کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
عجّ بأرض حلّ فيها سيّد
مجده أرفع قدرا من ذكا
خير من جاهد في اللّه و من
في سبيل اللّه بالنفس سخا
تركوه في العرا منجدلا
ذا فؤاد يشتكي حرّ الصدا
بدر تم صار من بعد الثرا
و علوّ المجد ضمنا في الثرى
كربلا مذ أشرقت من دمه
أظلمت في الخلق أعلام الهدى
يا شريك الذكر من ذكرك في
مهجتي من حرّ أشجاني لظى
و بخدّي لحمة من أدمعي
فيضها أربى على بحر ظما
ما دروا كم فريت من بغيهم
كبد للمصطفى و المرتضى
يا مصابا أهله فاطمة
و أبوها و عليّ ذو العلا
أيّها القاصد بيت اللّه بال
عجّ و الثجّ إذا نلت المنى
من تمام الحجّ و العمرة عجّ
بضريح ضمّ خير الأنبياء
أبلغته من سلامي ما زكا
من فؤاد ضمنه صدق الولا
ثمّ قل يا خير مبعوث به
كشف اللّه عن الخلق العمى
لو ترى سبطك فردا ماله
ناصر يفديه من جهد البلا
و بنات لك قد أثخنتها
من مديد السير افراط العنا
و أكفّا بريت من ساعد
كان في راحاتها بحر الندى
و وجوها كالمصابيح لها
في ظلام الليل نور يستضا
كم تجافت عن وثير الفرش أج
سادها تخلص للّه الدعا
أصبحت في كربلا مخضبا
شيبها بالدم من حدّ الظبا
يا بني الزهراء ممّا نالكم
مدمعي من فرط حزني ما رقى
و كذا نار الأسى في كبدي
حرّها يذكي رسيسا في الحشا
و بقلبي لوعة ما آن لها
فيكم حتّى مماتي منتهى
أنتم سفن نجاتي لا أرى
غيركم ينقذ إن خطب عرا
و بكم أرجو إذا ما نشرت
صحف الأعمال في يوم القضا
ان يراني اللّه رقا خالصا
لعلا مجدكم العالي البنا
آه من نسوتكم يسرا بها
حسرا يمشون في ذلّ السبا
بين أرجاس لهم أفئدة
ملئت حقدا كجلمود قسا
فوق أقتاب بها يسرى إلى ال
رجس نجل ابن زياد ذي الشقاء
قد مزجت الدمع فيكم بدم
و على عيني إذ نفث البكا
و بقلبي حرقة من هظمكم
حرّها منذ وجودي ما خبا
كم مراث فيكم أرسلتها
نظمها ينبىء عن صدق الولا
يزدريها حاسدي من غيظه
حين يطويها و لبّي بالثنا
و يرى للبغض منه وجهة
ذا امتناع لاح ما فيه خفى
يظهر النصح و في أحشائه
من نظامي حرّ نار تصطلى
و يراني ضاحكا مبتسما
بمديح و ثناء و دعا
و إذا ما غبت عنه سل من
بغيه غضبا به عرضي برا
يختل الأغمار بالزهد و في
قلبه الفاسد مكر ودها
و ترى في فرض عرضي جاهدا
معلنا كالنار في جزل الغضى
فإذا فكّرت فيما نالكم
هان ما ألقاه من فرط الأسى
و أرى الصبر جميلا غبّه
فاسلّي القلب منّي بالأسى
يا عياذي و ملاذي إن عرت
غصّة تعرض في الحلق شجا
كلّ عام ينقضي أقضي من
حقّكم مأتم حزن و عزا
و اسيل الدمع من نظم بكم
راق يستفديه ربّ النهى
و تراه شابني في فمه
علقما لا يزدريه ذي الشقاء
و ابكّي شيعة في حبّكم
طاب منها فرعها و المحتدى
و بكم أرجو نجاتي من لظى
حرّها ينزع باللفح الشوى
و عليكم صلوات ما بدا
كوكب أظهره ليل بدا
و على من منعوكم حقّكم
لعنات ما لها من منتهى
فصل في خروج الحسين صلوات اللّه عليه إلى العراق، و ما جرى عليه في طريقه، و نزوله في الطفّ 2605
[خروج الحسين عليه السلام من مكّة و وصوله التنعيم]
قيل: جمع الحسين عليه السلام أصحابه بعد أن وصل إليه كتاب مسلم بطاعة أهل العراق و حسن نيّاتهم و انقيادهم فعزم عليه السلام على الخروج و أعطى كلّ واحد منهم عشرة دنانير و جملا يحمل عليه رحله و زاده، ثم إنّه طاف بالبيت و تهيّأ للخروج و حمل بناته و أخواته على المحامل، فقصد 2606 من مكّة يوم الثلاثاء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجّة و معه اثنان و ثمانون رجلا من شيعته و مواليه و أهل بيته، فلمّا خرج اعترضه أصحاب الأمير عمرو بن سعيد بن العاص فجالدهم بالسياط و لم يزد على ذلك فتركوه و صاحوا على أثره: أ لا تتّقي اللّه تعالى تخرج من الجماعة، و تفرّق بين هذه الامّة؟
فقال الحسين عليه السلام: لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ 2607 الآية.
و سار صلوات اللّه عليه حتى صار بالتنعيم، و لقي هناك عيرا تحمل الورس و الحلل إلى يزيد بن معاوية لعنه اللّه من عامله باليمن، فأخذ الحسين
ذلك كلّه و قال لأصحاب الإبل: لا اكرهكم، من أحبّ أن يمضي معي إلى العراق أوفيناه كراه حسنا، و أحسنّا صحبته، و من أراد فرقتنا من مكاننا هذا وفيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق، فمن فارقه حاسبه و وفّاه حقّه 2608 ، و من مضى معه أعطاه كراه و كساه 2609 .
و إنّما أخذ عليه السلام العير لأنّها كانت من أموال المسلمين، و كان حكم المسلمين إليه صلوات اللّه عليه، و كان خروجه قبل أن يعلم بقتل مسلم؛ و قيل:
كان خروجه من مكّة يوم قتل مسلم بعد أن كتب إليه مسلم بأخذ البيعة و اجتماع الناس عليه و انتظارهم إيّاه.
و روى ابن جرير- بحذف الاسناد- عن الأعمش قال: قال لي أبو محمد الواقدي و زرارة بن صالح 2610 : لقينا الحسين عليه السلام قبل أن يخرج إلى العراق بثلاثة، فأخبرناه بضعف الناس بالكوفة، و أنّ قلوبهم معه و أسيافهم عليه.
فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء، و نزلت الملائكة عددا لا يحصيه إلّا اللّه عزّ و جلّ.