کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
يذيب تذكارهم قلبي و يجعله
دمعا يصاعده وجد و زفرات
سبعون عاما تقضّت صرت أحصرها
في عدّها لفناء عمري علامات
لم أستفد صالحا فيها و لا علقت
يدي بما فيه لي في الحشر منجات
سوى اعتصامي بمن في مدحهم نزلت
من المهيمن في التنزيل آيات
في سورة الدهر و الأحزاب فضلهم
مقامهم قصرت عنه المقامات
و في العقود من المجد الرفيع لهم
عقود مدح لها فيهم إشارات
ليوث حرب إذا نيرانها اضطرمت
غيوث جدب إذا ما عمّ أزمات
مطهّرون من الأرجاس إن وصفوا
منزّهون عن الأدناس سادات
هم المصابيح في جنح الدجا فلهم
فيه من اللّه بالاخلاص حالات
هم البحار إذا وازنت فضلهم
بها فعلمهم فيه زيادات
باعوا من اللّه أرواحا مطهّرة
أثمانها من جوار اللّه جنّات
يطاف منها عليهم في منازلهم
من الرحيق بأيدي الحور كاسات
ناداهم اللّه بالتعظيم إذ لهم
أرواح صدق سميعات مطيعات
أن ابذلوا أنفسا في طاعتي فلكم
ببذلها في جنان الخلد روضات
أجاب منهم لسان الحال انّ لنا
رضاك روح و ريحان و راحات
الخلد و الجنّة العليا و لذّتها
في جنب حبّك إيّانا حقيرات
أنت المراد و أنت السؤل قد صدقت
منّا لأمرك في الدنيا العزيمات
هذا الحسين الّذي وفّى ببيعته
للّه صدقا فوافته السعادات
نال المعالي ببذل النفس مجتهدا
لم تثنه من بني الدنيا خيالات
إن قيل في الناس من أعلى الورى نسبا
أومت إليه اصول هاشميّات
أعلى الورى حسبا أقواهم سببا
أزكاهم نسبا ما فيه شبهات
الجدّ أكرم مبعوث و والده
في اللّه كم كشفت منه ملمّات
حزني لما ناله لا ينقضي فإذا
ذكرته هاج بي للوجد حسرات
و ينثني الطرف منّي و الحشا لهما
في الخدّ و القلب عبرات و حرقات
لم أنسه في صعيد الطفّ منعفرا
قد أثخنته من القوم الجراحات
يشكو الاوام و يستسقي و ليس لعص
بة به أحدقت في اللّه رغبات
لهفي عليه تريب الخدّ قد قطعت
أوصاله من أكفّ القوم شفرات
أردوه في الترب تعفوه الرياح له
من الدماء سرابيل و خلعات
و صيّروا رأسه من فوق ذابلهم
كبدر تمّ به تجلى الدجنات
و سيّدات نساء العالمين لها
فوق الرحال لفرط الحزن أنّات
تساق و الصدر فيه من تألّمها
عقود دمع لها في الخدّ حبّات
يسترن منهنّ بالأيدي الوجوه و في
قلوبهنّ من التبريح جمرات
يندبن من كان كهف العائذين و من
في كفّه لذوي الحاجات نعمات
أو في الأنام فتى و فى ببيعته
و خير من ربحت منه التجارات
من عرّقت فيه أصلاب مطهّرة
من كلّ رجس و أرحام زكيّات
و امّهات و آباء علت شرفا
على السماك و أجداد و جدّات
إن عدّ علم و حكم كان فيه لهم
بالخطب و الحرب آراء و رايات
في حبّهم قدمي ما ان لثابتها
حتى اضطجاعي في لحدي مزلّات
أبكي لخطبهم بدل الدموع دما
كأنّني لعظيم الحزن مقلاة
إذا ذكرت ابن بنت المصطفى و به
قد أحدقت من جنود البغي ثلّات
و صار فيهم وحيدا لا نصير له
منهم و لا من له في الخير عادات
قوم بغاة شروا دين الضلالة بال
هدى فخابت لهم للخسر صفقات
فيا عيوني أذر في حزنا عليه لكي
تطفي سعيرا لها في القلب لدغات
إذا خبت زادها منّي رسيس جوى
يذيب ناحل جسمي منه نفحات
يا للرجال أ ما للحقّ من عصب
لها وفاء و آناف حميّات
تذبّ عن أهل بيت للأنام هم
