السلام: يا هذه، اصدقي من قبل أن يهتك اللّه سترك.
فقالت: هذا زوجي، و الولد له، و لا أعرف هذا.
فقال عليه السلام للغلام: انطق بإذن اللّه.
فقال الغلام: ما أنا لهذا، و لا لهذا، و ما أبي إلّا راعي لآل فلان. فأمر عليه السلام برجمها.
قال جعفر عليه السلام 2318 : فلم يسمع أحد انّ غلاما نطق بعدها 2319 .
[أنّ الحسين عليه السلام أرى الأصبغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام]
الأصبغ بن نباتة: قال: سألت الحسين عليه السلام، فقلت: يا سيّدي، أسألك عن شيء أنا به موقن، و إنّه من سرّ اللّه و أنت المسرور إليه ذلك السرّ.
فقال: يا أصبغ، أ تريد أن ترى مخاطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي دون 2320 يوم مسجد قبا؟
قلت: هو الّذي أردت.
قال: قم، فإذا أنا و هو بالكوفة، فنظرت فإذا أنا بالمسجد من قبل أن يرتدّ إليّ بصري، فتبسّم في وجهي، ثمّ قال: يا أصبغ، إنّ سليمان عليه السلام اعطي الريح غدوّها شهر و رواحها شهر، و أنا قد اعطيت أكثر ممّا اعطي.
فقلت: صدقت و اللّه يا ابن رسول اللّه.
فقال: نحن الّذين عندنا علم الكتاب و بيان ما فيه، و ليس عند أحد من خلقه ما عندنا لأنّنا أهل سرّ اللّه، ثمّ تبسّم في وجهي، ثمّ قال: نحن آل اللّه، و ورثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.