کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
يظهر النصح و في أحشائه
من نظامي حرّ نار تصطلى
و يراني ضاحكا مبتسما
بمديح و ثناء و دعا
و إذا ما غبت عنه سل من
بغيه غضبا به عرضي برا
يختل الأغمار بالزهد و في
قلبه الفاسد مكر ودها
و ترى في فرض عرضي جاهدا
معلنا كالنار في جزل الغضى
فإذا فكّرت فيما نالكم
هان ما ألقاه من فرط الأسى
و أرى الصبر جميلا غبّه
فاسلّي القلب منّي بالأسى
يا عياذي و ملاذي إن عرت
غصّة تعرض في الحلق شجا
كلّ عام ينقضي أقضي من
حقّكم مأتم حزن و عزا
و اسيل الدمع من نظم بكم
راق يستفديه ربّ النهى
و تراه شابني في فمه
علقما لا يزدريه ذي الشقاء
و ابكّي شيعة في حبّكم
طاب منها فرعها و المحتدى
و بكم أرجو نجاتي من لظى
حرّها ينزع باللفح الشوى
و عليكم صلوات ما بدا
كوكب أظهره ليل بدا
و على من منعوكم حقّكم
لعنات ما لها من منتهى
فصل في خروج الحسين صلوات اللّه عليه إلى العراق، و ما جرى عليه في طريقه، و نزوله في الطفّ 2605
[خروج الحسين عليه السلام من مكّة و وصوله التنعيم]
قيل: جمع الحسين عليه السلام أصحابه بعد أن وصل إليه كتاب مسلم بطاعة أهل العراق و حسن نيّاتهم و انقيادهم فعزم عليه السلام على الخروج و أعطى كلّ واحد منهم عشرة دنانير و جملا يحمل عليه رحله و زاده، ثم إنّه طاف بالبيت و تهيّأ للخروج و حمل بناته و أخواته على المحامل، فقصد 2606 من مكّة يوم الثلاثاء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجّة و معه اثنان و ثمانون رجلا من شيعته و مواليه و أهل بيته، فلمّا خرج اعترضه أصحاب الأمير عمرو بن سعيد بن العاص فجالدهم بالسياط و لم يزد على ذلك فتركوه و صاحوا على أثره: أ لا تتّقي اللّه تعالى تخرج من الجماعة، و تفرّق بين هذه الامّة؟
فقال الحسين عليه السلام: لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ 2607 الآية.
و سار صلوات اللّه عليه حتى صار بالتنعيم، و لقي هناك عيرا تحمل الورس و الحلل إلى يزيد بن معاوية لعنه اللّه من عامله باليمن، فأخذ الحسين
ذلك كلّه و قال لأصحاب الإبل: لا اكرهكم، من أحبّ أن يمضي معي إلى العراق أوفيناه كراه حسنا، و أحسنّا صحبته، و من أراد فرقتنا من مكاننا هذا وفيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق، فمن فارقه حاسبه و وفّاه حقّه 2608 ، و من مضى معه أعطاه كراه و كساه 2609 .
و إنّما أخذ عليه السلام العير لأنّها كانت من أموال المسلمين، و كان حكم المسلمين إليه صلوات اللّه عليه، و كان خروجه قبل أن يعلم بقتل مسلم؛ و قيل:
كان خروجه من مكّة يوم قتل مسلم بعد أن كتب إليه مسلم بأخذ البيعة و اجتماع الناس عليه و انتظارهم إيّاه.
و روى ابن جرير- بحذف الاسناد- عن الأعمش قال: قال لي أبو محمد الواقدي و زرارة بن صالح 2610 : لقينا الحسين عليه السلام قبل أن يخرج إلى العراق بثلاثة، فأخبرناه بضعف الناس بالكوفة، و أنّ قلوبهم معه و أسيافهم عليه.
فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء، و نزلت الملائكة عددا لا يحصيه إلّا اللّه عزّ و جلّ.
فقال عليه السلام: لو لا تقارب الأشياء، و سقوط الأجر 2611 لقاتلتهم بهؤلاء، و لكنّي أعلم علما 2612 أنّ هناك مصرعي، و هناك مصارع أصحابي، لا
ينجو منهم إلّا ولدي عليّ 2613 2614 .
[خطبة الحسين عليه السلام حين عزمه على الخروج إلى العراق]
و روى سيّدنا و مولانا، السيّد الجليل عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد ابن طاوس الحسيني رضي اللّه عنه أنّ مولانا الحسين عليه السلام لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا، فقال:
الحمد للّه، و ما شاء اللّه، و لا قوّة إلّا باللّه، و صلّى اللّه على رسوله، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، و خيّر لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تتقاطعها عسلان 2615 الفلوات بين النواويس و كربلاء، فيملأن منّي أكراشا جوفا، و أجوفة 2616 سغبا، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضاء اللّه رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه و يوفّينا اجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحمته، هي مجموعة عليه 2617 في حضيرة القدس، تقرّ بهم عينه، و ينجز بهم وعده، من كان باذلا فينا مهجته، و موطّنا على لقاء اللّه نفسه، فليرحل [معنا] 2618 ، فإنّي راحل إن شاء اللّه 2619 2620 .
[كتاب الحسين عليه السلام إلى بني هاشم]
و ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل عن محمد بن يحيى،
عن محمد بن الحسين، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام و تخلّف ابن الحنفيّة عنه، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا حمزة، إنّي سأحدّثك 2621 بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسك 2622 هذا، إنّ الحسين عليه السلام لمّا فصل متوجّها دعا 2623 بقرطاس و كتب فيه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلى بني هاشم
أمّا بعد:
فإنّه من لحق بي منكم استشهد، و من تخلّف [عنّي] 2624 لم يبلغ مبلغ الفتح، و السلام 2625 .
[أنّ اللّه تعالى أمدّ الحسين عليه السلام بأفواج من الملائكة و من مسلمي الجنّ]
و ذكر شيخنا المفيد محمد بن [محمد بن] 2626 النعمان رضي اللّه عنه [في كتاب مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مولد الأوصياء صلوات اللّه عليهم] 2627 بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: لمّا سار أبو عبد اللّه عليه السلام من
[مكّة ليدخل] 2628 المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسوّمة و المردفة 2629 في أيديهم الحراب، على نجب من نجب الجنّة، فسلّموا عليه و قالوا: يا حجّة اللّه على خلقه بعد جدّه و أبيه و أخيه، إنّ اللّه سبحانه أمدّ جدّك صلّى اللّه عليه و آله بنا في مواطن كثيرة، و إنّ اللّه أمدّك بنا.
فقال لهم: الموعد حفرتي و بقعتي الّتي أستشهد فيها، و هي كربلاء، فإذا وردتها فأتوني.
فقالوا: يا حجّة اللّه، مرنا نسمع و نطع، فهل تخشى من عدوّ يلقاك فنكون معك؟
فقال: لا سبيل لهم عليّ، و لا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي.
و أتته أفواج مسلمي 2630 الجنّ، فقالوا: يا سيّدنا، نحن شيعتك و أنصارك، فمرنا بأمرك و ما تشاء، فلو أمرتنا بقتل كلّ عدوّ لك و أنت بمكانك لكفيناك ذلك.