کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
قال: إنّي قتلت ابن عمّ لي و قد طولبت بالدية، و قد قصدتك في دية مسلّمة إلى أهلها.
قال: أقصدت أحدا قبلي؟
قال: نعم، قال: قصدت عتبة بن أبي سفيان فناولني خمسين دينارا، فرددتها عليه، و قلت: لأقصدنّ خيرا منك و أكرم.
فقال عتبة: و من خير منّي و أكرم لا أمّ لك؟ فقلت: الحسين و عبد اللّه بن جعفر 2336 ، و قد أتيتك بدءا لتقيم بها عمود ظهري و تردّني إلى أهلي.
فقال الحسين عليه السلام: يا أعرابي، إنّا قوم نعطي المعروف على قدر المعرفة.
فقال: سل، يا ابن رسول اللّه.
فقال الحسين: ما النجاة من الهلكة؟
قال: التوكّل على اللّه.
فقال: ما أوفى للهمّة؟
فقال: الثقة باللّه.
فقال: ما أحصن ما يتحصّن به العبد؟
قال: بحبّكم أهل البيت.
قال: ما أزين ما يتزيّن به العبد؟
قال: علم يزيّنه حلم.
قال: فإن أخطأه ذلك.
قال: عقل يزيّنه تقى.
قال: فإن أخطأه ذلك.
قال: سخاء يزيّنه خلق حسن.
قال: فإن أخطأه ذلك.
قال: شجاعة يزيّنها ترك العجب.
قال: فإن أخطأه ذلك.
قال: و اللّه يا ابن رسول اللّه إن أخطأ المرء هذه الخصال فالموت أنسب به من الحياة.
و في رواية أنّه قال: فصاعقة تنزل عليه من السماء فتحرقه.
فضحك الحسين عليه السلام و أمر بعشرة آلاف درهم له و قال: هذا قضاء ديتك الّتي وجبت عليك، و عشرة آلاف اخرى ترمّ 2337 بها معيشتك، فأخذ الجميع الأعرابي و أنشأ يقول:
طربت و ما هاج بي 2338 مقلق
و ما بي سقام و لا معشق 2339
و لكن طربت لآل الرسول
فهاج بي 2340 الشعر و المنطق
هم الأكرمون هم الأنجبون
نجوم السماء بهم تشرق
فأنت الامام 2341 و بدر الظلام
و معطي الأنام إذا أملقوا
سبقت الأنام إلى المكرمات
فأنت الجواد فلا تلحق 2342
أبوك الّذي فاز بالمكرمات
فقصّر عن سبقه السبّق
بكم فتح اللّه باب الرشاد 2343
و باب الضلال بكم مغلق 2344
فصل فيما جاء في فضله عليه السلام من الأحاديث المسندة
[إخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باستشهاد الحسين عليه السلام]
روي بحذف الإسناد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال يوما لأمّ سلمة: اجلسي على الباب فلا يلجنّ عليّ أحد.
قال: فجاء الحسين عليه السلام و هو وحف 2345 ، قالت: فذهبت أتناوله فسبقني، فلمّا طال عليّ خفت أن يكون قد وجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ شيئا، فتطلّعت من الباب فوجدته يقلّب بكفّيه شيئا و الصبيّ نائم على بطنه و دموعه تسيل، فأمرني أن أدخل، فدخلت و قلت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك، إنّ ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني، فلمّا طال عليّ خفت أن تكون وجدت في نفسك عليّ شيئا، فتطلّعت من الباب فوجدتك تقلّب بكفّيك شيئا و دموعك تسيل و الصبيّ نائم على بطنك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل أتاني بهذه التربة الّتي يقتل عليها ابني، و أخبرني إنّ أمّتي تقتله 2346 .
و في رواية اخرى: عن أمّ الفضل بنت الحارث أنّها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالت: يا رسول اللّه، إنّي رأيت حلما منكرا الليلة.
قال: و ما هو؟
قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأيت خيرا، تلد فاطمة إن شاء اللّه غلاما فيكون في حجرك.
فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فكان في حجري كما قال صلّى اللّه عليه و آله، فدخلت يوما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضعته في حجره، ثمّ حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تهرقان بالدموع، فقلت: يا نبيّ اللّه، بأبي أنت و امّي مالك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني جبرئيل و أخبرني إنّ أمّتي ستقتل ابني هذا.
فقلت: هذا؟
فقال: نعم، و أتاني بتربة من تربته حمراء 2347 .
و في رواية أمّ سلمة: أخبرني جبرائيل إنّ أمّتي ستقتله بأرض العراق.
فقلت: يا جبرائيل، أرني تربة الأرض الّتي يقتل بها، فأراني 2348 ، فهذه
تربتها 2349 .
و عن ابن عبّاس: قال: ما كنّا نشكّ و أهل البيت متوافدون على أنّ الحسين عليه السلام يقتل بالطفّ 2350 .
روي بالاسناد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: هبط عليّ جبرائيل عليه السلام في قبيل من الملائكة قد نشروا أجنحتهم يبكون حزنا على الحسين، و جبرائيل معه قبضة من تربة الحسين عليه السلام تفوح مسكا أذفر، فدفعها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قال: يا حبيب اللّه، هذه تربة ولدك الحسين عليه السلام و سيقتله اللعناء بأرض يقال لها كربلاء.
قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبيبي جبرائيل، و هل تفلح أمّة تقتل فرخي و فرخ ابنتي؟
فقال: لا، بل يضربهم اللّه بالاختلاف، فتختلف قلوبهم و ألسنتهم آخر الدهر.
و قال شرحبيل بن أبي عون: إنّ الملك الّذي جاء إلى النبيّ إنّما كان ملك البحار، و ذلك انّ ملكا من ملائكة الفردوس 2351 نزل إلى البحر الأعظم، ثمّ نشر أجنحته و صاح صيحة، و قال في صيحته: يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن فإنّ فرخ محمد مقتول مذبوح، ثمّ جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا حبيب اللّه، تقتتل على هذه الأرض [فرقتان؛] 2352 فرقة من أمّتك ظالمة معتدية
فاسقة يقتلون فرخك الحسين بن بنتك بأرض كرب و بلاء، و هذه تربته.
قال: ثمّ ناوله قبضة من أرض كربلاء و قال: تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك، ثمّ حمل ذلك الملك من تربة [الحسين في بعض أجنحته فلم يبق ملك في سماء الدنيا إلّا شمّ تلك التربة] 2353 و صار لها عنده أثر و خبر.
قال: ثمّ أخذ النبيّ تلك القبضة الّتي جاء بها الملك فشمّها و هو يبكي و يقول في بكائه: اللّهمّ لا تبارك في قاتل الحسين ولدي، و أصله نار جهنّم، ثمّ دفع القبضة إلى أمّ سلمة و أخبرها بمقتل الحسين عليه السلام على شاطئ الفرات و قال: يا أمّ سلمة، خذي هذه التربة إليك فإنّها إذا تغيّرت و تحوّلت دما عبيطا فعند ذلك يقتل ولدي الحسين، فلمّا أتى على الحسين سنة كاملة من مولده هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنا عشر ملكا أحدهم على صورة الأسد، و الثاني على صورة الثور، و الثالث على صورة التنين، و الرابع على صورة بني 2354 آدم، و الثمانية الباقية 2355 على صور شتّى محمرّة وجوههم قد نشروا أجنحتهم، يقولون: يا محمد، إنّه سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل 2356 .