کتابخانه روایات شیعه
فصل فيما جاء في فضله عليه السلام من الأحاديث المسندة
[إخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باستشهاد الحسين عليه السلام]
روي بحذف الإسناد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال يوما لأمّ سلمة: اجلسي على الباب فلا يلجنّ عليّ أحد.
قال: فجاء الحسين عليه السلام و هو وحف 2345 ، قالت: فذهبت أتناوله فسبقني، فلمّا طال عليّ خفت أن يكون قد وجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ شيئا، فتطلّعت من الباب فوجدته يقلّب بكفّيه شيئا و الصبيّ نائم على بطنه و دموعه تسيل، فأمرني أن أدخل، فدخلت و قلت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك، إنّ ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني، فلمّا طال عليّ خفت أن تكون وجدت في نفسك عليّ شيئا، فتطلّعت من الباب فوجدتك تقلّب بكفّيك شيئا و دموعك تسيل و الصبيّ نائم على بطنك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل أتاني بهذه التربة الّتي يقتل عليها ابني، و أخبرني إنّ أمّتي تقتله 2346 .
و في رواية اخرى: عن أمّ الفضل بنت الحارث أنّها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالت: يا رسول اللّه، إنّي رأيت حلما منكرا الليلة.
قال: و ما هو؟
قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأيت خيرا، تلد فاطمة إن شاء اللّه غلاما فيكون في حجرك.
فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فكان في حجري كما قال صلّى اللّه عليه و آله، فدخلت يوما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضعته في حجره، ثمّ حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تهرقان بالدموع، فقلت: يا نبيّ اللّه، بأبي أنت و امّي مالك.
فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني جبرئيل و أخبرني إنّ أمّتي ستقتل ابني هذا.
فقلت: هذا؟
فقال: نعم، و أتاني بتربة من تربته حمراء 2347 .
و في رواية أمّ سلمة: أخبرني جبرائيل إنّ أمّتي ستقتله بأرض العراق.
فقلت: يا جبرائيل، أرني تربة الأرض الّتي يقتل بها، فأراني 2348 ، فهذه
تربتها 2349 .
و عن ابن عبّاس: قال: ما كنّا نشكّ و أهل البيت متوافدون على أنّ الحسين عليه السلام يقتل بالطفّ 2350 .
روي بالاسناد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: هبط عليّ جبرائيل عليه السلام في قبيل من الملائكة قد نشروا أجنحتهم يبكون حزنا على الحسين، و جبرائيل معه قبضة من تربة الحسين عليه السلام تفوح مسكا أذفر، فدفعها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قال: يا حبيب اللّه، هذه تربة ولدك الحسين عليه السلام و سيقتله اللعناء بأرض يقال لها كربلاء.
قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبيبي جبرائيل، و هل تفلح أمّة تقتل فرخي و فرخ ابنتي؟
فقال: لا، بل يضربهم اللّه بالاختلاف، فتختلف قلوبهم و ألسنتهم آخر الدهر.
و قال شرحبيل بن أبي عون: إنّ الملك الّذي جاء إلى النبيّ إنّما كان ملك البحار، و ذلك انّ ملكا من ملائكة الفردوس 2351 نزل إلى البحر الأعظم، ثمّ نشر أجنحته و صاح صيحة، و قال في صيحته: يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن فإنّ فرخ محمد مقتول مذبوح، ثمّ جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا حبيب اللّه، تقتتل على هذه الأرض [فرقتان؛] 2352 فرقة من أمّتك ظالمة معتدية
فاسقة يقتلون فرخك الحسين بن بنتك بأرض كرب و بلاء، و هذه تربته.
قال: ثمّ ناوله قبضة من أرض كربلاء و قال: تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك، ثمّ حمل ذلك الملك من تربة [الحسين في بعض أجنحته فلم يبق ملك في سماء الدنيا إلّا شمّ تلك التربة] 2353 و صار لها عنده أثر و خبر.
قال: ثمّ أخذ النبيّ تلك القبضة الّتي جاء بها الملك فشمّها و هو يبكي و يقول في بكائه: اللّهمّ لا تبارك في قاتل الحسين ولدي، و أصله نار جهنّم، ثمّ دفع القبضة إلى أمّ سلمة و أخبرها بمقتل الحسين عليه السلام على شاطئ الفرات و قال: يا أمّ سلمة، خذي هذه التربة إليك فإنّها إذا تغيّرت و تحوّلت دما عبيطا فعند ذلك يقتل ولدي الحسين، فلمّا أتى على الحسين سنة كاملة من مولده هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنا عشر ملكا أحدهم على صورة الأسد، و الثاني على صورة الثور، و الثالث على صورة التنين، و الرابع على صورة بني 2354 آدم، و الثمانية الباقية 2355 على صور شتّى محمرّة وجوههم قد نشروا أجنحتهم، يقولون: يا محمد، إنّه سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل 2356 .
