کتابخانه روایات شیعه
فاسقة يقتلون فرخك الحسين بن بنتك بأرض كرب و بلاء، و هذه تربته.
قال: ثمّ ناوله قبضة من أرض كربلاء و قال: تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك، ثمّ حمل ذلك الملك من تربة [الحسين في بعض أجنحته فلم يبق ملك في سماء الدنيا إلّا شمّ تلك التربة] 2353 و صار لها عنده أثر و خبر.
قال: ثمّ أخذ النبيّ تلك القبضة الّتي جاء بها الملك فشمّها و هو يبكي و يقول في بكائه: اللّهمّ لا تبارك في قاتل الحسين ولدي، و أصله نار جهنّم، ثمّ دفع القبضة إلى أمّ سلمة و أخبرها بمقتل الحسين عليه السلام على شاطئ الفرات و قال: يا أمّ سلمة، خذي هذه التربة إليك فإنّها إذا تغيّرت و تحوّلت دما عبيطا فعند ذلك يقتل ولدي الحسين، فلمّا أتى على الحسين سنة كاملة من مولده هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنا عشر ملكا أحدهم على صورة الأسد، و الثاني على صورة الثور، و الثالث على صورة التنين، و الرابع على صورة بني 2354 آدم، و الثمانية الباقية 2355 على صور شتّى محمرّة وجوههم قد نشروا أجنحتهم، يقولون: يا محمد، إنّه سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل 2356 .
قال: و لم يبق في السماء ملك إلّا نزل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ يعزّيه بالحسين عليه السلام و يخبره بثواب ما يعطى، و يعرض عليه تربته،
و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: اللّهمّ اخذل من خذله، و اقتل من قتله، و لا تمتّعه بما طلبه.
قال المسور بن مخرمة: و لقد أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ملك من ملائكة الصفيح الأعلى لم ينزل إلى الأرض منذ خلق اللّه الدنيا، و إنّما استأذن ذلك الملك ربّه و نزل شوقا منه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا نزل إلى الأرض أوحى اللّه سبحانه إليه أن اخبر محمدا بأنّ رجلا من امّته يقال له يزيد لعنه اللّه تعالى يقتل فرخه الطاهر ابن الطاهرة نظيرة البتول مريم.
قال: فقال الملك: إلهي و سيّدي، لقد نزلت من السماء و أنا مسرور بنزولي إلى نبيّك محمد، فكيف أخبره بهذا الخبر؟! ليتني لم أنزل عليه، فنودي الملك من فوق رأسه: أن امض لما امرت، فجاء و قد نشر أجنحته [حتى وقف] 2357 بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: السلام عليك يا حبيب اللّه، إنّي استأذنت ربّي في النزول إليك فأذن لي، فليت ربّي دقّ جناحي و لم آتك بهذا الخبر، و لكنّي مأمور، يا نبيّ اللّه، اعلم أنّ رجلا من أمّتك يقال له يزيد زاده اللّه عذابا، يقتل فرخك الطاهر ابن فرختك الطاهرة نظيرة البتول مريم، و لم يتمتّع بعد ولدك، و سيأخذه اللّه معاوضة على أسوأ عمله، فيكون من أصحاب النار.
قال: فلمّا أتى على الحسين سنتان كاملتان خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر، فلمّا كان 2358 ببعض الطريق وقف و استرجع و دمعت عيناه، فسئل عن ذلك، فقال: هذا جبرائيل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها
كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة.
فقيل: من يقتله، يا رسول اللّه؟
قال: رجل يقال له يزيد، لا بارك اللّه له في نفسه، و كأنّي أنظر إلى مصرعه و مدفنه بها و قد اهدي رأسه، ما ينظر أحد إلى رأس الحسين ولدي فيفرح إلّا خالف اللّه بين قلبه و لسانه، يعني ليس في قلبه ما يقول 2359 بلسانه من الشهادة.
قال: ثمّ رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سفره ذلك مغموما، ثمّ صعد المنبر فخطب و وعظ الناس، و الحسن و الحسين بين يديه، فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن، و اليسرى على رأس الحسين عليهما السلام، ثمّ رفع رأسه إلى السماء، فقال: اللّهمّ إنّي محمد عبدك و نبيّك، و هذان أطائب عترتي، و خيار ذرّيّتي و أرومتي و من اخلفهما 2360 في أمّتي.
اللّهمّ و قد أخبرني جبرائيل بأنّ ولدي هذا مخذول مقتول.
اللّهمّ بارك لي في قتله، و اجعله من سادات الشهداء، إنّك على كلّ شيء قدير.
اللّهمّ و لا تبارك في قاتله و خاذله.
قال: فضجّ الناس بالبكاء في المسجد، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
أ تبكون و لا تنصرونه؟ اللّهمّ فكن أنت له وليّا و ناصرا.
