کتابخانه روایات شیعه
تطوف و خلفها رجل فأخرجت ذراعها، فمال بيده حتى وضعها على ذراعها فبقيت 2315 يده في ذراعها حتى قطع الطواف، فأرسل إلى الأمير و اجتمع الناس، و ارسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون: اقطع يده فهو الّذي جنى الجناية.
فقال: هاهنا أحد 2316 من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
فقالوا: نعم، الحسين بن عليّ عليه السلام قدم الليلة، فأرسل إليه فدعاه، فقال: انظر ما لقي هذان، فاستقبل الكعبة و رفع يديه و مكث طويلا يدعو، ثمّ جاء إليهما حتى تخلّصت يده من يدها، فقال الأمير: ألّا نعاقبه بما صنع؟
قال: لا 2317 .
[في إنطاق الحسين عليه السلام الطفل الرضيع]
صفوان بن مهران: قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين عليه السلام في امرأة و ولدها، فقال واحد: هذا لي، و قال الآخر: هو لي، فمرّ بهما الحسين عليه السلام فقال لهما: فيما تمرجان؟
قال أحدهما: إنّ هذه الامرأة لي.
و قال الآخر: بل الولد و الامرأة لي.
فقال للمدّعي الأوّل: اقعد، فقعد، و كان الغلام رضيعا، فقال الحسين عليه السلام: يا هذه، اصدقي من قبل أن يهتك اللّه سترك.
فقالت: هذا زوجي، و الولد له، و لا أعرف هذا.
فقال عليه السلام للغلام: انطق بإذن اللّه.
فقال الغلام: ما أنا لهذا، و لا لهذا، و ما أبي إلّا راعي لآل فلان. فأمر عليه السلام برجمها.
قال جعفر عليه السلام 2318 : فلم يسمع أحد انّ غلاما نطق بعدها 2319 .
[أنّ الحسين عليه السلام أرى الأصبغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام]
الأصبغ بن نباتة: قال: سألت الحسين عليه السلام، فقلت: يا سيّدي، أسألك عن شيء أنا به موقن، و إنّه من سرّ اللّه و أنت المسرور إليه ذلك السرّ.
فقال: يا أصبغ، أ تريد أن ترى مخاطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي دون 2320 يوم مسجد قبا؟
قلت: هو الّذي أردت.
قال: قم، فإذا أنا و هو بالكوفة، فنظرت فإذا أنا بالمسجد من قبل أن يرتدّ إليّ بصري، فتبسّم في وجهي، ثمّ قال: يا أصبغ، إنّ سليمان عليه السلام اعطي الريح غدوّها شهر و رواحها شهر، و أنا قد اعطيت أكثر ممّا اعطي.
فقلت: صدقت و اللّه يا ابن رسول اللّه.
فقال: نحن الّذين عندنا علم الكتاب و بيان ما فيه، و ليس عند أحد من خلقه ما عندنا لأنّنا أهل سرّ اللّه، ثمّ تبسّم في وجهي، ثمّ قال: نحن آل اللّه، و ورثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
فقلت: الحمد للّه على ذلك، ثمّ قال: ادخل، فدخلت فإذا أنا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مختبئ في المحراب بردائه، فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين
عليه السلام قابض على تلابيب الأعسر 2321 ، فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعضّ على الأنامل و هو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت و أصحابك، عليكم لعنة اللّه و لعنتي، الخبر 2322 .
كتاب الإبانة: قال بشر بن عاصم: سمعت ابن الزبير يقول: قلت للحسين عليه السلام: إنّك تذهب إلى قوم قتلوا أباك، و خذلوا أخاك! فقال عليه السلام: لإن اقتل في موضع كذا و كذا أحبّ إليّ من أن يستحلّ بي مكّة، عرّض به عليه السلام.
[أنّ جبرئيل عليه السلام كان يدعو لبيعة الحسين عليه السلام، و أنّ أصحابه لم ينقصوا و لم يزيدوا رجلا]
كتاب التخريج: عن العامريّ بالإسناد عن هبيرة بن مريم 2323 ، عن ابن عبّاس، قال: رأيت الحسين عليه السلام قبل أن يتوجّه إلى العراق على باب الكعبة و كفّ جبرئيل في كفّه، و جبرئيل ينادي: هلمّوا إلى بيعة اللّه سبحانه.
و عنّف ابن عبّاس على تركه الحسين عليه السلام، فقال: إنّ أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا و لم يزيدوا رجلا، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم.
و قال محمد بن الحنفيّة: و إنّ أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم 2324 .
فصل في مكارم أخلاقه عليه السلام
سأل رجل الحسين 2325 عليه السلام حاجة، فقال صلوات اللّه عليه: يا هذا، سؤالك إيّاي يعظم لديّ، و معرفتي بما يجب لك يكبر عليّ، و يدي تعجز عن نيلك ممّا أنت أهله، و الكثير في ذات اللّه قليل، و ما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور دفعت عنّي مئونة 2326 الاحتيال لك، و الاهتمام لما أتكلّف من واجب حقّك.