قال: و لم يبق في السماء ملك إلّا نزل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ يعزّيه بالحسين عليه السلام و يخبره بثواب ما يعطى، و يعرض عليه تربته،
و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: اللّهمّ اخذل من خذله، و اقتل من قتله، و لا تمتّعه بما طلبه.
قال المسور بن مخرمة: و لقد أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ملك من ملائكة الصفيح الأعلى لم ينزل إلى الأرض منذ خلق اللّه الدنيا، و إنّما استأذن ذلك الملك ربّه و نزل شوقا منه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا نزل إلى الأرض أوحى اللّه سبحانه إليه أن اخبر محمدا بأنّ رجلا من امّته يقال له يزيد لعنه اللّه تعالى يقتل فرخه الطاهر ابن الطاهرة نظيرة البتول مريم.
قال: فقال الملك: إلهي و سيّدي، لقد نزلت من السماء و أنا مسرور بنزولي إلى نبيّك محمد، فكيف أخبره بهذا الخبر؟! ليتني لم أنزل عليه، فنودي الملك من فوق رأسه: أن امض لما امرت، فجاء و قد نشر أجنحته [حتى وقف] 2357 بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: السلام عليك يا حبيب اللّه، إنّي استأذنت ربّي في النزول إليك فأذن لي، فليت ربّي دقّ جناحي و لم آتك بهذا الخبر، و لكنّي مأمور، يا نبيّ اللّه، اعلم أنّ رجلا من أمّتك يقال له يزيد زاده اللّه عذابا، يقتل فرخك الطاهر ابن فرختك الطاهرة نظيرة البتول مريم، و لم يتمتّع بعد ولدك، و سيأخذه اللّه معاوضة على أسوأ عمله، فيكون من أصحاب النار.
قال: فلمّا أتى على الحسين سنتان كاملتان خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر، فلمّا كان 2358 ببعض الطريق وقف و استرجع و دمعت عيناه، فسئل عن ذلك، فقال: هذا جبرائيل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها
كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة.
فقيل: من يقتله، يا رسول اللّه؟
قال: رجل يقال له يزيد، لا بارك اللّه له في نفسه، و كأنّي أنظر إلى مصرعه و مدفنه بها و قد اهدي رأسه، ما ينظر أحد إلى رأس الحسين ولدي فيفرح إلّا خالف اللّه بين قلبه و لسانه، يعني ليس في قلبه ما يقول 2359 بلسانه من الشهادة.
قال: ثمّ رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سفره ذلك مغموما، ثمّ صعد المنبر فخطب و وعظ الناس، و الحسن و الحسين بين يديه، فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن، و اليسرى على رأس الحسين عليهما السلام، ثمّ رفع رأسه إلى السماء، فقال: اللّهمّ إنّي محمد عبدك و نبيّك، و هذان أطائب عترتي، و خيار ذرّيّتي و أرومتي و من اخلفهما 2360 في أمّتي.
اللّهمّ و قد أخبرني جبرائيل بأنّ ولدي هذا مخذول مقتول.
اللّهمّ بارك لي في قتله، و اجعله من سادات الشهداء، إنّك على كلّ شيء قدير.
اللّهمّ و لا تبارك في قاتله و خاذله.
قال: فضجّ الناس بالبكاء في المسجد، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
أ تبكون و لا تنصرونه؟ اللّهمّ فكن أنت له وليّا و ناصرا.
قال ابن عبّاس: خرج 2361 النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر قبل موته بأيّام
يسيرة، ثمّ رجع و هو متغيّر اللون محمرّ الوجه، فخطب خطبة بليغة موجزة و عيناه تهملان دموعا، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّي قد خلّفت فيكم الثقلين؛ كتاب اللّه و عترتي و أرومتي و مراح قلبي و ثمرتي، لم 2362 يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، ألا و إنّي أنتظرهما، ألا و إنّي لا أسألكم في ذلك إلّا ما أمرني ربّي، إنّي أسألكم المودّة في القربى، فانظروا لا تلقوني غدا على الحوض و قد أبغضتم عترتي و ظلمتموهم، ألا و إنّه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الامّة: راية سوداء مظلمة فتقف عليّ فأقول: من أنتم؟ فينسون ذكري و يقولون: نحن أهل التوحيد من العرب، فأقول: أنا أحمد نبيّ العرب و العجم، فيقولون: نحن من أمّتك، فأقول: كيف خلّفتموني في أهلي و عترتي من بعدي و كتاب ربّي؟ فيقولون: أمّا الكتاب فضيّعنا و مزّقنا، و أمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم 2363 عن جديد الأرض، فأولّي وجهي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.
ثمّ ترد عليّ راية اخرى أشدّ سوادا من الاولى [فأقول لهم: من أنتم؟] 2364 فيقولون كالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني، و قالوا: نحن أمّتك، فأقول: كيف خلّفتموني في الثقلين الأكبر و الأصغر؟
فيقولون: أمّا الأكبر فخالفنا، و أمّا الأصغر فخذلنا، وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ 2365 ، فأقول لهم: إليكم عنّي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.