نور به تنجلي عنهم مغمّات
قوم لهم نسب كالشمس في شرف
تزيّنه أوجه منهم نقيّات
البذل شيمتهم و المجد همّتهم
و الذكر فيه لهم فضل و مدحات
البيت يزهو إذا طافوا به و لهم
مجد به شرّفت منهم بيوتات
أخنى الزمان عليهم فانثنى و هم
في كربلا لسيوف البغي طعمات
اولي رءوس و أطراف مقطّعة
تقرأ عليها من اللّه التحيّات
نفسي الفدا لهم صرعى جسومهم
تسفي عليها من الأعصاب قترات
أرواحها فارقت أجسادها فلها
بذاك في دار عفو اللّه غرفات
حزني لنسوته حسرى مهتّكة
إلى يزيد بها تسري الحمولات
اولي وجوه لحرّ الشمس ضاحية
ما آن لها من هجير القيظ سترات
حتى إذا دخلوا شرّ البلاد على
شرّ العباد بدت منه المسرّات
و عاده عيد أفراح بمقدمهم
عليه أسرى و وافته البشارات
فأظهر الكفر و الإلحاد حينئذ
بقوله ليت أشياخي الاولى فاتوا
في يوم بدر رأوا فعلي و ما كسبت
يدي لطابت لهم بالصفو أوقات
و لا استهلّوا و قالوا يا يزيد لقد
بك انجلت من غموم الحزن كربات 2382
[إصابة معاوية باللقوة في وجهه]
و ذكر الامام أحمد بن أعثم الكوفي انّ معاوية لمّا حجّ حجّته الأخيرة ارتحل من مكّة، فلمّا صار بالأبواء و نزلها قام في جوف الليل لقضاء حاجته، فاطّلع في بئر الأبواء، فلمّا اطّلع فيها اقشعرّ جلده و أصابته اللقوة في وجهه، فأصبح و هو لما به مغموم، فدخل عليه الناس يعودونه، فدعوا له و خرجوا من عنده، و جعل معاوية يبكي لما قد نزل به.
فقال له مروان بن الحكم: أ جزعت يا أمير المؤمنين؟
فقال: لا يا مروان، و لكنّي ذكرت ما كنت عنه عزوفا، ثمّ إنّي بكيت في إحني، و ما يظهر للناس منّي، فأخاف أن يكون عقوبة عجّلت لي لما كان من دفعي حقّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و ما فعلت بحجر بن عديّ و أصحابه، و لو لا هواي من يزيد لأبصرت رشدي، و عرفت قصدي.
[أنّ معاوية يأخذ البيعة لابنه يزيد و يوصيه]
قال: و لمّا أخذ البيعة ليزيد أقبل عليه فقال: يا بنيّ، اخبرني الآن ما أنت صانع في هذه الامّة، أ تسير فيهم بسيرة أبي بكر الصدّيق الّذي قاتل أهل الردّة، و قاتل في سبيل اللّه حتى مضى و الناس عنه راضون؟
فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي لا اطيق أن أسير بسيرة أبي بكر، و لكن آخذهم بكتاب اللّه و سنّة رسوله.
فقال: يا بنيّ، أ تسير فيهم بسيرة عمر بن الخطّاب الّذي مصرّ الأمصار، و فتح الديار، و جنّد الأجناد، و فرض الفروض، و دوّن الدواوين، و جبا الفيء، و جاهد في سبيل اللّه حتى مضى و الناس عنه راضون؟
فقال يزيد: لا أدري ما صنع عمر، و لكن آخذ الناس بكتاب اللّه و السنّة.
فقال معاوية: يا بنيّ، أ فتسير فيهم بسيرة ابن عمّك عثمان بن عفّان الّذي أكلها في حياته، و ورثها بعد مماته، و استعمل أقاربه؟
فقال يزيد: قد أخبرتك يا أمير المؤمنين، إنّ الكتاب بيني و بين هذه الامّة به آخذهم و عليه أقتلهم.
قال: فتنفّس معاوية الصعداء و قال: إنّي من أجلك آثرت الدنيا على الآخرة، و دفعت حقّ عليّ بن أبي طالب، و حملت الوزر على ظهري، و إنّي لخائف انّك لا تقبل وصيّتي فتقتل خيار قومك، ثمّ تغزو حرم ربّك فتقتلهم بغير حقّ، ثمّ يأتي الموت بغتة، فلا دنيا أصبت، و لا آخرة أدركت.