فقال الرجل: يا ابن رسول اللّه، أقبل [اليسير] 2327 ، و أشكر العطيّة، و أعذر على المنع، فدعا الحسين عليه السلام بوكيله و جعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها، ثمّ قال: هات الفاضل من الثلاثمائة ألف، فأحضر خمسين ألفا من الدراهم. فقال: ما فعلت الخمسمائة دينار؟
قال: هي عندي.
قال: احضرها، فدفع الدراهم و الدنانير إلى الرجل، فقال: هات من
يحمل معك هذا المال، فأتاه بالحمّالين، فدفع الحسين إليهم رداءه لكراء حملهم حتى حملوه معه، فقال مولى له: و اللّه لم يبق عندنا درهم واحد.
قال: لكنّي أرجو أن يكون لي بفعلي هذا عند اللّه أجر عظيم 2328 .
قيل: خرج الحسن عليه السلام في سفر فأضلّ طريقه ليلا، فمرّ براعي غنم فنزل عنده و ألطفه و بات عنده، فلمّا أصبح دلّه على الطريق، فقال له الحسن عليه السلام: إنّي ماض إلى ضيعتي 2329 ، ثمّ أعود إلى المدينة، و وقّت له وقتا قال:
تأتيني فيه، فلمّا جاء الوقت شغل الحسن بشيء من اموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي و كان عبدا لرجل من أهل المدينة فصار إلى أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام و هو يظنّه الحسن، فقال: يا مولاي، أنا العبد الّذي بتّ عندي ليلة كذا و أمرتني 2330 أن أصير إليك في هذا الوقت، و أراه علامات عرف الحسين عليه السلام انّه كان الحسن عليه السلام.
فقال الحسين عليه السلام: لمن أنت؟
فقال: لفلان.
قال: كم غنمك؟
قال: ثلاثمائة.
فأرسل عليه السلام إلى الرجل فرغّبه حتى باعه الغنم و العبد فأعتقه و وهب له الغنم مكافأة عمّا صنع بأخيه، و قال: إنّ الّذي بات عندك أخي و قد كافيتك بفعلك به 2331 .
و روى الحسن البصري: قال: كان الحسين سيدا، زاهدا، ورعا، صالحا، ناصحا، حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستان له و كان في ذلك البستان غلام له يقال له صافي، فلمّا قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا، فنظر الحسين إليه و جلس مستترا ببعض النخل، فكان الغلام يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب و يأكل نصفه، فتعجّب الحسين عليه السلام من فعل الغلام، فلمّا فرغ من الأكل قال: الحمد للّه ربّ العالمين. اللّهمّ اغفر لي و لسيّدي و بارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين.
فقام الحسين عليه السلام و قال: يا صافي، فقام الغلام فزعا، فقال:
يا سيّدي و سيّد المؤمنين إلى يوم القيامة، إنّي ما رأيتك فاعف عنّي.
فقال الحسين عليه السلام: اجعلني في حلّ يا صافي لأنّي دخلت بستانك بغير إذنك.
فقال صافي: يا سيّدي، بفضلك و كرمك و سؤددك تقول هذا.
فقال الحسين عليه السلام: إنّي رأيتك ترمي بنصف الرغيف إلى الكلب و تأكل نصفه، فما معنى ذلك؟
فقال الغلام: إنّ [هذا] 2332 الكلب ينظر إليّ حين أكلي، فإنّي أستحي منه يا
سيّدي لنظره إليّ، و هذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء، و أنا عبدك و هذا كلبك نأكل من رزقك معا.
فبكى الحسين عليه السلام و قال: إن كان كذلك فأنت عتيق للّه و وهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي.
فقال الغلام: إن أعتقتني للّه فإنّي اريد القيام ببستانك.
فقال الحسين: إنّ الكريم 2333 إذا تكلّم بالكلام ينبغي له أن يصدقه بالفعل، و أنا قلت حين دخلت البستان: اجعلني في حلّ فإنّي دخلت بستانك بغير إذنك، فصدقت قولي، و وهبت البستان لك بما فيه، غير أنّ أصحابي هؤلاء جاءوا لأكل الثمار و الرطب فاجعلهم أضيافا لك، و أكرمهم لأجلي أكرمك اللّه يوم القيامة و بارك لك في حسن خلقك و أدبك.
فقال الغلام: إن كنت أوهبت لي بستانك فإنّي قد سبّلته لأصحابك و شيعتك.
قال الحسن البصري: فينبغي للمؤمن أن يكون في الفعال كنافلة 2334 رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 2335 .