قال ابن عبّاس: خرج 2361 النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر قبل موته بأيّام
يسيرة، ثمّ رجع و هو متغيّر اللون محمرّ الوجه، فخطب خطبة بليغة موجزة و عيناه تهملان دموعا، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّي قد خلّفت فيكم الثقلين؛ كتاب اللّه و عترتي و أرومتي و مراح قلبي و ثمرتي، لم 2362 يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، ألا و إنّي أنتظرهما، ألا و إنّي لا أسألكم في ذلك إلّا ما أمرني ربّي، إنّي أسألكم المودّة في القربى، فانظروا لا تلقوني غدا على الحوض و قد أبغضتم عترتي و ظلمتموهم، ألا و إنّه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الامّة: راية سوداء مظلمة فتقف عليّ فأقول: من أنتم؟ فينسون ذكري و يقولون: نحن أهل التوحيد من العرب، فأقول: أنا أحمد نبيّ العرب و العجم، فيقولون: نحن من أمّتك، فأقول: كيف خلّفتموني في أهلي و عترتي من بعدي و كتاب ربّي؟ فيقولون: أمّا الكتاب فضيّعنا و مزّقنا، و أمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم 2363 عن جديد الأرض، فأولّي وجهي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.
ثمّ ترد عليّ راية اخرى أشدّ سوادا من الاولى [فأقول لهم: من أنتم؟] 2364 فيقولون كالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني، و قالوا: نحن أمّتك، فأقول: كيف خلّفتموني في الثقلين الأكبر و الأصغر؟
فيقولون: أمّا الأكبر فخالفنا، و أمّا الأصغر فخذلنا، وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ 2365 ، فأقول لهم: إليكم عنّي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.
ثمّ ترد عليّ راية اخرى تلمع نورا، فأقول: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل
كلمة التوحيد و التقوى، نحن أمّة محمد، و نحن بقيّة أهل الحقّ الّذين حملنا كتاب اللّه ربّنا فحلّلنا حلاله، و حرّمنا حرامه، و أحببنا ذرّيّة محمد فنصرناهم من كلّ ما نصرنا [به] 2366 أنفسنا، و قاتلنا معهم، و قتلنا من ناواهم، فأقول لهم:
أبشروا، فأنا نبيّكم محمد، و لقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثمّ أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء.
ألا و إنّ جبرئيل قد أخبرني بأنّ أمّتي تقتل ولدي الحسين بأرض كربلاء، ألا فلعنة اللّه على قاتله و خاذله آخر الدهر.
قال: ثمّ نزل عن المنبر و لم يبق أحد من المهاجرين و الأنصار إلّا و تيقّن بأنّ الحسين عليه السلام مقتول.
[إخبار الحسن عليه السلام و كعب الأحبار باستشهاد الحسين عليه السلام]
و لمّا لسلم كعب الأحبار و قدم المدينة جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم الّتي تكون في آخر الزمان و كعب يخبرهم بأنواع الملاحم و الفتن ثمّ قال كعب: نعم، و أعظمها فتنة و ملحمة هي الملحمة الّتي لا تنسى أبدا، و هو الفساد الّذي ذكره اللّه سبحانه في الكتب، و قد ذكره في كتابكم بقوله: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ 2367 و إنّما فتح بقتل هابيل، و يختم بقتل الحسين عليه السلام 2368 .
روى عبد اللّه [بن عبد اللّه] 2369 بن الأصمّ، عن عمّه يزيد بن الأصمّ قال:
خرجت مع الحسن من الحمّام، فبينا هو جالس إذ أتته إضبارة من الكتب، فما
نظر في شيء منها حتى دعا الخادم بإحضار مخضب فيه ماء، ثمّ دلكها 2370 ، فقلت: يا أبا محمد، من أين هذه الكتب؟
فقال: من العراق، من عند قوم لا يقصرون عن باطل، و لا يرجعون إلى حقّ، ثمّ قال: إنّي لست أخشاهم على نفسي و لكن أخشاهم على ذاك- و أشار إلى الحسين عليه السلام-.
[إخبار أمير المؤمنين و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باستشهاد الحسين عليهما السلام]
و عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه: قال: أخذ بيدي عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا عبد اللّه بن عبّاس، كيف بك إذا قتلنا، و ولغت الفتنة في أولادنا، و سبيت ذرارينا و نساؤنا كما تسبى الأعاجم؟
قلت: اعيذك باللّه يا أبا الحسن، يا ابن عمّ، لقد كلّمتني بشيء ساءني، و ما ظننت أنّه يكون، أ ما ترى الايمان ما أحسنه، و الاسلام ما أزينه؟ أ تراهم فاعلين ذلك؟ لعلّها غير هذه الامّة.
قال: لا و اللّه، بل هذه الامّة، فأمرض قلبي و ساءني و صرت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فخبرته على استحياء و خوف، و شاركتني في ذلك ميمونة و كأنّي اريدها بالحديث.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اللّه أكبر، من أخبرك بذلك؟
قلت: أخبرني به عليّ.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ائت عليّا فادعه، فإذا هو بالباب فدخل فأمره بالجلوس، فقال: حبيبي ما لي أراك متغيّر اللون؟
قال: خيرا يا رسول اللّه.
قال: لعلّك ذكرت أمرا فأحزنك؟
قال: قد كان ذلك.
قال: إنّ عبد اللّه قد حدّث عنك بما حدّث، فمن أين قلت؟ لقد أمرضت قلبي و أحزنتني.
قال: إنّ ابنتك فاطمة أخبرتني انّها رأت رؤيا أقلقتني عند ما قصّتها عليّ.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما هيأته؟ قال: أخبرتني انّ قائلا يقول لها: ستكون بعدك فتنة، و انّه يؤخذ منك ولدك و ولد ولدك فلو لا أنّ اللّه يريد ألّا يهلك العباد كلّهم لرجمهم كما رجم قوم لوط بالحجارة.